أكدت ورشة العمل الاولي التي عقدها المنتدى العالمي للوسطية فرع السودان التي تجي تحت عنوان " دور خطباء المساجد في تعزيز ثقافة التسامح في المجتمع " أكدت علي ان الامام أو الخطيب مسؤول عن اعاده تشكيل العقل والتأثير الفكري علي الناس ودعوتهم للرجوع الي حقيقة الدين وعقيدته وفق منهج الوسطية . وداعت في الوقت ذاته إلى ضرورة توظيف الخطبة لخدمة الإسلام والمسلمين وتعزيز وحدة الأمة ونبذ العنف والتكفير وأن تكون وسيلة للتواصل والحوار مع الآخرين للتدليل على أهمية الوسطية وتعزيز مفهومها بين الناس. وبين الاستاذ محمد الامين عبد النبي أمين الاعلام بالمنتدي في كلمته إنابة عن اللجنة الإدارية عن أهمية هذه الورشة والتي تعتبر ضربة البداية في تطوير خطبة الجمعة لتؤدي رسالتها القائمة علي تنوير الناس في القضايا الشرعية ومستجدات الحياة . موضحا ان الورشة تهدف الي ترسيخ ثقافة الوسطية والتسامح وابراز دور أئمة المساجد في تعزيزها في المجتمع. وتطوير خطبة الجمعة لتؤدي دورها المطلوب في النهضة والإصلاح ومواجهة الخطاب المتطرف للوقوف على الجوامع المشتركة بين الفرق الإسلامية وكيفية التعامل مع الإختلافات . وتعميق الفهم الوسطي لأهم القضايا التي تشغل العقل السوداني خاصة تلك التي ترتبط بقبول الاخر وادب الاختلاف ونبذ التعصب والتشدد وتعزيز قيم الحوار والتسامح والسلام. وأكد رئيس المنتدي بالسودان الاستاذ عبد المحمود ابو على ان خطبة الجمعة تتميزبعدة خصائص إنها مرتبطة بأهم ركن من أركان الاسلام بعد الشهادتين (الصلاة)، وأن الإستماع إليها واجب شرعي ، وأنها تتكرر كل أسبوع ، وأن المستمع يعطي الخطيب كل حواسه ويستمع باهتمام ،وأن الخطيب هو الذي يتحكم في مشاعر الناس ويوجههم دون نقاش هذه الخصائص وغيرها تجعل مسئولية الخطيب كبيرة أمام الله وأمام الناس، لأنه يحمل أمانة التبليغ والتوجيه والارشاد، فمطلوب منه أن يحترم عقول المستمعين، ويقدم إليهم المفيد الجديد هي وسيلة مهمة لنشر الافكار الصحيحة والقيم الراقية في كل طبقات المجتمع وفئاته حيث انها لا تختص باحد دون احد ولاطبقة دون طبقة فجميع المصلين يستمعون اليها وهي فرصة للخطيب متكررة يستطيع بها نقل رسائله والتاثير على هذا الجمهور الكبير الذي يأتي باختياره مشيرا في الوقت ذاته إلى ضرورة أن يتحلى الخطيب بالمظهر اللائق الذي يتناسب مع عظم الرسالة التي يؤديها من حسن المظهر والبلاغة والعلم بالموضوع الذي يتناوله وسرعة البديهة وقوة الملاحظة والحكمة وحسن الخلق و الموضوعية .وسرد ابو في ورقته التي جاءت بعنوان " خطبة الجمعة وأهميتها في إصلاح المجتمع " مقومات الخطبة المفيدة المتمثلة في براعة الاستهلال ووضوح الموضوع وحسن الخاتمة و الاهتمام بالقضايا التي تدخل في مجال اهتمام المستمعين وتنوع المواضيع وجاذبيتها وأن تشتمل على حكم ومواعظ وطرائف وأن تعتمد على صحيح المنقول والاهتمام بأسلوب المقارنة وأن تتجرد من التطويل الممل والاقتصار المخل . وأشار الي أن منهج الاصلاح في الخطبة يقصد به الأسلوب الذي يتبعه الخطيب فيستطيع أن يغير مفاهيم الناس وسلوكهم، ويدفعهم للاعتزاز بدينهم