عودة لدراسة حول مستقبل السودان قدمتها1994 الشمال الذى حل مكان المستعمر لم يستوعب الدرس بقى السودان دولة موحدة شكلا ممزقة موضوعا النعمان حسن الحلقة الثانية والاخيرة توقفت فى الحلقة الاولى عند الثورة المهدية وما خلفته من تداعيات فى القضيةالسودانية وفى هذه الحلقة الاخيرة اتناول فترة الاستعمار الثنائى فى شكله والانجليزى فى حقيقته ومن ثم بعد ذلك فترة الحكم الوطنى وهى الاهم. ولانعاش الذاكرة فلقد اوضحت فى الحلقة الاولى ان ما انشره اليوم هى دراسة قدمتها فى ندوة نظمها حزب الامة بالقاهرة بمقره عام1994 حول مستقبل السودان وقامت بنشرها(السودان اليوم) التى كانت تصدر فى القاهرة واعيد نشرها من ارشيف الصحيفة العدد الثانى الصادر فى ديسمبر 94 وهذه الحلقة تمثل الجزءالاخير من الدراسة. كما خضع حكم محمد على باشا خضع الانجليز لواقع الدويلات والممالك التى كان يتكون منها السودان قبل تجميعه فى كيان سياسى موحد فى عهد محمد على فلقد اتبع الانجليز نظام اللامركزية لاخضاع المناطق لنفوذهم سندهم فى ذلك قوتهم العسكرية التى احتلت البلد بالقوة وعينوا لكل مديرية مفتش يعاونه اهالى المنطقة واعتمدوا هنا على زعماء القبائل والمشايخ ورجال الادارة الاهلية بعد ان ادركوا اهمية انتما ء المواطن للقبيلة قبل الانتماء لاى شئ اخر ساعدهم على ذلك عدم احساس هذه المناطق بانهم يخضعون لهيمنةهوية اخرى على مناطقهم.فالانجليز ليسو هوية سودانية يحسوا بالغيرة تجاهها هذا هو واقع السودان والظروف التى نشأت فيها الدولة السودانية والتى تتلخص فى تجميعه فى كيان موحد شكلا بقهر السلطة الغازية التى صاغت هى حدود السودان ساعدهم فى ذلك اعترافهم بخصوصية كل منطقة حيث اوكلوا امر ادارتها لاهلها وزعمائها . تحت هذا الواقع حقق السودان استقلاله ليرث الحكم الوطنى السلطة فى 1956ولكن هل قرأت القوى السياسية التى حققت الحكم الوطنى هذا الواقع واستلهمت منه الطريق لبناء سودان حديث. بكل اسف الاجابة بالنفى فلقد فات عليهم ادراك اهمية قضية الدولة والهوية والدين وفق رؤى سياسية ناضجة تمكنهم من بناء الدولة السودانية من هذا الشتات بل غياب وعيهم بهذه الحقيقة فاقم من ازمة الوظن لهذا فهم المسئولين تاريخيا عن اى تداعيات او تمذق يحيق بالوطن.. فالقوى السياسية التى ورثت السلطة عن الاستعمار الذى كان يملك قوة القهر العسكرى والذى ادرك رغم قوته كيف يحترم التباين العرقى والثقافى والدينى ويطوعه لحسابه بينما لم تدرك القوى الوطنية:ما ادركه الانجليز وقبلهم حكم محمد على باشا فغاب عنهم: 1- ان الدولة التى ورثها الحكم الوطنى لم تكن دولة بالمعنى العلمى للدولة وانما كانت تجمعا لعدة دويلات صغيرة متباينة عرقيا ودينيا وثقافيا ترزخ تحت بقايا سللالة ملوك وامراء ولا زالت وعاب على القوى السياسية انها تختلف عن الاحتلال لانها لايمكن ان تبقى على هذه الدويلات موحدة فى دولة واحدة بالقهر وقوة السلاح مما يضعها فى مكانة البديل المحلى للمستعمر فلقد كانت القوى السياسية مطالبة بان تستلهم بديلا للقوة للحفاظ على الوحدة بان تعمل على جمع الشتات فى هوية سودانية مقبولة للجميع على قدم المساواة ولكنها لم تفكر فى ذلك لهذا لم تفعل.عبر كل مراحل الحكم الوطنى ما يكشف وعيها وانها استوعبت الدرس.لهذا فهى تتحمل المسئولية التاريخية لما شهدته قضية الوطن من تصعيدات 2-طبيعة تكوين القوى السياسية التى تحملت عبء النضال ضد الاستعمار وورثت الحكم منه بعد الاستقلال لم تكن مؤهلة بتكوينها لتحقيق هذا الهدف لانه يغلب عليها طابع الانتماء لهوية واحدة عرقيا ودينيا مما غيب بقية الهويات والثقافات التى تشكل بقية الدويلات السودانية المشتتة فى جنوب البلاد وغربها وشرقها.