لا شك أن الكثير من السودانيين مثلي قد أعياهم التفكير في مآلات زيارة رئيس دولة جنوب السودان إلى إسرائيل وفي الحال التي وصلت إليها بلادنا في الأربعة عقود الماضية ومما لا شك فيه أيضا أن مثل هذا التفكير قد شمل فيمن شمل أكثر الرموز السياسية المخضرمة الإمام الصادق المهدي وصهره الدكتور حسن الترابي. هل كانت زيارة وفد دولة جنوب السودان أمرا مفاجئا للمراقب السياسي أم أنها كانت محصلة نهائية لما كان يحدث في الساحة السياسية من عراك في غير معترك بين السياسيين السودانيين؟ إن المتأمل بعمق في خبايا السياسة السودانية سيجد لا محالة رابطا قويا وعاملا أساسيا في تلك الزيارة. إن تصريحات سلفاكير ووزرائه الدالة على الفرحة بأن أرجلهم تطأ أرض الميعاد والإشادة بأن قادتها قد شاركوا في تسهيل كلما من شأنه أن يقود إلى عدم إستقرار السودان وفي إشعال الحرب الأهلية تحمل إدانة واضحة لقيادات البلاد المختلفة آيديولوجيا وسياسيا وعلى رأسهم هؤلاء الحكام الفسدة من أهل الإنقاذ. مثل التحالف بين الصادق المهدي وحسن الترابي في منتصف العقد السادس من القرن الماضي بذرة هذه الزيارة التي وجدت وهي ما زالت بذرة من السياسيين الآخرين الرعاية والإهتمام حتى أثمرت لتأتي وبالا وسما زعافا للمجتمع السوداني من المنتظر أن يتجرعه قريبا شاء من شاء وأبى من أبى فقد إمتلأت الكأس ولابد لهذا الشعب أن يشرب ما فيها بفضل سياسة الأنقاذ. جاء تحالف الصادق والترابي في العقد السادس من القرن الماضي يحمل طموح الشباب وأحلامه الوردية تدعمه ولاءلآت لم تعرف في حياتها غير التضحية ونكران الذات تجسدها صورة الأنصار وتفنيهم في رفع راية الإسلام والحفاظ على وحدة السودان التي رووها بدمائهم. كان طموح الشابين وقتئذ طموحا أعمى واستمر كذلك وهما يتقدمان في السن دون أن يقفا قليلا للتأمل والتقييم إلا بعد فوات الآوان. فبينما كان إندفاع الترابي تغذيه الرغبة الجامحة والدهاء السياسي في بناء تنظيم قوي يلبي طوحه في بناء دولة دينية كان إندفاع الصادق تغذيه العفوية وتوفر القدرة الكامنة والعزيمة الصابرة لدى الأنصار. لن أدخلك عزيزي القارئ في متاهات وزوايا ذلك التحالف بين الصادق والترابي ولكن يكفي فقط أن أشير إلى ما أدى إليه وقتها من تشرزم وتشفي في الساحة السياسية السودانية حين تغذى من النظرة الذاتية الضيقة لمعظم السياسيين إما لمصلحة ذاتية مباشرة أو مصلحة حزبية أو آيديولوجية ضيقة لا تسع الهم السوداني وقضاياه. قام التحالف بين الزعيمين على هوية تغذيها أوهام تاريخية إستغلت الدين الإسلامي للدعم السياسي والإسلام برئ فيما أستخدم فيه ولكن المحصلة النهائية التي خرج بها ذلك التحالف حتى وإن ظهر في بعض الأوقات بإنتهائه هي عكس تماما لما كان يصوره طموح الشابين. فبينما وصل دهاء الترابي وطموحه في بناء دولة دينية إسلامية إلى عكس ما كان يتوقع من سيادة قيم الإسلام فيما يتعلق بحقوق الإنسان ووحدة البلاد تجلى طموح الصادق في إنحسار تام لدور الأنصار وحزب الأمة في العمل السياسي عكس تماما لما كانوا عليه وزاد طموح الصادق أن فرط في وحدة البلاد عندما وقف متفرجا وفي معظم الأحيان مؤيدا لما قام به الترابي ومن بعده حواريوه الذين لم يكن يمثل السودان ووحدته لهم هما بدليل أنهم مازالوا يفتخرون بأنهم حققوا الإستقلال لجنوب السودان. ولا أدري كيف يفتخر المرء في موقف كهذا إن كان يحمل ذرة من الوطنية والإعتزاز بقيمه الدينية. إن المتتبع لموقف الصادق السياسي منذ إنقلاب الترابي المشؤوم في عام 1989م وحتى دخول إبنه في هذه الحكومة البائسة بمباركة منه وهو ما زال يتحدث عن ضرورة تغيير النظام يدرك صحة قول الأخوان الجمهوريين في تناقضات الصادق التي أصدروا كتيبا عنها من جانب كما يدرك تماما كيف أن الصادق المهدي مسئول مسئولية مباشرة مثل الترابي في تفسيم السودان وما سيحدث من زيارة وفد دولة جنوب السودان إلى إسرائيل من جانب أخر. عجبي لمواطن دخل جده قصر الحكم ترفرف حوله رايات الشموخ والعزة يسندهاالتهليل والتكبير وحمد الإله بعد دحر المستعمر وأذنابه ويدخل إبنه نفس القصر مع أذناب المستعمر تلاحقه صور الهوان والضعف!!!!!!!!!!!!!!!! اللهم صبرك abdalla gasmelseed [[email protected]]