صاحب اليراع الندي السفير العزيز جمال محمد إبراهيم تحية حارة تنزل عليك بردا و سلاماُ ليلة الجمعة عبثت على غير عادتي بالحاسوب، بعد مكالمة من الزميل و الصديق العزيز صديّق محيسي يخبرني بنشر عبارة لي وجيزة، خطأ، في صفحته بسودانايل، و ذلك بسبب حاشية كتبها هو تعليقا على ما سطرته؛ ثم رأيت ما بعثت لي أنت به صبيحة السبت على الصفحة الرئيسة لهذه الجريدة الاليكترونية الغراء بقلم الزميل الصحفي طلال سلمان، فكانت أمسية طيبة هانئة. رسالتك إلى طلال، كعادة ما تكتب، ينهمر منها طلّ يذهب جفاف النفوس، و يجود ندى و عطرا ً يبلل يباس العروق، و ينعش القلوب الواهنة. و تلك – لعمري – من نعم الله! و في صبيحة السبت تلقيت رسالتك و ما أرفقت، ثم جاء لزيارتي، ضحى، صديق لبناني قدم من بيروت يحمل إليّ نسخة من "دفاتر كمبالا"، فازددت انشراحاُ. سأعود إليك بانطباعاتي عن الرواية بعدما أفرغ من قراءتها، إنْ أطاعني القلم. في نهاية الستينيات أو بداية السبعينيات – لا أذكر بالتحديد – لفت نظري اسم طلال سلمان الذي كان يعمل حينذاك في دار الصياد لصاحبها سعيد فريحة، و ظللت من يومها أتابع ما يكتب. نشرت مجلة الصياد – التي كانت في تلك الحقبة من أهم المجلات العربية - في أحد أعدادها، تلك الأيام، موضوع غلاف أثار زلزلاً في لبنان و أقطار عربية كثيرة. كان موضوع الغلاف ذاك، مقابلة صحافية أجراها محرر بالمجلة أسمه طلال سلمان مع رئيس وزراء لبنان، صائب سلام. في تلك المقابلة قال سلام انه السياسي الأهم في العالم العربي بل يفوق جمال عبد الناصر من حيث الأهمية و التأثير! قامت الدنيا و لم تقعد يومئذ، و توالت ردود الفعل لمدة طويلة بعد ذلك. أخذت دار الصياد تنأى عن الخط الناصري. قيل يومها إن التحاق الصحافي المصري، علي أمين، بها بعد حبس توأمه الصحافي مصطفى أمين في قضية تجسس شهيرة، حرفت دار الصياد عن خطها. ظل علي أمين ينشر عمود أخيه "فكرة" بدون توقيع في جريدة "الأنوار" التي تصدر عن دار الصياد، بدلا عن الأخبار المصرية، و ذلك حتى أطلق سراح مصطفى أمين بإفراج صحي. ثم أسفرت مطبوعات دار الصياد عن عدائها لعبد الناصر و الناصرية و تياراتها. كنت و عدد من الصحافيين العرب و الأجانب، أثناء حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973 في مطار دمشق الدولي ننتظر مؤتمرا صحافياً قيل أن طياراً إسرائيليا أسيرا أو مجموعة من الطيارين الإسرائيليين الأسرى سيعقدونه هناك. كان في المطار – مصادفة – سفير الكويت لدى سورية، عبدالله حسين. كان هذا السفير معروفا بانتمائه لتيار القوميين العرب المناصرين لعبد الناصر في الكويت. قضى عبدالله حسين فترة طويلة سفيرا في سورية، و كانت داره ديوانية مفتوحة للجميع. ظل هذا السفير يكتب، إبان سفارته في دمشق و حتى وفاته، مقالاً راتباً في جريدة الوطن الكويتية التي كان يملكها و يرأس تحريرها محمد مساعد الصالح. و فجأة نادى السفير بأعلى صوته الزميلة عايدة باقي، و هي صحافية شامية كانت تعمل في جريدة الأنوار. خاطبها السفير أيضا بصوت تردد صداه في أرجاء المطار قائلا: بلغي سعيد فريحة عني هذه الرسالة؛ قولي له إن عبدالله حسين ينذره بأنه إذا مضى في غيه فان الجماهير العربية ستطوق دار الصياد في الحازمية و تظل تبصق عليها حتى تغرقها في بصاقها. بهت الجميع بما فيهم الصحافيون الأجانب الذين ترجمت لهم كلمات السفير الصريح. كان هذا دأبه، لا يقيم للدبلوماسية وزناً حينما يتعلق الأمر بالعروبة! بعد أن أصدر طلال "السفير" عرفته عن قرب. و في فترة من الفترات أقمت في بناية لصيقة بالجريدة في منطقة الحمرا يفصلنا مخبز؛ فكان من السهل التردد عليهم. و ربطتني بمحرريها وشائج من الزمالة و الود، بينهم مدير التحرير، باسم السبع، و مدير التحرير الآخر، بلال الحسن. و لكن تلك قصة اخرى. أرجو أن تكون قد أنخت رحلك و فرغت من ترتيبات التقاعد و غيرها..... و لك خالص المحبة و الاعتزاز.