منذ منتصف سبتمبر 2011 ، انطلقت مظاهرات سلمية نظمتها حركة "احتلوا وول استريت" في مدينة نيويوركالأمريكية ، ورغم التعتيم الاعلامي الشديد الذي قوبلت به ، فقد اشتد عود الحركة الاحتجاجية في الأيام الماضية وتعالى صوتها وعمت العديد من المدن الأمريكية واجتذبت بريق الإعلام الدولي بشدة ومن ثم اكتشف العالم كله أن الشباب الأمريكي قد فجر ثورات الربيع الأمريكي رافعاً شعاراته الرئيسية وهي القضاء على جشع الشركات متعددة الجنسيات والمطالبة بالمساواة والعدالة الاجتماعية وفك الارتباط بين السياسيين ورجال المال والاعلام الذي أدى في نظرهم إلى إفقار الطبقة الوسطى وفقدانها لمدخراتها ومنازلها وإلى تفشي البطالة ورفع الدين الأمريكي الخارجي إلى أكثر من أربعة عشر ترليون دولار! ومن الملاحظ أن بعض المحتجين الأمريكيين قد أكدوا أن حركتهم قد استلهمت شعاراتها وتكتيكاتها الثورية من ثورات الربيع العربي في تونس ومصر بما في ذلك فكرة احتلال الميادين العامة والإصرار على البقاء فيها إلى حين تحقيق المطالب الشعبية العادلة وهذا ما أكده أيضاً عمدة نيويورك حينما صرح بأن تنامي معدلات البطالة في أمريكا يهدد بتفجر احتجاجات عنيفة في شوارع المدن الأمريكية على غرار ما حدث في شمال أفريقيا! من المؤكد أن أزمة الاقتصاد الأمريكي ، المتأثرة بأزمة الاقتصاد الأوربي ، سوف تؤثر سلباً على معظم الاقتصاديات العالمية المرتبطة بالاقتصاد الأمريكي بوصفه أقوى اقتصاد عالمي وأكبر ملاذ للاستثمارات الدولية، وعلى الرغم من أن الجميع لا يتوقعون ظهور قذافي أمريكي أو أسد أمريكي يقوم بقصف المتظاهرين السلميين بالدبابات في الشوارع الأمريكية إلا أن أغلب المراقبين السياسيين والاقتصاديين يؤكدون أن حركة الاحتجاجات الشعبية ستتصاعد في أمريكا بسبب صعوبة إيجاد حلول حاسمة لها لأن أزمة الاقتصاد الأمريكي هي أزمة جوهرية تكمن في بنية النظام الرأسمالي الغربي وهي تحتاج إلى حلول جذرية تلغي السياسات الرأسمالية التي تروج للمضاربة حتى على الديون السيادية الأمريكية وللبيع على المكشوف الذي لا يختلف مطلقاً عن بيع الطير في الهواء وتكافيء الشركات والمصارف الفاشلة بضخ السيولة المالية في عروقها المهترئة وتفرض الضرائب على الفقراء وتعفي الأغنياء منها وتورط أمريكا في حروب خارجية ومساعدات مالية ضخمة لاسرائيل تكلفها ديوناً طائلة ولا تهتم بإيجاد فرص عمل حقيقية لملايين الأمريكيين وإذا لم يتم إجراء هكذا عمليات جراحية كبرى فسوف تتصاعد ثورات الربيع الأمريكي وتصل إلى واشنطون نفسها لأن المتظاهرين السلميين الأمريكيين يرفضون بشدة أن يظل الاقتصاد الرأسمالي الأمريكي مثل صلعة ولحية برنارد شو الذي عبر عن أزمة الرأسمالية المتوحشة بقوله "إنها تشبه ما بين رأسي ولحيتي ، غزارة في الانتاج وسوء في التوزيع!" فيصل علي سليمان الدابي/المحامي /الدوحة/قطر sara abdulla [[email protected]]