== اسم الكتاب: في الأدب السوداني اسم المؤلف: عبد المنعم عجب الفيا عدد الصفحات: 418 القياس: 14.5-21.5 1000/2011م- 1432ه الطبعة الأولى دار نينوى – سورية – دمشق نقد أدبي == الإهداء: إلى روح أبي عبد الله عجب ألفيا البحيراوي.. لا زلت أذكر، وأنا بعد ، تلميذ بالفصل الثالث الابتدائي، حينما أتيت لي بمجلة الإذاعة و التلفزيون و المسرح، ولم تستهويني منها وقتها سوى أغنية إبراهيم موسى الطالعة آنئذ "الشتيل الرايقة يا حليلها" والمنشورة على الغلاف الخلفي للمجلة، فكانت الخطوة الأولى في درب الشقاء المعرفي الذي لا يزال ينقد جمره كلما تقدم العمر. يضم الكتاب ثلاثة أبواب: الباب الأول: 1. طمبل و التأسيس للأدب السوداني الحديث. 2. معاوية و مبتدأ الحداثة النقدية العربية. 3. الطيب صالح و عبقرية معاوية محمد نور. 4. الرؤيا و الكلمات كيف زادتنا معرفة بالتيجاني . 5. عبد الله الطيب وعمود الشعر العربي. 6. محمد محمد على ناقداً ومفكراً. 7. جمال المفكر و النموذج الغائب. 8. مهارب المبدعين منافذ الإبداع. الباب الثاني: 1. موسم الهجرة إلى الشمال و النقد ما بعد الكولونيالي. 2. الخصائص الأسلوبية عند على المك. 3. الحكاية البنت التي طارت عصافيرها. 4. التداعيات ونظرية السرد الخشن. 5. صباح الخير أيها الوجه اللامرئي الجميل. 6. البحث عن المدينة أو الحلم الموءود. 7. دروب قرماش و المنظور السودانوي. 8. عادل القصاص وشعرية القص. 9. في سيرة مرجان مورغان مورغايي. الباب الثالث: 1. النظم الجمالية في شعر محمد عبد الحي. 2. في رمزية السمندل. 3. التناص في قصيدة "سمندل في حافة الغاب". 4. علي المك ولوركا و ترجمة الشعر. 5. قراءة في قصيدة " شهقة النضار". 6. عالياً... عالياً مثل شهيق الحسرة. قائمة المصادر و المراجع. الكتاب من ثلاث أبواب تضم 23 مقالة توزعت كما يلي: حمزة الملك طمبل(1)، معاوية محمد نور(2)، محمد عبد الحي (4) عبد الله الطيب(1)، محمد محمد علي(1)، جمال محمد أحمد(1)،النور حمد(1)، الطيب صالح(1) على المك(2) بشرى الفاضل(1)، يحيى فضل الله (1)، عيسى الحلو(1)، أحمد الطيب زين العابدين(1)، عادل القصاص(1)، كمال الجزولي (2)، أبكر أدم إسماعيل(1)، محمد عبد القادر سبيل(1). تناول الكاتب أعمال هؤلاء المبدعين بقلم قارئ محب وناقد مشارك يود أن يضيف لجمال النص و إثرائه بإضاءة بعض الجوانب والتوسع في بعض الإيحاءات وبيان جمال الصور الشعرية و أساليب الكتابة. خيط السبحة الناظم لكآفة هذه الأعمال وأساليب مبدعيها في الكتابة هو الوعي بالذات وخصوصيتها الذي جاهر به ودعا له حمزة الملك طمبل ، وتطور عند معاوية محمد نور "إلى تيار الوعي و المونولوج الداخلي" ، وحيث نجد أن الكاتب يشير إلى أن محمد محمد علي 000 في كل ذلك يعد امتداداً لدعوة حمزة الملك طمبل إلى الأدب السوداني وما يجب أن يكون عليه" (ص 114). وفي هذا الإطار شدد المؤلف على أن جمال محمد أحمد المفكر ولنموذج الغائب قد تميز باتساع الرؤية و عمق التصالح الداخلي. الرؤية المتوازنة لواقع الثقافة السودانية الأفروعربي- و توظيف اللهجة السودانية في لغة الكتابة