Dr Abbas Mahjoob [[email protected]] تتناول الصحف ووسائل الإعلام موضوع الفساد والإفساد باعتبار الفساد ظاهرة عالمية لايخلو منها بلد مهما كان درجة تطوره السياسي والاقتصادي غير أنه يختلف من لآخر،ولايشك أحد في أن العلم الثالث وبخاصة في افريقيا موبوء بالفساد الذي يمارسه الكبار الذين يعطلون القوانين أويطوعونها حسب منظورهم ومبرراتهم ؛الأمر الذي جعل الفساد ظاهرة مرضية وخلقية وسلوكية وترببوية وبيئية وتدميرية تهدد المجتمعات حاضرا ومستقبلا لأنّ الأمة تفقد الثقة في حكامها ونظامها وقوانينها ،لأن الفساد يهدم القيم الروحية والإنسانية المتمثلة في قيم الحق والخير والمساواة والعدل والتكافل التواصل والرحمة والإيثاروما من صفتين ذمهما القرآن الكريم كثيرا مثل صفتي النفاق والمنافقين والفساد والمفسدين باعتبار العلاقة الجدلية بينهماولذلك قال الله –سبحانه –عنهم "ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو الد الخصام وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لايحب الفساد" والفساد كما أخبرنا القرآن الكريم أنواع وأخطر أنواعه الفساد السياسي لأنه الذي ينشيئ الأنواع الأخرى أو يعززها كالفساد الإداري والأخلاقي والاجتماعي والبيئي والاقتصادي. اشار القرآن الكريم الى الفساد السياسي في قصة زعيم المفسدين في الأرض "فرعون" "إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم إنه كان من المفسدين" ولما كان ديدن بني اسرائيل الإفساد في الأرض في كل العصور والى أن تقوم الساعه تعهد الله –سبحانه-بأن يسلط عليهم في حقب التاريخ المختلفة من يسموهم سوء العذاب ويقهرهم وإن كانت الغلبة لهم في أزمان. وأهم مظاهر الفساد السياسي عدم النزاهة في استخدام السلطة وتسخيرها في خدمة مكاسب غير مشروعة على مستوى الحاكمين ، وتسلط وهيمنة على مستوى الدولة في غياب مبدأ النزاهة والشفافية والأمانة والمسؤولية وصفة التقوى والخوف من الله،كما أن أبرز مظاهره تتمثل في انتشار الرشوة والمحسوبية والابتزاز والمحاباة والاختلاس والتزييف،الأمر الذي يؤدي الىضعف مظاهر التنمية المؤدية الى الازدهار والتقدم والرخاء والوفرة وينعكس ذلك كله في زيادة الفقراء فقرا والمفسدين غنى ثم يفقد الناس كل أمل في الإصلاح والتغيير والتطور والنمو فضلا عن مستوى يحفظ للإنسان كرامته وأمنه وحاجاته الضرورية . والقرآن يخبرنا أنّ عادة المفسدين أنهم ينكرون فسادهم بل يعتبرون ما يقومون به إصلاحا لأنهم مصلحون "وإذاقيل لاتفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون ألاإنهم هم المفسدون ولكن لايشعرون" الفساد في اتشاره وتجذره مرتبط بالنخب السياسية وبخاصة عند طول بقائهم في السلطة حيث يعمقون ثقافة الفساد ويمكنونه بتبريرات تبيض وجهه ومصطلحات تقنن وجوده فتصبح الرشوة "كومشنات" والسرقة "تعديات" ومكافأة الفاسدين والمرتشين "حوافز وتسهيلات ومساعدات" ومفهوم الوسطة والمحسوبية الى مفهوم الولاء الذي اصبح بديلا للكفاءة العلمية والتخصص والخبرة ،مما يجعل الأ مة تعاني من العجز والشلل في جهازها الإداري والخدمي إن كثرة الحديث وما يكتب وما ينقل شفاهة عن الفساد يعطي انطباعا بأن رائحة الفساد تزكم الأنوف في كل مبنى وقطاع ومؤسسة،مما يفقد الحليم حلمه والحكيم حكمته.بل إن المرء عندما ينظر الى اناس متهمون بالفساد والثراء الحرام لايصدق عقله وقد يتهم سمعه في سماعه وعيناه في سلامتها لما يبدو على سمتهم من الوقار وفي حديثم من الأدب وهيئاتهم من الصلاح."وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم" الفساد السياسي هو الذي يفرغ المفاهيم من مضامينها كمفهوم الحريات والحقوق والديمقراطية واشورى والتعددية والمشاركة والمساءلة والشفافية بحيث تصبح كلها مصطلحات لتزيين الأحاديث وتظريف المجالس ؛لأن الأمر لايتعدى "الفرعونية" التي تقول:"ماأريكم إلا ماأري وما أهديكم إلا سبيل الرشاد وعلى الجميع أن يلتزموا بالفقه الذي يقول:"لحن الأمير فلحنّا وأعرب الأمير فأعربنا" والفساد يبحث دائما عن أناس يخدمونه وسلطتهم فيزين للناس ما يعدونه فسادا وإفسادا ويخدعون العامة بالكتابة والترويج للفساد والمسدين بأنهم حماة حقيقة ودعاة إصلاح وأصحاب ذمم وضمائر ومبادئ وأخلاق مواجهون بالغيرة والحسد من أعدائهم ،والله –سبحانه وتعالى يقول:"أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كا لمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كا لفجار" هؤلاء االمستأجرون من بعض الإعلاميين والصحفيين والأبواق هم الذين يقومون بالمهمات التي كان سحرة فرعون يقومون به "قالواأإن لنا أجرا إن كنا نحن الغالبين قال نعم وإنكم لمن المقربين "أما سحرة فرعون فقد تابوا الى الله بعد أن انكشف لهم إفساد فرعون وفسادهم وبعد معرفتهم للحق وقول سيدنا "موسى "لهم :"إن ما جئتم به السحر إن الله سيبطله إن الله لايصلح عمل المفسدين"