والتى لم تكن تحس فى عهد الاستعمار ان هناك هوية تبتغى الهيمنة عليها وفرض ذاتها لهذا اصبح وضع السودان اكثر تعقيدا بعد الاستقلال.حيث كانت الاحزاب السياسية تتفق فى انها عربية اسلامية. 3-مع ان القوى السياسية تتشكل من هوية ودين واحد وثقافة واحدة الا انها لم تنتبه للظروف التى فرضت على الاحتلال بان لايحكم الدولة مركزيا من الخرطوم بالرغم من انه يملك القوة العسكرية ومبررات استخدامها لهذا فان هيمنة الحكم الوطنى ذى الوجه الواحد والهوية الواحدة على الدولة وثرواتها من الخرطوم المركز شكل عدوانا صارخا على حقوق من يحسبون انهم دويلات ترى انها اعرق من الذين قبضواعلى مفاصل الدولة فى الحكم الوطنى مما كان له اثارا سالبة وسط هذه المناطق.حيث عمق من احساس هذا المناطق بانها مهمشة ومعتدى عليها فكان من اول ارهاصاتها التمرد فى الجنوب مع بداية الحكم الوطنى. ولم تختلف توجهات الحكم الوطنى عبر كل مراحله عن هذا التوجه الذى يغيب حقوق الاخرين وازداد الامر تعقيدا حتى بعد ان اصبح اليسار الشيوعى طرفا فى السلطة فى اكتوبر 64 وفى مايو فلقد زاد الازمة تعقيدا عندما عمد لتصفية الادارة الاهلية دون ان تكون له القدرة على استئصال جذورها وزرع الحس الوطنى بديلا لهامما ضاعف من روح الفرقة بين المركز والهامش. 4- ولان القومية الواحدة لايمكن ان تنشأ الا تحت ظل تلاحم الهويات المختلفة فى نضال مشترك ضد عدو مشترك (الاستعمار انذاك) حتى يذيب النضال المشترك من اجل هدف واحد مجمع عليه من الهويات المختلفة حتى يصبح للدولة ارثا وطنيا مشتركا يذيب الهويات المختلفة فى هوية سودانية واحدة مشبعة بالشعور بالانتمناء للوطن الواحد لا مجموعة من الهويات تنقسم الى طامع فى الهيمنة وهويات تحس بانها مهضومة الحقوق ومعتدى عليهاكما كان حالها مع الاستعمار لهذا فان عذلة الهويات غير العربية والاسلامية حال دون تحقيق قوى سياسية قومية جامعة لكل الهويات لتشكل اساسا لدولة ينتمى لها المواطن مع اختلاف هويته ودينه وعرقه وهذاهو الفشل الاكبر الذى صاغ كل ازمات وصراعات السودان الوليد لفشله فى ان يكون دولة موحدة الشعور بالانتمناء للسودان وطن الجميع. 5- ليس فى هذا انتقاص لدور القوى السياسية التى حققت الاستقلال والذى انفردت به لاسباب موضعية لكونها تمثل مناطق الوعى الا ان فشلها فى قراءة التاريخ واستلهام الحلول منه يقدم لنا التقسير الموضوعى لحال السودان بعد الاستقلال وخطر تمذيقه لفشلها فى تاسيس سودان موحد . 6-هذه أخطاء تاريخية للقوى السياسية لاغفالها التعامل بجدية مع قضية الهوية مما ادى لان ينتهى الامر بان تستولى شريحة من الهوية العربية الاسلامية على السلطة بالقوة بغرض فرض الدولة الدينية على السودان بقوة القهر مهملة بذلك قراءة التاريخ وما قد تؤدى له مثل هذه الدعوة من تهديد لوحدة السودان ليس على مستوى الجنوب وحده وانما يمتد التهديد لاكثر من منطقة فى السودان. هذه الحقائق تستدعى من القوى السياسية ان تواجه هذه المخاطرب: 1-العودة لنقطة البداية للتصدى للمهمة التى كان يجب ان تتصدى لها القوى السياسية بعد الاستقلال والتى كان يتعين عليها ان تهتم بتأسيس دولة السودان وفق ظروفه الموضوعية والتاكيد على انه ليس من الممكن ان يتوحد السودان فى دولة واحدة تحت ظل اى مسعى لهيمنة اى هوية عرقية او قبلية او دينيةاو ثقافية على بقية الهويات والاعراق والاديان والاعتراف بان اى توجه كهذا لن يضمن استقرار الدولةووحدتهاويصعب هنا التكهن بمالات اى اتجاه كهذا الا انه يحمل فى جوفه خطر التمذيق. 