و الهجاء السوداني. (ص 162). بينما نجد أن السخرية والتهكم من أبرز الخصائص الأسلوبية عند علي المك ، السخرية تتحول عند علي المك إلى سلاح نقدي و إلى أداة للرفض و الاحتجاج. (ص 227). ما من حيث الصناعة الفنية و البناء السردي، فقد برع على المك بصفة خاصة في توظيف "تكنيك المونولوج الداخلي أو تيار الوعي." (ص228). "هذه المحلية التي يستنكفها البعض هي العالمية نفسها" أحمد الطيب زين العابدين (ص 284). بحرص الناقد الشريك في إثراء النص والموضوعي الساعي لإحقاق الحقائق وإثبات الفضل و السبق لأهله أنظر ماذا يقول المؤلف: حسب الكاتب فإن أهم السمات التجديدية في أطروحات حمزة الملك طمبل الرائدة هي الوعي المبكر بنظرة الآخر وبخصوصية الذات000 ولهذا كان دعوته الرائدة إلى ضرورة أن يصدر الشاعر عن واقعه ثقافته و بيئته المحلية، وهو حينما يقول الأدب السوداني شيء في بدء التكوين وأنا أول من نطق باسمه ، إنما يقصد هذا الاتجاه " السودانوي" في الكتابة الأدبية، وهو الاتجاه الذي صدر عنه و تبناه من جاء بعده ابتداء بجماعة مجلتي النهضة و الفجر و المجذوب ومحمد محمد علي وجمال محمد أحمد وشعراء الغابة والصحراء و الأفروعروبين عموماً ومدرسة الخرطوم في التشكيل والاتجاه السودانوي ممثلا في كمال الجزولي و أحمد الطيب زين العابدين و آخرين كثر غريهم00 (ص 20). عن معاوية محمد نور فقد أثبت له : إنه أول من أتى على ذكر إليوت في اللغة العربية و أول من حاول تطبيق نظرياته النقدية الحديثة على الشعر العربي (ص 37). وطبق ذلك في قصة "المكان" باستخدام تقنية المونولوج الداخلي أو تيار الوعي (Stream of consciousness) وأورد بعض الشهادات عن معاوية: "كان معاوية يقول القول ويمضي عليه أكثر من خمسين عاماً، فيظل صادقاً كأنه قيل لساعته" الطيب صالح ص 67" "كان معاوية أديبا حراً، و مفكرا صرفاً، و لم يكن يرضى لحياته في الأدب و الفكر بديلاً، ولم يكن مستعداً للمساومة وقبول أنصاف الحلول" (ص 68" " عبقري ولد قبل أوانه" إدوارد عطية. " وانهزم لأنه جاء باكرً أبكر مما يجب000" (الطيب صالح ص 73). ومحمد محمد علي عنده "هو في كل ذلك يعد امتداداً لدعوة حمزة الملك طمبل إلى الأدب السوداني وما يجب أن يكون عليه" (ص 114). أهم إضافة في المنجز النقدي لمحمد محمد علي، دعوته إلى إيجاد لغة نقدية بديلة (ص 115) وعن جمال محمد أحمد: ويقول عن جمال المفكر والنموذج الغائب 000 عالم و باحث و كاتب ضليع في اللغتين العربية و الإنجليزية، وله أسلوب متفرد في الكتابة وهو عندي صاحب أحد أميز ثلاثة أساليب في النثر السوداني(ص154). 000 يمكنا القول إن جمال محمد سبق ادوارد سعيد، إلى حقل دارسات الخطاب ما بعد الكولوينالي، ليس ذلك ، وحسب، بل سبقه في منهج البحث أيضا، فقد استخدم ادوارد ذات المنهج الذي استخدمه جمال (ص 161). وهكذا فقد مارس جمال النقد ما بعد الكولونيالي قبل أن يظهر المصطلح إل حيز الوجود. (ص 162). فقد قال عنه الطيب صالح:" لم يكن شخصاً بالمعنى المعروف للكلمة ولكنه كان عالماً متكاملاً قائماً بذاته". شهادة بهاء طاهر الطيب صالح :" لا يستطيع أن