دبابيس ودالشريف    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    شاهد بالفيديو.. غرق مطار دبي    قوة مختصة من مكافحة المخدرات نهر النيل تداهم أحد أوكار تجارة المخدرات بمنطقة كنور وتلقي القبض على ثلاثة متهمين    ماذا حدث بالضبط؟ قبل سنة    وزير الخارجية السعودي: المنطقة لا تحتمل مزيداً من الصراعات    قمة الريال والسيتي بين طعنة رودريجو والدرس القاسي    رونالدو ينتظر عقوبة سلوكه المشين    حمدوك يشكر الرئيس الفرنسي على دعمه المتواصل لتطلعات الشعب السوداني    ولايات أميركية تتحرك لحماية الأطفال على الإنترنت    قطر.. متقاعد يفقد 800 ألف ريال لفتحه رابطاً وهمياً    جيوش الاحتلالات وقاسم الانهيار الأخلاقي المشترك    خبير نظم معلومات: 35% من الحسابات الإلكترونية بالشرق الأوسط «وهمية ومزيفة»    مصر.. ارتفاع حجم الاستثمارات الأجنبية إلى 10 مليارات دولار خلال 2023    شرطة دبي تضبط حافلة ركاب محملة بأسطوانات غاز!    مواطنو جنوب امدرمان يعانون من توقف خدمات الاتصال    محمد وداعة يكتب: حرب الجنجويد .. ضد الدولة السودانية (2)    تفاصيل إصابة زيزو وفتوح في ليلة فوز الزمالك على الأهلي    اجتماع للتربية فى كسلا يناقش بدء الدراسة بالولاية    شركة تتهم 3 موظفين سابقين بسرقة عملائها    شاهد بالفيديو .. قائد منطقة الشجرة العسكرية اللواء د. ركن نصر الدين عبد الفتاح يتفقد قوات حماية وتأمين الأعيان المدنية المتقدمة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    ضبط الخشب المسروق من شركة الخطيب    رسالة من إسرائيل لدول المنطقة.. مضمونها "خطر الحرب"    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الثلاثاء    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    قصة مانيس وحمدوك وما ادراك ما مانيس وتاريخ مانيس    تنسيقية كيانات شرق السودان تضع طلبا في بريد الحكومة    رفع من نسق تحضيراته..المنتخب الوطني يتدرب علي فترتين    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    ليفربول يسقط في فخ الخسارة أمام كريستال بالاس    الجمارك السعودية: دخول الأدوية مرهون بوصفة طبية مختومة    شاهد بالفيديو.. مالك عقار يفجرها داوية: (زمان لمن كنت في الدمازين 2008 قلت ليهم الجنا حميدتي دا أقتلوه.. قالوا لي لالا دا جنا بتاع حكومة.. هسا بقى يقاتل في الحكومة)    شاهد بالفيديو.. الفنانة هدى عربي تدهش وتبهر مذيع قناة العربية الفلسطيني "ليث" بمعلوماتها العامة عن أبرز شعراء مسقط رأسه بمدينة "نابلس" والجمهور يشيد بها ويصفها بالمثقفة والمتمكنة    أرسنال يرفض هدية ليفربول ويخسر أمام أستون فيلا    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تقرير: روسيا بدأت تصدير وقود الديزل للسودان    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    لن تنهار الدولة ولن ينهار الجيش باذن الله تعالى    انتحلوا صفة ضباط شرطة.. سرقة أكبر تاجر مخدرات ب دار السلام    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زرداري .. الفوضى أو القانون .. بقلم: بشير أدوف إردن/ كراتشي
نشر في سودانيل يوم 27 - 04 - 2012

كنت أريد أن أعنون الموضوع أعلاه بعد سماعي لحكم المحكمة الدستورية الباكستانية اليوم الخميس 26/4/2012م ب : سر باكستان! لكن خطر ببالي أنه قد نُشر لي موضوعاً بسودانايل أرسلته إليها في يوم الثلاثاء 28 أغسطس 2007م الموضوع كان بعنوان: برويز .. القانون أو الفوضى ، كما ستجده ملحق أدناه ، أتصور كل ما سطرته فيه فيما يتعلق بذاك الوقت يمكن اِعماله فيما نحن فيه من وحل بوطننا العزيز! وتبدو اشكاليته أنه طويل لا تقحم نفسك في قراءته ما لم يكن لك وقت كافي.. ما فعلته هنا هو أني بدّلت برويز بزرداري! وعليه استقام لي العنوان أعلاه لما أريد أن أسطره هنا.
