نعاود الاستمرار في نشر تقرير منظمة غولوبل وويتنس حول مشاعرالريبة والشك التي ظلت تنتاب حكومة جنوب السودان عن العائدات البترول والارقام الحقيقية للنفط التي تم انتاجها و بيعها من قبل حكومة الخرطوم التي مضت حثيثا في تهمش دور الموسسات المنبثقة عن اتفاقية السلام الشامل مثل المفوضية القومية للنفط التي انشئت بمقتضي تلك الاتفاقية بل تعدي الامر الي تهميش دور وزيرة الدولة بالوزارة الطاقة والتعدين في ذاك الوقت السيدة انجلينا تينج التي عينت من جانب الحركة الشعبية لتحرير السودان ابان الشراكة في حكومة الوحدة الوطنية البائدة. العودة لحمل السلاح أمر غير مستبعد الجيوش تحتشد بالفعل علي الاطراف الحدودية من الجهتين. وتشعل حقيقية أن حكومة الجنوب لاتستطيع التحقق من ارقام عوائد النفط التي نشرتها حكومة الخرطوم. نيران الخصيمة والشك بين طرفين تنهشهما الريبة في احدهما الاخر. أن اتفاقية السلام الشامل التي وقعت من قبل الحركة الشعبية وجيشها الشعبي لتحرير السودان وحكومة السودان في نيفاشا عام يناير 2005م تتطلب تعريف حدود المناطق النفطية بين الشمال والجنوب والتي كانت مسرحا للحرب الاهلية في اكثر من اربعة عقود خلت وقد كان الصراع ذي ثلاث شعب ايديولوجي وهو مشروع الاسلمة والاستعراب للقوميات في جنوب السودان الذي يتبناه الحركة الاسلامية السودانية وتتمحور ذلك في صراع الهوية الوطنية في السودان وكذلك الموارد النفطية . بالاضافة الي المياة والبحث عن المراعي الخضراء ومهما يكن من أمر فقد كان القتال في اشده علي حدود المناطق النفطية لاسيما منطقة أبيي وحقل الهجليج وعليه فان هاتين المنطقتين تثيران الخلاف والتوتر والعنف و تسلطان الضؤ علي عدم الثقة بين الطرفين اللذين وقعا اتفاقية السلام وفي مايو 2008 اندلع القتال بين الجيش الشعبي لتحرير السودان والقوات المسلحة السودانية في أبيي ولقي عشرات الاشخاص مصرعهم ونزح أكثر من 50,000 مواطن من منازلهم وقد انتشرت قوات الجيشين علي طول الحدود بين الشمال والجنوب وتوجد الان حشود عسكرية ضخمة هناك .ومما يجدر ذكره فان عدم وجود اتفاق علي حدود أبيي سيكون له تاثيرا علي أهالي المنطقة .ولم يقتصر الامر علي انقطاع عائدات النفط من أبيي التي تتلقاها حكومة جنوب السودان في الفترة من 2005 الي مايو 2008م اذ لم يتم الاتفاق كذلك علي موازنة أدارة منطقة أبيي وهذا يعني انها لاتملك موارد مالية وتعاني من شح الخدمات الاساسية كالصحة والتعليم. كما ان هذا الوضع يذداد سوءا بسبب قيام حكومة الخرطوم بطرد المنظمات الانسانية غير الحكومية من المنطقة بعد اصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحق الرئيس عمر البشير وفي سياق معاناة اهالي أبيي صرح الناظر كوال دينق مجوك قائلا: لا اعرف ماذا سيكون عليه الوضع اذا غادرت هذه المنظمة المنطقة .أن هذا يعني فرض ظروف قاسية مما يوشر علي نهج سياسي من قبل حكومة الخرطوم وهو التهجير القسري للدينكا نقوك من ارضهم ومن ثم استيطان جماعة المسيرية البدو الرحل التي تتماهي مع سياسات نظام عمر البشير في الخرطوم. ومهما يكن من امر فانه تعريف حدود المناطق النفطية هي احدي اكبر المسائل الشائكة بين دولة السودان وجمهورية جنوب السودان اذ ان القضايا العالقة لم تراوح مكانها بعد فقد اعترض حزب المؤتمر الوطني علي النتائج التي توصلت اليها لجنة ترسيم حدود أبيي المنبثقة عن اتفاقية السلام لتحديد مكونات منطقة أبيي والتي تعطي حقوقا حصريا غير قابل للتصرف للدينكا نقوك وهو أجراء استفتاء للمشيخات التسع للدينكا نقوك وكذلك المواطنين الاخرين من مناطق بحر الغزال واعالي النيل وليس المسيرية لان المشرع في الدستور القومي الانتقالي لعام 2005م لم يشر للقبيلة المسيرية بان لها حق التصويت في الاستفتاء المزمع اجراؤه متزامنا مع استفتاء جنوب السودان في التاسع يوليو 2011م . وعقب الصراع الدموي في مايو 2008 اتفقت الاطراف الموقعة علي اتفاق السلام (خارطة الطريق) علي حدود مؤقتة علي ان يتم تعريف هذا ريثما اصدار حكم قضاة المحكمة العدل الدولية في لاهاي وفي يوليو 2009م اعلنت تلك المحكمة الدائمة للتحكيم ووضع قرارها حقل دفرا الذي ينتج 9 الف برميل يوميا داخل حدود منطقة أبيي فيما اخرجت منها حقلي هجليج اللذين ينتجان اكثر من 50,000 برميل في اليوم وبامبو وتجدر الاشارة الي انه حين يعتبر هذان الحقلان حاليا في شمال السودان .