alnoman hassan [[email protected]] عودة لدراسة قدمتها حول مستقبل السودان1994 حلقة 1-2 وانا انقب فى فى اوراق قديمة توقفت امام نشرة (السودان اليوم) العدد الثانى ديسمبر 94 التى كانت تصدر فى القاهرة وكانت تقوم بتغطية اعلامية للندوة التى درج حزب الامة على تنظيمها اسبوعيا بمركزه بالقاهرة (عمارة الثورة) وكنت قد شاركت فى واحدة من هذه الندوات فى ديسمبر 94 تحت عنوان(نحو مشروع عادل لتحقيق السلام فى السودان) وقد قامت النشرة يومها بنشر الدراسة التى قدمتها حول هذا الموضوع فى عددها الثانى. فى صفحة 11 وفى تقديم الدراسة كتب محرر النشرة ما يلى: (فى ندوة عقدت بالقاهرة تحت شعار مشروع عادل لتحقيق السلام والامن والاستقرار والتنمية فى السودان تناول النعمان حسن مشاركا فى اعمالها قضية الدين الدولة والهوية حيث تحدث عن: - اهمية السودان مساحته وامكاناته وخطر تقسيمه - مقتاح الازمة السودانية- - قراءة صحيحة للتاريخ واستخلاص العبر- - ادراك الواقع - التعامل مع الواقع فى اطار المصالح وتناول هذه المنطلقات الثلاثة فى اطار قضية الدين والهوية والدولة حيث قال) وهذا فحوى الدراسة التى قدمتها فى الندوة: بداية لا اضع الثلاثة فى خط متوازى فاولها قدر ومصير بلد يفتقر للوحدة لذلك تصبح القضية –كيف نحقق هذا القدر والدولة تائهة بين الهوية والدين وهذه هى القضية: لهذاابدأ مناقشة الموضوع بترتيب 1-الدولة مالها وما عليها 2-الهوية 3-الدين 4-اسئلة نقف عندها اولا: -هل تجمع السودانيين هوية واحدة؟ ماهى اذن؟ -اذا لم تكن تجمعهم هوية واحدة هل بالضرورة ولكى تقوم دولة السودان ان يجتمع اهله على هوية واحدة؟ -0اذا كان لابد من هوية واحدة يستقر عليها السودان من يملك الحق لفرض هويته على الهويات الاخرى؟ -ثم اذاكان لابد من ان تقوم دولة سودانية موحدة رغم تعدد الهويات كيف اذن يتحقق التعايش بين هذه الهويات بما يدعم الوحدة؟ - هل هناك قومية سودانية؟ ماهى مقوماتها مع وجود ذلك التباين فى الهوية وكيف يمكن ان تنصهر الهويات المتباينة لتصب فى هوية واحدة هى القومية السودانية؟ وكيف يتعايش السودان تحت ظل قوميات مختلفة اذا تعذر وجود قومية سودانية واحدة؟ كل هذه الاسئلة وغيرها يجب ان نجد لها اجابة ونحن نبحث هذه القضية. قراءة للتاريخ: السودان او بلاد السودان بتعبير ادق قبل تحجيمه فى حدود ادارية سياسية واحدة ومنذ اقدم العصور تستوطنه حضارة نوبية مرتبطة بمصر فى الشمال وزنوج فى الجنوب . وحتى القرن السادس الميلادى عندما غزت المسيحية السودان ثم بدأ فى القرن السابع هجرة بعض القبائل العربية لتشكل عنصر اختلاط بالنوبة من جهة والزنوج من جهة اخرى. وفى القرن العاشر انقسم السودان لثلاثة ممالك المقرة-علوة- البجة وغزت المسيحية السودان بعد غزو مصر ثم بعد غزو الوالى عمروبن العاص لمصر تزايدت هجرة المسلمين للسودان ليشهد القرن الثانى عشر نهاية مملكة المقرةالمسيحيةوليستولى العرب المسلمون بعد تحالفهم مع الفونج على مملكةعلوة لتقوم فى 1504 سلطة سودانية سلاطينها من الفونج ووزرائها عرب وقد بسطت نفوذها فى الشمال الا من دارفورووكردفان والنوبة الشمالية وكانت اهم محاولة لاختراق التباين الثقافى والقبلى حيث استهدفته السلطة الصوفية بهدف تنمية شعورورباط قومى يتعدى القبائل والهويات قوامه الدين وهو ذات النشاط الذى افرز طوائف دينية النعرة .