يعتبر يوم الخميس المؤرخ أعلاه يوم المحاكم ، فقد رجعت من الجامعة متعباً وفتحت كالعادة قناة البي بي سي الإنجليزية وظللت أتابع محاكمة الرئيس الليبيري السابق تشارلز تايلور (ساعتان) ورغم تعبي لكن ما شدني هو أن الأخبار الرئيسة الأخرى الملحقة في ذات اليوم قد كانت أيضاً تنقل أخبار محاكم عالمية أخرى هي:
الأولى: محاكمة ايتشيروا أوزاوا أحد أبرز الزعماء السياسيين اليابانين
الثانية: حيثيات محاكمة بو شيلاي القيادي بالحزب الشيوعي الصيني
الثالثة: استجواب عملاق الإعلام البريطاني روبرت مردوخ
الرابعة: محاكمة رئيس الوزراء السيد رضا يوسف جيلاني
فهنا سأخص تعليقي فقط على محاكمة رئيس الوزراء السيد رضا جيلاني نسبة لأهميتها ولاتصالها بما كتبناه من قبل ، التعليقات هي:
التعليق الأول: حقيقة دعوى المحاكمة التي قضت اليوم بتجريم السيد رضا جيلاني بأنها أصلاً لا تخصه هو ابتداءً! بقدر ما أنها تخص الرئيس آصف على زرداري! والأمر ليس غلوطية ، وإنما الواقع يقول: إن هنالك قضايا فساد عريض متورط فيها الرئيس زرداري، وهي ليست وليدة اليوم! بل ترجع إلى حياة زوجته بنازير بوتو منذ العام 1996م! وحينها قد وضع السجن وكادت المحكمة أن تسوقه إلى حبل المشنقة وبتسوية سياسية - يطول استعراضها- فك أسره وذهب إلى لندن ثم دارت دائرة الزمان وذهبت زوجته إلى ما قُدّر لها وبشخبطه سياسية استدار زرداري عطف الجماهير مستفيداً من حادثة اغتيال زوجته بنازير بالصورة البشعة التي استنكرها الرأي العام الباكستاني ونط الحيطة وأصبح رئيس دولة باكستان!
ولكن الدولة هنا تحميها مؤسسة دستورية قوية، تتضاءل عندها كل ما قد تسمعه أو تقرأه من فساد إداري أو استغلال للسلطة للهروب من قبضة القانون، فالقانون هنا ثابت ثبوت الجبال لا تحركه نزوات الأشخاص مهما علو.. ظن زرداري أنه قد نجا ولكن جاءت اللحظة الكبيرة وعملت المحاكم عملها رغم اللت والعجن التي قابلته من المنتفعين والمطبلاتية وسعت جادة وأضافت على قائمة زرداري تهماً أُخرى منها: تغطيته على تمرير مشروع: هروب الرئيس برويز مشرف من سيف العدالة الذي ما زال ينتظره في أي وقت عاد إلى البلاد؛ وهكذا يحتار المرء في باكستان فساد إداري من جهة وتشييد لعشرات المشاريع التنموية والاقتصادية وصواريخ بلاستيكية تطلق وقنابل نووية تطور ، رغم الفساد العريض والاستهبال واللف والدوران.. نعم! نحتار نحن أمة الصحراء والغاب كيف أنهم يفصلون ما بين الفوضى والقانون.
لا يهمنا أن المحكمة الدستورية قد جرّمت السيد رضا جيلاني لأنه عمل على استغلال منصبه في تعطيل فتح ملفات الفساد التي تختص بالرئيس، بقدر ما يهمني أن السيد رضا مثُل أمام القضاة ، واستمع إلى رأي المحكمة أيا كان ، فمثوله أمام القضاء قد يفقده منصبه أو الذهاب إلى السجن أو تشكيل حكومة أو انتخابات مبكرة وكل ما قد يتصور سياسياً ممكن أو لا ، وبما أننا نفتقد مثل هذه الشفافية والعمل المحترم أردنا أن نذكّر ال كل بالواجب المدني ونعكس الاضاءات لعل مؤسستنا القضائية والعدلية ومبتغي التغير يستنيرون بتجارب الآخرين.
