رشحت أنباء من كواليس وزارة الإعلام أن تعديلاً جديداً لقانون الصحافة والمطبوعات سيعلن عنه قريباً لفرض الرقابة القبلية على الصحف في السودان مرة أخرى. وتلك خطوة من شأنها زيادة القيود على الحق في حرية التعبير في السودان وبالتالي إعاقة مبدأ إحاطة الرأي العام بما يدور حوله من أحداث وممارسات بعيداً عن التضليل كما هو الحال في دول العالم المتقدم. ثمة دلالات أنّ قراراً من هذا القبيل سيكون له ما بعده، لا سيما وأن فرض الرقابة القبلية على الصحف مرة أخرى من شأنه ان يعود بالبلاد على أقل تقدير لمربع الخلافات وسنين الإنقاذ العجاف إبان حقبة التسعينيات وما حملته من إخفاقات وتعتيم وتكميم للأفواه. ماذا سيتبقى للاعلاميين في السودان اذا ما قررت الحكومة انتزاع المتنفس الوحيد للصحفيين في ممارسة أدوراهم الوطنية بمهنية وجرأة وحيادية؟. الصحافة يجب أن يكون لها نفوذها كاملاً وغير منقوص لمحاربة الفساد والمحسوبيات واخفاقات المسؤولين (كما كان الحال في قضية التقاوى الفاسدة)، وهي كذلك يجب أن تستثنى من الروح الحزبية الضيقة وتصفية الخصوم التي أوصلت السودان هذا الدرك من التشظي والانقسام. الحكومة لا تزال تصر على استبعاد الصحفيين وخبراء حقوق الإنسان والقانون عن مداولاتها حول هذه القوانيين المرتقبة، وهذا الأمر يجسد الفرق بيننا ودول العالم الأول التي ترى في اشراك المعنين أمراً ملحاً تمليه فكرة ترسيخ مبدأ الشفافية وحرية الاعلام التي ترى فيها تلك الدول وسيلة ضغط لمحاربة الفساد والسطوة وإتخاذها منبراً لتنوير عقل الإنسان والحفاظ على الموارد. *** بالأمس تلقيت دعوة من الزميلة الصديقة، المذيعة جدية عثمان لحضور تسجيل لسهرة تلفزيونية بصالة (سندباد) بالخرطوم بحري سيبثها تلفزيون النيل الأزرق خلال أيام عيد الفطر، وكانت الدعوة بمثابة سانحة طيبة لأن ألتقي فيها وزيرة الدولة بوزارة الإعلام سناء حمد. إلا أن الفرصة لم تسمح لأكثر من تبادل التحايا والمعايدة بالرغم من أنني كنت في أمس الحاجة للتعبير عن رفضي لفكرة عودة الرقابة القبلية التي تقف خلفها الوزيرة بكل قوة!. لعل ماتقدم مدعاة لأغتنام فرصة العيد باعتباره مناسبة طيبة لإرسال برقية المعيادة التالية في هذا الموضوع الحساس، لتذكير الوزيرة (الشابة) سناء حمد بمقولة أدولف أوخس ناشر جريدة "نيويورك تايمز"عن الصحافة بانها مهنة لا تستميلها الصداقات، ولا يُرْهِبها الأعداء، وهي لا تطلب معروفاً، ولا تقبل امتناناً، إنها مهنة تقضي على العاطفة والتحيز والتعصب الى أبعد الحدود، مهنة مكرسة للصالح العام، ولفضح الألاعيب والشرور وعدم الكفاءة في الشؤون العامة، مهنة لا تؤثر الروح الحزبية الضيقة على ممارستها، بل تكون عادلة ومنصفة لأصحاب الآراء المعارضة، مهنة شعارها المرشد هو "ليكن هناك نور". *** ختاماً.. ياسيادة الوزيرة سناء أرجوا أن ترفعوا أياديكم عن الصحافة وحرياتها.. حتى تتحقق سيادة دولة القانون والحريات والشفافية. كل عام والسودان بألف خير * صحافي مقيم في بريطانيا صحيفة الأحداث السودانية - الأحد 28 أغسطس 2011م الموافق 28 رمضان 1432 ه - العدد 1384 KHALID ALI [[email protected]]