نعود مرة أخرى لأزمة الطماطم ويفتبنا هذه المرة (شاهد) من أهلها، من أهل (الذكر) وهو زراعي (متمرس) ممكن يكون أكل (المرس) بمعنى (المراس) وهو أيضا (متمترس) ومن الراسخين في العلم، حيث يحمل شهادة الدكتوراه ويحاضر في احد (الصروح) الزراعية: كلية ابو حراز للموارد الطبيعية في (أبوحراز) التي (تتوسد) ضفة النيل الأزرق (الشرقية) شمال مدينة ود مدني، بخلاف (ام حراز) التي تحتضن محطة الأقمار الاصطناعية وهي تقع الى الجنوب من الخرطوم في اتجاه جبل الأولياء على الضفة الشرقية ايضا لرافد النيل الآخر (النيل الأبيض) وهما يشتركان في (الكنية) هذا (أبو) وتلك (ام) حراز وكلاهما نوع من الشجر (الحراز) لعله ينبت بكثرة في هذين الموضعين، والله أعلم. ونعطي القوس باريها ونفسح المجال لقلم الدكتور عبد المنعم محمد أحمد سلامة (المتخصص)، وقد آثرت الا احذف منها حرفا، فسلامة، علاوة على تمكنه من تخصصه (الزراعي) فهو متمكن ايضا من الجانب (اللغوي)، زاده الله علما، وأترك الحكم (لحصافة) القارئ الكريم: ((قرأت مقالك عن ارتفاع سعر الطماطم في السودان هذه الأيام. وطالما استمتعت بكتاباتك التي بها الكثير من التخريمات كما نقول باللهجة الدارجة أو(Deviations) وهي دائما تحفل بالكثير من المعلومات حول الموضوع الذي تتحدث عنه. لا تعجب من ندرة الطماطم حاليا، فهي مثل الكثير من المحاصيل الموسمية يكثر انتاجها في موسم ويقل في آخر، ويتبع ذلك تذبذب الأسعار ارتفاعا ونزولا. فالبصل على سبيل المثال يبلغ سعر الكيس (الجوال) حاليا نحو مائة جنيه ويتوقع زيادة سعره الى مائة وخمسين جنيها أو أكثر في الشهرين القادمين. ولا تنخفض أسعاره الا عند دخول الانتاج الجديد في شهر ديسمبر للبصل الذي يزرع مبكرا في كسلا والجزيرة ويقل سعره أكثر عند ورود البصل المتأخر في أبريل ومايو حتي يصل سعر الجوال أربعين أو خمسين جنيهأ. أما عن محصول الطماطم فهو محصول حساس لدرجات الحرارة المرتفعة (أعلى من ثمانية وعشرين درجة مئوية نهارا) ولذا فأكثره يزرع في السودان عادة في فصل الشتاء (نوفمبر). ويحاول بعض المزارعين انتاجه في فصل الخريف (يونيو- يوليو) مع كثير من الاحتياطات لضمان نجاحه وكثير من المخاطر التي تحف بزراعته. أما زراعة هذا المحصول في فصل الصيف (أبريل- مايو) لينتج في مثل هذه الأيام فهي مغامرة كبرى دفعت الكثيرين الى حافة الافلاس. فقد تصل درجة الحرارة نهارا فوق الأربعين درجة مئوية، وذلك يؤدي الى ضعف الانتاج، بل في بعض الاحيان الى موت النباتات كليا. واذا سألت عن السبب العلمي (الفسيولوجي) فهو قلة انتاج حبوب اللقاح وضعف حيويتها بشكل كبير على هذه الدرجات من الحرارة ولذلك لا يحدث تلقيح أو اخصاب يكفي للاثمار. وحتى الثمار القليلة المنتجة تصاب بلفحة الشمس فيصير لونها مصفرا. وعن شتلة الطماطم المنزلية (البروس) المنتجة التي أكلت منها فهذا وارد، ونحن معشر الزراعيين نشجع الزراعة المنزلية أو ما يسمى (Backyard Gardens)ليستفيد صاحب المنزل من المساحات الخالية في المنزل لانتاج بعض المحاصيل السريعة بكميات قليلة وتكون خالية من الآثار المتبقية من المبيدات. بالطبع فان النبات الذي تحدثت عنه قد نما وترعرع في شتاء المملكة العربية السعودية الملائم لزراعة الطماطم، وبعيدا عن المزارع التي تكثر فيها الأعشاب العائلة لعشرات من أنواع الآفات القارضة وكذلك الماصة . والأخيرة تنقل الكثير من الأمراض خاصة الفيروسية التي لا يمكن علاجها (بالنسبة للنبات طبعا) . كما أن بعض الأعشاب تكون عائلا للأمراض التي تنتقل الى المحصول عن طريق الماء والهواء. وليت الزراعة تكون بسيطة غير معقدة مثلما صورتها في مقالك الطريف: تزرع البذرة فتنبت وتثمر النبتة فنأكل منها. وبالطبع يمكن أن تحل مشكلة ندرة الطماطم الصيفية بالزراعة في البيوت المحمية- وهي مزودة بمراوح للتبريد في وجود الماء – وتنخفض درجة الحرارة داخلها وترتفع الرطوبة النسبية فيصبح الجو ملائما لزراعة الطماطم وبعض المحاصيل الأخرى التى لا تتحمل قسوة الصيف. ولكن التكلفة المبدئية لهذه البيوت عالية (لا تقل عن أربعين ألف جنيه للوحدة) اضافة الى تكاليف الانتاج العالية مثل قيمة البذور الهجين والأسمدة وغيرها من المدخلات مما يجعل هذا الأمر مستعصيا للمزارع العادي. وقد انتشر هذا النوع من الزراعة في الخرطوم وبعض الشركات الكبرى في الولايات مثل شركة سكر كنانة ومصنع سكر الجنيد، ولكن انتاجها لا يكفي لتغطية الأسوا ق في هذه الفترة. ولذلك فقد وردت الى الأسواق منذ العام الماضي بعض الكميات من الطماطم التصنيعية (تنتج لصناعة الصلصة والكتشب) وتباع في السودان للاستهلاك الطازج، وهي تستورد من اثيوبيا التي يكون طقسها معتدلا نسبة لارتفاعها. عبد المنعم سلامة )) alrasheed ali [[email protected]]