يحدث أحيانا ليس كثيرا ، في غفلة منا أن يطلّ علينا ، يأتينا حنونا ويغرينا برفق ، ويحطّ بهدوء زائف ، يداعب أوتار القلب خلسة ، يخترق الأوردة دون جلبة ، يتسلل كظل ، نشرع له الأبواب ونحن في خدر ، يتقدم على مرأى منا ، يصل بعيدا فينا ويسكن جوف الجوف يملأه متمددا ومحتلاً لكل الأمكنة الآمنة أو هكذا كنا نظن ، النواحي تسقط تباعا ملحقات القلب أولا ثم السمع والبصر والفؤاد ، يعجّل من تدفق الدم ولا تفلح معه حالة الطوارئ ، مقيما غير عابر يستلم حِمانا غصبا ، نفر منه إليه ، يسلبنا سلامنا النفسي ويحجزنا فيه ، تصبح النجاة مستحيلة ، تستعصي علينا السكينة ونود لو أننا نطلب نجدة والنجدة في حالة كهذه عادة تكون ألحكي ، نود لو أننا نحكي ونحكي ما أصابنا ، ننشر للشمس سرنا وأيضا نود كتمانه ، والكتمان قطعا أحلي ولا فائدة كبيرة من نجدة ألحكي لكننا بين هذا وذاك نضيع ، لقد خرُّبت النواحي به 0 ننام بسببه بعد طول قلق نستجدي ستر الظلام لننكشف يا لهذا الحب وفساده لنا يلفنا به ويكاد الضوء يكتمل في نقطة على تمام القلب ، تنعدم قوانين الطبيعة فجأة تنسحب داخلها فلا تعود الأشياء تنجذب إلى مركز الأرض بفعل الجاذبية ، يحلق رغم الثقل جسدنا وتصبح الأحلام والأماني جناحان نطير بهما بين السحاب الملون بالبرتقال ، النفس بالحب تصير أرق والروح أرفع والانا أجمل وكيف لا يرتعش الجسد لكن ما أن تسقط النواحي كلها تباعا وتدين له حتى يتولى قيادة الدفة نيابة عنا وكأننا قد كتبنا له توكيلا للتصرف بشئون حياتنا هو القبطان الآن ومنذ تلك اللحظة التي سيطّر فيها على المكامن بدأ كل شيء يتغير ، تلّونت الأحداث به وصارت رمال الصحراء ذهبا يلمع ، ترّققت به الطباع وخُفض الصوت صار همسا ، به انشرحت النفس وصار الابتسام رفيق الكلام ، وتشبعت الأنا جمالاً ذابت كل المواسم وأصبحت ربيعا يكسو بعشبه الأخضر الرمال الصفراء ، محيطا نهارنا بأزهار الياسمين وليلنا محروس بالملائكة هذا الكائن الطال الغريب يحتال على الواقع ليبني لنفسه مدينة بسور من ورود ونخيل يصيّرنا بعد الاحتلال حديقة من عسل لنصبّ على الآخرين حسن القول وطيب الملامح وحلاوة الابتسامة ، لقد وقعنا في قبضة الحب يطوينا برفق فنستجيب له ، يعلو ويهبط فينا كخفقان ولا نستطيع إلا أن نكون مخلصين ولأننا كلنا قد تعرضنا لغزو كذاك ، بعضنا حمله عمراً وآخرين كانوا أضعف وآخرين حملوا بقايا حطام الغزو فيهم وجراحاتهم العميقة وعاشوا مشروخي القلب و مع ذلك كانوا أكثر نبلاً من ذي قبل . لكن بعضنا حمله حنينا أعجز القلب عن حب سواه اميمة العبادي [[email protected]]