يوميات عائد من السودان الطرق السريعة أهم مشاريع البنى التحتية الجسور والكباري ربط وتطوير لمناطق الانتاج بقلم: الرشيد حميدة الظهران/السعودية كما هو معلوم فإن عدد غير قليل من قري ومدن السودان تقع على ضفاف النيل أو الأنهار والأودية، ومع غياب الجسور والكباري كانت الوسيلة الوحيدة للعبور هي اما المراكب أو المعديات التي تعمل على نقل الناس والحيوانات حيث يكون في كثير من الأحيان الأهل والعشيرة منقسمون هؤلاء بالشرق وأولئك بالغرب، ويكون التواصل صعب سيما في أيام المناسبات. وقد سمعنا عن الكثير من المآسي التي تحكي عن انقلاب المراكب وغرقها وبالتالي فقدان العديد من الأرواح. وقد فقد الأهالي جراء تلك الظروف التي عانوا فيها كثيرا العديد من ذويهم وأقاربهم الأعزاء نظرا لعدم توفر سبل السلامة في تلك الوسائل التقليدية سيما في اوقات الفيضان. وبفضل الله فإن خارطة الجسور والكباري الجديدة عملت على تغطية العديد من تلك البؤر التي كانت نقاط عبور تزداد فيها تلك الخسائر البشرية المشار اليها، وستختفي تلك الوسائل التقليدية لتحل محلها الجسور المأمونة التي ستوفر لوسائل النقل المريحة سبل وأدوات السلامة على مدار الساعة، وبإذن الله ستختفي كل تلك المآسي والحوادث التي حصدت أرواح غير قليل من قاطني تلك البقاع، هذا فضلا عن كونها ستكون أداة فعالة لتعمير وتطوير تلك المناطق التي نالت حظها من التهميش والتخلف، وستنقل عبرها وسائل رفع انتاجية المشاريع الزراعية القائمة وتأسيس المزيد منها مستقبلا، فضلا عن نقل منتجات تلك المناطق التي ظلت حبيسة حدودها الطبيعية معرضة للتلف والهلاك والبوار لعدم وجود وسائل النقل اللازمة والمهيأة لنقل مثل تلك المنتجات الحساسة الى مناطق الاستهلاك والأسواق ونقاط التجمعات السكانية في القرى والمدن المجاورة. هذا المقال مجرد انطباعات شخصية وليس بحثا أو مسحا دقيقا يمكن أن يعتمد عليه في اي دراسة أكاديمية أو اجتماعية أو غيرها من الدراسات والبحوث الأخرى وعليه لزم التنويه. شبكة الطرق البرية السريعة لكي تتم عمليات دعم وتشجيع الاستثمار الأجنبي والمحلي كان لابد من الاهتمام والعناية بمشاريع البنية الأساسية أو التحتية التي تأتي في صدارتها مشاريع شبكة الطرق السريعة التي تربط أطراف السودان وأقاليمه المترامية والمتباعدة بشكل خرافي، وربط مناطق الانتاج بخطوط برية فاعلة لضمان انسياب حركة البضائع والمنتجات من المناطق الوعرة التي يصعب الوصول اليها والانتقال منها في موسم الأمطار حيث تعمل على قطع كل مناطق الانتاج التي تعوزها طرق معبدة ومسفلتة تربطها بالأقاليم الأخرى. وبجانب انشاء طرق برية جديدة كان لابد من إعادة تأهيل العديد من قطاعات الطرق البرية الموجودة بالفعل، فضلا عن خطوط السكة الحديد التي تعطلت وهجرت منذ زمان بعيد. وكانت العملية تبدو غاية في الصعوبة الا أن الجدية والارادة الصلبة قد استصحبت النوايا الطيبة لتشييد تلك المشاريع مما كان له كبير الأثر في دفع عجلة التقدم في تلك المشاريع بشكل ملحوظ. وبدأت العملية باعادة تأهيل قطاع مدني الخرطوم ومدني سنار ومدني القضارف والتفكير جديا في تأهيل طريق الخرطوم/بورتسودان السريع وذلك نظرا لأهمية الطريق القصوى في ربط الميناء بالخرطوم ومناطق الانتاج المتعددة حيث برزت فكرة انشاء طريق التحدي الرابط بين الخرطوم/شندي/عطبرة وبحمد الله تم انجاز المشروع الذي عمل عند اكتماله على تنشيط والمساهمة في دفع حركة البضائع والركاب بشكل ملحوظ وكان يتم آنيا العمل في طريق شريان الشمال الممتد غرب النيل من ام درمان الى مروي، حيث كانت حركة البضائع والركاب تخضع لمعاناة وصعوبات