التعليق الثاني: زارنا في شهر مارس الماضي 2012م وفد قضاة السودان الفخيم برئاسة السيد صاحب السعادة جلال الدين محمد عثمان واستقبل الوفد من ضمن زياراته السيد إفتخار أحمد رئيس المحكمة الدستورية ، حيث كان يهدف اللقاء الثنائي إلى انطلاق علاقات التعاون في مجال التدريب وتبادل الخبرات كما قام الطرفان بتبادل وجهات النظر حول مذكرة التفاهم بين السلطة القضائية في السودان والمحكمة الشرعية الفدرالية والمحكمة العليا الباكستانية بما يدعم التعاون القضائي بينهما إلى أفاق أرحب.. ومما قام به وفد القضاء السوداني أيضاً زيارة الجامعة الإسلامية العالمية بمدينة إسلام آباد حيث ألقى السيد جلال الدين محاضرة ، غطتها كبرى الصحف الباكستانية ، ومما جاء في ثنايا الأخبار أن فخامة السيد جلال الدين أفاد الحاضرين بأن السودان قد طبق الشريعة الإسلامية بنسبة 100% ولذا يستهدف الغرب الحكومة السودانية.. فتفكر!
القراء الأعزاء: أنا لا يشرفني أن يحكم أهلي النوبة مطلوب للعدالة ولو رصف ألف طريق وشيّد مائة جسر وغرس الجبال أشجاراً ، ما لم ينظف كل مسؤول نفسه أمام القضاء أيا كان ثم ليتفضل فسيجد بعدها قول من قال لعمر بن الخطاب: الآن نسمع ونطيع!
* أدناه الموضوع الملحق
برويز .. القانون أو الفوضى
يبدو من حال الرئيس الباكستاني مشرف أنه زاد في أحلامه التوسعية، جاء هذا الجنرال على غير موعد، والنافذة التي أطل على الناس بها كانت أحلام، تبددت بمرور الوقت وأصبح الناس لا يترآي في أفقهم إلا بيع البلد بالمجان، ياليت شعبه نعم من المساومات التي قام بها مع الأمريكان، لأن ذلك عاد في عالم اليوم شطارة ولا خجل فيه ، كانت أول المآزق التي بدأت بعهده، خازوق إما معنا أو ضدنا، المراد ليس فيه مساحة كبيرة للمناورة، فكان الجواب معكم! فركب الأمر على غير بيان، حينذاك سلّمت القائمة المراد تنفيذها، والغريب أنها لم تنته بعد! بدأت بالرؤوس الكبيرة المراد تسليمها ومطاردة المختفين والمتواطئين في إي جحر داخل حدود باكستان وكان المراد، وتمّت التصفية بصورة بشعة، تذمر الناس في الطريقة التي نفذّت بها العمليات ولكن كانت حجة برويز قوية [باكستان أولاً وإلا ذهابها].. المطلوب الثاني: السماح باعطاء بعض القواعد العسكرية - لاحظ الدولة نووية - تململ كبار الضباط والجنرالات وكان الجزاء "كشه" بجرة قلم، المطلوب الثالث، لا نثق في جهاز المخابرات الباكستانية، والمطلوب السماح لرجالنا باستجواب المشتبه فيهم والدخول في أي مدينة أو بيت يحتمل فيه وجود المشتبه فيهم ، كذلك تململ الرجل الأول في جهاز الاستخبارات العسكرية فكان مصيره الكشه، ثم تلاه الثاني وشكا رجال العم سام أنه ليس فعّال في تعاونه، وكان جزاه مثل سابقه! وهكذا تمت تصفية كل من كان فيه حس وطني في الأجهزة الأمنية والعسكرية بالذات، ومن ثم تمّ القبض على كل مشتبه وغير مشتبه فيه! وبقيت بعض الفلول الهاربة في الجحور وبين الجبال والوديان، اكتسب الأمريكان الفرصة، وصيروا هروبهم زريعة للبقاء وزيادة قائمة المطالب، ومنها: نصب بعض الكاميرات الحديثة في المطارات الباكستانية لمراقبة الأجانب، الداخلون إليها والخارجون منها، وبالتالي كان المسافر وهو يقف أمام رجال الجوازات بمطار كراتشي مثلاً، فهو من حيث لا يشعر يقف في أمريكيا قبل أن يكون في باكستان! ولو جاءت أي اشارة ولو عبر الخطأ من المراقب الأمريكي ، على الشخص المراد أن يجهز نفسه للسحب بسرعة لأقرب رحلة دولية أخرى، ياليتها إلى امريكيا، ولكن إلى غابة في المحيط، وهكذا كان المسافرون غالباً ما يصطفون بعد المرور من الكاميرا وتحقيقاتها السخيفة إلى صفٍ آخر ألا وهو البول! أيضاً طالت نوعية غريبة من الأسئلة الطلاب الأجانب بالجامعات الحكومية كان عليهم اجابتها، بما أنها تحتوي على خرق مبدأ الحقوق الشخصية، وكمثال، تمعن أخي القارئ في الأسئلة التالية:
A- Political affiliation/Student union
B- Sectarian connection (Mosque used for prayer).
