سار بيت لأحمد محمد صالح في في الحسرة على بؤس الحال. وهو كل أمريء يحتل في السودان غير مكانه ويخطر البيت لي هذه الأيام في أعقاب استعادة هجليج. فتجد ولاة أمرنا إما في المكان الغلط أو يؤدون المهمة الغلط. فتجد من "عسكروا" السياسة من فرط النشوة أو قلة الشغلة. فلم استسغ ظهور البروفسير نافع علي نافع في البزة العسكرية في صحبة الرئيس بهجليج. فقد تعذر عليّ فهم الغرض من ذلك الظهور ممن أمر سياسات النظام الاستراتيجية بيده . ولا تسعدنا هجرة نافع من الملكية إلى العسكرية نحن الذين حرصنا دائماً على تقصير الظل العسكري في السياسة لاعتقادنا أن العسكرية تبلغ أقصى كفاءتها في سياق استراتيجية وطنية مخدومة. كما لم استسغ زيارة بروفسير الزبير طه، والي الجزيرة، إلى تلودي ليقف، في قوله، على استقرار الأوضاع. فزيارته شاغلة لولاة أمر تلودي عن حرج مهمتهم. ولو بقي بولايته وأصلح الكثير مما يستحق الاصلاح لخدم الدفاع عن تلودي خدمة مذكورة. أما والي جنوب دارفور فقد أبعد النجعة حين وضع شعاراً لقواتنا المسلحة متطوعاً هو: "ما تجيبو حي أكلو نيي". دخلك شنو يا زول؟ كما أزعجني تصريح وزير الدولة بالكهرباء أن قتلى الجيش الشعبي 6 كتائب. فما حشرك؟ ولماذا لم ينتظر مثلنا القول من "خشم سيدو" اللواء معروف الذي قدرهم ب 1200 نفراً. وهو مصدق عندنا. ثم انزعجت للبروفسير بشري عيسي يظهر بالزي العسكري أميراً لمتحرك هجليج من فرسان المسيرية. وسألت نفسي بعد هذه المشاهد ل"غير مكانه" عن سبب شقاء هؤلاء العلماء برتبهم وبولايتهم التي استثمرنا فيهما مالاً لبدا ثم لا ينجزون فيها معلوماً ويطلبون غيرها بغير اختصاص. ومن أقوى من نبه إلى شغل الإستراتيجية المتروك من ولاتنا مولانا حيدر التوم، نائب الأمين لهيئة علماء السودان، الذي قال إن شغلنا مع جنوب السودان تلاقيط لا غايات مرتبة له. ومن جهة أخرى تجد اختصاصيين أرادوا تهوين أمر هجليج. فقال اسحاق جماع، وزير الدولة بالنفط، إن خرابها "ولا حاجة، عادي" ولن يؤثر على إمدادات البترول ولا اقتصاده. ولم يَصدُقنا. فقال وزير دولة بالمالية مختص إننا فقدنا بالخراب 55 ألف برميل يومياً تباع ب 49 دولاراً للبرميل. ولتعويض الفاقد سنضطر إلى استيراد النفط من الخارج بسعر البرميل 102 دولاراً علاوة على ما ستدفعه الحكومة (53 دولار) لدعم البرميل الواحد. وهذا كلام من يبكيك! ووددت لو أن الرئيس لم يعد لنهج التبرع للقوات المسلحة بالذات في مثل هذا اليوم. فقد تريب الناس شبهة ارتزاق من تبرعه بمليار جنيه لمحرري هجليج بينما لم يدخر الناس وسعاً لدعم القوات المسلحة بأغلب ميزانيتهم وحفوها ساعة الضيق بوطنية مثالية متجردة. وقد يفيد أن أذكر الرئيس بقولة له نقلتها عنه مثنياً في وقتها. فلما أجلى "المتمردين" من ميوم في 1988 أو نحوه سئل إن كان الجيش بحاجة لتبرعات المواطنين فأجاب: كلا بل وقوفهم معه، فدعم الجيش مما تتكفل به الدولة بميزانية مرصودة. ولم يلتزم الرئيس بذلك. وأغرت سنة التبرع وزير المالية ليقتطع يوماً من مرتبه لدعم الجيش وطلب من موظفيه الاقتداء به. وهذه كبيرة من وزير الماالية بالذات. وقال محروم من ماهيته لشهور في التعليق على تحرير هجليج: "حررت هجليج، حررت الاسعار، حرر مواهينا من الدولة". والكلام ليك! كان أبي متى أعجزه أمراً قال: "ومين بقدر يقول يا حاجة ألبسي هدمك"! Ibrahim, Abdullahi A. [[email protected]]