توضيح من نادي المريخ    حرام شرعًا.. حملة ضد جبّادات الكهرباء في كسلا    تحديث جديد من أبل لهواتف iPhone يتضمن 29 إصلاحاً أمنياً    تحالف "صمود": استمرار الحرب أدى إلى كارثة حقيقية    شاهد بالفيديو.. لاعب المريخ السابق بلة جابر: (أكلت اللاعب العالمي ريبيري مع الكورة وقلت ليهو اتخارج وشك المشرط دا)    شاهد بالفيديو.. بأزياء مثيرة وعلى أنغام "ولا يا ولا".. الفنانة عشة الجبل تظهر حافية القدمين في "كليب" جديد من شاطئ البحر وساخرون: (جواهر برو ماكس)    "صمود" يدعو لتصنيف حزب المؤتمر الوطني "المحلول"، والحركة الإسلامية وواجهاتهما ك "منظومة إرهابية"    شاهد بالفيديو.. حسناء الفن السوداني "مونيكا" تدعم الفنان عثمان بشة بالترويج لأغنيته الجديدة بفاصل من الرقص المثير    امرأة على رأس قيادة بنك الخرطوم..!!    ميسي يستعد لحسم مستقبله مع إنتر ميامي    صحة الخرطوم تبحث خطة لإعادة إعمار المرافق الصحية بالتعاون مع الهيئة الشبابية    كمين في جنوب السودان    كوليبَالِي.. "شَدولو وركب"!!    دبابيس ودالشريف    إتحاد الكرة يكمل التحضيرات لمهرجان ختام الموسم الرياضي بالقضارف    محمد عبدالقادر يكتب: بالتفصيل.. أسرار طريقة اختيار وزراء "حكومة الأمل"..    تقرير يكشف كواليس انهيار الرباعية وفشل اجتماع "إنقاذ" السودان؟    ارتفاع احتياطيات نيجيريا من النقد الأجنبي بأكثر من ملياري دولار في يوليو    وحدة الانقاذ البري بالدفاع المدني تنجح في إنتشال طفل حديث الولادة من داخل مرحاض في بالإسكان الثورة 75 بولاية الخرطوم    "تشات جي بي تي" يتلاعب بالبشر .. اجتاز اختبار "أنا لست روبوتا" بنجاح !    أول أزمة بين ريال مدريد ورابطة الدوري الإسباني    "الحبيبة الافتراضية".. دراسة تكشف مخاطر اعتماد المراهقين على الذكاء الاصطناعي    الخرطوم تحت رحمة السلاح.. فوضى أمنية تهدد حياة المدنيين    المصرف المركزي في الإمارات يلغي ترخيص "النهدي للصرافة"    أنقذ المئات.. تفاصيل "الوفاة البطولية" لضحية حفل محمد رمضان    بزشكيان يحذِّر من أزمة مياه وشيكة في إيران    شهادة من أهل الصندوق الأسود عن كيكل    لجنة أمن ولاية الخرطوم تقرر حصر وتصنيف المضبوطات تمهيداً لإعادتها لأصحابها    اكتمال عملية التسليم والتسلم بين رئيس مجلس الإدارة السابق والمدير العام للنادي    انتظام النوم أهم من عدد ساعاته.. دراسة تكشف المخاطر    خبر صادم في أمدرمان    مصانع أدوية تبدأ العمل في الخرطوم    اقتسام السلطة واحتساب الشعب    شاهد بالصورة والفيديو.. ماذا قالت السلطانة هدى عربي عن "الدولة"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان والممثل أحمد الجقر "يعوس" القراصة ويجهز "الملوحة" ببورتسودان وساخرون: (موهبة جديدة تضاف لقائمة مواهبك الغير موجودة)    شاهد بالفيديو.. منها صور زواجه وأخرى مع رئيس أركان الجيش.. العثور على إلبوم صور تذكارية لقائد الدعم السريع "حميدتي" داخل منزله بالخرطوم    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    رحيل "رجل الظلّ" في الدراما المصرية... لطفي لبيب يودّع مسرح الحياة    بنك أمدرمان الوطني .. استئناف العمل في 80% من الفروع بالخرطوم    زيادة راس المال الاسمي لبنك امدرمان الوطني الي 50 مليار جنيه سوداني    وفاة 18 مهاجرًا وفقدان 50 بعد غرق قارب شرق ليبيا    احتجاجات لمرضى الكٌلى ببورتسودان    السيسي لترامب: ضع كل جهدك لإنهاء حرب غزة    تقرير يسلّط الضوء على تفاصيل جديدة بشأن حظر واتساب في السودان    استعانت بصورة حسناء مغربية وأدعت أنها قبطية أمدرمانية.. "منيرة مجدي" قصة فتاة سودانية