جمة لقاطني ذلك الجزء الهام من البلاد، فكانت قوافل البصات تشق طريقها وسط كثبان ووديان رملية وعرة تستمر معها معاناة الركاب أيام وأيام وكثيرا ما كنا نسمع عن الحوادث المؤسفة التي تتعرض لها كثير من البصات والجماعات المسافرة في ذلك الطريق الصحراوي المخيف حيث فقدت أرواح ومهج غالية وممتلكات نفيسة نظرا للخطورة الكامنة بسبب السفر في بحور من الصحراء لا يحدها شاطئ أو حدود، وقرأنا على صفحات الصحف السيارة العديد من المآسي التي ترتبت على السفر في ذلك الطريق المخيف. أما الآن فالسفر الى ذلك الجزء الغالي من الوطن يعتبر نزهة حيث تم اختصار الوقت الى سويعات بدلا من أيام يتعرض فيها المسافر الى وعثاء السفر وقسوة المشوار وعنت شديد واصبح في متناول الجميع أن يسافروا على سياراتهم الخاصة فضلا عن توفر الحافلات الحديثة المجهزة بأحدث وسائل الراحة والاستجمام التي تعمل على الخط البري الجديد. ولاختصار المسافة بين الخرطوم/بورتسودان تم اعتماد تكملة العمل في قطاع عطبرة/هيا/بورتسودان بطول حوالى 270 كيلومترا والذي يعمل على اختصار الطريق بحوالى 400 كيلومتر، وقد تم تدشينه وكان أثره واضحا على تحويل الكم الهائل من حركة الشاحنات القادمة من الخرطوم الى بورتسودان عن طريق بورتسودان/كسلا/القضارف/مدني/الخرطوم مما خفف الضغط على الطريق وبالتالي يتوقع أن تقل نسبة الحوادث المميتة على طريق مدني/الخرطوم التي سجلت ارتفاعا ملحوظا في الآونة الأخيرة. مسارات الطرق السريعة ولمعلومية الذين يجهلون مسار الطرق السريعة القائمة نبدأ بتعريف شيخ الطرق الذي يمتد من الخرطوم الى مدني(غرب النيل الأزرق) بطول حوالى 190 كيلومترا وهو أقدم الطرق البرية حيث يربط بين قري الجزيرة مارا بالمسيد والكاملين والحصاحيصا حيث انتهى العمل في كوبري الحصاحيصا/رفاعة الى مدني. وتعتبر مدني ملتقى طرق يتفرع منها طريق الى سنار وآخر الى القضارف/كسلا/هيا/بورتسودان. ومن سنار يتفرع الطريق جنوبا الى سنجة فالدمازين وفرع آخر غربا الى ربك وعبر كوبري ربك/كوستي الى كوستي ويستمر غربا الى تندلتي/الابيض ومن ربك شمالا بمحاذاة شرق النيل الأبيض الى الدويم حيث يجري العمل حاليا في تشييد جسر الدويم على النيل الأبيض ويواصل شمالا مرورا بالقطينة ثم جبل الأولياء الى الخرطوم. وقد تم تشييد وافتتاح الميناء البري الجديد في الخرطوم الذي ينظم حركة الحافلات السفرية وتنطلق منه الرحلات اليومية الى كل من ودمدني/القضارف/سنار/كسلا/سنجة/الدمازين/الدويم/الابيض وغيرها من المدن غير مدن الشمال. وقد جهز الميناء البري بأحدث الوسائل التي توفر سبل النقل الحديث المريح والخدمات للمسافرين، ويجري العمل حاليا في تشييد ميناء مماثل في عطبرة يؤدي نفس الغرض. وتعمل في هذه الخطوط أعداد هائلة من الحافلات المزودة بكل وسائل الراحة والترفيه ذات مقاعد وثيرة بمواصفات عالمية تملكها شركات كانت قائمة، قامت بتحديث اساطيلها لتواكب التطور والمستوى العالمي وولجت بعض الشركات الاستثمارية الاجنبية الأخرى المجال موفرة اساطيل حديثة من الحافلات السياحية المريحة التي تتوفر فيها كل وسائل السفر والراحة والسلامة، تقدم فيها الوجبات الخفيفة والمشروبات الباردة المنعشة المضافة الى قيمة التذكرة ومزودة بأجهزة عرض فيديو تقدم من خلالها الأفلام والأشرطة المسلية والبرامج الترفيهية التي تخفف من عناء السفر وتقصر زمن الرحلات. سلسلة الكباري والجسور الجديدة بالاضافة الى شبكة الطرق فقد تم تشييد العديد من الكباري والجسور التي تعبر الأنهار مما سهل للمواطنين عمليات العبور عن طريق المعديات و(البناطين) والعبارات مع ممتلكاتهم، وساعدت على