يقلد أسلوبه في الكتابة الروائية فهو لا يشه أحداً و لا يشبهه أحد" (ص 268). وعن علي المك: أما من حيث الصناعة الفنية و البناء السردي، فقد برع على المك بصفة خاصة في توظيف تكنيك المونولوج الداخلي أو تيار الوعي. (ص228). وفد وفق علي المك أيا توفيق بفضل ما يتمتع به من ثقافة لغوية وذوق نقدي متفرد و أذن موسيقية مرهفة، أن يقدم لنا ترجمات شعرية متميزة يمكن أن تشكل نماذج لما ينبغي أن تكون عليه ترجمة الشعر (ص 376). بشرى الفاضل: فقفز بالقصة رأسيا وضخ في جسدها الذي أصابه الترهل طاقة ودماء جديدة (ص 236). عن يحيى فضل الله:، وقد أظهر يحيى ، مهارة فائقة في إدارة الحوار، واختيار المضامين من صلب الواقع الحي المعاش للإنسان السوداني و من واقع المعايشة و التجربة المختزنة في الذاكرة. (ص 260). أحمد الطيب زين العابدين: إنه "واقع وجداني و شعور فردي بالاختلاف و الخصوصية الثقافية لأهل السودان...إحساس بالتفرد بحيث تتعدد الثقافات وتتوحد في شعور جامع... رؤية للخصوصية التي تتجلى في أرقى صورها في الإبداع الأدبي والفني" (ص 285). "هذه المحلية التي يستنكفها البعض هي العالمية نفسها" أحمد الطيب زين العابدين (ص 284). وأبكر أدم إسماعيل " أقول إنه وبعد روايات الطيب صالح وباستثناء رواية "طائر الشوم" لفرانسيس دينق ،بالرغم من الصمت وسوء الفهم الذي قوبلت به من النقاد أقول إنني لم أقرأ رواية سودانية في مستوى رواية الطريق إلى المدن المستحيلة " (ص 276). عادل القصاص هذه الحميمية الدافئة التي يستشعرها القارئ في نصوص عادل القصاص ترجع في تقديري إلى التكنيك الذي يلتزمه في الكتابة السردية فأسلوبه المفضل في بناء القصة هو تكنيك تيار الوعي أو Interior monologue المنولوج الداخلي. " (ص 302). ومن أبرز الخصائص الأسلوبية في نصوص عادل القصاص التي منحته هذا التفرد، دقة التصوير وحذاقته وجودة السبك" (ص 310). وعن كمال الجزولي يقول: هذا الشكل الذي تمحى فيه التخوم وتسقط الحواجز بين الذات الكاتبة وموضوع الكتابة، بين الواقعي وغير الواقعي، وبغيب في التمييز بين العقلي واللاعقلي، بين الوعي و اللاوعي، بين الحلم و اللاحلم، بين الذات و الآخر، يعد أحدث أساليب الكتابة السردية التي أفرزتها حالة ما بعد الحداثة (ص 314). بعد أن فرغت من قراءة قصيدة" شهقة النضار" لكمال الجزولي، أيقنت أن الشعر لا يزال بخير، و لا يزال قادراً على إدهاشنا، و تحريك وجداننا و تأجيج نار الأرق الجميل فينا.(ص 379). 00 استعان الشاعر في التعبير عنه بالرموز الصوفية و الإشارات العرفانية، فالقصيدة تحتشد بالكثير من هذه الإشارات و الإيحاءات العرفانية مثل سدرة المنتهى، الفيوض الكاشفة ، العشق، الصلاة، المرقى، الزيتونة، العلوية، الإسراء، الشعشعة، الإلهية، لؤلؤ الحضور، الحمأ المسنون، السنبلات السبع، عرش الماء، إلى آخر الرموز التي تزخر بها القصيدة. (ص 381). وكتب عن محمد عبد القادر سبيل: " لا اعتبر محمد عبد القادر سبيل موهبة شعرية فحسب بل اعتبره فتحاً شعرياً جديداً في أودية العبقرية الشعرية، "(ص 388). "وهذا الشعر الفائض يفتح المجال لا