مازال علي لجنة تعيين الحدود الفاصلة بين الشمال والجنوب عب الاثبات للفصل النزاع الحدود حول مناطق النفط ووفقا لما زكرته لجنة ترسيم حدود أبيي فأن حقول النفط كلها تقع داخل المربع 2 وابار النفط المتجهة نحو الجنوب فب المربع4 .وقد توصلت مجموعة الازمات الدولية ايضا علي استنتاجات بشأن ماهية حقول النفط التي تقع في ضمن الحدود التي رسمتها لجنة ترسيم حدود أبيي في تقريرها وبالاضافة الي النتائج التي تم التوصل اليها هنا أستنتجت أيضا أن مايقرب من 10% من حقل النفط (توما ساوث)يندرج ضمن تعريف أبيي الذي اقرته لجنة ترسيم حدود أبيي. ومثلما سبق زكره انفا منذ أن تم التوقيع علي خارطة الطريق بدات حكومة الجنوب في تلقي التحويلات الماليةعن النفط في منطقة ابيي وهي 2 مليون دولار شهريا .علي الرغم من استمرار وجود متاخرات ضخمة لتحويلات مالية عن الفترة من 2005 الي مايو 2008م. وفي هذا السياق يتم التعبير عن المخاوف في اوساط ابناء جنوب السودان حول اقتسام عائدات النفط ؛ عادة لجهة الغش المحتمل في كميات المصدرة من النفط. غير أن حكومة جنوب السودان لا تحصل علي نسبة من حصة الحكومة المركزية من النفط الخام فهي تحصل علي نسبة مئوية من ايرادات الحكومة من بيع حصتها من النفط الخام. ووزارة الطاقة والتعدين هي التي تقوم بتسويق نفط الحكومة. وكما هو الحال في البيانات المتعلقة بكميات النفط، تقوم وزارة المالية الاتحادية وبنك السودان المركزي بنشر بيانات علي موقعيهما الالكترونيين عن سعر كل عملية بيع لمزيجي النفط الخام السودانيين اللذين يتم تصديرهما. وهما مزيج النيل ومزيج دار. وقد تأخر نشر هذه الارقام مثلما تأخر نشر أرقام كميات النفط بصورة مماثلة. وعليه ثمة مخاوف لدي شعب جنوب السودان من أن حكومة الخرطوم ظلت تعلن اسعارا اقل من الاسعار الحقيقية لتفادي تقاسم جزء من عائدات النفط مع حكومة جنوب السودان وفي ذات السياق ان سعر مزيج خام دار، وهو النفط الذي تنتجه شركة بترودار في المربعين3و7، أثار الشكوك عندما تم انتاجه لاول مرة في عام 2007م بسبب الاشتباه بان الاسعار التي نشرت لم تكن هي الاسعار الفعلية. وقال البنك الدولي أن أسعا مزيج كانت منخفضة بشكل غير متوقععندما تم انتاجه لاول مرة. وقد بيعت اول شحنةمنه ب14,38 دولار للبرميل، في الوقت الذي كان مزيج النيل يباع مقابل 49,16 دولار للبرميل. وحدثت أربع عمليات بيع لمزيج دار في فبراير 2007م بحيث تراوحت أسعارها بين 15و23 سنتا للبرميل ، علي الرغم من أن مزيج دار كان قد بيع في الشهر السابق باكثر من مائة مرة لهذا المبلغ . وفي هذا المضمار تقدم حكومة الخرطوم عدة تفسيرات لهذه الاسعار التي تتأرجح بين الارتفاع والانخفاض لمزيج دار وهو انه لم يكن هناك العديد من المصافي التي تستطيع تكرير مزائج حامضية مثل مزيج دار. اذ ان القليل منهذه المصافي موجود في الولاياتالمتحدةالامريكية وبالتالي فهي مستبعدة من شراء هذا المزيج بسبب العقوبات المفروضة علي الحكومة السودانية من قبل امريكا بالاضافة الي ذلك بسبب اللزوجة العالية للمزيج .وكانت الصين هي المشتري في عمليات بيع مزيج دار الرخيصة وبعد السعر الاولي الرخيص يبدو ان الحكومة السودانية قد ارسلت وفدا الي الصين للتفاوض علي سعر افضل. ومما يثير كثير من الشكوك ان حكومة الخرطوم قد باعت النفط عبر عطاءات مغلقة وكانت الشركات الصينية فقط هي التي تستطيع المشاركة فيها . ومن غير المرجح أن تودي عطاءات مغلقة كهذه الي رفع اسعار النفط المباع الي اقصي حد وكذلك قد ظلت حكومة الخرطوم تقتطع نسبة3 % من في صيغة رسوم أدارية من العائدات المشتركة مع الجنوب ويبدو من الصعب تبرير هذا الرسم لأن حكومة الخرطوم تتلقي أصلا نصف العائدات من ابار الجنوب. ويتم ايضا اقتطاع رسوم عن خطوط الانابيب. وفي اغسطس 2008م تراحت هذه الاموال المقتطعة بين 3و8% من قيمة نفط الحكومتين .وفي هذا السياق ليس واضحا من يتلقي هذه الرسوم هل هي الشركات التي تقوم بتشغيل خطوط الانابيب أو حكومة الخرطوم أو كلاهما؟ وبالاضافة الي ذلك فأن شركة سودابت التي تمتلك حصصا في جميع المربعات النفطية لا تتقاسم اربحاها مع جنوب السودان . ومهما يكن من امر فان دولة جنوب السودان لازالت تطلب متاخرات ضخمة تقدر بملايين الدولارات من دولة السودان. مشار كوال أجيط منتدي يوسف كوه مكي للفكر والثقافة