السؤالان المذكوران بالانجليزية هما ضمن 28 سؤالاً معظمها زي الزفت، نقلتهما نصاً من الاستمارة سارية المفعول التي تسلم من قبل مكتب الطلاب الاجانب بالجامعات لمليئها بصورة دورية، ورأي الشخصي ليست المشكلة في الاجابة على الأسئلة بل بقدر ما الطريقة التي يتم بها طلب الأجوبة، وافتراضاً لو قال أحد الطلاب أنه ينتمى إلى حزب روبرت موغابي بزمبابوي فما صلة ذاك بذلك، ثم ما بال الطلاب الأجانب بصراعات باكستان الطائفية، ما أن تنفجر قنبلة في أي مسجد، إلا ويصير الطلاب حكمهم حكم صلاة النساء " لا تمنعوا اماء الله مساجد الله وبيوتهن خير لهن " نفرش السجادة في أي زاوية بالغرفة وربنا يتقبل! يسألون عن كل شئ، كيف ومن أين تأتيك المصروفات الشهرية، وعبر أي طريق تأتيك، ما اسم إخوتك/ أخواتك؟ وهل لك أصدقاء؟ ومَن هم؟ وما تبقى لهم إلا أن يسألوا علاقة أمهاتنا بآباءنا! مرة جاءنا رجل أمن متعب جداً وكان أمامي صومالي في مكتب الطلاب الأجانب بالجامعة، فاسترسل في سؤاله، ما جنسيتك؟ أرني الاقامة؟ مع من تسكن؟ ثم أردف في أي مسجد تصلي [انظر فوق إلى السؤال رقم (B) ] فرد، هذا بيني وربي! فشعر الضابط بالحرج ثم كرر السؤال وما هي إلا لحظات فإذا بالطالب ينفجر وحدثت ضجة شديدة كادت تصل المضاربة، حتى تدخل مسؤول الطلاب الأجانب بينهما، وأعتذر لكل الحضور أنهم مأمورون ولا سبيل، آمراً الطلاب بالتعاون والصبر!! هكذا محاكم تفتيش داخل الجامعات!
حقاً قد تمّ قبض وقتل وحبس أي مشتبه وغير مشتبه فيه! وصفصفت الأمور كما لم تكن من قبل، وقبضت باكستان الثمن بالتمام، مئات الآلاف من الدولارات في حساب الدولة أو الأفراد لا فرق، سياسة متبعة، مما دعا أحد متنفذي الأمريكان سابقاً أن يشتم الأمة الباكستانية، على أساس أنهم انتهازيون ولا يستاهلون مثل هذه المبالغ الطائلة ( وأردف شتماً لا استطيع تسطيره) .. إلى هذه الفقرة من الحديث، التي تعتبر بمثابة المطلب [الخارجي] الذي تعتبر فصوله قد أصبحت تاريخاً، حمل كثيراً من الخفايا والأسرار اتضحت كثير منها للمراقبين، ولم يبق من هذا الملف إلا حكاية الغول، كرزاري يقول: ابن لادن في باكستان، وبرويز يقول: أسامة في أفغانستان وبعض الأحيان يزيد قد يكون ميتاً، وما بين كابل وإسلام آباد، صارت قصة القط والفأر، وتصفية كثير من الحسابات السياسية بين الدولتين.