2-ولتحقيق هذا الهدف لابد من اعادة صياغة وتشكيل القوى المتحالفة المناط بها الاتفاق على رؤى موحدة لبناء سودان لا تهيمن عليه هوية عرقية او قبلية او دينية او ثقافية ولا جدوى من اى تحالف للقوى السياسية بنفس تكوينها الذى تغلب عليه الهوية الواحدة العربية الاسلامية اذ لابد من اشراك كل الهويات على قدم المساواة اذا كان المبتغى تاسيس سودان تتمثل فيه دولة حديثة جامعة لكل الاعراق والاديان والقبليات والثقافات.فالوحدة لا يحققها الا تحالف يضم كل الهويات \دون استثناء لاى جهة شريطة ان تدرك كل القوى السياسية متطلبات تأسيس سودان موحد. وهذا يتطلب اعادة النظر فى المؤتمر الدستورى المقترح بما يكفل التمثيل المتكافئ لكل الهويات بغرض الوصول لكلمة سواء لاتهيمن فيها اى هوية على السودان اذا اردناه ان يكون دولة واحدة. واذا اردنا تجنب خطر الانسلاخ عنه للهويات التى تحس بالاضطهاد والتجاهل. 3- وهنا لابد ان اتوقف عند نقطة هامة وهى ضرورة ان نصحح الخطأ الذى تقع فيه القوى السياسية التى انساقت نحوخلاف جدلى عقائدى فيما اسمته الاطرافا لمتصارعة بالعداء بين العلمانية والاسلام مما جعل مستقبل السودان رهين بصراع لاطائل فيه بين اليسار واليمين الذى يمثل جنوحا من الجانبين فتاسيس السودان وصيانة وحدته لا يتحقق بهذا بالجدل النظرى وما افرزه من صراع فالقضية ان تتفق كل الاطراف على مقومات التعايش بين الاعراق والقبلية والاديان المختلفة كشرط ضرورى لتامين وحدة السودان بعيدا عن الجدل النظرى فلا العلمانية ولا تسييس الدين برؤيته الاحادية يملك اى منهما مقومات لحل قضية السودان لهذا فلتنأى القوى السياسية عن هذا الجدل وتبحث امر الاتفاق على مقومات الوحدة كما تمليها ظروف السودان الخاصة. فالمطلوب الانتقال بالمواطن من الانتماءللفبيلة للانتماء للوطن وهذا لايمت بصلة للعلمانية التى اثبتت فشلها عندما عمدت لمحاربة الادارة الاهليةدون ان تملك البديل وكذلك الانتماء للوطن بعيدا عن الهوية الدينية التى تميز بين ابناء الوطن وتستعدى غير المسلمين وهذا ما لن تحققه اى دعوة دينية لا تراعى ظروف السودان وتركيبته لكونه ليس كله امة اسلامية .لهذا فان القضية لن تحسم لصالح السودان الموحد باى نصر مزعوم سواء لدعاة العلمانية او الاسلامية.وفرض هذا الامر بالقوة لن يحقق الاستقرار والنم يفرز قوى مضادة تتهدد وحد البلد. فتاريخ الامس القريب والواقع اليوم يؤكدان انه عندما اعتلى السلطة اليسار فى الديمقراطية الثانية عقب ثورة اكتوبر ومايو فان علمانيته اخفقت فى التعامل مع وضع السودان القبلى حيث عمدوا لتصفية القبلية بقوة القرار السياسى متجاهلين بذلك ان القبلية واقع لايمكن اجتثاثه بهذا الاسلوب النظرى وانما بتطويره ليصبح انتماء للوطن وليس القبيلة بارتفاع درجة الوعى وليس بقوة السلطةوهذا لايتحقق بمعاداتها وشن الحرب عليها مما يعنى انا العلمانية فشلت فى التعامل مع القبلية وبالمقابل فان الاتحاه اليمينى الذى يعمل لفرض الهيمنة الدينية فان التاريخ يحدثنا بالمقابل ان اقدام النميرى على هذه الخطوة كان سبب مباشرا فى تصعيد قوة الحركة الشغبية وارتفاع سقف مطالبها التى تتهدد السودان بالانفصال وهذا هوالواقع اليوم حيث ضاعفت دعوة النظام الحالى للدولة الاسلامية من تصعيدات الحركة الشعبية ووارتفاع سقف مطالبها بما يتهدد وحدة السودان والتى تنذر بتقسيم السودان بل وفى ذات الوقت قد تدفع بمناطق اخرى ان تحزو حزو الحركة الشعبية قى سقف المطالب لنفس الاسباب. لهذا فالدرس الذى نستخلصه من التجربتين ا ن حل قضية السودان لا يتمثل فى الحرب بين العلمانية والاسلامية وانما يتمثل فى الناى بقضية الوطن عن هذا الصراع الذى اثبت فشله فى التجربتين السابقتين.