الأحزاب في الدولة الإسلامي ليست أحزاب معارضة وإدارة الصراع مع السلطة وتتبع هفوات الحكام وأخطائهم بل هي وسائل لتهيئة الأمة للقيام برسالتها الدعوية والإنسانية في تحرير البشر من عبادةغير الله الى عبادة اله ومن جور الحكام الى عدل الإسلام ومن ذل الطغاة الى عزالحريةالى التنافس في عمل الخير والإحسان وتحقيق مبادئ الأخوة والمساواة، إضافة الى ذلك تقوم الأحزاب بمساعدة السلطة في ما تحسن وتنبهها فيما تخطئ وتقويمها ونصحها ثم مواجهتها في ما تصّر عليه من الخطأ وبخاصة عندما تفّسّر الدين وفق الهوى والمصلحة والتمكين للأفراد بدل التمكين للدين وجعل الدين مطية الى التحكم في الرقاب واستعباد العباد بسلطة الحزب الأوحد الحاكم إنّ مبادئ الشورى والعدل وغيرهما تظل شعارات ومبادئ ما لم تترجم في ارض الواقع والممارسة للجماعة التي تؤطرها وتجمع الناس حولها ليكونوا جماعة فاعلة تعزّز السلطة وتمنحها الثقة وتقوم بواجب الرقابة الشعبية والتحذير والتقويم حينما تسئ السلطة التصرف أو تنحرف عن الأهداف وتتحول الى ملك عضوض يورث . التّعدد الحزبي هو الذي يحفظ التوازن بين الحاكم والمحكوم ويوجد العلاقة العلاقة المتكافئة بين الحاكم المنتخب والأمة المبايعة على إنفاذ شرع الله والتزام العدل والإحسان والمساواة والأخذ بالشورى لأن خطورة التنظيم الواحد والوعاء الجامع –كما يقال-أنه يفرض رأيه وتصوراته على الجميع كمايتحدث باسم الناس وينصب نفسه راعيا وموجها ومقوما للأمة بل قد يصل الأمر الى تبني رؤية الشخص الواحد والعقل الواحد فتشقى الأمة بذلك وتتعرض للمحن والكوارث والمصايب ولا يملك أحد حق المحاسبة أو المساءلة أو التغيير أو حتى حق التعبير والاستنكار. إنّ اختلاف الآراء حول المناهج والخطط والأساليب بين النخبة أمر مشروع قد تنتج عنه اجتهادات يلتف الناس حولها في سبيل تحقيق الأهداف وتمكين الدين وتطبيق شرع الله ؛الأمر الذي يجعل هذه الأحزاب كلها احزابا لله وضمن الجماعة الناجية دون أن يدعي الاستئثار بهذه الصفة جماعة تزكي نفسها على الله وتحرم الآخرين ماأحلته لنفسها. إنّ الذين يحذرون من الحزبية والتّعدديّة لايرون للحزبية-لقصور فهمهم وضيق أفقهم-إلاصورةالأحزاب السودانية والأحزاب في العالم الإسلامي. الذي يبحث عن تعددية حزبية تبتغي وجه الله وتعمل لإعلاء كلمته حقيقة وتحكيم شرعه إيمانا وقناعة دون ادعاءوترديد جملة "هي لله" وكما يقول الشيخ "راشد الغنوشي " في كتابه "الحريات العامة في الدولة الإسلامية" "إنّ الأحزاب هي الأجهزة الحقيقية لا للمشاركة في السلطة فحسب بل في تنشئة نوع خاص من السياسيين الرّبانيينن ، والحزب قبل ذلك جهاز لتحقيق كفاءة الأمة بنفسها في تحصيل مصالحها –إن لم يكن أغلبها- إن الحكم الإسلامي يقوم على الشورى، والشورى هي توزيع للسلطة ومنع تركزها في جهاز اسمه الدولة.. وتوزيع السلطة لايعني مجرد المشاركة في مناقشة الأمور العامة والتقرير فيها بل هو أكثر من ذلك وأعمق ؛إنه تكوين المجتمع المدني المجتمع الذي لاتتخذ علاقته بالسلطة صورة الرأس من الجسد ؛تتعطل وتنعدم وظائف الأول بمجرد انفصاله عن الثاني نعم يكون كماله في الاتصال المنظم بينهما "وكما يقول الغنوشي في كتابه "مقاربات في العلمانية والمجتمع المدني" إن القرآن والسنة لم يوجها أي خطاب للحكومة ،إنما الخطابات كلها موجهة للأمة ، وما الحكومة سوى أداة من أدوات كثيرةتصطنعها الأمة لأداء مهمة النيابةعن الله في إقامة الحق والعدل وسائر أحكام الشريعة ومقاصدها الكبرىفي حفظ الدين والعقل والنفس والعائلة والمال والحرية. إن مركز الثقل في البنية الإسلامية ليس سلطة الحكومة وإنما سلطة المجتمع الإسلامي'وذلك من خلال ما خولهالإسلام للأمة-أفرادا وجماعات—من حقوق لاسلطان للدولة عليها ،وفرضه عليهم من واجبات لافكاك عنها " Dr Abbas Mahjoob [[email protected]]