خدعت نشطاء بارزين وعدد كبير من الشباب ووجدت دعم غير مسبوق ونالت شهرة واسعة    «ملكة القطن» للمخرجة السودانية سوزانا ميرغني يشارك في مهرجان فينيسيا    وزارة المالية توقع عقد خدمة إلكترونية مع بنك النيل الأزرق المشرق    مقتل شاب ب 4 رصاصات على يد فرد من الجيش بالدويم    دقة ضوابط استخراج أو تجديد رخصة القيادة مفخرة لكل سوداني    أفريقيا ومحلها في خارطة الأمن السيبراني العالمي    الشمالية ونهر النيل أوضاع إنسانية مقلقة.. جرائم وقطوعات كهرباء وطرد نازحين    شرطة البحر الأحمر توضح ملابسات حادثة إطلاق نار أمام مستشفى عثمان دقنة ببورتسودان    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    ترامب: "كوكاكولا" وافقت .. منذ اليوم سيصنعون مشروبهم حسب "وصفتي" !    بتوجيه من وزير الدفاع.. فريق طبي سعودي يجري عملية دقيقة لطفلة سودانية    نمط حياة يقلل من خطر الوفاة المبكرة بنسبة 40%    عَودة شريف    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في ذكري الرحيل المر ... الإتحاديون.. حطة وطنية وحزبية ولا أزاهرة لها (3). بقلم: محمد عصمت يحى
نشر في سودانيل يوم 10 - 05 - 2012

في ذكري الرحيل المر ... الإتحاديون.. حطة وطنية وحزبية ولا أزاهرة لها (4). بقلم: محمد عصمت يحى
تتبعت في الحلقة الثالثة الجهود التي بذلها أصحاب النوايا الصادقة تجاه وحدة حزبهم خلال الفترة من 13/7 - 15/9/2005 وبتعدد أشكال تلك الجهود لا يمكن أن تجد لها وصفا ً منصفا ً لها ولأصحابها بأي حال من الأحوال، وإن كان العزاء كما ذكرت في الحلقة الفائتة هو أن صحائف التاريخ والملك الديًان ليست غافلة أبدا ً عما صنع أولئك الأخيار من الإتحاديين.
ماذا كانت محصلة ذلك التنصل والتنكر؟؟ كانت وبصورة مباشرة هي دخول الحزب الإتحادي المسجل في قوقعته مرة ً أخري ليمارس من جديد عزلة ً غير مجيدة لم تكن تعلم قياداته أن إعلان المبادئ في 13/7/2005 هو الذي أخرجهم منها ولكنهم أرادوا العودة لها بطوعهم وإختيارهم بعد قضاء أغراضهم وحوائجهم من تلك الليلة، في أخريات مارس 2005 جاء الرد قاسيا ً من المرحوم الشريف زين العابدين الهندي علي رسالة سمح السجا
يا محمد أزهري التي حملها الشقيقان الفاضل حسن عوض الله وعبد الله الرشيد ، أعلن المرحوم الشريف زين العابدين الهندي في رده ذاك تنصله التام عن كل ما تم النقاش حوله والتواثق عليه طوال فترة الشهرين، فقد جاء رده محددا ً فيه أهدافه الخاصة والعامة من كل هذه الجوطة أو كما قال ( أنا عايز محمد أزهري وود حسن عوض الله وود أبوحسبو وبس )،، المرحوم الشريف زين العابدين الهندي كان يجهل لحظتها أن الحزب الإتحادي (المؤتمر الإستثنائي) يومذاك كان يرعاه ويتزعمه الشقيق المؤسس أحمد محمد يسن ومأمون سنادة ومحمد مراد وعبد الحليم شنان كما كان يضم إلي جانبهم السيدة جليلة محمد أحمد المرضي والمرحومة سلوي أحمد محمد يسن وهشام إبراهيم المفتي وشادية نصر الدين السيد وعادل إبراهيم حمد وإبراهيم أحمد زين العابدين وغيرهم من أبناء النجوم الزواهر، وأخاله لو كان يعلم بوجود كل هؤلاء داخل كيان (المؤتمر الإستثنائي) لطلبهم من الشقيقين الفاضل حسن عوض الله وعبد الله الرشيد أسوة ً بنظرائهم أو لربما غير رأيه وإستجاب لدواعي رسالة الشقيق محمد أزهري، وأصدقكم القول أن جواب المرحوم الشريف زين العابدين الصاعق علي تلك الرسالة لم يجد غير الإبتسامة ( إياها ) التي ترتسم علي دائما ً علي شفتي الشقيق محمد أزهري عندما يري برهانا ً حيا ً علي جودة قرائته وصدق تحليله لحيثيات الأحداث الماثلة أمامه وهي تتوافق وتتطابق مع ما توصل إليه من نتائج ُمسبقة حولها..