كل هذا قد كان وكان، ولكن تناسى مشرف أن القائمة لم تنته بعد، وما زال المشوار تبقى فيه الكثير، كان بعض المراقبين الباكستانيين ينصحون حكومة مشرف ألا تمشى بعيداً، لأن ارضاء الأمريكان شئ مستحيل! وتحفى دونه الأقدام، وأن تتعامل مع الملف الأمريكي على الطريقة المصرية، الأخذ باليمين والرد بالشمال؛ المطالب الأخرى المتبقية مطالب [داخلية]، تمثلت أولاً، في المواطنين الباكستانيين أنفسهم! ثانياً، وجوب إلتفاتة حكومة مشرف بصورة جادة إلى المدارس الدينية واسعة الانتشار، والتي تعتبرها روافد لتفريخ الإرهاب، بدأ تنفيذ المطالب بالمدارس الدينية بالعمل على طرد الطلاب الأجانب (معظمهم من جنوب وشرق آسيا، وإفريقيا) حتى الذين لهم أوراق وإقامات رسمية، ثم تلتها خطوات تمثلت في محاولة وضع الحكومة يدها على المدارس بصورة عامة تمثلت في: معرفة مصادر تمويلها، تحجيم نشاطها ومحاولة التضيق عليها، ثالثاً، إغلاق جميع المؤسسات الإسلامية الخيرية خصوصاً العربية، وهكذا قامت حكومة مشرف بخطوات تضيقية كبيرة جداً تراوحت بين الشد والجذب الذي بلغ مداه في حادثتين دمويتين هما، قصف الطيران الحربي بعض المدارس الإسلامية بإقليم سرحد أحد الأقاليم الباكستانية التي تتميز بطابع المحافظة الدينية، وكان الناتج اغتيال بعض المشايخ والمدرسين بالاضافة إلى بعض الطلاب الذين كانت أعمارهم صغيرة جداً، كانت هذه الحوادث مؤشر قوي على اضطراب داخلي بددت صورته واضحة للمراقبين أن نقاط الالتقاء بين الجماعات الإسلامية والحكومة قد مضت على الفراق بلا رجعة! أعقبت هذه الأحداث لأول مرة في تاريخ باكستان، عمليات انتحارية تستهدف الجيش ورجال الأمن بصورة مباشرة، ومهما أكن واصفاً - أخي القارئ - لا تستطيع تصور مدى حساسية تلك الأحداث في بلد يفتخر فيه كل مواطن بالمؤسسة العسكرية لأنها الطوق الأوحد الذي ينبغي التمسك به في بلد يمكن في لحظة أن تصبح دولاً بعدد أقاليمها، امتعض المواطنين حقاً، الخسائر في صفوف الجيش ورجال الأمن كانت كبيرة جداً، وخاف الناس أن تمتد الوتيرة في كل الأقاليم ليكون بعد ذلك [ذهاب باكستان بدلاً من بقاءها!] بدأ برويز متضايقاً مما يجري للجنود ورجال الأمن، خصوصاً أن الصحافة بدأت تتحدث عن انفلات أمني صارت ملامحه تبدو جليةً، ولكن لا سبيل، لأنه يعرف أن إلتزامه لا يمكن الرجوع منه، وأصبح الصحفيون يتحدثون عن سيناريوهات: لعل أمريكيا في حال امتناعه ستدبر له عملية اغتيال مثل الجنرال الراحل ضياء الحق، ومرة يخيفونه بأن زوجته وابناءه الذين يقيمون في أمريكيا لعل الأمريكان يحتجزونهم وينزلوا بهم شراً، وهكذا بدأت تغلي " المديده الحارة " ولكن مهما كان من أمر فلا سبيل لحكومة مشرف إلا أن تذهب في نفس الخط الذي رسم لها من قبل الأمريكان، ثم جاءت قاصمة الظهر بإجتياج الجيش ورجال الأمن " المسجد الأحمر " بملحقاته التعليمية الذي كانت نتيجته وفاة مئات الطلاب وعلى حسب المصادر الحكومية بينهم 250 طالبةً ! وعدد القتلى حقيقة كان أكبر من الحصر الحكومي. ثم تلا قائمة المطالب مطلب آخر جد صعب وخطير والذي كان بمثابة إكمال ما تبقى من السيناريو المطلوب: وهو محاولة القبض على بعض المواطنين المشتبه