وهويتهم. موضحاً المنهج الوسطي والاصلاحي القائم علي مراعاة حال المخاطبين فهم متفاوتون في الفهم ومختلفون في الاهتمامات، ومتعددون في المدارس. والتركيز على مايجمع الكلمة والابتعاد عن تناول المسائل الخلافية التي تعمق الفرقة . والتركيز على الكليات والتقليل من الجزيئات و الاهتمام بفقه المقاصد والأولويات والموازنات و الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة. أما استاذ التراث بالجامعات السودانية يوسف حسن اشار الي أن الوسطية منهج عرفه اهل السودان منذ زمن بعيد وان الامر قبل الوسطية كان تطرف من من هم ضد الدين مقابل تطرف من هم مع الدين ، مشيراً الي ضرورة ان يكون الخطيب ملماً بكل القضايا بما فيها السياسية داعياً ائمة المساجد الي تضمين خطب لمحاربة الفساد والتغيير الاجتماعي اي كافة القضايا التي تمس الناس محزراً من التعنت في الخطأ وإستغلال زمن وعقل المصلين في ما لايفيد . أما مساعد الامين العام لهيئة علماء السودان د. حيدر التوم خليفة إبتدر ورقته " دور الوسطية في تعزيز ثقافة التسامح " بتهنئة المنتدي بالإنطلاقة نافياً ان تكون هيئة علماء السودان مؤسسة سلطة وإنما شاملة لكل الجماعات الاسلامية . مفنداً ازمة الامة الاسلامية وعلي راسها الإستبداد نافياً عدم صحة وجود " مستبد عادل " ومشدداً علي ان اصل الاصول في الاسلام هو الحرية والإختيار والعدالة والتي غيبها المتطرفون. وقال حيدر ان الاسلام متهم بانه دين منقلق ومنكفي ومتطرف وذلك بأفعال منسوبيه وتسأل عن هل النص تجاوز الواقع ؟ ام الواقع تجاوز نص القران ؟ وكما تسأل عن طرق التعامل مع المستجدات هل السكوت عنها او إقامة ثورة إجتهادية؟ . مشيراً الا ان تخلف امتنا ليس تخلف مادي وانما تخلف فكري يرجع بالاساس الي المتمرس في اقوال السلف وهي كلمة حق اريد بها باطل وأضاف قائلاً ان الاستبداد الفكري ينشي امة عقيمة وخانعة ويخلق شخصية فرعونية . معتبراً ان التطرف ليس فكراً لان الفكر هو المنهج العقلي الموصل للحقيقة ويطلب الحرية في الانتاج والتعبير عنه وان يكون مقارعته الحجة بالحجة ؟ وتناول مفهوم التسامح الديني والتعايش الحضاري بين الفرق والجماعات، وخطورة التكفير للشخص والطائفة التي تؤثر على سير المجتمع وتماسكه، وعدد قواعد للتعامل مع الأخر المخالف لنا ليس في الرأي ولكن في المذهب والدين. وختم ورقته القيمة بالتحذير من الاختراق الاسرائيلي الذي يستهدف الفكر الوسطي علي مستوي العالم . وعقب علي ورقته الدكتور محمد الواثق متحدثاً عن تجربة المساجد في السودان ودورها الاجتماعي والثقافي الكبير والمؤثر في الحركة التنويرية والتثقيفية للمجتمع مستنكراً تقليص وتحجيم هذا الدور ، وقال في ظل غياب الدور الدعوي للمساجد ظهر التطرف والغلو خاصة وان الخطيب لديه القدرة في قيادة الناس سلباً او ايجاباً. واضاف الواثق ان خطبة الجمعة وتفعيل دورها في المجتمع والخروج بها عن دائرة الغلو والتطرف مسوؤلية جماعية من القائمين على شوؤن المساجد وبالمراقبة والتي لا بد لها من المتابعة الجادة والمستمرة للخطباء ، مطالباً باضافة منهج الوسطية في مناهج التعليم الثانوي والجامعي