عقب الانتهاء من اجتماع المكتب القيادي لحزب المؤتمر الوطني قال الدكتور نافع علي نافع للصحافيين إن هناك أعددا كبيرة من عضوية الحركة الشعبية رافضة لممارسات قيادات الحركة الشعبية بقيادة مالك عقار و أن هذه الأعداد هي تسعي من أجل تسوية أوضاع الحركة الشعبية مع مجلس الأحزاب بعد صدور قراره الأخير حول الحركة الشعبية و بالتالي هؤلاء سوف يعملون من أجل تسوية أوضاع حزبهم و يسجلون حزبهم الجديد ثم عرج الدكتور نافع علي نافع إلي موقف حزب الأمة و الاتحادي الديمقراطي من المشاركة في الحكومة القادمة و قال إن حوارهم مع حزب الأمة من أجل المشاركة قد وصل إلي نهاياته بعدم مشاركة حزب الأمة و لكن سيستمر الحوار بين الحزبين حول القضايا الوطنية أما الحزب الاتحادي الديمقراطي رغم موقفه الرافض من العرض الذي قدم له من المؤتمر الوطني و لكن الحوار بين الحزبين مستمر بهدف المشاركة في الحكومة القادمة.من خلال حديث الدكتور نافع يتبين كيف يري المؤتمر الوطني الموقف السياسي و كيف يتعامل معه حاليا و في المستقبل أي أن المؤتمر الوطني يدير الأزمة السياسية في البلاد بذات منهجه القديم رغم كل التحولات و التغييرات التي حدثت في السودان و في المحيط الإقليمي. في الجانب الأخر للمشهد السياسي السوداني نجد أن حزب الأمة كان قد أكد موقفه الرافض للمشاركة في الحكومة القادمة و أوضح إن الحوار بين الحزب و حزب المؤتمر الوطني لم يوصل لشيء يجعل حزب الأمة يشارك في الحكومة و لكن سيظل الحوار في القضايا الوطنية أبوابه مفتوحة بين الحزبين و لكن هناك بعض قيادات المؤتمر الوطني التي تعتقد أن حزب الأمة قد مال ناحية اليسار خاصة بعد زيارة السيد الصادق لدولة جنوب السودان رغم هناك تباين في رؤية حزب الأمة مع قبائل اليسار في كيفية التعامل مع حزب المؤتمر الوطني. أما الحزب الاتحادي الديمقراطي هو أقرب للمشاركة منها إلي الرفض و الدليل علي ذلك استمرار الحوار بين الحزبين إضافة للبيان الذي أصدرته لجنة الإعلام و النشر في الحزب الاتحادي الأصل حيث يقول البيان " إن حزبنا ليس مقاصده التطلع إلي المشاركة الشكلية" و هذا يعني إن الحزب يتطلع إلي مشاركة فاعلة و هي مشاركة لها شروطها و ليس أن يمن المؤتمر الوطني علي الحزب بعدد من المقاعد الوزارية التي لا ترض رغبة حزب له مكانته و جماهيره ثم يضيف البيان القول " أنتهي حزبنا إلي إن ما انطوت عليه مذكرة المؤتمر الوطني تعني بالنسبة لنا عدم رغبتكم في التجاوب مع الأطروحات و الرؤى الاتحادية" و هنا أيضا يؤكد الحزب إن مشاركته مرتبطة برغبة المؤتمر الوطني الذي لا يريد إن يحقق مقاصد الاتحادي الأصل و ليس الرفض نابع من الحزب الاتحادي و البيان أقرب للمناشد في إن يغير المؤتمر الوطني رؤيته لقضية المشاركة من مشاركة رمزية بعدد قليل من الوزارات إلي مشاركة إستراتيجية أي ائتلاف بين حزبين تتوزع فيه المواقع الدستورية و التنفيذية شبه مناصفة وهي رؤية يتخوف منها المؤتمر الوطني حيث تعتقد بعض قيادات المؤتمر الوطني أن حزبهم إذا فقد مساحات واسعة في السلطة الآن سوف يفقد بعض منها آجلا الأمر الذي يعرضه إلي انتكاسة و يعرض قياداته لمساءلات لا يرغبون فيها. أما القوي السياسية المعارضة الأخرى كانت قد عقدت اجتماعا و أكدت علي لسان ناطقها الرسمي السيد فاروق أبو عيسي أنها تعمل من أجل تغيير النظام ثم هناك الحركات المسلحة التي تحالفت فيما بينها تحت أسم " كودا" و