فيهم ( الاشتباه لا يحتاج إلى أدلة) بدا رجال الأمن يقومون فعلا بخطف واعتقال المواطنين، وللعلم للمواطنين هنا حس أمني استناداً للتركيبة الاجتماعية الطائفية الشائكة التي لا تحتمل أي مس في هذا الجانب، قام أسر الضحايا بطرق باب الصحافة ابتداءً مناشدين الجهات الرسمية أو المواطنين في العمل على دلهم على مفقوديهم، كان طرق باب الصحافة يعني بالنسبة لهم تعريف الرأي العام بحجم القضية، تعاطف الإعلام بصورة كبيرة، فقام بعض الصحفيين المحترفين بكتابة بعض المواضيع في الأمر، كما وجرت نقاشات في القنوات التلفزيونية الحرة، بعد ذلك صعد الأهالي من درجة الاحتجاج بتكوين لجنة لمتابعة ملف المفقودين، فدفع المحامون بالملف، وكان الاتفاق امضوا ولا تلتفتوا لأي وجع مادي، فتح المحامون أعينهم بأوسع ما يكون ونجحوا في ايصال القضية إلى باب المحكمة الدستورية Supreme court عندها استطاع المحامون تسجيل هدف قوي في مرمى الرئيس مشرف، وكان الهدف يتمثل في المذكرة الاستفسارية التي قامت المحكمة الدستورية بتوجيهها لوزارة الداخلية ومنها بالطبع للاجهزة الأمنية مضمونها، أين المختطفون؟! وعددهم حسب ما ورد في حثيات مذكرة المحكمة الدستورية 176 مفقوداً، تلعثم رجال مشرف وانكروا في البدء أي علم بذلك وتحت تكرار مطالبة المحكمة الدستورية اقرت وزارة الداخلية ب 56 وتنصلت عن الباقي، الآن سكت المحامون واصبحوا ينظرون ما ستسفر الأيام به، فالدخان قد بدأ يتصاعد ما بين المحكمة الدستورية من جهة ووزراة الداخلية من الجهة الأخرى؛ كان الرئيس مشرف متربعاً كالملوك وينظر إلى ال كل من عَلٍ، مشى طويلاً في أبهته، وكان كلما قلّم ظفر حزب أو معارض! يخلد للراحة والاستجمام، ممددا رجليه في رمال حصاها تقارع المساج الصيني في تفرده، ولكن سرعان ما جاءه سيل المحامين فذهب الحصى وتبعه الرمل، حينها أحس بشئ وعر الملتمس يجري تحت قدميه، وعليه طلب رئيس المحكمة الدستورية في لقاء عاجل، كان القاضي إفتخار أحمد رئيس المحكمة الدستورية بدر طالع ، جلس الرجلان على غير وفاق، مشرف فيه أقل من وتد بيد أن القاضي إفتخار قد فاقه فوقاً، لقاءً بدَا للمراقبين السياسين أن دخانه سوف يبدو كثيفاً، برويز ما كان عنده الكثير ليقوله، إلا كلمة واحدة: استقيل، لم يتلكأ القاضي إفتخار، لا استقيل! كالعادة جاءت الصور والشواهد في حثيات المرافعات التي قدمها محامي القاضي إفتخار، تؤكد أن هنالك خرقاً كبيراً حدث في شخصه، حيث قام رجال الأمن بسحبه ولكمه! ثم امتد الأمر إلى بيته فقطعت خطوط الاتصال ومنع من الخروج من دائرة بيته وصار تهديد شديد وضغط نفسي لشخص القاضي من قبل رجال الأمن الذين منعوا أي شخص من أن يتصل به، وهو كذلك في هذا الحال العصيب ما كان الرأي العام يعرف حقيقة ملابسات الأمر، ولكن كان احساسهم أن هنالك شئ غريب يجري، وهكذا لم يكسر هذا الصمت وملابسات الأمر إلا قائد القوات الجوية الحربية الذي كان على معرفة بالقاضي إفتخار، وذهب إليه من غير استئذان من أي جهة ودخل داره المحروس، حاول بعض رجال الأمن استوقاف قائد القوات الجوية، ولكن هيهات! عندما عرفوا مَن القادم! وبعد لقاء دام ساعات بينهما، ركب قائد القوات الجوية سيارته