بسم الله الرحمن الرحيم قال الإمام مالك – رضي الله عنه – في تسمية كتابه بالموطأ : " عرضت كتابي هذا على سبعين فقيهاً من فقهاء المدينة فكلهم واطأني عليه .. فسميته الموطأ " . و قال الإمام الشافعي – رضي الله عنه : " ما ظهر على الأرض كتاب بعد كتاب الله أصحّ (وفي رواية أنفع و أكثر صواباً ) من كتاب مالك " .. وقال الإمام الشافعي أيضاً : " إذا جاء ك الحديث عن مالك فشدّ يدك عليه " . الإمام مالك هو الإمام الثقة إمام أهل السنة و الجماعة – إمام دار الهجرة - أبو عبد الله مالك بن أنس بن مالك بن أبى عامر بن عمرو بن حارث ذي أصبح الحميري من ملوك اليمن حليف بني تيم من قريش. أحد الأئمة الأربعة و إليه ينسب المذهب المالكي في الفقه و من بين أهم أئمة الحديث النبوي الشريف . و لد سنة 93 ه و توفي سنة 179 ه . جده مالك من كبار التابعين روى عن عمر و طلحة و عائشة و أبى هريرة و حسان بن ثابت . ولد بذي المروة ثم نزل أولاً بالعقيق ثم بالمدينة المنوّرة و نشأ في بيت اشتغل بعلم الحديث و كان أخوه النضر مشتغلاً بالعلم حتى أن مالكاً كان يكنى بأخي النضر لشهرة أخيه . يروى أنه لولعه بالعلم نقض سقف بيته ليبيعه و يطلب بها العلم و يلازم كبار العلماء . يقول الإمام مالك عن نفسه : " حينما بلغت سن التعليم جاءت عمتي و قالت إذهب فاكتب " – تريد الحديث . كان صلباً في دينه بعيداً عن الأمراء و الملوك : دعاه الرشيد العباسي ليأتيه فيحدثه فقال : " العلم يؤتى. " .. فقصد الرشيد منزله و استند إلى الجدار فقال مالك: " يا أمير المؤمنين من إجلال رسول الله إجلال العلم " . فجلس بين يديه فحدثه . حفظ القرآن ثم اتجه لحفظ الحديث فلازم في البداية إبن هرمز سبع سنين حتي كان يقول : " كنت آتي إبن هرمز من بكرة فما أخرج من بيته حتى الليل " . و بعد ذلك اتجه إلى نافع مولى إبن عمر فجالسه و أخذ عنه علماً كثيراً .. و قد اشتهر أن أصح الأحاديث هي المروية عن مالك عن نافع عن إبن عمر . كما أخذ عن إبن شهاب الزهري – و هو أول من دوّن الحديث ومن أشهر شيوخ المدينة – و قد روى عنه مالك في موطئه 132 حديثاً ..كما أخذ عن الإمام جعفر الصادق و عن هشام بن عروة بن الزبير و محمد بن المنكدر و يحيى بن سعيد الأنصاري وربيعة إبن عبد الرحمن و غيرهم و قد بلغ عدد شيوخه على ما قيل حوالي 300 من التابعين و 600 من اتباع التابعين . تحلق الناس حوله لطلب العلم و هو إبن سبع عشرة سنة . قال أبو مصعب : " كان الناس يزدحمون على أبواب مالك و يقتتلون عليه من الزحام لطلب العلم " . لم يفتّ الإمام مالك إلاّ و هو إبن أربعين سنة – و بعد ما استشار سبعين عالماً من علماء المدينة . و كان يتحرى تحرياً عظيماً في الفتوى : فقد كان يُسال في العدد الكثير من المسائل ولا يجيب إلاّ في القليل وكان كثيراً ما يتبع فتواه بالآية الكريمة ( إن نظُن إلاّ ظناً و ما نحن بمستيقنين ) الجاثية 32 . و كان من توقيره للعلم لا يحدّث إلا على طهارة و لا يحدّث أو يكتب حديثاً واقفاً وقد كان قوي الحافظة.. فقد قيل أنه كان يحفظ أكثر من أربعين حديثاً في مجلس واحد . يروى عن النبيّ ( ص ) من حديث أبي هريرة أنه قال : " ليضربنّ الناس أكباد الإبل في طلب العلم فلا يجدون عالماً أعلم من عالم المدينة ". قال غير واحد بأنه مالك بن أنس . اشتغل الإمام مالك في تأليف الموطأ ما يقرب من أربعين سنة . و كان أكثر الأئمة الذين ظهروا في عصره تلامذة له فقد أحصى الذهبي ما يزيد عن ألف تلميذٍ له من أشهرهم محمد إبن إدريس الشافعي صاحب المذهب و عبد الله بن وهب و عبد الرحمن بن القاسم و أسد بن الفرات - و الذي جعل تلاميذ الإمام كثيرين أنه كان معمّراً إذ عاش حوالي 86 سنة . قال القاضي أبوبكر في شرح الترمذي : " الموطأ هو الأصل و اللباب و كتاب البخاري هو الأصل الثاني في هذا الباب و عليهما بنى الجميع كمسلم و الترمذي . " و قال البخاري : " أصحّ الأسانيد كلها مالك عن نافع عن إبن عمر . " و كان يسمي هذا الإسناد بسلسلة الذهب ( و قد ورد هذا الإسناد كثيراً في الموطأ ) . يتكون الموطأ من 61 فصلاً في العبادات و المعاملات ضمت 613 أثراً من أثار الصحابة و 285 قولاً من أقوال التابعين و يعتبر المذهب المالكي هو المذهب الغالب في بلاد المغرب العربي و السودان و صعيد مصر و الأردن و الكويت و الإمارات و وسط وغرب أفريقيا . = = = = = salah ali [[email protected]]