ألهمت والهبت عروس ثورات ما يسمى الربيع العربى جارتها فى المحيط العربى بهياج ذاتى ثورى متجاوزة ادوات الحراك التقليدية التى كانت تدور فى حلقة الاحزاب والنقابات ذات المصالح الضيقة والتى كان لها دور لا يستهان به فى تحريك الشارع السياسى, الا ان كرنفال عرائس ثورات حاول اتخاذ طابع خاص غير مالوف فى تفصيل فستان زفافه على حسب مقاس وحجم واعتمال ما حاك من ظلم دام طويلا فى الصدور, لذا خرجت ما يسمى ثورات الربيع العربى فى صور واشكال عدة للاحتجاج الرسمى بداء من حرق للاجساد احتجاجا على الظلم ومن ثم اتساع دائرة الاحتجاج على مستوى القاعدة الشعبية كانفجار عفوى متزامن ووصولا الى المصادمات العنيفة, وافرزت كذلك تلكم الثورات نتائج عديدة باختلاف زمان ومكان كل منهن, منهن من اكتمل لديها زفافهن وتوجنا عرسهن الثورى بتحقسق اهداف وتحول حقيقى ومنهن ما زال يكابد مشاق العرس من كبوات وتربصات او كما يقال بالطريقة اللهجوية المصرية : مازال يواجه كرسى فى الكلوب لاحداث بلبلة وفوضى عارمة لافساد فرح العرس الثورى وليعمل اخرون خارج نطاق القانون لاخراج الثورة خارج سياقها الذى يفترض ان يؤدى الى دوحة ديمقراطية ومواطنة حقة وعقد اجتماعى جديد ينشده الجميع, وكذلك منهم من اراد- خلافا على الطريقة المصرية- ان يتم وأد الثورة الناشئة المحتملة وهى مازالت فى طور لم يتم فيه الرشد بعد بأن- على حسب الطريقة السودانوية الابوية التقليدية- يتم زفافها قاصرا كرها لاحد ابناء عمومتها(الاحزاب الموالية) الذين لا حول لهم ولا قوة فى عرس باهت المعالم فى حكومة عريضة اسما لا معنى لتفريغ ناشئ الثورة مكوناتها و مضامينها المحتملة. بعيد(بضم الباء وتسكين الياء) انفصال الجنوب وما افضت اليه من حق اختيار اصيل ظل الجميع باستثناء المؤمتمر الوطنى ينادى وجوبا وحتميا بالحفاظ على ما تبقى من وطن من خلال تاسيس دولة مواطنة وديمقراطية حقة يسود فيها القانون يحتكم فيها ممثليها ونواب شعبها الى صناديق اقتراع نزيهة دون تزييف او تزوير لارادة شعبها, الا انه كما اسلفنا استثناءا ظل المؤنمر الوطنى يبشر بعيد الانفصال بالجمهورية الثانية, حيث انقسمت اراء وتحليلات الوان الطيف السياسى السودانى عن ماهية تلك الجمهورية, منهم من كان يرى ان المؤتمر الوطنى عاد سيرته الاولى بعيد الانقلاب لفرض ايدولوجية ثيولوجية احادية جربها فى الشعب على مدى عقدين من الزمان ارجعت البلاد الى اسفل سافلين من حيث التردى الاقتصادى, السياسى والاجتماعى بل ادت الى انهيار شبه تام فى منظومة القيم الاخلاقية الذى يتمتع بها الشعب السودانى والذى موصوفا عنهلدى ناظريه الاخلاق السمحة وكرمها, اما البعض الاخر كان يرى ان الجمهورية الثانية التى بشر بها المؤتمر الموطنى هى محاولة التفاف لجذوات ثورة قادمة بدأت حرارة لهيبها ينتقل من تحت الرماد والتململ, وان تلك الثورات بدات تستلهم بعض من ثورات الربيع العربى بالرغم امتياز فصل الربيع بلطف الطقس الا استشعار ان الثورة القادمة سوف تكون خريف ثورة هادر ذو صواعق وزعابيب تاتى من مناطق الضغط المرتفع فى كل من ما يسمى مناطق الهامش( دارفور,كردفان و النيل الازرق) وبعض العواصف النشطاء الذين بداو يتجاوزون مكابح الاحزاب التقليدية و الحديثة فى تنظيمات على سبيل المثال لا للحصر شباب السودان الحر إئتلاف الشباب السودانى من اجل التغيير والذين بدات خلاياهم او قل جذوات ثورتهم تمتد دفئها داخل المحرك الداخلى للشعب فى مناطق السودان المختلفة إيذانا ببشارة خريف ثورة هادرة, لذا حاول المؤتمر الوطنى ان يخمد تلك الجذوات بعدما تموثق لديه اثارها المحتملة لديه وكان الخمد اما عسكريا او اعلاميا او بوضع مصدات- كضربة استباقية- عواصف قبل الوصول الى المركز وذلك من خلال دعم ثوار بعض الدول التى كانت تأوى مناوئين لنظام المؤتمر وبالتالى تفريغ وقود الثورة من تلك الدول ودعم ثوار ليبيا مثالا بعد ان شاع نظام