مباشرة إلى الرئيس مشرف، ومما وردت التقارير به أن تلوماً حصل بين الرئيس وقائد القوات الجوية على أساس أن ما أقدمت عليه الحكومة في حق رئيس المحكمة الدستورية الذي يتحصن بإمتيازات يمنحها له الدستور معيب، وهكذا صار اتفاق بين العقلاء في حكومة مشرف أن تأخذ قضية رئيس المحكمة الدستورية طريقها القانوني وإلا لا مخرج بغير ذاك، خاصة تحت اصرار القاضي إفتخار عدم مغادرة منصبه، وبعدها خرج بقضيته إلى الرأي العام، وكان شعاره: إما الدستور أو العنجهية! كان محكاً صعباً للأمة الباكستانية! فكيف يقدرون التفضيل بين دكتاتور عسكري حصّن نفسه بترسانة الجيش وتقف الدول الغربية وراءه بالخصوص أمريكيا، وحتى لم تطاله ست محاولات اغتيال ولم يستطع أن يقف أو يعترض أمره أي شخص (تصور الغسيل الذي جرى لقيادات الجيش ورجال الأمن) وبين شخص قد يبدو موظف حكومة! ولكن قال الشعب قوله: الدستور! حينها كان ضوءاً أخضراً للقاضي إفتخار أن يسير ويحاضر الناس في القانون، كيف لا يفعل وهو رأسه؟ أول قطاع فعّال حزم أمره للوقوف في وجه العنجهية، هم شريحة المحامين، فخر باكستان، قالوها ونفذوها ونالوها، لم ولن نخلد إلى الراحة حتى يعلو الدستور! كانت المسيرات تجوب الطرق في كل مدن باكستان، محامون ومحاميات، قاطعوا جلسات المحاكم، زيهم واحد، شعارهم واحد، لا فرق بينهم، إسلامي أو علماني، شيعي أو سني، حتى كنا نرى محاميات محجبات بجانب أخريات.. جهاد مدني وجب على جميعهم، مرّ بي ذات يوم سيرهم، ففرحت! للنظام والأدب الجم الذي كان يعلوهم، لا صراخ ولا تكسير ولا سباب، فقط قول: فليعونا القانون؛ يهتفون نعم للدستور لا للديكتاتورية! شتمهم الرئيس مشرف أكثر من مرة، وحذر الشعب أن حركة المحامين قد سُيست وموجهة من الأحزاب السياسية المعارضة الفاشلة، وعملت الدعاية الحكومية تستهدف تحركات المحامين التي صارت بحق حركة تنويرية حُق للمؤرخين الباكستانيين تسجيلها، فقد كانت حدثاً تأريخياً بحق، ولكن رغم كل العراقيل وضخامة الدعاية، سار القاضي إفتخار في المدن يحاضر الناس في الدستور، لا السياسة فإن لها رجالها وأحزابها ، محذراً الناس من مغبة العنجهية! تعاطف الناس معه بصورة كبيرة، كان دائماً ما يحاضر في دور القضاة والمحامين واتحاداتهم، وقف معه المحامون ومن خلفهم القضاة يحفون ذاك المسير المبارك بتفعيل القانون. صحفي مأجور كتب أن الحكومة لها أدلة على تورط رئيس المحكمة الدستورية في قضايا سياسية حيث إن منصبه لا يحق له أن يسيس! ونسى الغبي أن طالباً مبتدءاً في دراسة الإعلام يعرف أنه لا ينبغي له أن يكتب تقريراً أو يدلى بتصريحٍ طالما كانت القضية بحثياتها أمام المحاكم حتى تفصل، فمباشرةً طلب قضاة المحكمة الدستورية المكلفين من الصحفي أن يمثل! لكي يسند قوله (والصحفي معروف أنه من رجال الرئيس) أنكرت الحكومة أنها قد زودت الصحفي بالمعلومات، وبالتالي كشفت ظهره لسوط القانون أن ينزل عليه! قدم الصحفي اعتذراً للمحكمة يتضمن شروط توبة لها دلالات إعلامية تختص بقانون الصحافة Conditional apology فكان مؤشراً ضمنياً قوياً من المحكمة الدستورية للسير المبارك أن يأخذ طريقه إلى منتهاه، ومن جهة أخرى احتوى على تهديد