وفتح قنوات الحوار مع الاديان الاخري . وأكد على ضرورة تأهيل الخطباء وتعميق ثقافتهم بالفكر الوسطي . وناقشت الورشة التي شارك فيها نخبة من علماء الدين ومفكرين وتناولت عددا من المحاور ذات الشأن حيث تطرق الدكتور يوسف الكودة الامين العام لمنتدي مراجعات للنهضة والحوار في ورقته بعنوان " أدب الإختلاف في الاسلام " الي الخلاف ووصفه ب" الفقه الغائب" مؤكداً أن الشرع كفل الحقوق للناس والمسلمين كذلك كفل حق الاختلاف ، معدداً عوامل حتمية الإختلاف منها الاختلاف في الميول والامزجة والتجرد والاخلاص والتفاوت في الانفصال عن المؤثرات ، وفي درجات المعرفة . مشيراً الي ان الاسلام اسس لقبول الخلاف وليس للخلاف ، قائلاً ان الاختلاف رحمة واستدل بقول الامام ابن تيمية " الاجماع حجة قاطعة والاختلاف رحمة واسعة" . وإنتقد الكودة التكفيرين موضحاً ان التوبة تكون من الذنوب وليس من راي وإجتهاد ولا يوجب التكفير بل يوجب الاجر وقال ان الممنوع مطلقاً هو التفرق لانه دعوة فيها تشبه باليهود والنصاري معتبراً الاختلاف ظاهرة صحية وقد تتحول لظاهرة مرضية اذا تحولت للتفرقة والشتات بعامل التعصب . أما الشيخ محمد الحوار أمين الدعوة والارشاد بهئية شئون الانصار تحدث علي ان الاختلاف ثروة لولاه لما كانت هذه المكتبة الاسلامية الضخمة تعدد المفسرين وعلماء الحديث والفقه . ذاكراً نوعين للاختلاف القائم علي اسباب موضوعية والاختلاف غير الموضوعي الذي يمليه الهوي وحب الذات وشدد علي الاهتمام بفقه الاختلاف فيما بيننا مع بعضنا ومع الاخر موضحاً ان الأنفع للامة اتباع المنهج الوسطي ، داعياً ائمة المساجد بالتشبع بالنهج الوسطي . الجدير بالذكر ان المنتدي العالمي للوسطية هئية فكرية إسلامية تسعي لإحياء الكتاب والسنة والفهم الصحيح للاسلام عن طريق خطاب إسلامي مستنير يعمل علي صياغة المشروع النهضوي الاسلامي ومقرها الاردن وقد تم تأسيس فرع السودان في ابريل من العام الجاري . وشارك في الورشة عدد 35 خطيب مسجد شملت محليات (الخرطوم ، بحري ، امدرمان ) وقد خرجت الورشة التي إختتمت اعمالها يوم الاثنين 18/ يوينو الجاري بتوصيات عدة علي راسها الدعوة لإحترام إجتهادات الاخرين وعدم التقليل من شانهم ونبذ التكفير والتطرف ، والإتفاق علي الية لفض النزاعات وادارة الخلافات وذلك بعد تحديد القضايا الخلافية ومخاطبة قادة الجماعات الاسلامية لقواعدهم بالمشتركات وإحترام قرارات هذه الالية والمرجعية ، ضرورة إرتباط الخطبة ببرنامج عمل ينعكس مباشرة في حياة الناس ، وترسيخ ثقافة الوسطية للنشي والاطفال وإضافتها للمناهج التعليم الثانوي والجامعي ، والاهتمام بتدريب وتاهيل الخطباء وتمليكم المعينات الحديثة والضرورية ، أن يكون للداعية مصدراً مستقلاً لكي يستقل برائه ، أن تتناول الخطبة القضايا الاجتماعية والفكرية بعيداً من التأثير السياسي وان يتم تناول القضايا السياسية من باب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وتغيير الصورة النمطية عن الاخر كمدخل للحوار الهادف للعمل الاسلامي المشترك ، ونبذ الفرقة والشتات والدعوة لوحدة الهدف مع اختلاف الوسائل .