المؤتمر الوطنى انعناصرحركة العدل المساواة يقاتلون بجانب نظام القذافى المنهار, وذلك لضمان عدم تغلغل تلك العناصر داخل مؤيديها بالداخل واحداث ديناميمكية اهتياج ثورى تصب فى وعاء جمعى وتلهب بعض المناطق لتساهم بدورها فى ذلكم الوعاء الجمعى, ايضا اتخذ المؤتمر الموطنى احتياطات لخريف الثورة منها بخلق اجسام لا تعبر عن الكل ووضع ضمادات سلام على فوهة بركان يعتمل من خلال وثائق سلام فى كرنفال مهيب اعلاميا, او إرضاء انجال زعماء فى وظائف رئاسية وهمية اوبمحاولة لملمة انشطارات احزاب لتكون بها ك- كما تقول- حكومة قاعدة عريضة. بعد خمسة اشهر خرج علينا المؤتمر الوطنى- وفى نفسه شيئ من هدف واد خريف الثورة القادم- باعلان تشكيل اول حكومة فى السودان بعد الانفصال والتى وصفها بحكومة القاعدة العريضة, لكونها – على حسب ما أوضح- تضم فى جعبتها خمسة عشر حزبا وفصيلا سياسيا وذلك ايذانا ما كان يبشر به بعيد النفصال بالجمهورية الثانية, لذلك يترك هذا الاعلان نساؤولات عديدة فى ذهن المتابع للمشهد السياسى السودانى بل يستدعى ذاكرة سياسية ما زالت ماثلة عن – اذا جازت التسمية افتراضا- الجمهورية الاولى او دولة الرسالة ان شئت فى السودان بعيد انقلاب 89 بكل تداعياتها, فهل نحن امام خلع عباءة واستبدالها باخرى فى ذات الجسم السقيم لتوريط قوى المعارضة فى الفشل الذى احدثه حزب المؤتمر على مفاصل وهياكل الدولة على مدى اكثر من عشرين عاما, ام هى محاولة من المؤتمر الوطنى لجر الاحزاب وتصريف اعينها عن جذوة الثورة التى تعتمل بعيدا عن اطر التنظيمات السياسية لذلك يبقى السؤال عن ماهية دلالة هذا الاعلان قائما!!! بعد انفصال الجنوب خسرت ميزانية الدولة ثلثى مواردها بفقدان عائد نفط الجنوب المرتحل فى 9 يوليو المنصرم, لذا ظل المؤتمر الوطنى – علاجا لهذه الازمة- ينادى بوعدين احداهما تقليص عدد المقاعد الحكومية الى اقصى درجة ممكنة وذلك لتقليل الانفاق الحكومى, أما الوعد الاخر هما زيادة وتوسيع عدد القوى السياسية المشاركة فى الحكومة من خلال حكومة قاعدة عريضة, إلأ ان اعلان تشكيل الحكومة الاخير أوضح فشل هذين الوعدين, حيث ان تلك الحكومة الجديدة ضمت خمسة وستين مقعدا تتباين مابين وزارة ووزارات دولة مما يشكل ضغطا عاليا وعبئا ثقيلا على ميزانية الدولة الخاوية اصلا, أما على مستوى التمثيل السياسى فشلت ايضا فى تحقيق ذلك الوعد حيث ان القوى السياسية المشاركة فى الحكومة الجديدة هى اصلا احزاب منشطرة من احزاب اخرى بفعل الاعيب المؤتمر الوطنى فتارة توصف نفسها باحزاب التوالى واحيانا باحزاب مستفلة, ألأ ان الشاهد فى الامر انها احزاب تدور فى فلك المؤتمر الوطنى وتسبح بحمده وعطاياه ليل نهار, استثناء من ذلك الحوب الديمقراطى الاصل الذى يموج بالخلافات الداخلية, لذا فإن نصيب كعكتها السلطوية فى هذه الحكومة- بحسب رأى كثير من المتابعين- لا يمكنها من رفع حواجب الاعتراض ناهيك عن رسم سياسات وطنية ومراقبة تنفيذها وذلك لأن الحزب الحاكم احتفظ لنفسه بكافة الوزارات الرئيسة فى تلك الحكومة الجديدة بالإضافة إلى أغلبية المقاعد الحكومية الاخرى, والاهم فى الامر- الذى يهم بالدرجة الاولى السواد الاعظم من الشعب السودانى- ان تلك الحكومة الجديدة عند تشكيلها لم تقر او تعد بإمكانية إحداث تغيير جوهر السياسات السابقة التى ادت الى هذا التدهور المريع فى جميع مناحى الحياة, لذا تركت شكوكا حول قدرتها على إدارة دفة البلاد فى بحر متلاطم التحديات من قتال فى اطراف البلاد فى كل من دارفور, جنوب كردفان والنيل الازرق واستعداء للجارة الجديدة على الحدود الجنوبية, لذا فى ظل تلك التحديات يبقى خيار الثورة قائما فى السودان لا تنطلى عليها حيل او الاعيب بأمانى وحق شعب يعشق الحرية والانعتاق ولا تجدى معه نفعا اشياء من شاكلتها لقد فهمتكم ولا رئاسة مدى الحياة او ذر الرماد على العيون. yagoub hamdan [[email protected]]