مبطن للدعاية الحكومية. نعم! ما كان المحامون مهرجون ولا قطاع طرق أو متظاهرون مخربون! كل ما كان من أمرهم المناداة بدولة الدستور، شهور غضب نزلت على حكومة الرئيس برويز مشرف، الذي ظن أنه فوق كل شئ، شاءت مشيئة الديان أن يسقط في حفرة هي بالنسبة له أقل القليل، بيد أن رئيس القاضي إفتخار كان يتحرك في خطوط مستقيمة لا اعوجاج فيها، لأنه يعرف أن هنالك دستور حد الحدود وكفل لكل فرد حقه، وهكذا بدأ يرفع صوته داعياً إلى المحافظة على القانون، هكذا كان يسير في وضح النهار بين أن ركب الرئيس كان يسير بليل، حتى جاء موعد القول الفصل، فتلت المحكمة الدستورية قرار ارجاع القاضي إفتخار أحمد على الشعب الباكستاني وذهبت ادعاءات الحكومة أدراج الرياح ، وخرج الناس يهللون، فما أعظمها من لحظات عاشها الشعب ليكي يثبت تحضره ومؤسساته، وأجزم لو كان هذا الحدث في أي دولة عربية لتمّ غسيل رئيس القاضي إفتخار وأمه وأبيه وإذا لزم الأمر لقصفت بيوت حتى جيرانه والسلام! لحظة الفصل كانت رهيبة، قاعة الحضور امتلت ، بألف كلهم من كبار رجال الإعلام والمحامين والقضاة والسياسيين والمراقبين الأجانب، هذا غير الأعداد الخارجية التي لم تحظ بالدخول لضيق المكان، والتغطية الإعلامية الأجنبية كانت أكبر من المحلية، الاذاعة والتلفاز والصحافة، ممثلو أحزاب المعارضة أو الموالية كلها كانت هنالك لأن الحدث كان كبيراً بحق، ومهما كان الوصف فإن الكلمات لا تجسد واقعه! تلا رئيس المحكمة الدستورية بالانابة قرار المحكمة النهائي: بأن الأدلة التي ساغها مدعى الحكومة لا تقوى كدليل يؤخذ بها ضد القاضي إفتخار، وبالتالي قررت المحكمة الدستورية بموافقة القرار بارجاع القاضي إفتخار إلى منصبه! وبعدها صمت المتملقون وانقلبت الدعاية الحكومية رأساً على عقب بأنها تحترم مؤسساتها والتي على رأسها الدستور! وهكذا انطفأت صفحة غش وخداع اُريد لها أن تكون.
ما بقى من السناريوهات المتوقعة هي أن الجنرال مشرف غارق في مشكلات داخلية وخارجية كبيرة، الإسلاميون من جهة والأحزاب السياسية ذات الوزن الثقيل ضاغطه في اتجاه تنحى الرئيس مشرف لأن الدستور لا يسمح له الجمع بين منصبى قيادة الجيش ورئاسة الدولة، أمريكيا تريد مشرف أن يبقى ولكنها بدت تدرك حجم المعارضة الداخلية وتريد تخفيف وطأتها بتقاسم الرئيس مشرف السلطة مع رئيسة الوزراء السابقة بنازير وهي الأخرى لها مشكلاتها داخل حزبها حيث إن منطقة نفوذها بأقليم السند يحكمه حزب الأقلية العرقية (حركة المهاجرين القومية) الحليف الاستراتيجي لمشرف والذي ينحدر منه أصلاً، والإقليم في نفس الوقت يعتبر قلعة حصينة لبنازير بوتو، والمعضلة هي أن العلاقة بين العرقيتين بالإقليم متوترة جداً، ونفس جدلية التهميش تسود دعواها المجموعتين، وأمريكيا تريد بديلاً مناسباً وتبدو بنازير هي صاحبة الدور ويمكن الاعتماد عليها بديلاً إذا ما حدث أي طارئ بدلاً من نواز شريف رئيس الوزراء السابق الذي تعلوه ملامح وطنية بصورة أكبر، فأين سيكون قرار الشعب الباكستاني؟ هذا ما ستسفر عنه الشهور القادمة قبل نهاية العام الجاري.
adof gadam [[email protected]]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.