قررت أنها سوف تستخدم السلاح من أجل إسقاط النظام و أخيرا الجولة التي قام بها السيد ياسر عرمان لكل من الولاياتالمتحدة و فرنسا و بريطانيا و الاتحادي الأوروبي بهدف تأليب الرأي العام العالمي و العمل من أجل إيجاد دعم عالمي لهدف إسقاط النظام ثم جاء موقف حركة العدل و المساواة بعد وصول زعيمها إلي السودان متطابقا مع دعوة الحركات المسلحة الداعية لإسقاط النظام و هذه الدعوة و جدت استهجان من حزب المؤتمر الوطني علي لسان الدكتور قطبي المهدي الذي قال " أن موقف القوي المعارضة الداعية لإسقاط النظام هو موقف داعم للمحور الأمريكي الإسرائيلي و كان بدلا من الدعوة لإسقاط النظام تتجه للعمل من أجل توحيد الجبهة الداخلية لمواجهة التحديات" و لكن حديث الدكتور قطبي غير واقعي باعتبار إن المؤتمر الوطني نفسه يشكل عقبة كأداة أمام توحيد الجبهة الداخلية و إن عمله بذات المنهج الذي بدأ به مسيرته السياسية دون أية مراعاة للتغييرات التي حدثت في السودان يوضح أن المؤتمر الوطني لا يتعلم من أخطائه و غير مدرك للواقع الجديد الذي أطلق عليه الجمهورية الثانية كما أن بناء الدولة لا يمكن أن يعتمد علي رؤية أحادية في مجتمع فيه اختلافات و تنوع و بالتالي هي قضية تحتاج من المؤتمر الوطني أن لا ينظر لها بعين واحدة. إعادة النظر في منهج المؤتمر الوطني جاء علي لسان السيد نزار خالد محجوب المسؤول السياسي في المؤتمر الوطني ولاية الخرطوم عندما قال " هناك دعوة بدأت تأخذ موقعها داخل قيادة المؤتمر الوطني بهدف الدعوة لانتخابات مبكرة بهدف أن يقدم المؤتمر الوطني تنازلات لإعطاء مجال لمشاركة بعض القوي السياسية" هذا التصريح رغم أنه يحاول صاحبه البحث عن معالجة للأزمة السياسية الحادثة في السودان و لكنه فيه " نرجسية عالية جدا" فهو له تفسيرين الأول باعتبار إن المؤتمر الوطني هو الذي سوف يتفضل بإعطاء القوي السياسية دوائر انتخابية تفوز فيها و هذا يؤكد إن المؤتمر لا يفعل ذلك إلا إذا كان يعاني من إشكالية كبيرة مقتنع أنه لا يستطيع تحملها و حده و الفهم الثاني يؤكد أن المؤتمر الوطني لأنه هو الذي يستخدم و يسخر إمكانيات الدولة من أجل مصالحه و في بعض الدوائر يقف عن استخدام تلك الإمكانيات لكي تحظي بها القوي السياسية الأخرى و في كلا الحالتين إن التصريح ليس في مصلحة المؤتمر الوطني و ليس في مصلحة مستقبل الدولة السودانية لأنه مفارق لقضية الديمقراطية و يظل يؤكد أن قيادات المؤتمر الوطني ما تزال تؤمن بدولة الحزب الواحد. إن منهج المؤتمر الوطني الذي أعتمد عليه في إضعاف القوي السياسية من خلال إحداث شروخ فيها و انقسامات لم تعالج قضايا السودان بل جعلها أكثر تعقيدا و دلالة علي ذلك أن القوي التي صنعها من انقسامات الأحزاب و هي مشاركة معه في الحكومة لم تقنعه لذلك ظل يسعي من أجل مشاركة الأصل و قد فتح حوارات مع حزب الأمة القومي بقيادة السيد الصادق المهدي و فتح حوارات مع الحزب الاتحادي الديمقراطي بقيادة السيد محمد عثمان الميرغني رغم أن هناك أحزاب مشاركة معه بذات المسميات و لكن مصيبة المؤتمر الوطني أنه لا يتعلم من أخطائه في العمل السياسي لآن العقلية التي ظلت تدير الصراع عقلية واحدة لم يحدث لها أية نوع من التطور و التحديث أو هي عقلية مرتبطة بمصالح ذاتية أو حزبية و تدور وفقا لتلك المصالح الضيقة. و من تصريح الدكتور نافع يشتم إن المؤتمر الوطني يعمل من أجل شق حزب الحركة الشعبية