جتراح أشكال في التعبير الشعري خارج نظام القصيدة التقليدية" (ص391). و إرادة المحو و إعادة الخلق من أبرز الثيمات الجمالية في ديوان محمد سبي"(ص409). وعن محمد عبد الحي: خص المؤلف محمد عبد الحي بأربع مقالات، تناولته نقادا و شاعرا، وأبان كيف أن كتاب الرؤيا و الكلمات وسع مداركنا و زاد معرفتنا بالتيجاني يوسف بشير. إن عظمة عبد الحي الناقد لا تقل عندي عن عظمته شاعراً. (ص 324). ثم تناوله شاعراً مجيداً خرج للناس بنظمه الجمالية وانفرد بأسطورته حين وظف "السمندل" "الشعر فقر والفقر إشراق، و الإشراق معرفة، لا يدرك إلا بين النطع و السيف" محمد عبد الحي (ص323). النظم الجمالية في أشعار محمد عبد الحي السمندل طائر أسطوري مثله مثل طائر الفينيق، يجدد شبابه بالاحتراق في النار! وقد انفرد محمد عبد الحي دون غيره من شعراء العرب ، بتوظيفه معادلاً جمالياً لحلم الذات الشاعرة بالخلود والانتصار على الموت و الصيرورة الزمنية أما الناظم الجمالي الآخر، الشيخ إسماعيل صاحب الربابة فهو أحد متصوفة مملكة سنار ويتخذه الشاعر رمزاً للإنسان في وجوده الأزلي000 هذا وتتضح الدلالة الرمزية للسمندل على الدلالة الرمزية للشيخ إسماعيل بحيث يتكامل الرمزان و يشكلان مع بقية النظم الجمالية الأخرى، وحدة الرؤيا في التجربة الشعرية لمحمد عبد الحي (ص327). تتجاوز "سنار " دلالتها التاريخية و الجغرافية المباشرة لتتحول لرمز إلى الذات والهوية والوطن، وهو ما عير عنه الشاعر في هوامش القصيدة بقوله:" في القصيدة ربما كانت سنار دفقة من كيان الفنان في شبابه حينما رغب – كما رغب جيمس جويس قبله- في أن يشكل في مصهر روحه ضمير أمته الذي لم يخلق بعد". 0000 ويستعين الشاعر في الإشارة إلى هذا الانصهار و التماذج بجملة من الرموز الثقافية و الاثنية و الجغرافية و الشعائر الدينية مثل: الغابة، الصحراء، النخلة، الأبنوس، المصلى، الإبريق، المسبحة و الثور الإلهي (ص 330-331). ولما كانت سنار في هذا المستوى تستبطن سؤال الهوية الغاوي،فأغلب قراءات القصيدة توقفت عنده، حتى إن دلالة القصيدة كثيراً ما تختزل في حوار الشاعر مع ضمير أمته الذي يتشكل في مصهر روحه: "بدوي أنت؟-لا ، من بلاد الزنج؟-لا". غير أن الذات الشاعرة في سعيها الدؤوب تشكيل ضمير أمتها في مصهر روحها، لا تقف عند حدود مملكة سنار بل تتخذ من سنار مرتكزاً للانطلاق نحو جذور أبعد إلى حيث الحضارات النوبية الأقدم، مروي وكرمة و نبيته وغيرها. ينفتح سؤال هوية الذات عل الوجود الكوني الإنساني الأشمل. وتأتي الإشارة إليه في هوامش قصيدة" العودة إلى سنار" بقوله:" ربما كانت سنار، بداءة أخرى، اسما يتجوهر في مملكة البراءة، الأشياء هنا، كما في السماء". العودة في مستواها الظاهري، عودة إلى المكان/الوطن. ولكنها في مستواها العرفاني الإشراقي، عودة إلى الذات في أصلها الوجودي الأول00000 في هذا الأفق التأويلي يمكن القول أن العودة، عودتان، عودة أفقية في الزمن و المكان، عودة رأسية إلى الذات في فردوسها الأول حيث البراءة الأولى و النقاء الأول (ص 333). 