يستنكر بعض الناس التحزب في المسلمين مستبعدين وجود تعددية في المجتمع المسلم مع أنّ الإسلام يقر كما أوضحنا بالتعددية الحزبية في ظل الإسلام دون أن يكون ذلك ذريعة لحرب الإسلام وتشويه مشروحه الحضاري الصحيح إذ ليس هناك ما يمنع شرعا وواقعا تعدد الجماعات التي تسعى لإقامة المجتمع المسلم وفق برامجها المرتبطة بالثوابت التي تبنى عليها دعائم المجتمع المسلم التي توارثها المسلمون كما أن انتماء الأفرادالى اتحادات أو نقابات أو تنظيمات مجتمعية لاينافي انتماءهم للدولة المسامة وولءهم لها لأن هذه الولاءات كلها مرتبطة بأصل واحد هو الولاء لله ولرسوله وللمؤمنين لأن الله سبحانه وتعالى يقول :"إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون . ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون " فالإسلام لايقر النمط الحزبي الذي يجعل الفرد مواليا لجماعته وحزبه في الحق والباطل، والذي يكون معارضا إذا عارض حزبه ومؤيدا إذا أيد حزبه محققا قول الشاعر الجاهلي : وما أنا إلا من غزيّة إن غوت غويت وإن ترشد غزية أرشد لأن الإسلام غيّر هذه المفاهيم الجاهلية ليقف الإنسان مع الحق أينما كان . وقد ذكر الشيخ "القرضاوي"في كتابه "فتاوى معاصرة" أن بعض الناس يرون في مصطلح التّعددية تنافيا مع الوحدة التي يفرضها الإسلام باعتبار الوحدة صنو الإيما ن ، والتفرق صنو الكفر والجاهلية .ورد على هذه الشبهة بأنّ التّعدد لايعني بالضرورة التّفرق كما أنّ بعض الاختلاف ليس ممقوتا لأنّ اختلاف الرأي نتيجة الاجتهاد أمر طبيعي حدث في مجتمع الصحابة وفي عهد الرسول –صلى الله عليه وسلم-،فهذا النوع من الاختلاف رحمة بالمسلمين ودليل عافية للأمة فقدنقل عن سيدنا "عمربن عبد العزيز" أنه لم يكن يود أن ّ أصحاب رسول الله-صلى الله عليه وسلم- لم يختلففوا لأن اختلافهم فتح باب الرحمة والسعة والمرونة واليسر للمسلمين. والاختلاف نوعان:محمود وهو اختلاف التّنوّع ، ومذموم وهو اختلاف التّضاد؛فإذا كان الاختلاف اختلاف تعدد وتنوّع لاتعارض وتناقض فلا مانع أن تتعدد الجماعات العاملة للإسلام مع تعذر الوحدة بحكم اختلاف المناهج والوسائل واختلاف المفاهيم واختلاف الثقة بين الناس ؛لأنّهذا النوع من التعدد لايؤدي الى تفرق أو عداوة،ولايلبس الأمة شيعا يذيق بعضهم بأس بعض لأنه اختلاف في إطار العقيدة الوشجة ،فالدولة الإسلامية لاتضيق بالخلاف ،ولاترفض تعدد المنابر ولاتحكم بالإعدام على الأفكار والآراء ،ومن يقول بغير ذلك فهو إسلام غرض وهوى. ومن الشبهات التي ردّ عليها الدكتور "يوسف القرضاوي ما ذكر البعض من أنّ التعدد الحزبي مبدأ مستورد من الديمقراطية الغربية وليس نابعا من الإسلام وقد نهينا أن نتشبه بغيرنا ويجب أن يكون لنا استقلالنا السياسي والفكري.ردّ القرضاوي على هذه الشبهة بأن ما نهينا عنه هو التقليد الأعمى لغيرنا بحيث نكون ذيولا واتباعا لهم. كما أنّ التشبه الممنوع هو ما يعتبر من سماتهم وعلاماتهم وعاداتهم ؛ أمّا الاقتباس مما هو من شؤون الحياة فلا حرج ولاجناح لأنّ الحكمة ضالة المؤمن فقد اتخذ الرسول –صلى الله عليه وسلم- خاتما يختم به كتبه حين قيل له :إنّ الملوك لايقبلون الكتاب إل إذا كان مختوما.كما اقتبس سيدنا عمر –رضي الله عنه—نظام الدّواوين والخراج من الفرس ،ومع ذلك اشترط الشيخ القرضاوي" في الأخذ بمبدأ التّعدد الحزبي من الديمقراطية الغربية شرطين هما: 1--أن نجد في ذلك مصلحة حقيقية لنا ولابأس من بعض المفاسد إن كان النفع أكثر من الضرر. 2 —أن نعدل ونطور فيما نقتبسه حتى يتناسب مع قيمنا الدينية وشرعنا، وأخلاقنا ، وتقاليدنا ومفاهيمنا فقد عدّل رسول الله –صلى الله عليه وسلّم—مفهموم "انصر أخاك ظالما أو مظلوما" من المفهوم الجاهلي الى المفهوم الإسلامي دون أن يعدّل في الصياغة.