منذ فترة طويلة ظل محتار حائراً في ظاهرة مجانين الطريق العام، تساءل محتار: من هم مجانين الطريق العام؟ وهل يمكن التعرف عليهم بسهولة؟ وما هي مخاطر الاحتكاك بهم ؟ وما هي أحكم طريقة لتجنبهم؟ جاءت الإجابات بصورة متلاحقة وكأنها كانت جاهزة في دماغه ثم تلقت فقط أمر الخروج والتدفق في كل الاتجاهات! مجانين الطريق العام هم صنف من قائدي السيارات غير الناضجين مرورياً، فإذا كنت مستعجلاً وأردت توصيل امرأة على وشك الوضوع إلى مستشفى الولادة فقد تجد نفسك في سباق خطير مع أشخاص اعتقدوا لأسباب غير معقولة أنك قمت باستفزازهم استفزازاً شديداً مفاجئاً بسبب تخطيك لسياراتهم التي يديرها مركب النقص أو يحركها جنون العظمة ، وإذا لم تكن عاقلاُ بما فيه الكفاية وتوقف سيارتك على جانب الشارع ولو أدى ذلك إلى ولادة طفل على قارعة الطريق فربما يحدث لك ما لا يُحمد عقباه وتجد نفسك في قسم الجراحات الخطرة أو في إحدى المقابر النائية! أول علامات مجانين الطريق العام هو أنهم يقودون سياراتهم على أساس أن الطريق العام هو ملك لهم وليس لغيرهم حق المرور فيه ، وكل من يفعل ذلك فسوف يُواجه على الفور بإرهاب ميكانيكي مصحوباً بزعقات مدوية أو صيحات حانقة لا تخلو عادةً من بذاءات متعمدة! ثاني هذه العلامات هو استعدادهم للدخول في تحديات مميتة مع أشخاص ليس لديهم أي سابق معرفة بهم ولا تربطهم بهم أي مصالح أو عداوات مشتركة! أما أخطر علامات مجانين الطريق العام فهو ارتياحهم المرضي حينما يفشون غلتهم في الحديد أو في سائقي الحديد بعد أن يتوهموا أنهم أحرزوا نصراً ما على شخص خيالي يمكن ألا يلتقوا به مجدداً في أي مكان! همهم محتار لنفسه: لعل أحكم طريقة مجربة للتعامل مع مجانين الطريق العام هي أن يعتقد السائق أنه العاقل الوحيد في الطريق العام وأن جميع السائقين مجانين وأن يتذكر دائماً أن الحكمة المرورية لا تعني فقط عدم ارتكابك للأخطاء المرورية بل تعني أيضاً قدرتك على اتيان ردود الأفعال السريعة العاقلة على الأخطاء المجنونة غير المتوقعة التي قد تقع في أي لحظة دون سابق انذار من سائق فاقد للرشد المروري، الحكمة المرورية لا تقتضي الركون إلى حسن نية لأن حسن النية الذي يأتي في غير موضعه هو الطريق المعبد المفضي لأفظع الحوادث المرورية ، لذلك لكي تصنف في زمرة عقلاء الطريق العام وتظفر بالسلامة المرورية لنفسك ولمن هم بصحبتك لا يكفي أن تلتزم بالقوانين المرورية بل يجب أن تعمل ألف حساب لأخطاء مجانين الطريق العام وتعمل على تجنبها بأقصى سرعة في الوقت المناسب وإلا طارت صواميل سيارتك أو صواميل عقلك وتشتت على الأسفلت بدون أي مبرر على الإطلاق! فيصل علي سليمان الدابي/المحامي/الدوحة/قطر