أدلى مندوب السودان الدائم لدى الأممالمتحدة السفير دفع الله الحاج علي ببيان ضاف أمام مجلس الأمن اليوم وذلك في مفتتح مداولات المجلس على تقرير الأمين العام بشأن دارفور ، حيث قدم السيد هيرفي لادسوس وكيل الأمين العام تنويراً عن الوضع في دارفور في مستهل المداولات أبرز فيه التطورات الإيجابية التي حدثت مؤخراً في دارفور إثر توقيع وثيقة الدوحة ، وقد جاء بيان السيد المندوب الدائم السفير دفع الله الحاج علي مشتملاً على التالي : أكد السيد المندوب الدائم أن ما يميز المجلس على تقرير الأمين العام بشأن دارفور هذه المرة هو إن المداولات تأتي والوضع في دارفور يشهد إستقراراً على كافة المحاور الأمنية والإنسانية والتنموية وكذلك التطور الإيجابي الكبير المتمثل في دخول وثيقة الدوحة للسلام في دارفور إلى حيز النفاذ ، وتولي سلطة دارفور الإنتقالية لمهامها كاملة بعد أن أدى السيد الدكتور تجاني السيسي رئيس حركة التحرير والعدالة القسم رئيساً للسلطة الإقليمية في دارفور إعتباراً من الثالث والعشرين من أكتوبر المنصرم وتعيين عدد من منتسبي الفصائل الموقعة على وثيقة الدوحة في وظائف وزراء ووزراء دولة في الحكومة المركزية وفي وظائف عديدة في السلطة الإنتقالية لدارفور . كما أكد سيادته أن إقليم دارفور شهد خلال الأشهر الماضية إرتفاع معدلات العودة الطوعية للاجئين والنازحين إلى قراهم بعشرات الآلاف بعد أن إطمأنوا تماماً على إستقرار الوضع الأمني وتأمين متطلباتهم الحياتية اليومية في تلك القرى ، مشيراً في هذا الخصوص على سبيل المثال إلى أن حكومة السودان قد خصصت مبلغ (600) مليون دولار كمكون أجنبي و(134) مليون جنيه سوداني مكوناً محلياً من صندوق إعمار دارفور لأغراض التوطين واستكمال مستلزمات الإستقرار والعيش الكريم للعائدين ولتنفيذ عدد من المشروعات التنموية في الإقليم ، كما إستعرض سيادته الجهود الحثيثة التي تبذلها الحكومة في تأهيل القرى النموذجية للعائدين وشروعها في إنارة مائة قرية بغرب دارفور بالطاقة الشمسية علاوة على إنشاء النوادي الإجتماعية والمراكز الصحية والمدارس ، مضيفاً بأن كل هذه المرافق إستفادت من مشروع الإنارة بالطاقة الشمسية مما وفر للمواطنين الإستمتاع باستخدام وسائل الإتصالات الحديثة بما في ذلك مشاهدة القنوات الفضائية المختلفة ، كما أكد سيادته أن هذا يُعد نقلة نوعية كبيرة في الجانب التنموي في مناطق عديدة في دارفور. كذلك أكد السيد المندوب الدائم أن اللجنة المعنية بمتابعة تنفيذ وثيقة الدوحة للسلام في دارفور برئاسة دولة قطر تُعد الآن لعقد إجتماع دولي في السادس عشر من الشهر الجاري في الفاشر حاضرة ولاية شمال دارفور وهناك العديد من الجهات التي أكدت مشاركتها والتي منها بريطانيا ، الصين ، الولاياتالمتحدة ، كندا ، الإتحاد الأفريقي ، بوركينافاسو ، تشاد ، مصر ، الإتحاد الأوروبي ، جامعة الدول العربية ، منظمة التعاون الإسلامي ، البعثة المختلطفة في دارفور UNAMID ، ودول أخرى عديدة . كما أشار سيادته إلى أن تقرير الأمين العام المعروض على المجلس أكد في الفقرة السادسة منه أن لجنة وقف إطلاق النار المشكلة بموجب وثيقة الدوحة للسلام في دارفور قد عقدت أربعة إجتماعات خلال الفترة المشمولة بالتقرير ، وأن الأطراف الموقعة على الوثيقة قد قدمت المعلومات المطلوبة بشأن تشكيلات قواتها ومواقع تواجدها وذلك وفقاً لمنا نصت عليه الوثيقة بما يمكن فرق مراقبة وقف إطلاق النار من المتابعة والتحقق ومن ثم إستكمال عمليات نزع السلاح والتسريح وإعادة إدماج مقاتلي حركة التحرير والعدالة في القوات المسلحة السودانية والتي أصبح لحكومة السودان خبرة كبيرة يُمكن أن تُساعد بها جميع الدول في عمليات نزع السلاح والإدماج . كذلك أكد السيد المندوب الدائم أن العملية السلمية في دارفور تسير بخطى وئيدة بما يؤكد جدية الأطراف وحرص الحكومة على التنفيذ الجاد لوثيقة الدوحة ، مشيراً في