تسهيل عملية عبور المواشي وحركة البضائع وتنقلها بين القري والمدن والأرياف التي تقع على جانبي الأنهار والأودية. فقد تم في الآونة الأخيرة تشييد العديد من الجسور في ولاية الخرطوم. وعلى النيل الأزرق تم تشييد كوبري المنشية الذي يربط جنوبالخرطوموشرق النيل مسهلا الحركة الى الحاج يوسف والعيلفون ومنطقة شرق النيل ومستوعبا الحجم الأكبر للحركة التي كانت تثقل كاهل كوبري القوات المسلحة. وشيد كوبري المك نمر الذي يربط بين وسط الخرطوم (شارع المك نمر) بوسط بحري، مما خفف الضغط على كوبري النيل الأزرق القديم والقوات المسلحة (بري/كوبر) الذي شهد امتدادا له من جانب بحري حيث تم تشييد جسر طائر كامتداد له يصل الى المنطقة الصناعية بحري ويسهمل حركة المرور الى منطقة الدروشاب والمناطق المجاورة لها. وقد تم افتتاح كوبري توتي الجديد الذي يربط الجزيرة التي عزلت مئات السنين بقلب الخرطوم ويعتبر من أجمل الكباري المعلقة إذ أنه الكوبري المعلق الأول في أفريقيا. وعمل على تنشيط حركة المواطنين وسكان الجزيرة وحركة منتجاتهم الزراعية التي أصبحت تنافس منتجات المناطق الأخرى من ضواحي ولاية الخرطوم، هذا فضلا عن دوره في تعزيز الروابط الاحتماعية والأسرية بين أهالي الجزيرة وذويهم في مناطق الخرطوم الأخرى. وشمالا يجري العمل في تشييد كوبري الحلفايا/الحتانة على مجري النيل الرئيس مما سيكون له كبير الأثر في ربط الريف الشمالي لأمدرمان وبحري (شرق وغرب النيل) وفك الاختناقات المرورية التي تعاني منها العاصمة القومية جراء تدفق الشاحنات والسيارات الضخمة وناقلات البترول والمعدات الثقيلة التي تعمل في حركة بناء الطرق وسفلتتها داخل منطقة وسط الخرطوم التي تشهد أعمالا انشائية ضخمة ستغير وجه العاصمة المعهود. وعلى النيل الأبيض تمت صيانة وإعادة تاهيل كوبري النيل الأبيض وترميمه فضلا عن تشييد كوبري النيل الأبيض الجديد الذي خفف كثيرا الضغط على كوبري شمبات والنيل الابيض القديم واستوعب معظم حركة المرور المتجهة الى الامتدادات الجديدة لمدينة أم درمان من جهة الجنوب الشرقي ومناطق الفتيحاب وشارع العودة والمهندسين. وقد تم مؤخرا افتتاح كوبري شندي/المتمة الذي طال انتظار سكان المنطقة له وسيكون له أثر اقتصادي واجتماعي فعال ضمن سلسلة الكباري والجسور التي جرى أو يجري تنفيذها. بالاضافة الى النواحي المرورية والوظيفية لهذه الجسور التي تهدف الى ربط العاصمة القومية وتسهيل حركة المرور وانتقال البضائع والمنتجات وفك الاختناقات المرورية التي صاحبت تضاعف اعداد المركبات العاملة داخل وخارج العاصمة المثلثة، فإن سلسلة الجسور المشيدة حديثا والقائمة أضفت على الخرطوم لمسه معمارية جمالية رائعة وشكلت وجها جديدا للمدينة التي أضحت تشكو من جور ابنائها الذين أهملوا كثيرا في تغيير ملامحها الجمالية وأغفلوا عن تزيين وجهها المشرق. وفي جنوبالخرطوم وعلى النيل الأبيض يجري تشييد صرح أخر ضمن منظومة الجسور الجديدة يربط بين شرقي النيل الأبيض وغربه موصلا للمطار الجديد ورابطا مناطق جنوبالخرطوم بمناطق الريف الجنوبي لمدينة أم درمان ومرافق المطار الجديد الذي يجري العمل على تنفيذه جنوبام درمان. واذا نظرنا جنوبا الى منطق الدويم نجد أن العمل جاري على قدم وساق في تشييد كوبري الدويم الشريان الهام الذي سيربط بين منطقة وسط الجزيرة بمناطق غرب النيل وسيعمل على احياء مناطق غرب الدويم وشمالها وجنوبها، حيث سيكون له تأثير كبير على انعاش تلك المناطق وتسهيل حركة المواطنين والبضائع والمنتجات الزراعية لتلك المناطق الريفية التي عانت كثيرا من التخلف والمعاناة وبخاصة في مواسم نزول الأمطار.