دائماً أتخيل ان هذه البلاد مكتوب عليها هنا وبالعكس تماماً كما يكتب على السفريات ولكن ركاب دولة السودان مابرحوا مكانهم منذ الإستقلال إلي اليوم فهم ركاب هنا وإلي هنا، فكل العالم يتقدم ويتطور إلي الأفضل ولكن السودان وبإعترافنا جميعا يشهد تقهقر إلي الوراء فى كل المناحى حتى الثقافة والفن لهما زمن ذهبى والرياضة لها زمنها الذهبى والإقتصاد له زمنه الذهبى ونحن اليوم ربما فى الزمن البرونزى فكثيراً ما يحب اعمامنا الكبار أن يحكوا لنا عن أيام زمان أيام الخير والرخاء وزمن التعريفة والقرش والقرشين أيام السينما والقهاوى فكانوا بيعملوا عمايل بى طرادة واحدة وينعتون جيل اليوم بالجيل الضائع فكل الأجيال اليوم فى الهوا سوا فجيل اليوم الضائع هو تطور طبيعى لجيل الأمس صانع الضياع ، رغم ما نشهده حقيقة من تطور العالم المادى فى التكنلوجيا والعمران وثورة المعلومات والإتصالات والإنترنت نجد إننا مازلنا فى زيل الأمم وفى مؤخرة التطور التطبيعى فالسودان لم يشهد إستقراراً سياسياً منذ الإستقلال ولم يشهد تطوراً منتظماً فى كل تاريخه ..فهو يدور فى حلقة جهنمية من إنقلابات وإنتفاضات ..وتكشفت حقيقة تأخرنا وتخلفنا عن الأمم عندما إستخدمنا التكنلوجيا التى صنعوها فتواصلنا معهم ،فعرفنا مدى تخلفنا فى كل مناحى الحياة ،الاقتصادية والثقافية والرياضية ،وعلى الرغم من هذا يصر البعض إرجاعنا بالقوة للعصر الحجرى وزمن الخزعبلات وقانون الغاب فهذا تماماً ما يحدث هنا فى هذه البلاد ،هل سيصدق العالم عندما يعرف أن السودانيين منذ إستقلالهم وإلي يومنا هذا ليس لهم دستور دائم للبلاد ومايزالون يتشاكسون فى شكل الدستور هل هو دستور إسلامى أم دستور علمانى ولم يحسموا هوية بلادهم بعد أليس من المخجل أننا الآن فى الألفية الثالثة ولم نعرف كيف نحكم بلادنا أليس من العار أننا لا نعرف ماهى هوية السودان ،فتارة نحن عرب ومسلمين وتارة نحن افارقة وتارة نحن سودانيين تخبط وإستهتار بمصير أمة كاملة فى قضية صغيرة هى سبب بلاوى هذه البلاد العالم المتطور يصرف بلايين الدولارات حتى يضفى على مجتمعاته شيئ من التنوع الأجتماعى فالتنوع وتبادل الثقافت هو سر تقدم الأمم ونحن بلد يمتلك كل مقومات الإنطلاق إلي الإمام بتنوعنا الثقافى وثرواتنا الطبيعية ولكن ينقصنا الإتفاق على،(عقد مواطنة )،يتفق عليه الجميع بأمكاننا أن نجعل كل ما يفرقنا اليوم إلي سبب لقوتنا ووحدتنا لماذا لا يتراضى أهل الشرق بحمولهم الثقافى والإجتماعى مع أهل الشمال بثقافتهم مع الغرب بموروثهم مع الجنوب بإختلافهم العرقى مع ثقافة الوسط الجامعة،ليشكل السودان أجمل لوحة فى تاريخ البشرية تحمل بداخلها كل تنوع هذه البلاد ولكن للأسف هناك قوى لا تعترف بهذا التنوع وتمارس القمع لتفرض على السودان هوية واحدة بالقوة وهذا بمثابة صب الزيت فى النار فهذا المسلك يزيد من حدة الخلاف وتصعيد وتيرة التباعد والانشطارات فالسودان هو فى الأصل دويلات صغيرة توحدت بفعل حركة التاريخ وهاهو الآن يعاود الأنشطار مرة اخرى بنفس مخلفات صراع التاريخ والتمادى أكثر فى فرض ثقافة واحدة سيشعلل الوضع أكثر فالسودان بلد متعدد الثقافات والاعراق والأديان واللغات ومترامى الأطراف يصعب إدارته مركزياً ويصعب السيطرة عليه عبر نظرة أحادية فلا سبيل أمامنا سوى اللامركزية والديمقراطية وعقد مواطنة يحدد علاقة المواطن بالدولة ويقبل الآخر المختلف فى ظل دستور يستوعب كل هذا التنوع ،وإلا سنظل من ركاب سفريات،هنا وبالعكس .. مع ودى.. جريدة الجريدة [[email protected]]