بسم الله الرحمن الرحيم التحالف السياسي بين الأحزاب هو إتحاد مؤقت بين حزبين سياسيين أو أكثر، لتحقيق هدف سياسي مشترك يصعب تحقيقه والحصول عليه بشكل منفرد، كهدف الفوز بالانتخابات أو الاطاحة بحكومة أو تمرير قانون ما. وتتشكل التحالفات أحيانا لمقاومة إنفراد حزب معين بالسلطة فى ظل نظام أوتوقراطى، حيث لا يستطيع حزب بمفرده إزاحته عن السلطة التى يسيطر عليها،بفعل الأمر الواقع، ويستمد من ذلك شرعيته. إن السبب الأساسي فى تكوين التحالفات هو تعظيم النفوذ والتأثير ، وذلك عن طريق حشد قطاع عريض من الجماهير ، كما هى وسيلة لتعزيز الموارد مادية كانت أم بشرية فى سبيل تحقيق الهدف العام المتحالف عليه. إن لجوء الأحزاب المختلفة الى ألية التحالف هى إعتراف بعدم قدرة كل حزب منفردا ،على تحقيق الهدف الذى من أجله أنشى التحالف، هذا الاعتراف ،يفترض أن يترجم الى وأقع عملى يفرض مساواة بين أطراف التحالف، وتكافؤاً فى إدارتة وتنظيمه، أو فى الحد الأدنى صيغة يوافق عليها الجميع ،وتعبر فى الوقت نفسه عن الجميع. إن قيام تحالف ناجح يعنى بالضرورة قيام كيان منظم وقوى ومبادر وممتد فى مجتمعه،وعلى كافة المستويات، كيان يرى جميع منتسبيه أنه يحقق لهم مايطلبون، ويعبر عنهم ،وفق التسويات التى تقتضيها ألية عمل التحالف ،وتترضيها جميع أطرافه، إقتناعا منها بوجاهة كل تنازل تقدمه، إعلاء للمصلحة العامة ، والتى تقود الى تحقيق الأهداف العامة المطلوبه، التى عجزت منفردة عن تحقيقها. إن التحالف الناجح هو الذى يشارك كل طرف فيه، فى صناعة النجاح وفى حصد ثماره بقدر متساو أو على حسب ما أتفق عليه وتراضت عليه كل الأطراف.وهو أيضا،الذى يحقق أهدافه بأقل الخسائر الممكنة، وفى وقت قياسى يتناسب والأهداف المعلنة ،وهو أيضا، الذى يقتنع كل طرف فيه بضرورة المحافظة على مصالح الحليف، دونما وصاية منه، أو استهتار بحقوقه أو استخفاف به،لان أى سلوك يدعم هذا التوجه الخاطى، ربما يفسر من طرف على أنه خروج عن رابط وميثاق التحالف,أو فى أضعف الإيمان، يضعف الثقة التى هى أساس العمل فى الكيانات العريضة، لهذا فمراعاة مصالح الحليف مهمة جدا، لاستقرار وتطور العمل. كما يقتضى أي تحالف سياسي ناجح ، أن تحكم عمله لائحة تنظم المهام والواجبات، وتحفظ الحقوق وتحسم التفلتات بشكل واضح وشفاف وقاطع، مع مراعاة المرونة الحميدة التى تقتضى أن يكون لكل طرف فى الجسم المتحالف كامل الحرية والاستقلالية فى إتخاذ القرارات الداخلية المتعلقة بنشاطه المستقل، بما فيها الاستمرار فى التحالف من عدمه. إن المرونة الحميدة المطلوبة فى عمل التحالفات تتعارض كلياً مع ما أصطلح على تسميته بحالة (السيولة السياسية) التى تعيشها بعض التحالفات ، حيث تظهر أعراضها ، فى عدم الالتزام بمقررات التحالف ، بل وتتعداها أحيانا الى تجاوز التحالف فى قضايا هى من صميم عمل التحالف. إننى أدعو الى المرونة الحميدة المقيدة بموجهات عامة و بلائحة تحكم وتنظم عمل التحالفات ،لان النيات يصعب الحكم عليها،مرونة مقيدة بموجهات و بلائحة واضحة ، تكون هى الحكم الذى يمكن من خلاله تقييم المسارات الخاطئة ، والبت فى أى خروقات، من أى طرف، فى الكيان المتحالف. كما أن إغفال جانب التقييم الدورى لسير عمل التحالف ،ما تم إٍنجازه ،وما ينتظر، والتغاضى عن المحاسبة فى حالة حدوث قصور ذاتى فى عمل التحالف ،من قبل