صبا ما صبا حتى علا الشيب رأسه فلما علاه قال للباطل : ابعد لاحظ أصدقاء الأستاذ محجوب عثمان الذين كتبوا في وداعه ، أنه فارق الحياة في العام الماضي في ذكرى إندلاع ثورة أكتوبر ، وأنه كان في صفوف المناضلين الذين صنعوا تلك المأثرة الخالدة ، بقلمه القوي الذي لم يعرف الخوف أبداً ، وبنشاطه الحزبي اليومي. هاهنا بعض لمحات مما كان يكتب الأستاذ محجوب عثمان في فترة الحكم العسكري الأول 1958-1964م. "نشرت (الأيام) مانشيت عن زيارة الفريق ابراهيم عبود إلى الصين على النحو التالي : طار عبود – وهذا المانشيت يمثل رغبة السودانيين- وبالفعل بلغ توزيع (الأيام) في ذلك اليوم رقماً كبيراً". ويضيف الأستاذ محجوب عثمان: "إستدعيتُ إلى مكتب اللواء محمد طلعت فريد وزير الاستعلامات ، الذي سألني عن قصدي قلت له أنني أقصد أن الرئيس ركب الطائرة ، ورفض طلعت هذا التفسير وهددني". (الفجر اللندنية 7/6/1998م). ويشير الأستاذ إلى واقعة أخرى : " في مرة إنقلب قطار قادم من بوتسودان وتحطمت 17 عربة فكتبت مانشيت (الأيام) كالتالي : إنقلاب 17 وبخط أصغر كتبت كلمة عربة وكانت تلك الإشارة إلى انقلاب 17 نوفمبر".(الفجر اللندنية7/6/1998م). ويصف الأستاذ محجوب تلك المحاولات لتجنب الرقابة التي فرضها الحكم العسكري بأنها كانت نوعاً من الإبداع. وثمة إفتتاحية لا ينساها الأستاذ محجوب عثمان: "قررنظام 17/نوفمبر تقديم قادة إتحاد العمال : الشفيع أحمد الشيخ وقاسم أمين وآخرين إضافة إلى عدد من قادة الحزب الشيوعي من بينهم الأخ محمد ابراهيم نقد إلى المحاكمة وكانت أول وأخطر محاكمة يعقدها النظام العسكري ، وكان هناك تلويح بإعدام المعتقلين .. فالمحكمة ايجازية عليا ، وطالبت إفتتاحية (الأيام) بمحاكمة المعتقلين محاكمة عادلة وعلنية ، وان تعطى لهم فرص اثبات براءتهم ، واعتقد ان هذه الإفتتاحية – إلى جانب مقالات أخرى - لعبت دوراً في تقديم المتهمين الى محاكمة علنية وسمحت السلطات للأستاذ عابدين إسماعيل المحامي بالترافع عن المتهمين وكنت شاهد الدفاع الوحيد. (الفجر اللندنية 7/6/1998م). يشير الأستاذ محجوب عثمان إلى سلسلة مقالات كتبها بعد إنتصار ثورة أكتوبر بقوله : " هناك سلسلة مقالات لا أنساها ، إذ أنني لم أكن مقتنعاً بافتتاحية (الأيام) التي كانت نتاج مناقشة مع زميليَ العظيمين بشير محمد سعيد ومحجوب محمد صالح ، والحد الأدنى الذي نصل إليه يكون إفتتاحية (الأيام). بعد ثورة أكتوبر شعرت أن هذه الإفتتاحية ليست كافية للتعبير عن آرائي إذ أن لدي وجهة نظر أخرى. ويضيف الأستاذ محجوب عثمان : " بدأت أكتب مقالات بعنوان : معالم في طريق ثورة اكتوبر كانت هذه المقالات - في تقديري - شواظاً من نار حتى لا تخمد جذوة ثورة اكتوبر ، وأذكر أن المرحوم القاضي هنري رياض نشرها في كتاب إلى جانب مقالات أخرى له ، أعتقد أن تلك المقالات كانت مقالات جيدة ". (الفجر اللندنية 7/6/1998م). وبعد .. كم كان الأستاذ التجاني الطيب دقيقاً عندما وصف الأستاذ محجوب عثمان بأنه "كان بطلاً حقيقياً عنيداً من أجل الحرية والديمقراطية وحق التعبير ، وفي هذا كان بطلاً حقيقياً من الأبطال الذين صنعوا ثورة اكتوبر ودافعوا عنها ورحل يوم الحادي والعشرين من اكتوبر ولعلها وصيته الأخيرة أن نكون أمناء على مبادئ أكتوبر (الأيام 23/10/2010م)" Moawia Gamal Eldin [[email protected]]