فى السودان كانت هذه خلفية السودان التاريخية والتى جاءت بمليون ميل مربع يسكنه حسب اخر احصاء سبعة وعشرين مليونا والذى ينقسم عرقيا واثنيا وقبليا وثقافيا حيث تسكنه اكثرمن سبعمائة قبيلة يتحدثون اكثر من مائة لغة ويشكل العرب فيه اكثرية لاتصل النصف يليها الوجود الزنجى ثم ما يقرب العشرة فى المائة من قبائل غرب افريقيا التى وفدت مع الحج وعشرة فى المائة البجة واخرون . هذه الارقام اذا لم تكن بالدقة الاحصائية الا انها تعطى صورة قريبة من الواقع. وكان من اهم افرازات هذا الواقع ان السودان انقسم الى ثنائيات حادة بين نصف عربى ونصف غير عربى وبين مسلمين وغير مسلمين كما انقسم لشمال وجنوب ولشمال وغرب وشمال وشرق وبقى الشمال كما تلاحظون عامل مشترك فى الثنائيات لاسباب موضوعية سوف ياتى ذكرها حيث أن لكل من هذه الجهات هويات متنازعة اخطرها عربية اسلامية تحت تاثير مصر قى شماله وزنجية غير اسلامية فى جنوبه وعربية مختلطة مع دول القرن الافريقى خاصة اثيوبيا فى شرقه ثم افريقية مختلطة مع غرب افريقيا فى غربه حتى اصبحت الهوية السودانية مصدر نزاع متعدد الوجوه ومحور للصراع السياسى والدينى والفكرى والقبلى والعسكرى وهو الصراع الذى حال ولايزال دون ان تنمو قومية سودانية تتوحد فيها الدولة. ومن الاهمية هنا الا نهمل ان هذا التباين فى الهوية والقبلية والثقاقية وفقدان القوومية الواحدة الذى يشكل اساسا للصراع هو نفسه يشكل ازمة داخل كل منطقة من مناطق السودان بصفة خاصة فى جنوبه وغربه وشرقه مما يعنى انه ليس هناك اى منطقة من مناطق السودان تنصهر فى قومية واخدة وان بدت متوحدة فى صراعها مع الشمال ذلك لان الانتماء فى السودان لايزال للقبيلة فكل مناطق السودان فى شماله وجنوبه وشرقه وغربه متعددة القبائل وليس فيه منطقة موحدة الهوية والقبيلة ولعل هذه الحقيقة تهمنا لانها تخص الدعوة لفصل الجنوب فالجنوب نفسه ليس متوحد الهوية والقومية فالتباين بين قبائله لهو اشد واخطر اذا ما واجه الجنوب تكوين دولة منفصلة فى الجنوب لهذا سيبقى الصراع سواء بقى موحدا فى السودان او منفصلا فى دولة خاصة به وهذا ما ينطبق على بقية مناطق السودان. هذاهو واقع السودان الذى لم تدرك ماهيته كافة القوى السياسية. من الواقع الذى تناولته عن التكوين الخاص للسودان لابد لنا ان نقف عند تطور مفهوم الدولة فى السودان كيف نبع وعلى اى اسس قام رغم كل هذه التنافضات. وهل توفرت فيه مقومات الدولة. ففى القرن التاسع عشر شهد السودان تفتت سلطة الفونج ونصاعدت النزاعات