و دفع بعض أعضائها الذين يستجيبون إلي أملاءات المؤتمر في أن يسجلوا حزب جديد عند مسجل الأحزاب و بالتالي يتعامل مع هذا الاستنساخ الجديد و يرفض التعامل مع الأصل و الغريب إن المؤتمر الوطني يعلم إن كل الأحزاب التي صنعها لم يستطيع أن يجعلها بديلا للأحزاب الأصل لأنها أحزاب أنابيب و تتغذي علي الأنبوب الموصل من مؤسسة الدولة إلي أجسامها و أية تغيير حقيقي في السلطة لمصلحة الديمقراطية سوف تفقد تلك الأحزاب القدرة علي الاستمرار و العيش و لكن المحير إصرار المؤتمر الوطني في التعامل مع منهج عقيم لم يحقق له انفراج بل يعقد المشاكل أكثر مما يجب. تعتقد القوي السياسية إن الأزمة السياسية قد وصلت نهاياتها و إن المؤتمر الوطني يواجه تحديات كثيرة داخلية و خارجية و هي التي سوف تعجل بإسقاط النظام و إن رفض القوي السياسية للمشاركة في الحكومة القادمة سوف تؤدي إلي عزلة داخلية للمؤتمر الوطني إضافة إلي الأزمة الاقتصادية التي لا علاج ظاهر لها في الأفق و كل الإجراءات التي يقوم بها النظام لمعالجة المشكلة هي علاجات وقتية لا تساعد علي معافاة الاقتصاد أنما هي مسكنات و بالتالي يجد النظام أنه في مواجهة مع الجماهير التي تزيد معاناتها بسبب الغلاء المتزايد كما إن الجنيه السوداني سوف تقل قيمته أمام العملات الأجنبية و خاصة الدولار باستمرار باعتبار أن السودان لا يملك إنتاج أو موارد تسند الجنيه السوداني مما يزيد عملية التضخم و في الخارج أن الإنقاذ أيضا سوف تشهد عزلة دولية و إقليمية من جراء سياساتها المتعارضة للديمقراطية و هي التي تفقدها علاقاتها بالخارج كما أن أجواء الثورات في العالم العربي ليس في مصلحتها كلها تحديات تواجه الإنقاذ و في الجانب الأخر تجعل القوي السياسية رغم ضعفها ليس أمامها غير أن ترفع سقف مطالبها كما أن التحولات الإقليمية و الداخلية قد جعلت بعض الأحزاب التي كانت أقرب للمشاركة أن تعطي نفسها فرصة انتظار و تراقب الوضع غير المستقر ربما يؤدي إلي انتفاضة أو ثورة و بالتالي هي لا تريد أن تدخل في مغامرة و الأيام حبلي. أن الصراع السياسي في السودان قد بلغ ذروته و أن القوي السياسية تراهن علي تغيير سياسي حقيقي يفضي إلي دولة ديمقراطية و ليس شبه ديمقراطية كما يرغب المؤتمر الوطني و ستظل الأزمة مستمرة تؤثر سلبا علي النسيج السوداني و القضية هي بيد المؤتمر الوطني إذا أراد أن تتم معالجة للأزمة السودانية و توحيد للجبهة الداخلية كما يتطلع الدكتور قطبي المهدي و من يوافقه الرأي في أن يغير المؤتمر منهجه و يتعامل مع القضية بأفق وطني عالي و ليس التعامل باعتبار أن المؤتمر الوطني هو القابض علي مفاصل الدولة و عليه أن يوزع المناصب و الحقائب الوزارية و المواقع الدستورية كما يشأ أنما يجب علي قيادة المؤتمر الوطني أن تتحاور مع القوي السياسية بهدف الاتفاق علي برنامج وطني يشرع الجميع في تنفيذه و لكن المؤتمر الوطني يريد مشاركة من القوي السياسية لكي تنفذ برنامج المؤتمر الوطني و هو الأمر الذي ترفضه القوي السياسية كما علي المؤتمر الوطني أن يجد معالجة لقضية النزاع في ولايتي النيل الأزرق و جنوب كردفان بعيدا عن ما هو مطروح الآن من عمل عسكري و لآن العمل العسكري سوف يؤدي إلي تعقيدات المشكلة أكثر مما يجب فهل المؤتمر الوطني قادر علي أن يستمع للرأي الأخر دون نرجسية و عدم مبالاة نتطلع لذلك و الله الموفق. zainsalih abdelrahman [[email protected]]