0000 تلك العودة الدائمة للوحدة الأصلية، نقيض لاغتراب الوعي و انقسامه" (ص 334). في طريق "العودة إلى سنار" في مستوياتها الثلاثة من الوجود، تتلبس الذات الشاعرة قناعاً خفياً، هذا القناع هو شخص الشيخ إسماعيل صاحب الربابة، أحد أهم النظم الجمالية لصياغة عوالم محمد عبد الحي الشعرية الحق إن أسطورة الشيخ إسماعيل هي من الأهمية بمكان بحيث يمكن أن نعدها المفتاح المحوري، ليس لقصيدة( العودة إلى سنار) وحسب بل لسائر نصوص محمد عبد الحي الشعرية (ص 335). سنار في مستويات الوجود الثلاثة، هي في الحقيقة منازل أو عوالم لتشكلات الذات الشاعرة عبر ناظمها الجمالي (الشيخ إسماعيل) [المنازل والمقامات عند المتصوفة في طريق الرجعى إلى الله] ن فهو في المستوى الحرفي صاحب السيرة الواردة في كتاب الطبقات، و في المستوى المجازي، يرمز إلى الأصول الاثنية و الثقافية للذات، أما في مستواه الإشراقي، فيمثل إشارة إلى أصل الوجود الإنساني ، هذا الوجود الذي قال عنه محمد عبد الحي في هوامش العودة إلى سنار" بداءة000 اسماً يتجوهر في مملكة البراءة 000 الأشياء هنا في كما في السماء" (ص 342). 00 وحتى الأناشيد الخمسة التي تتألف منها قصيدة العودة إلى سنار وهي: البحر، والمدينة، والليل، و الحلم، و الصبح، منازل لأطوار الذات الشاعرة وتقلباتها في العوالم في سعيها وتأرجحها بين الطلق والنسبي في طريق العودة إلى تحقيق وحدتها الأصلية000(ص 344). يشكل السمندل حضوراً ملفتاً في أشعار محمد عبد الحي حتى يندر أن تخلو قصيدة من قصائده من ذكره أو الإشارة إليه(ص 345)، وله ديوان كامل بعنوان (السمندل يغني). وما هي الدلالة الرمزية التي يرمي إليها عبد الحي من خلال توظيفه لطائر السمندل في أشعاره؟ ومن الشعراء العرب المجيدين الذين ابتكروا أساطيرهم الخاصة، الشاعر السوداني محمد عبد الحي الذي انفرد بتوظيف أسطوره" السمندل" 0000 فهل يمكن القول إن السمندل هو المعادل الموضوعي لحلم الشاعر بالحياة المتجددة و الشباب الدائم؟ (ص350). " الصحو المزهر" إشارة إلى حالة الإشراق التي يتحقق فيها الإحساس بالوجود الكامل و الحياة الكاملة، وتتجلى فيها الحقيقة المطلقة في أعماق الذات الشاعرة، وينفتح بها العالم " في أنصح لحظات الوعي صحواً وحساسية ". ( ص 356). وكأنما يريد المؤلف أن يقول إن هؤلاء مبدعي بلادي قد استجابوا للنداء الذي جاهر به وصدح حمزة الملك طمبل حتى أصبح للبيئة السودانية و اللغة العامية و الرموز الصوفية حضورها المميز الذي يشير لهوية الأدب ومصدر إلهامه11 و أراد أن المؤلف أن يستكمل ما بدأه حمزة الملك ‘lfg وها هو ذا يطبق نداءه قائلا:" " ، لقد آن الأوان أن نتخلى عن هذا الحياد البارد الذي تفرضه علينا ذائقة نقدية غريبة على وجداننا و إحساسنا الحار تغيب فيه أحكام القيمة الإبداعية فتساوي بين الصالح و الطالح، علينا وسط هذه" الهيصة" التي لا يعرف لها رأس ولا قعر أن نرفع أصواتنا "عالياً00 عالياً " احتفاء و إعجاباً بمبدعينا النابغين و ألا ننتظر حتى يزكيهم لنا الآخرون"(ص 388). نهنئ المؤلف بهذا السفر وهو جدير بالإطلاع والاقتناء ليكون في مكتباتنا الشخصية. عمر محمد الأمين