أحد منتسبيه ،يخلق نوعا من التناقض غير المقبول أخلاقيا وينشر حالة من الاحباط العام ،وربما يؤدى ذلك التراخى الى نشوء مراكز قوى تحتكر المعلومات و تسيطر على مفاصل العمل فى التحالف ،وتقود تكتلات فساد فكرى وإدارى ومالى، توحدها فى ذلك مصالحها الخاصة ،على إختلافها الحزبى ، مما يشوه الخط السياسي العام للكيان العريض، ويحد نشاطه وتطوره ،ويضعف مواقفه ،خدمة لأغراض خاصة لاعلاقة لها بمصالح الكيان ، مما يقود الجميع الى الفشل والانهيار. وباسقاط هذه الإضاءات ،على واقع التحالفات الحزبية السياسية التى تضج بها ساحتنا، نلاحظ أن أكبر المشاكل التى تواجه تحالفات أحزابنا السياسية فى السودان، خاصة المعارضة منها، هى إٍفتقارها الى لائحة تنظيمية تحكم عملها، كما أنها تحالفات تفتقر فى أحيان كثيرة الى روح االتوافق و التراضى وذلك لاحساس بعض الاطراف بقوة مركزه فى التحالف، وسواء أكانت هذه القوة حقيقية أو متوهمة ، فان هذا التوجه يضعف حالة الاجماع فى الكيان المتحالف ، و يترتب على ذلك تباعد فى المواقف، ونلاحظ أن حالة عدم التراضى والتوافق هذه تتسع وتبرز الى السطح كلما أقترب التحالف من تحقيق مكاسب سياسية تدعم أهدافه العامة. كما تأنف بعض أطراف التحالف أحيانا، عن تقديم المساهمات والتنازلات الضرورية والموضوعية لعمل التحالف فى التوقيت المناسب، متعللين بأعذار وأهية ، لاتخدم المصلحة العليا. أيضا شوه تحالفاتتا السياسية ، إستغلالها من قبل البعض مطية للحصول على مكاسب ضيقة، حزبية كانت أم شخصية. وقد حدث كثيرا، أن يقوم طرف بالاستقواء بتحالف معين، لتحقيق توازن يدعم مساره الأحادى المتعارض كليا مع مسار التحالف، ومع مايدعو له فى التحالف . هذه الهرولة أو(الخفه السياسية) سبق وأن أشرت اليها فى هذا المقال على ما أصطلح بتسميته بحالة(السيولة السياسية). هذه الممارسات الخاطئة ، وغيرها الكثير، تضر بالتحالفات نفسها وتضعف دورها ، كما و تضر أكثر بالمصلحة العامة ،وإن العهد كان مسئولا. نخلص، الى أن التراضى حول برنامج عمل معلن وواضح ومحدد ،يفصل المساهمة الفكرية والمالية والبشرية والاعلامية على أطراف التحالف،فى كل جبهات عمل التحالف وفق جداول زمنية محددة، لتحقيق أهداف معلنة ومحدده وواضحه ويمكن قياسها ،فى ظل تقييم دورى لسير العمل،تقريظا ومحاسبة،فى مناخ شفاف يرعى مصالح الجميع ويحرم التغول عليها إلا لمصلحة عامة وبرضا الطرف المتضرر، حماية لجسد الكيان المتحالف ،يدعمها إنتشار تنظيمى وفكرى ،قيادى وقاعدى، يهدف الى ترسيخ ثقافة العمل التحالفى فى المجتمع، يدفعها إيمان عميق بالأهداف العليا ،وإرادة قوية ومنفتحه و قادرة على تجاوز الأزمات ،هى السبيل لخلق تحالفات قوية وفاعله، يمكن من خلالها أن نتجاوز بها تجاربنا الفاشلة فى التحالفات ،ونعبر بها محطة التنسيق التى تعيشها تحالفاتنا حاليا، والتى لم تثمر شيئا ،وتعبر فيما تعبر عن عدم ثقة فى الحليف ،كما نستطيع أيضا أن نتجاوز حالة (كل حزب بما لديهم فرحون) الى الانتقال الى حالة أرقى من العمل الموحد ، قد تصل الى مرحلة الاندماج فى كيان تنظيمى واحد. ختاما،أدعو الى تقييم تجربة التحالفات السابقة ،والحالية، والخروج منها بدروس مستفادة ،لتطويرها ،بدلا عن تكرار ذات التجارب الفاشلة، فمن الجنون أن تفعل الشيء نفسه،وتتوقع نتائج مختلفة. shehab mohamed [email protected]