وتجنب فرض اى هوية على وطن متعدد الهويات والاديان فدعوة العلمانيين ضد القبلية لا تتواءم مع قضية السودان كما ان دعوة اليمينيين لفرض دولة اسلامية لا يتواءم وظروف السودان الخاصة الا اذاكانت الدعوة لاتمانع فى ان تقوم الدولة على انقاض السودان الموحد ولا احد يعلم كم سيبلغ عدد الضحايامن ابناء الوطن وفى اكثر من منطقة. التفكير العقلانى للقوى السياسية من الجانبين هو المخرج فى هذه المرحلة والافان البديل سيكون تمذق السودان . 4- تبقى اخيرا ملاحظات هامة تحتم على ان افرد حديثا خاصا حول قضية الدين لخصوصيتها ولان القابضين على مفاتيح السلطة يسعون لتاسيس دولة اسلامية وهذا يطرح سؤالا مشروعا حيث ان مثل هذه الدعوة والتوجه يمكن ان تجد قبولا لو ان الدولة كلها من المسلمين او لو ان مثل هذه الدعوة لا تدقع بالسودان لاتساع دائرة الدعوات الانفصالية مما يعتبر تمذيقا للوطن. فاذا كنا نتفق على ان السودان لن يبق موحدا تحت ظل هيمنة هوية واحد عرقية كانت او قبلية او دينية فانه يتعين عندئذ ان نفكر فى مستقبل الوحدة تحت ظل هذه الدعوة.لهذا لابد لاصحابها ان يتقبلوا الراى الاخر حول هذا الامر بعيون متفتحة تراعى مستقبل السودان الموحد. ولعل السؤال الهام هنا هل الاسلام نفسه يقبل فرض دولة اسلامية تحت ظروف السودان الحالية وما قد يتبع ذلك من نتيجة ربما تكون حربا بين الاديان المختلفة. من باب الاجتهاد وهو حق مكفول لكل مسلم ولا يجوز لاى فئة ان تحتكر هذا الحق يؤكد هذا التباين فى الاطروحات المختلفة بل المتعارضة احيانا فى ماهية الدولة الاسلامية لهذا فاننى ابدى بعض الملاحظات التالية: 1-الاسلام اولا دين لايفرق بين الاديان ولا يقبل اثارة الفتنة بينه وبقية الاديان حسب قوله تعالى فى سورة البقرة(قولوا امنا بالله وما انزل الينا وما انزل الى ابراهيم واسماعيل واسحق ويعقوب والاسباط وما اوتى موسى وعيسى وما اوتى النبيون من ربهم لا نفرق بين احد منهم ونحن له مسلمون) ويقول سبحانه تعالى فى سورة ال عمران الاية 20(فان حاجوك فقل اسلمت وجهى لله و من اتبعن وقل للذين اوتو الكتاب والاميين ءاسلمتم فان اسلموا فقد اهتدوا وان تولو فانما عليك البلاغ المبين والله بصير بالعباد) ويقول سبحانه تعالى فى سورة هود(قل يا ايها الناس قد جاءكم الحق من عند ربكم فمن اهتدى فانما يهتدى لنفسه ومن ضل فانما يضل عليها وما انا عليكم بوكيل) صدق الله العظيم فهل يجوز لبشر ان يبيح لنفسه مالم يبيحه سبحانه تعالى للانبياءو للرسول صلى الله عليه وسلم فيعطى نفسه الحق فى ان يفرق بين الاديان ويفرض عليهم ما نهى عنه او يرغمهم للانصياع لحكم الاسلام من منظور رؤيته الخاصة.