هذا الخصوص إلى أن الأطراف الموقعة على وثيقة الدوحة وتنظيمات المجتمع المدني نفذت برامجاً تنويرية للتعريف بالوثيقة ، وذلك بمساعدة البعثة المختلطة في دارفور UNAMID التي ساهمت في توزيع ما يربو على (25) ألف نسخة من الوثيقة في مختلف ولايات دارفور ، مضيفاً بأن العديد من اللقاءات التنويرية وورش العمل في هذا الخصوص قد تم تنظيمها خلال الفترة الماضية ، كما أشار إلى أن السودان وحرصاً منها على التعاون مع المجتمع الدولي لإستكمال العملية السلمية قامت بتنظيم الإجتماع المشترك للمبعوثين الخاصين في مدينة الجنينة بغرب دارفور في أكتوبر الماضي والذي شارك فيه ممثلون عن الإتحاد الأفريقي وفريق الحكماء الأفارقة ومبعوثو كندا والصين والإتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا واليابان والإتحاد الروسي وجنوب أفريقيا والسويد وبريطانيا والولاياتالمتحدة والذي أعربت وثيقته الختامية عن التأكيد على أن وثيقة الدوحة مثلت خطوة هامة للسلام والإستقرار في دارفور . أكد السيد المندوب الدائم أن التقرير المعروض على المجلس أورد بعض الأنشطة التي تقوم بها بين حين وآخر جيوب وبقايا الحركات الرافضة لخيار السلام ، موضحاً أن تلك الحركات لا نِيَّةَ لها في السلام والإستقرار لأنها تنتفع من وضعها الحالي بممارسة أعمال النهب والسلب ، وأنها أصبحت الآن تمتهن النهب والسطو ولا تتردد في الإقدام على أي أعمال إنتحارية طائشة على النحو الذي قامت به حركة العدل والمساواة الذي لقي رئيسها خليل إبراهيم مصرعه في الثالث والعشرين من ديسمبر الماضي عندما أعلنت حركته أنها في طريقها لمهاجمة الخرطوم عسكرياً والإطاحة بالحكومة . أشار السيد المندوب الدائم إلى الشكوى التي أودعها السودان لدى مجلس الأمن في التاسع والعشرين من ديسمبر المنصرم والتي حوت معلومات موثقة حول إحتضان دولة جنوب السودان لأرتال من قوات حركة العدل والمساواة التي عبرت الحدود الدولية على متن (79) عربة دفع رباعي مسلحة على متنها أكثر من (350) ألف من عناصر قوات تلك الحركة إلى داخل دولة جنوب السودان مؤكداً أن تلك القوات تتمركز الآن في منطقة تمساحة إلى الجنوب من حدود 1956م ومشيراً إلى أن حكومة السودان طلبت من مجلس الأمن في تلك الشكوى أن يُحث حكومة جنوب السودان على نزع سلاح تلك القوة ، وموضحاً أنها حصلت على ذلك السلاح من نظام القذافي عندما كانت تقاتل إلى جانب كتائبه ثم عبرت به الحدود إلى السودان وعندما طاردتها القوات المسلحة السودانية عبرت الحدود إلى دولة جنوب السودان بذلك السلاح ، مضيفاً بأن حكومة السودان وحرصاً منها على الإستقرار في دولة جنوب السودان تخشى أن يكون وجود قوات حركة العدل والمساواة وبحوزتها هذا الكم الكبير من السلاح هناك عنصراً لإذكاء نار الصراعات القبلية التي يعلم أعضاء مجلس الأمن أسبابها ، كما تخشى أن يقوم أفراد المجموعات المتقاتلة في الجنوب بتوظيف ذلك السلاح في تصفية بعضهم البعض ، ثم أكد السيد المندوب الدائم أن حكومة السودان طلبت من مجلس الأمن في تلك الشكوى أن يقوم بحث حكومة جنوب السودان بعدم تقديم أي مساعدة لقوات حركة العدل والمساواة المتواجدة الآن بدولة جنوب السودان في منطقة تمساحة مؤكداً أن هذه حقيقة لا خلاف حولها وطالباً نزع سلاح تلك القوات وتسليم من هو مطلوب منهم للعدالة في حكومة السودان ، كما أشار سيادته إلى أن حكومة السودان ما زالت تنتظر من مجلس الأمن تحركاً بشأنها وإطلاق سراح المواطنين الذين إختطفتهم الحركة بغرض تجنيدهم قسراً في صفوفها بعد أن نهبت ممتلكاتهم ، معرباًَ عن الأسف لكون أن مجلس الأمن لم يقم بأي تحرك تجاه تلك الشكوى . أكد السيد المندوب الدائم أن الحركات الرافضة لخيار السلام لن تنحاز لخيار السلام إلا إذا قام مجلس الأمن بتوجيه رسالة قوية إلى تلك الحركات ومارس عليها ضغوطاً وإتخذ بشأن قادتها إجراءات صارمة ، كما أكد سيادته أن حكومة السودان على