(1) في ذكري اليوم العالمي للكتاب(23 أبريل)، وفي زمان العولمة والتكنلوجيا هذا، تتداعي الكثير من الوسائط المعرفية الجديدة لتهدد عرش الكتاب الورقي،تأخذ من مساحته أو تزيحه، كالكتاب الإلكتروني والصحافة الإلكترونية ومايسمي بالإعلام الجديد(المدونات وشبكات التواصل الإجتماعي)..فهل يا تري ستنجح لتكون بديلاً عنه أم هي عوالم جديدة قائمة في مساحات جديدة صنعتها لنفسها، وليست علي حساب مساحة الكتاب الورقي(Hand Out Book)؟. (2) يبالغ البعض في تصوير وسائط المعرفة الإلكترونية كبديل للورقية، ويدعمون حجتهم بسرعتها في الإنتشار والتداول، إضافة لزهادة ثمنها، بحيث يستطيع أحدهم تصفح عدة صحف علي الإنترنت بثمن نسخة ورقية واحدة، ويستطيع إقتناء أمهات ومستجدات الكتب بشكل مجاني من أحد المواقع الإلكترونية، ويستطيع عبر شبكات التواصل الإجتماعي(فيسبوك وتويتر) التواصل مع المؤلفين والمثقفين مباشرة بدلاً من الإكتفاء بمؤلفاتهم. وفي الحقيقة كل تلك ميزات تحسب لصالح المعرفة الإلكترونية وتزيد من رواجها، ولكنها غير قادة علي صنع ثقافة عميقة في ذهن مستخدمها، وسيبقي ما تقدمه نوع من التواصل الإجتماعي أكثر منه ثقافي، وثقافة سطحية عامة أكثر من عميقة متخصصة، ويغيب عنها بعد التتلمذ والتلقين والمناقشات والمراجعات، ومحتواها غير مجود ولا ممنهج وفيه اختصار مخل وجمالٌ مفقود وأصالة غائبة حتي لو كانت نسخة ورقية حولت إلي إلكترونية. (3) ولذا، فإن الناظر بدقة يري الكتاب الورقي صامداً في مكانه لم يتزعزع كمصدر أول موثوق للمعرفة،يوفر المعلومة والثقة والمتعة والعلاقة المباشرة. فالكتاب الإلكتروني أقل موثوقية، ولا يتمتع بخاصية التجوال معك أينما كنت، ولا تستطيع تقليب صفحاته بين يديك، وليست هناك علاقة عاطفية تنشأ بينك وبينه كتلك التي تتبادلها مع النسخة الورقية(وقد سُئل أحد القراء الجيدين:كيف تميز بين الكتاب الجيد وضده فقال: أشم رائحة الكتاب!،وثمة من يعشقون رائحة الجريدة الورقية وهي خارجة لتوها من المطبعة،كعشق القهوة وأكثر!)، كما أن تكلفة تشغيلة-الإلكتروني- ليست بسيطة.تحتاج جهاز كمبيوتر أو جوال وطاقة وتطبيقات مشغلة.بينما الضوء وعيناك وحركات من أصابعك فقط تكفل بجعلك تتمتع بنسخة ورقية. (4) في المستقبل القريب والبعيد قد تزداد المنافسة وتظهر تطبيقات معرفية أخري أكثر تفاعلاً مع الإنسان..ولكن في ظني، لن تصل لتلك العلاقة التي أنشأها الكتاب مع الإنسان بمراحله المختلفة(الكتاب الحجري والعظمي والجلدي ثم الورقي)، وهي علاقة تقوم علي جميع حواس الإنسان عدا التذوق، مضافاً إليها الحس والعاطفة وملامسة الفكر..فأي بديل يستطيع فعل هذا؟..هذا تحدٍ كبير. ختاماً، أُهديك أيها القارئ هذه الحكمة: إقرأ وانسي..ولكن لا تنسي أن تقرأ!.