العلم النافع هو ما يوظف في خدمة البشرية، في أي من مناحي الحياة، الصحية، الاجتماعية، البيئية وغيرها. ولكن للأسف عندنا هوة (سحيقة) بين العلم والحياة، هناك آلاف من البحوث والنتائج التي توصلت اليها جهات أكاديمية تعمل في مجال البحث العلمي، أو في احدى مؤسساتنا التعليمية المرموقة، أو مراكز البحوث المختلفة. وعلى سبيل المثال فالطالب لا يتخرج الا ويكون قد قام باعداد مشروع بحث يتناول فيه مسألة ذات صلة وثيقة بمجال دراسته تحت اشراف أحد اساتذته المختصين في المادة المعنية في كافة مجالات العلوم الطبية، الاقتصادية، الأدبية، الهندسية، العلوم الطبية وما الى ذلك. وفي هذا البحث ربما يصل الطالب الى حقائق علمية مفيدة لا تثري الجانب العلمي فقط وانما يمكن ان يستفيد منها البلد أو المجتع في احد المجالات الهامة في حيابتا. ويجاز البحث علميا ويحصل الطالب على الشهادة المطلوبة الا أن البحث يظل بعد ذلك حبيس و (أسير) ارفف المكتبة أو الأرشيف ولا تتم الاستفادة مما جاء فيه من توصيات أو نتائج ربما تكون ذات فائدة عظمى في حياتنا. نحن ننادي بالارتباط (الوثيق) بين النشاط الأكاديمي ونبائجه وثمراته وبين الواقع الحياتي الذي نعيشه، ربما استفادت على سبيل المثال صناعة زيوت الطعام من بحث تقدم به أحد طلاب الهندسة في صناعة زيوت الطعام بتوصية أو نتيجة أو معلومة تتعلق بتحسين جودة الزيت، ولكي تستفيد صناعات زيوت الطعام من هذه المعلومة او التوصية نقترح على كافة جهات البحث العلمي تكوين هيئة استشارية قومية تتألف من المختصين الذين لهم القدرة على جمع وتصنيف تلك البحوث لا حالتها الى جهة مختصة يوكل اليها تطبيق ومتابعة تنفيذ تلك التوصيات على المجالات المعنية، وبذلك نكون قد ربطنا بين المجالين الأكاديمي والحياتي ويصبح العلم نافعا. وفي اعتقادي أن هناك كم هائل وكبير من البحوث التي اجريت ولكن لم تتم الاستفادة منها في حياتنا وتظل مكدسة في مكتبات تلك الجهات الأكاديمية و (تعدم) بعد انقضاء المدة التي تكون مناسبة للتخلص من تلك (الكتل) الورقية التي لم تعد ذات نفع وجدوى. وقد أشرت الى ذلك من قبل في مشاريع تطوير أساليب البناء وتقليل التكلفة والبحوث التي أجراها معهد ابحاث البناء التابع لجامعة الخرطوم ولكن للأسف لم يتم الأخذ بالتوصيات أو الاستفادة من نتائج تلك البحوث الجيدة في تخفيض التكلفة العامة للبناء. لاتسمع نصيحة هؤلاء .....ليس لديهم خبرة كثيرا ما نسمع آراء غريبة وقاطعة عن أشياء تتعلق بحياتنا تصدر من بعض الناس الذين يدعون أنهم يقولون الحقيقة ويعرفونها ويدلون بتلك الأراء الغريبة وأياديهم (خلو) من أي (وثيقة) أو (بينة) تثبت ادعاءاتهم (الباطلة) جملة وتفصيلا، ومع ذلك يصرون على صحة ما يدعون. أسمي ذلك الشخص من هذا (الصنف) (خبير أفندي) من ذلك مثلا اذا أردت أن تشتري منتجا ما (مستورد) أو محلي ينري لك (خبير أفندي) ويفتي لك عن (جودة) هذا المنتح ويشكك في (صلاحيته) وينصحك بالعدول عنه الى منتج آخر، ويكيل للمنتج الذي انت بصدد شرائه سيلا من (العيوب)، وكما يقولون بالدارجي (يرقدو ليك في الواطة). ويقول لي صديق أنه قرر يشتري سيارة، وما أن سمع به (خبير أفندي) الذي يفتي بلا سند أو (مستند) الا وذم له تلك السيارة وقال فيها ما لم يقل مالك في الخمر، الماكينة (بالعرض) و (الجربوكس) يخرب بسرعة وغيرها من العيوب الفنية والهندسية، وللعلم (خبير أفندي) هذا ، غير مهندس ولا يعرف السيارات لأنه لا يمتلك ولا حتى (حمار) ولم يقد سيارة في عمره لا ايجار ولا (ملك) ولا يعرف (السواقة) أساسا أو (البتة)، وبالعربي هو في ذلك المجال (أمي قح)، وبالرياضيات (أمي مرفوع للقوة خمسة)، وقد أفتي (خبير أفندي) لصديق له يريد شراء مكيف هواء (فريون) أن ذلك المكيف غير جيد ولا يصلح وسرد له سلسلة من (العيوب) وهو للمعلومية أيضا لا يعرف (الواو الضكر)، ولا صلة له بالمكيفات الا (التمباك ودعماري) ولا يمتلك حتى مروحة ولا لصلة له بالتبريد. في مجتمعنا السوداني لدينا العديد من أمثال (خبير أفندي) الذي يدعي معرفة كل شئ وللأسف نجد كثيرين ايضا ينقلون كلامة دون التحقق من صحته و (مصداقيته). وكان من المفترض أن نخضع أي نتائج أو (نصائح) من هذا النوع الى العقل والدراسة والتمحيص، والا ننساق وراء تلك الآراء (العارية) من الصحة والتي لا يسندها واقع أو دليل أو تجربة. أما تجربتي الشخصية في ذلك فقد سمعت كثيرا عن سيل من العيوب عن نوع من (السيراميك) بالبلدي يقولون (سيرميك) لأنه (زلق)، ولكن قررت أن أخوض التجربة وأشتريه فوجدته من اجود الأنواع، وأن كل ما قيل لي عنه وعيوبه كلام (فارغ) و أكاذيب لا أساس لها من الصحة. تأشيرة الدخول الى الولاياتالمتحدةالأمريكية وفي نفس السياق المتعلق بشخصية (خبير أفندي) نجد هناك من يحاول أن يهديك تجربته الشخصية أو تجربة (مجهولة) الهوية يثبط بها همتك ويحاول أن يثني عزيمتك على عمل شئ فيوحي لك بعدم جدوى ذلك وأنه من (المستحيلات)، فاذا اردت أن تقدم لقطعة أرض يجعلك تغير رأيك بسبب قصة (مزعومة). وفي هذه الحالة أنصحك بأن (تعطي) مثل ذلك الناصح أذنا صماء وتشرع في ما عزمت على القيام به من فعل وتعتمد على تجربتك الذاتية في هذا الأمر. ومن ذلك فقد عزمت في احدى اجازاتي في العام 1990 السفر الى مالطا لكي استعيد بعض الذكريات (الجميلة) في الجزيرة التي عملت فيها من قبل، ابان فترة اغترابي الأولى، وقررت اصطحاب العائلة لتعريفهم بمكان اقامتي ومقر عملى هناك، ولكن لما علمت بأن تكلفة السفر بالطائرة الي مالطا تعدل نفس تكلفة السفر الى أمريكا قررت تغيير وجهتي الى هناك. ولكن سمعت العجب من الناس أولا أمريكا بلد اجرام، لماذا تذهب الى هناك؟؟؟؟ ثم ثانيا الموضوع ليس بالساهل خاصة للسودانيين (كان هذا قبل 11 سبتمبر) وهناك قيود وصعوبات ومطلوبات، وفي النهاية لا تمنح لك التأشيرة الا بعد أن تستوفي شروطا (تعجيزية) عديدة، كأن يطلبوا منك احضار نصف لتر من (لبن الطير)، وهكذا أمطرت بوابل من تلك المسائل (المخيفة) المثبطة للهمة، ولكن قلت في نفسي دونك القنصلية الأمريكية، فطلبتها بالتلفون وجاءني صوت الطرف الآخر مرحبا (هنا قنصلية الولاياتالمتحدة، الرياض، ما هي الخدمة التي نقدمها لك)، فكان الرد مني: أنا مواطن سوداني مقيم بالمملكة أود زيارة الولاياتالمتحدةالأمريكية، وفي خلال دقائق معدودة علمت بالمتطلبات التي هي في متناول اليد، وفي أقل من ساعة كانت كل المتطلبات والشروط في مظروف (اصفر) بين يديي وقررت الذهاب الى القنصلية بالسفارة الأمريكية في الحي الدبلوماسي/الرياض وهي بجوار سفارة السودان. وكان برنامجهم انهاء المعاملات في نفس اليوم، وقد استغرقت مقابلتي مع المسئول أقل من خمس دقائق بعدها أشار علي بتسلم جوازايي من (نافذة) اخرى كانت موصدة، وبناء على المقابلة القصيرة خلت أن طلبي قد رفض وعلى باستلام الجوازين (بدون تأشيرة)، الا أنه بعد دقائق جلجل صوت موظفة لبنانية (مين بدو يدفع) فنظرت الى البطاقتين اللتين معي فوجدت قد كتب في واحدة منهما مبلغ 34 ريالا سعوديا، والأخرى رقم انتظار،فدفعت بهما الى الموظفة التي غابت (ثوان) معدودة وعادت بجوازيي مختومين بتأشيرة دخول الولاياتالمتحدةالأمريكية وبرسم 17 ريال فقط للجواز، لم أصدق نظري، لأن (كلام الناس) كان مسيطرا على كل جوارحي. فقد أقاموا سدودا وموانع و (عوائق) لا تفضي الا الى الرفض والرفض (التام). وعلمت بل اطمأن قلبي الى أن تجربتي الشخصية هي (المحك) والمعول وألا أيأس من (كلام الناس) أبدا. وجرب بنفسك وأترك تجربة غيرك لغيرك. لا تؤجل مشروعك، بل نفذه اليوم. alrasheed ali [[email protected]]