إستعداد لفتح صدرها لقادة حركات التمرد التي لم تنضم لمسيرة السلام إذا ألقوا السلاح واحتكموا لصوت العقل وإلتزموا بالمنهج السلمي فهم من أبناء السودان وستتم مخاطبة شواغلهم مضيفاً بأن السودان وطن يسع الجميع ، مشيراً إلى أنه وبعد دخول وثيقة الدوحة حيز النفاذ لم يعد هناك ما يبرر تمسك هؤلاء بخيار السلاح خاصة وأن جميع مواطني دارفور قد وقفوا خلف هذه الوثيقة وأيدوها وهم يشاركون الآن عن كثب في تنفيذها لأنها لبت كافة مطالبهم . أشار سيادته إلى أن تقرير الأمين العام المعروض على المجلس أكد أن البعثة المختلطة في دارفور UNAMID قد نفذت خلال الفترة المشمولة بالتقرير (19.644) دورية عسكرية وشرطية ، وهذا رقم قياسي في تنفيذ الأطواف الأمنية مقارنة مع أية بعثة سلام أخرى ، ويؤكد على إتساع رقعة الأمن والإستقرار في دارفور وأن تسيير هذه الأطواف بهذه الأعداد الهائلة ، مضيفاً بأن هذا هو خير شاهد على تعاون حكومة السودان لتسهيل مهمة يوناميد كما أشار إلى أنه ونظراً لوجود بعض المناطق التي تسيطر عليها جيوب التمرد فالواجب يحتم على الحكومة حماية قوات يوناميد حتى لا تتعرض لها وتستهدفها قوات التمرد تلك والتي أصبحت يائسة مشدداً على أن حرص الحكومة على سلامة منسوبي البعثة المختلطة يجب أن لا يُفسر بأنه تقييد لحركة البعثة . أشار السيد المندوب الدائم إلى أن جيوب وبقايا الحركات المسلحة أصبحت الآن يائسة وهي أحرص ما تكون على إستهداف عناصر البعثة ومهاجمتهم للنيل منهم أو إختطافهم في محاولة لإثبات أن الأوضاع الأمنية غير مستقرة في الإقليم ، مضيفاً بأن أصدق مثال لذلك هو الجهود الكبيرة التي بذلتها الحكومة لإطلاق سراح الذين تعرضوا للإختطاف بواسطة حركات التمرد وعصاباتها من منسوبي البعثة ولم تتمكن البعثة من حمايتهم ، وآخر ذلك كان إطلاق سراح السيد فرانشيسكو أزارا الإيطالي الجنسية الذي كان قد تم إختطافة بالقرب من الجنينة ، كما أكد السيد المندوب الدائم أنه وفي ضوء التطور الإيجابي الكبير في العملية السلمية في دارفور وإستتباب الأمن والإستقرار فلا حاجة لهذا العدد الكبير من أفراد البعثة المختلطة في دارفور UNAMID ولذلك يجب أن تحرص الأممالمتحدة على ترشيد ميزانيات هذه المنظمة فبدلاً من أن نستمر في صرف (3) بلايين دولار كميزانية للبعثة المختلطة في دارفور على الأممالمتحدة أن تضغط على المجموعات الرافضة للحوار لكي تنضم لمسيرة السلام . تناول السيد المندوب الدائم ما جاء في تقرير الأمين العام من مزاعم بشأن تأخير منح تأشيرات الدخول لأعضاء البعثة مؤكداً حرص الحكومة على تسريع وتيرة منح تأشيرات الدخول ، ومشيراً إلى أنه سبق وأن طلب أكثر من مرة من إدارة عمليات حفظ السلام ، وكان آخر ذلك بالأمس خلال إجتماعه بالسيد لادسوس في إطار لقاءات التنسيق المستمرة مع إدارة عمليات حفظ السلام ، حيث طلب سيادته موافاته بقوائم مفصلة عن هذه التأشيرات المطلوبة ، مؤكداً أنه ما زال ينتظر حتى الآن هذه القائمة . إختتم السيد المندوب الدائم بيانه مجدداً تأكيد عزم الحكومة على المضي في تنفيذ وثيقة الدوحة للسلام في دارفور بكافة محاورها ، وأنها في ذات الوقت لم ولن نقفل الباب أمام من ينحاز إلى خيار السلام ، كما أشار سيادته إلى ما ذكره السيد هيرفي لادسوس بشأن إنشاء المحاكم الخاصة بدارفور التي سوف تُحاسب كل من يثبت ضلوعه في جريمة حدثت هناك ، وهنا أشار السيد المندوب الدائم إلى تعيين المدعي العام للمحكمة الخاصة بدارفور والمُنشأة بموجب وثيقة الدوحة للسلام بالأمس ، مؤكداً أنه قانوني ضليع مشهود له بالخبرة والنزاهة ، كما أعرب السيد المندوب الدائم عن الأمل في أن تُفضي مداولات مجلس الأمن اليوم إلى تبني منهجاً أكثر إيجابية من جانب المجلس بما يعين على إستكمال عملية السلام والإستقرار التي إنتظمت إقليم دارفور الذي طوى صفحة الحرب والإقتتال إلى غير رجعة وإنطلق في مسيرة التنمية والإعمار . ***