إن يوم الجمعة لعظيم،له قُدسيته،ومكانته الباسقة، في نفوسنا نحن المسلمين،إنه يوم، تزدهر فيه أحاسيس الإيمان رهافة في الأفئدة،ويكون فيه المرأ في أعلى قمة إستعداده، لتقّبل النصح، والإرشاد،وهو جالس منتظراً لخُطبة الجمعة. ولكن، معظم خُطباء الجمعة بالمساجد،يضيعون لحظة الاستعداد النقي هذه، لدي المصلين،ليس في تشخيص الأمراض الإجتماعية المستشرية في المجتمع ،ولا في تبيان فداحة التمادي في الخصام بين الأخوة و الأشقاء و الجيران،ولا في قرع أجراس التحذير من التعمق في الكراهية و شحن النفس بالبغضاء تجاه الآخرين،ولا في تبصير المصلين بعدم إزعاج الجيران، الذي أصبح ظاهرة مقلقة، تغضب الكثيرين، ولا عن حرمة إزعاج الموطن، فسائقو الركشات يفتحون الموسيقي الساخبة بإستهتار، أناء الليل و أطراف النهار.. وليس في نصح الناس بعدم الإنصياع ودفع (رشوة) لتسهيل إجراء أو الحصول على وظيفة، فهم لا يتحدثون عن فضيلة التسامح التي كادت أن تندثر بين السودانيين،هم لا يحثون الناس على التواضع وترك الكبر و الخيلاء التي صارت بائنة بينونة كبري،لايرشدون المصلين وتحميلهم مسئولية نصح ابنائهم كواجب ديني بضرورة احترام الاخرين في الاماكن العامة،و التحدث بادب ،و الجلوس في المركبات العامة بطريقة لائقة،وبعدم رمي الاسواخ في كل مكان، فالدين يحض على النظافة كجزء من الإيمان الحقيقي للمسلم، الايمان الذي ينبغي ان يتجسد في سلوك المسلم في كل تعاملاته سواء كان في مجال عمله او دراسته او مجرد تعامله العابر مع الاخر. فمعظم هؤلاء الخطباء يهدرون زمن المصلين النفيس المقدس في سرد قصص تاريخية لا تمت لواقع السودان بصلة،ولا يستفيد منها المصلين،فاذا اجلت النظر من حولك اثناء تلك الخطب التاريخية ستكتشف ان العديد من المصلين اما متململ في مكانه او يغض في غفوة عميقة من فرط السرد التاريخيى الممل للخطيب، فالخطيب، ينبغي عليه ان يسيطر على اسماع الحضور ويشدهم اليه شدا من خلال تناوله للقضايا التي تهمهم مباشرة، والمشاكل التي تحيط بالناس يوميا...ومن خلال ملاحظتي تبين لي ان اكثر المصلين اصبح ياتي متعمدا في الجزء الاخير من الخطبة لادراك جزء منها ومن ثم لاداء الصلاة،فهذا مؤشر يكشف عن عمق القناعة التي وصل اليها البعض بعدم فائدة الخطب التاريخية التي درست في المراحل الابتدائية.ولايريد اهدار زمن ثمين في سماع مسلمات هو مقتنع بها ولكنه في حاجة لارشاد روحي يلامس مشاكلة اليومية ويضئ له عتمة التردي ومزالق الاثام.ياايها الخطباء،عالجوا مشاكل المجتمع السوداني وكفوا عن التنقيب في كتب التاريخ لان الحاضر يحتاجكم اما التاريخ لا حاجة له فيكم لتحكوه من على المنابر التي خلقت لتكون منابرا للاصلاح .! M. Sharafeldin [[email protected]]