وأخيراً وبعد طول إنتظار تم تشكيل حكومة الجمهورية الثانية ، هذه الحكومة التي تعثرت ولادتها منذ التاسع من يوليو وكان المؤتمر الوطني يتزرع بحجة أنه يسعي لتكوين حكومة موسعة تضم أحزاب كبيرة وبالتالي فأن الحوار مع هذه القوي السياسية للاتفاق علي برنامج الحكومة الموسعة يحتاج لبعض الوقت هذا من ناحية ومن ناحية أخري فأن المؤتمر الوطني وتبعاً للازمة الاقتصادية الخانقة في حاجة ماسة إلي تقليص عدد الوزارات ودمج بعضها في البعض في إطار ترشيد الصرف وهذا أيضاً يحتاج إلي بعض الوقت كما وأنه وفي إطار تجديد القيادات التنفيذية وأبعاد كل من تقلد المنصب لدورتين وأتيان بعناصر جديدة وشابة لديها أفكار جديدة لمواجهة المرحلة الصعبة التي تمر بها البلاد وهذا أيضاً يحتاج إلي بعض الوقت وأنتظر الناس ولادة هذه الحكومة الجديدة ليعرفوا ملامح الجمهورية الثانية – شهر وشهرين وخمسة شهور وبعد موافقة حزب الاتحادي الديمقراطي الأصل المشاركة في الحكومة العريضة ، وممانعة حزب الأمة القومي, توقع الناس أن يأتي التشكيل متنوعاً وبعناصر جديدة وقوية وبعيدة عن الشبهات ولكن الذي حصل خيب آمال الجميع بما فيهم قواعد المؤتمر الوطني نفسه ، نفس الوزارات وربما زيادة وذات الوجوه التي تكررت كثيراً ولم تعد تملك شيئاً لتقديمه للشعب ، تنقلات بعض الوزراء وتغيير المواقع مع بقاء سيطرة المؤتمر الوطني علي مفاصل الحكم ، هذه التشكيلة تخالف كل ما وعد به المؤتمر الوطني عبر مؤسساته وأعلامه ، ضرب بكل وعوده عرض الحائط ، لم تقلص الوزارات الكثيرة التي بعضها لا يعرف لها اختصاص أو مسئولية ولم يتم تجديد القيادات وكأن المؤتمر الوطني اصابه العقم عن إنتاج قيادات جديدة , وحتي مشاركة الأحزاب جاءت ضعيفة غير مؤثرة , مثلاً حزب الاتحادى الديمقراطي شارك بثلاث وزارات هي وزارة رئاسة مجلس الوزراء وهي عبارة عن سكرتارية للجهاز التنفيذي ،ووزارة التجارة الخارجية والتي فقدت كثير من اختصاصاتها ووزارة الشباب والرياضة وما ادراك ما الرياضة !! المحير ما الذي دفع حزب كبير مثل الاتحادي الديمقراطي الأصل القبول بمثل هذه القسمة الضيزى وهل هذه الوزارات تمكن الحزب من حلحلة الأزمة الاقتصادية التي أثرت في معاش الناس بصورة لم يسبق لها مثيل ؟ أم أنها سوف تساعد في حل مشكلة النيل الأزرق وجنوب كردفان فضلا عن محنة دارفور الأمر برمته يدعو إلي الدهشة ولكننا حقاً في زمن المهازل....... هذه التشكيلة تبين مدي استهتار الحكومة واستخفافها بالناس من أين لهذه الحكومة الأموال الطائلة التي سوف تغدق علي هذه الوزارات ، والسادة الوزراء وزراء الدولة والمساعدين والمستشارين وهلمجرا... يحدث هذا في الوقت ا لتي تسعي الحكومة عبر ميزانيتها زيادة أسعار المحروقات لمواجهة عجز الميزانية ، الم تدرك الحكومة أن هذه الزيادة المقترحة سوف تودي إلي زيادة أسعار كل الأشياء من المواد الغذائية إلي المواصلات .... وكيف يتحمل الشعب هذه الزيادات الجديدة وهو الذي عجز عن مواجهة الأسعار الحالية هذه الحكومة والتي رفعت يدها عن تقديم الخدمات للمواطن المسكين في كل المجالات التعليم ، الصحة والسكن والكهرباء والمياه ، أبت نفسها إلاّ أن تزيد أعباء هذا المواطن بضربه بالضرائب والإتاوات والرسوم ما أنزل الله بها من سلطان والآن تسعي لزيادة أسعار المحروقات هذه الزيادة التي ترهق المواطن العادي وربما تقضي عليه نهائيا وهذا ما تسعي إليها هذه الحكومة الجديدة الجمهورية الثانية , والمجلس الوطني المغلوب علي أمره يصرخ رافضاً الزيادة المقترحة من الحكومة وبدلاً من إلزام الحكومة بلجم صرفها البذخي علي الوزارة المترهلة وعلي المؤتمرات العالمية التي لا تسمن ولا تغني من جوع والتي كثرت في الآونة الأخيرة بدلاً من ذلك ذهب المجلس الوطني إلي القول بأنه سيسعي لا حلال بديل آخر غير الزيادات لسد عجز الميزانية الأمر كله يشكل انسداد الأفق وعجز الحكومة عن مواجهة ما تواجهها البلاد فلا مناص من ذهابها غير ما سوف عليها (علي نفسها جنت براقش)الآن وقد ظهرت ملامح الجمهورية الثانية فليهنأ الشعب بها ومزيد من التدهور والتراجع وذهاب الريح فإذا كانت الجمهورية الأولي خلفت انفصال الجنوب واندلاع الحرب في جنوب كردفان والنيل الأزرق وإنتشار الفساد المالي والتدهور الاقتصادي وهلمجرا....