ذات يوم من أيام الصيف الماضى وفي شهر أغسطس بالذات إشتريت جريدة الصحافة العدد 9493 بتاريخ 16/8 /2011. قرأت قصيدة دبايوا للأستاذ صلاح أحمد إبراهيم والقصيدة عبارة عن مأساة المجتمع البجاوي في ستينات القرن الماضى تقريباً. وهأنا أود أن أنقلها للقارئ كاملة: ((أوشيك)) من قبيلة ((الهدندوا)) ((أوشيك)) دون أن يكل يرصد الأفاق من دغش الصبح الى انحباس الضوء في المساء مفتشاً عن غيمة فيها سلام الماء يرفع ساقاً ويحط ساق كوقفة الكركى في المياه مرتكز الظهر على عصاه أهلكت المجاعة الشياه لم يعد ((أوشيك)) غير هذه النعال صداره والثوب والسروال والسيف والشوتال وشعره المغوف الوديك والخُلال وعليه التنباك يراقب الزقوم والصبار والأراك السل في ضلوعه يفتح أفعوان عيناه جمرتان ((في وحدة الرهبان)) إلا انه..... يحب شرب البن يمقت ((الشفتة)) و((الحمران)) دبايوا يفتل من ساعاته الطوال حبال صمت تافه...جبال ويرقب السماء لو أنها تعصر في لسان أرضه قطرة ماء لو أنها تبلل الرجاء اهلكت المجاعة الشياه لو يرحم الإله وزوجته ذات الزمام الضخم والملاءة الحمراء قضى عليها الداء فزفرت أحشاءها دماء وفوق صدرها ((أوهاج)) مثل هرة صغيرة عمياء يمد في غرغرة الذماء يدين كالمحارتين للأثداء ××× ((أوهاج)) لم يعد منذ مضى هناك هناك في المدينة الباهرة الأضواء تلك التي تعُج بالشرطة والمقاهي بالودك الجيد والظلال (كيف ترى الجنة يا إلهي) أوهاج قبل أن يحقق الأمال ويملأ التّكة من سرواله بالمال هوت على دماغه رافعة الميناء فانخبطت جُثته في الأرض تحت أرجل العمال وامتزج اليافوخ بالدماء بالودك وبالقمل وبالخلال دماؤه تجمدت على حديد ((البال)) مات لم يستلم الريال وأستأنفت أعمالها رافعة ألميناء – ما الحمال؟ دبايوا؟؟ دبايوا ××× إبنته ((شريفة)) مذ هربت بعارها من كنف الشريفة واخرست جفجفة القطار صوت السيد الصغير والخليفة جاءت إلى المدينة القاسية المخيفة تقدم التفاح للرجال لكل من جاء من الرجال رائعة...رائعة – يقول لى صديق يا خصرها ، يا عودها الفارع، يا لثغتها الظريفة يا نهدها استقل، كاد أن يطل من ثيابها الرهيفة وهى تضوع بالشذى تموع كالقطيفة تموء بالحروف مثل قطة أليفة ((يا سمسم القدارف)) تقدم البيرة واللفائف والطشت والإبريق ترفع او تخفض المذياع حتى اذا أنهكها الامتاع وأطفأت مصباحها بعد انتصاف الليل مر على خيالها ((أوشيك)) وشعره الوديك كانه شجرة الزقوم وصوت ((أونور)) اخضرار مضرب الخيام بعد السيل وهو يمد صوته الجميل: ((أكودناى..أكودناى..يادميما)) مرت على خيالها (( ساكنة الضريح)) فطمسته نقرة لهفانة ببابها الصفيح وصرخة جنسية تطلقها ((ميزان)) تحت صورة العذراء والمسيح ××× دبايوا... هناك في الخرطوم هُناك في البعيد من قذارة ((الديوم)) هناك في البعيد من تلال بحرنا الأحمر من ((سنكات)) ومن ((عقيق)) ومن جبال ((كسلا)) و ((اربعات)) ومن مصايد الغيوم ((أوشيك)) ليس إلا صورة طريفة تُباع في دكان وتحت ((أوشيك)) تلوح كلمتان: ((Fuzzy- Wuzzy )) هدندوا دبايوا دبايوا إذا كانت امراض مثل السل والملاريا تفتك بالمجتمع البجاوي في ستينات القرن الماضى . ففي وقتنا الحاضر فحدث ولا حرج إنهم يعانون من أمراض فتاكة للغاية مثل الإيدز والسرطان بصورة مستديمة. وهناك أيضاً الامراض الإجتماعية (الجنس) والتى تمارس بصورة وحشية ( الزواج السرى والصاحبة وغيرها) في كل ارجاء السودان. أذكر أن قام مؤتمر البجا عام 1958 وذلك لمحاربة العادات السيئة والعمل على إقامة مجتمعات متعافية تنظر الى مستقبل أفضل ولكن الأحزاب السودانية (اتحاد ديمقراطى + حزب أمة)عملوا على فشل المؤتمر في وقت مبكر من قيامه. والآن ماذا بقى من حياة الانسان البجاوي غير الانقراض والتهلكة، اليس من حقه أن يرفع صوته مع دعوة الأستاذة رندا عطيه – التى قامت باعادة نشر القصيدة – ويقول: اللهم أهلك سلطان السودان ودمره آمين يارب العالمين. هاشم محمد الحسن. [email protected]