نحت راية الحكم بماانزل الله وهو لايملك ان يدعى انه مصيب فى ذلك 2-الاسلام ليس نظام جكم يفرضه بشرعلى من لايؤمن به ولكنه دين اخلاقيات وقيم سمحة تنبع من ذات المسلم سواء كان حاكما اومحكوما كما انه ليس بيد بشر ان يدعى بانه يحكم بما انزل الله والا لما شهد مجتمع المسلمين تباينا فى رؤيتهم لدولة الاسلام كما ان اكبر علما المسلمين والذين كثيرا ما اختلفوا فى احكامهم يختمون اجتهاداتهم بقولهم (والله اعلم) اعترافامنهم بانهم لا يجزمون بان ما اتوا به هوحكم اللهولعل ما نهتدى به هنا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لدى مخاطبته احدقواد المسلمين اذ قال له(اذا نزلت على اهل حصن وارادوك ان تحكم بينهم فلا تحكم بما انزل الله وانما احكم بما تامر به انت لانك لا تدرى اتصيب فيهم حكم الله او تخطئ) والمعنى هنا واضح اولا لم يخوله الرسول ان يفرض نفسه حاكما عليهم لهذا قال له ان حكموك فلقد ترك الخيار لهم ان يحكموه اذا قرروا ذلك بارادتهم الحرة ثم وهذا هو الاهم ان طلب منه ان يحكم بما يامر به هو لانه لا يضمن ان يكون ما يحكم به هو حكم الله سبحانه تعالى) فهذا ما لا يتمتع به بشرالا الرسول صلى الله عليه وسلم يوم كان على صلة مباشرة بسبحانه تعالى بالوحى. هذا قليل من كثير ولكنه لايعنى انه لاعلاقة بين الدين والدولة فالعلاقة تظل قوية ولكنها ليست سلطوية تفرضها اى جهةمهما كانت بالقوة وانما بالقدوة الحسنة لزرع القيم الاخلاقية فى المجتمع لتسود اخلاقياته وقيمه السمحة بارادة المواطن مسلما كان ام مسيحيا وليقدم المسلمون نموذجا يحتذى به فى سلوكهم حكاما او محكومين فهذا افضل من ان يفرضوه بالقوة والقهر ويقدموا نموذجا قد لا يتوافق معه على الصعيد العملى.كما نشهد فى الكثير من البلدان. اصل بهذا لخاتمة الدراسة التى قدمتها كما قلت فى ندوة حزب الامةفى ا1994. وتبقى بعض الملاحظات الهامة من واقع الاحداث اليوم فبعد ما يقرب 20 عاما من تلك الدراسة هاهو السودان يفقد جزءا عزيزا منه بسبب الاصرار على فرض هوية معينةعليه وهاهو لايزال يواجه نفس المخاطر فى دارفور وجنوب كردفان والنيل الازرق والشرق ويبقى الوضع فى نفس المربع الاول ولنفس الاسبا ب مما يتهدده بمزيد من التمذيق مالم لم نتعلم الدرس ونعترف ونحترم التباين فى الهوية عرقيا وقبليا ودينيا وخطر فرض الهوية الدينيةو سيظل هذاهاجس السودان المتتطلع للوحدةوالاستقراربل وستظل نفسه هاجسا لاى جزء من السودان ينسلخ عنه كما هو الحال فى الجنوب الان حيث تتهدده نفس مخاطر الصراعات القبلية والتى ستتهدد اى جزء ينفصل عنه.. الامر الثانى فان مصرالتى تعيش حراكا سياسيا فى اعقاب الثورة التى شهدتهامصر ومع ان مصر تعيش ظروفا اقل حدة فى الفوارق كماهو الحال فى السودان فان الاهرام نشرت وثيقةهامة للازهر اعلن فيها الدكتور احمد الطيب شيخ الازهر دعمه للدولة المدنية كما اكد ان الوثيقة صدرت بعد التفاكر مع عددمن المفكرين بالازهر وبعض المثقفين ولعله من الاهمية بمكان ان تنشر صحافتنا هذه الوثيقة نقلاعن الاهرام لاهمية الجهة التى صدرت عنها والتى لا يمكن التشكيك فى توجهها الاسلامى والوثيقة متوفرة على موقع الصحيفة فى النت. اخر الملاحظات الا تقف الحروب والصراعات الدموية بين امم مسلمة بل وبين ابناء نفس الدولة كما يحدث بين الشيعة والسنة التى يسقط بسببها الاف الضحايا من المسلمين من الجانبين وكل طرف يدعى انه يحكم بما انزل الله اليس هذا تاكيد بان تسييس الاسلام لايمت للحكم بما انزل الله والا لما كانت الخلافات.لدرجة قتل المسلم للمسلم وباسم الاسلام.وكل المتحاربيت يرفعون راية الحكم بما انزل الله وهو ما لايجوز. اختتم واقول هذا اجتهاد متواضع ان اصبت فيه فلى اجران وان اخطات فلى اجر الاجتهاد الذى ارى انه ليس حكرا لمسلم دون مسلم.والله وحده الاعلم.والاحكم. alnoman hassan [[email protected]]