فماذا ننتظر من الجهورية الثانية .... مزيد من أنشطار السودان وقد يصل الأمر إلي وضع السودان تحت الوصاية الدولية ولا حول لا قوة إلا بالله العلي العظيم ....وفي هذا الوقت العصيب فقدت قادة النظام حتى اللباقة في الكلام بعد أن عجزوا أن يضعوا الحكمة موضعها والتعقل موضعه فهذا مصطفي عثمان مستشار رئيس الجمهورية والذي ظل يتربع علي كرسي الوزارة والمستشارية منذ عشرين عاماً لم يكتسب خلالها الخبرة اللازمة في التعامل مع المشاكل ولا سعة الصدر في قبول رأي الآخر هذا الرجل ترك حاله كطبيب أسنان فدخل في أحوال الأخرين فافسد الأثنين ، هذا الرجل الذي تربي في حضن الحركة الإسلامية التي دفعته للقيادة فخان الأمانة وتنكب الطريق فمثله كمثل الكلب أن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث , ولله في خلقه شئون خاب من إستشار أمثال هؤلاء ففاقد الشئ لا يعطيه !! مصطفي عثمان وصل به سوء الحال إلي وصف المعارضة بكل قواعدها وقادتها ونضالها بالجبن تخيلوا !! وبقلة الأدب وتحداهم بالخروج للشارع قائلاً (الداير يطلع الشارع خليهو يطلع) تصوروا هكذا يتحدث مستشار الرئيس بالفاظ تفتقر إلي اللباقة ... كل هذه الغضبة جاءت كرد فعل لما تعرض له القيادي في المؤتمر الوطني غندور في الندوة التي أقيمت بدار حزب الأمة القومي لنصرة الشعب السوري وبما أني كنت حضوراً في هذه الندوة وشاهد عيان لما جري كان الأمر عادياً وكانت الجماهير تعبر عن رأيها في المؤتمر الوطني فمنذ دخول غندور إلي ساحة الندوة قابلته الجماهير بالهتافات المدوية (غور- غور- ياغندور) (الشعب يريد إسقاط النظام) والرجل تقبل هذه الشعارات بروح رياضية حتى أنه لوح للجمهور واتخذ مقعده وذات الجماهير استقبلوا الشيخ حسن الترابي بالتهليل والتكبير بصورة فاقت حتى استقبال الأمام الصادق صاحب الدار , الجمهور يملك العقل والحس يستطيع بهما التمييز بين الصالح والطالح وحين اتيحت الفرصة لغندور لمخاطبة الجمع صدته الجماهير بذات الهتافات التي استقبلت به وأبت الجماهير أن تمنحه الفرصة في المخاطبة ورغماً عن ذلك أكمل حديثه بعد أكثر من خمس دقائق وعند نزوله من المنصة تصدي له البعض بقذفه بقارورة المياه وتدخل منظمي الندوة من شباب الأمة وحالوا بينه وبين الجماهير الغاضبة وبعد تدخل المناضلة مريم الصادق بحديث عقلاني هدأت الأمور وعادت المياه إلي مجاري الندوة والتي ختمت بكلمات طيبات من قامتين سامقتين الشيخ حسن والامام الصادق المهدى فعادت الطمأنينة الي نفوس الجماهير والتي صدمت بنعيق عثمان عمر الشرىف ومندور هذا كل ما حصل ... وليس هنالك ما يدعو إلي الغضب ولكن القوم في حالة هلع وخوف ترتعد فرائصهم ويحسبون كل صيحة عليهم , في بلاد العالم كله يتعرض الرؤساء والوزراء إلي القذف بالبيض الفاسد والطماطم وحتى الأحذية ويتقبلون الأمر برحابة صدر وفي السودان سبق أن تعرض السيد رئيس الجمهورية نفسه إلي الهجوم بقذيفة حذاء لم يصبه ولكن لا ندري أين المسكين الذي قام بذلك الفعل ووصفتموه حينها بالجنون...... فكل الشعب السوداني في نظركم مجانيين والجنون فنون........ مصطفي عثمان بلغ به الغضب هذا المبلغ من هذا التصرف الذي نراه عادياً ومع ذلك استنكره حزب الأمة من ذات المنصة وكذلك الشيخ حسن والأمام الصادق و لكن مصطفي هذا لم يغضبه المأساة في دارفور , لم يغضبه منظر أهلنا المناصير وهم يفترشون الأرض وفي هذا البرد الشديد مطالبين بإزالة الظلم الواقع عليهم من الحكومة ولم يغضبه هدم (500) منزل بمنطقة الشبيلاب وترك ساكنيها في العراء بالريف الجنوبي التابعة لمحلية أمدرمان فهذه المآسي هي التي تجعل الجماهير تهتف ضدكم وسيأتي اليوم الذي يقتلعكم ويرمي بكم في غياهب السجون وليس ذلك علي الله بعزيز وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ، أما اتهامه الآخرين بالأرتماء في أحضان الغرب فأمر يدعوا إلي السخرية ، الم يسر مصطفي لاولياءه من الأمريكان بأنهم علي استعداد لتسليم أحمد هارون وعلي كوشيب للمحكمة الجنائية الدولية بالرغم من اليمين المغلظة للسيد رئيس الجمهورية الم يقل لهم مصطفي عثمان بأنهم في المؤتمر الوطني علي استعداد لا حالة الرئيس وولي نعمتهم نفسه للتقاعد كل ذلك مقابل التقارب مع أمريكا ورضاءها حقاً الاختشوا ماتوا أما اتهاماته لقيادة المؤتمر الشعبي فهذا الملف سوف نفتحه علي مصرعيه ليهلك من هلك عن بينة ويحي من حي عن بينة فليستعد مصطفي عثمان لما هو ات. Barood Ragab [[email protected]]