القبلية ودخلت السلطة فى حرب مع سلطنة الفور مما سهل مهمة الاحتلال والغزو الاجنبى فى سنة 1820 وهى السنة التى شكلت نقلة تاريخية فى السودان لانها السنة التى ظهر فيها على وجه التحديد السودان كدولة بالمفهوم الحديث للدولة حيث شهد هذا العام مولد السودان الدولة تحت الغزو الاجنبى. فلقد غزا فيه محمد على السودان وامكن له بقوة السلاح ان يخضع الممالك والدويلات العديدة فى محتلف المناطق وان يجمعها فى كيان سياسى واحد تحت سيطرته العسكرية فأنتقلت هذه الدويلات الى مديريات خاضعة لسلطة واحدة. وما يهمنى هنا من استدعاء هذا التاريخ ان نستلهم منه الفهم العميق لقضية التباين العرقى والدينى والثقافى الذى يتهدد السودان بالتمذق لدويلات فلقد واجهت هذه القضية الاحتلال قبل ان تواجه الحكم الوطنى مما يتعين علينا ان نتعلم منه الدرس.. فبالرغم من اخضاع الاحتلال لهذه الدويلات تحت كيان واحد وحولها لمديريات تشكل مكون الدولة فان سلطة الاحتلال وقفت عاجزة عن اخضاع هذه المديريالت لسلطة المركز مما دفع بها ان تلغى المركزية وان تمنح كل مديرية استقلاليتها بان يعين لكل منها حاكما او ضابطا يعاونه زعماء القبائل والعشائر فى كل مديرية وأن يتبع هذا الحاكم او الوالى راسا للقاهرة عبورا فوق الخرطوم المركز حيث فشلت كل المحاولات لاخضاعه للمركز فى الخرطوم مما دفع بالاحتلال لاحترام اسنقلالية كل مديرية لهذا كانت فترته سلسلة من الاجتهادات التى تقوم على سودان مقسم لدويلات وان خضخ لمستعمر واحد يهيمن على الاوضاع بالقوة العسكرية.ولكنه بالرغم من هذه القوة كان مجبرا ان يرضى المديريات بتوزيع السلطة بينها وعدم هيمنة المركز عليها. ولما انفجرت ثورة المهدى فى عام 1881وحتى 1885 عندما سقطت الخرطوم كانت هذه الثورة ثانى محاولة جادة بعد سلطنة الفونج تعمل لتعدى الحواجز القبلية نحو دولة موحدة الهوية ولكن قيادة هذا الثورة من منطلق دينى قائم على الاسلام حد من قوتها بالرغم من تخطيها للحواجز القبلية شكلا الا ان توجهها الدينى اضعف من قدرتها وما كانت لتضعف لو انها كالت ثورة سياسية سودانية ضد الاحتلال لا تقتصر على وحدة الدين فربما امكن لها يومها ان تضع الاساس لدولة موحدة تنصهر قوميا فى هوية واحدة ولكنها انتهت بالاحتلال الانجلو مصرى او الحكم الثنائى ولكنها وان اجهضت بالاحتلال فانها اضافت لقضية السودان بعدا جديدا تمثل فى اثارة البعد الدينى لتتسع دائرة الصراع بين مناطق السودان المختلفة ولم تعد الازمة تتمثل فى الفبيلية والعرقية والثقافية وانما اضيف لهاالبعد الدينى الذى اصبح من اهم عوامل القضية. هنا بدأت مرحلة الحكم الانجليزى ومن بعده مرحلة الحكم الوطنى وهذا ما اعود اليه فى الحلقة الثانية والاخبرة. لنرى كيف ان الحكم الوطنى لم يستوعب الدرس من التاريخ.واراد ان يسير على نهج الاستعمار الذى اعتمد على القهر العسكرى الذى لم يمنعه من منح المديريات الاستقلالية التامة فى ادارة شئونها.