إننا نملك وسائل إعلام متعددة مرئيّة ومسموعة ومشاهدة الى جانب المساجد وخطب الجمعة التي يعتبر الاستماع إليها من واجبات المسلم الأسبوعية وهي من الوسائل التي لها قدرة على التأثير والتغيير ومواجهة التحديات كما أنّ جمهور المسجد هو الأقرب الى الخطاب الإعلامي الإسلامي المتفاعل مع هموم الأمة ومشكلاتها الأمر الذي يفرض علينا احترام هذا الجمهور المسلم الواعي وأن نمد مساحات الحوار والرأي دون أن نضيق ذرعا بما يقال فيها ودون ان نعمل بقانون السير ذي الاتجاه الواحد فنبتعد عن آليات تصويب الخطأ وتقويم المعوج برؤية صحيحة منصفة في معالجة المواقف بحسن ظن يمثل حقا لكل إنسان. لابد أن نعترف بأن خطابنا الإعلامي في الخارج والداخل صورة من مجتمعاتنا وتجمعاتنا التي تتهيب الآخر وتضيق بالحوار وتتخوف من النقد ولاتقبله وتنفر من المناصحة؛ ولكنهاتفرح بالإطراء وتتهلل لكلمات المدح والتعليل والتبرير. كثير من خطابنا الإعلامي –مع تمييزه بالإخلاص والغيرة على المصلحة الوطنية-يريد أن تتم عمليات التقويم والنقد والنصح في الصالات المغلقة حتى لايكون الأمر تشهيرا بينما نحتاج نحن الى الالتزام بمنهج الإسلام في الخلاف والاختلاف 'والمناقشة والحوار واحسان الظن بالآخر ، وإفساح المجال لكل صاحب رأي وموقف أن يمارس حقه فيبدي رأيه ويقول كلمته ملتزما بالشروط الموضوعية في ادب القول والرأي والحوار مع الأخذ بالأدب النبوي ومنهجيته في التوجيه والتقويم دون تناول الأشخاص والجماعات ؛فالذي يأمر بالمعروف لايكن أمره بالمعروف منكرا ونهيه عن المنكر يؤدي الى منكر أكبر من المنكر الذي نهى عنه وحتى لايكون النقد تجريحا ، والمناصحة تشهيرا والتوجيه تسلطا وتطاولا. إنّ خطابنا الإعلامي كثيرا مايقع في حمأة التعصب المذهبي والاستكبار الفرعوني مما يجعلنا أحيانا نحاصر أصوات الدعاة المخلصين الناصحين وأقلام المفكرين المختلفين معنافي الوسائل والمناهج لافي الأهداف والغايات ؛وهذا ما يجعل الكثير منا يقيس الحق بالرجال لاالمبادئ ،والأشخاص لاالقيم ويجعلنا أيضا نمارس –دون أن ندري-أو ندري نوعا مما يسمى الإرهاب الديني والفكري،وكأننا يحق لنا التحكم في مصاير الناس بتعقب الرأي الآخر، أوتسفيهه وحرق مراكبه إن أمكن. إنّ خطابنا الإعلامي يحتاج أن يتخلص مجتمعننا من الذين يمارسون أنواعا من النفاق الاجتماعي ،ويعطون أنفسهم مالايحق لهم ولايباح لغيرهم وفي مجالات لايجوز تجاوزها وإلا كان رأيك مردودا ووجودك خطأ ولاتستحق إلا قطع لسانك وكسر قلمك وحجب ظهورك في كل المنابر والساحات والمساجد والخلوات والمغلقات والفضائيات وربما المعاهد والجامعات. إنّ الخطاب الواعي يتطلب منا أن نحدد مضمونه الذي نخاطب به أولا ثم تحديد من نوجهه لهم وبم نوجهه الأمر الذي يقتضي أن ننظر الى قطاعات الجتمع المختلفة بحيث يكون لكل قطاع أسلوبه الذي يخاطب به والمضمون الذي يقدم له ؛فما يقدم لعامة الناس لايقدم للمفكرين والمثقفين والسياسيين المحترفين وليس المنسوبين للعامة فالذي لايراعي في خطابه هذه الانساق البشرية لن يوصل رسالة أو يؤدي واجبا أو يخدم قضية كما أنّ تعاملنا مع العالم الخارجي يحتاج الى مراعات أشياء كثيرة فالعالم الخارجي ليس شيئا واحدا ففيهم العدو والمنصف والعالم والجاهل والمتجاهل والذي يريد أن يعرف ومن أحكامه غير قابلة للتغيير وكل يحتاج الى مخاطبته وفق منهجية فكرية ومنظومة علمية ورؤية إسلامية واعية قادرة. العقل الخارجي ليس محايدا ولامنصفا ولكنه متباين ومتنوع قد يقبل وقد ينصف ولكن ليس دائما وليس سريعا. خطابنا الداخلي بحاجة الى صبر طويل في محاورة المخالفين وأصحاب الأهواء والموتورين بحيث نجعلهم على الأقل محايدين نتجنب أذاهم ونأمن شرورهم لأنّ هذه المجموعات تملك قدرات في التأثير ونبرتهم عالية وصوتهم جهوري والأعداء يسمعون لهم ويحملون عنهم ويزينون لهم ومع ذلك يمكن التحاور معهم لأنهم جزء من المجتمع لايمكن تهميشه أو عزله. خطابنا الإعلامي عليه أن يجذر آداب المسلم في احترام الآخر والتسامح وعفة اللسان والقلم والبعد عن أسلوب التصادم والاستعداء والاستخفاف والتجهيل للآخرين كما أننانحتاج الى خطاب يرسخ قيم المواطنةوحب الوطن وقوة الانتماء إليه الى جانب ترسيخ عقيدة المشاركة والتعاون والتناصر والمساواة في الحقوق والواجبات وصناعة رأي عام مستنير ينقل المجتمع من الأمية التعليمية والحضارية الى عالم الحضارة علما وفكرا وفهما والتزاما واسهاما وممارسة. Dr Abbas Mahjoob [[email protected]]