يظل كثير من الإتحاديين بالإتحادي المسجل وكلما جمعتني بهم بعض المجامع يرددون علي مسامعي قصص وُأحكيات من مشاعر الحب والود الذي كااااااان وكان ُيكنه المرحوم الشريف زين العابدين الهندي لسمح السجايا محمد أزهري خصوصاً أولئك الحيران من السياسيين المتحلقين حوله: (( واللهِ الشريف كان دايرو نائب الرئيس عشان يبقي الرئيس إنت عارف طبعا ً إنو الشريف أصلو عيان، واللهِ الشريف عايز يجيبوا أمين عام بدل جلال الدقير ... والله الشريف قال لي .. حًرم الشريف قال ... !! إلخ تلك الأحجيات ))، وهي قصص لو يعلمون وقعها علي ومقابلها في وجداني ومعرفتي بالشقيق محمد أزهري لما تطوعوا أصلا ً بحكوهِا لي، ولكن هي حالة من وهن الذاكرة وضحالة الفكرة ظلت تتغشي الإتحاديين كلما طاب لهم الحديث ولان لهم جانب من يستمع إليهم، لهؤلاء الحيران من السياسيين أسوق هذه القصة التي بدأت أحداثها في سبتمبر من العام 1995 حينما قدم د. أحمد بلال من القاهرة حاملا ً بعض المعلومات الهامة لقيادات الداخل، قبيل مقدمه بأسابيع إنفض سامر أسمرا عن مؤتمر القضايا المصيرية الذي عقدته قوى التجمع الوطني الديمقراطي في الفترة من 15 - 23 يونيو 1995 والذي شاركت فيه كافة قياداته السياسية والنقابية والعسكرية وشخصياته المستقلة وفي المقدمة الحزب الإتحادي الديمقراطي الذي يتزعمه السيد/محمد عثمان الميرغني، أهم ُمخرجات ذلك المؤتمر هو إقرار حق تقرير المصير لجنوبي السودان كما تداول حول كثير من القضايا الخاصة بإيقاف الحرب وإحلال السلام وعلاقة الدين بالسياسة وشكل الحكم خلال الفترة الإنتقالية التي تعقب إسقاط نظام الإنقاذ وبرامج وآليات تصعيد النضال ومقومات سودان المستقبل، دلف د. أحمد بلال إلي دار الزعيم بصحبة شخص أخاله د. أمين البيلي إن لم تخني الذاكرة ووسط أجواء ُمتربة وماطرة وتيار كهربائي غير منتظم بداخل الصالون الرحيب إلتأم شمل القيادات الإتحادية يومذاك المرحومين الحاج مضوي محمد أحمد وأمين الربيع، الأستاذين سيد أحمد الحسين وعثمان عمر الشريف ومحي الدين عثمان متعهما الله بتمام الصحة والعافية، إبتدر الحديث د. أحمد بلال عن المؤامرة التي
يتعرض لها السودان والدور الكبير الذي يلعبه التجمع الوطني الديموقراطي المعارض سواء بعلمه أو بغير علم في إنجاح تلك المؤامرة، كما أسهب في الشرح عن مآل الدولة السودانية وبتركيز ُمفتضح أيضا ً علي دور التجمع الوطني الديموقراطي المعارض في إيرادها لذلك المصير المنتظر بتقسيمها وتوزيعها علي جيرانها في دولة الأماتونج جنوبا ً ودولة إكسوم شرقا ً وهكذا، وعندما إنتهي د. أحمد بلال من حديثه باغته الشقيق محمد أزهري وأربكه بسؤاله عما يريده من الحضور بالضبط ؟؟؟ ثم أتبعه بسؤال زاد من إرتباكه هل تريدنا يا د. أحمد أن نصالح نظام الإنقاذ ؟؟؟ لم يجد د. أحمد بلال صعوبة ُتذكر في الزوغان من الإجابة ((( لا لا .. نحنا عايزين الناس فقط تفكر في كيفية مواجهة هذا المشروع !!! ))) ولكنه خرج نادما ً علي تلك الساعات التي قضاها في صالون الزعيم ..
في ديسمبر 1995 وقبل أن أغادر إلي القاهرة طلب مني الشقيق محمد أزهري أن أحرص علي لقاء الشريف زين العابدين الهندي لسؤاله عما جاء به د. أحمد بلال، وقد حدث ذلك بفضل ترتيبات الشقيق محمد خير حسن محمد خير إذ قضينا ضحي وظهر 30 ديسمبر مع الشريف زين العابدين وكان رده ببساطة إنه لم يقابل د. أحمد بلال منذ مدة طويلة وأن كل ما يعلمه أن د. أحمد بلال قد سافر للسودان لحلحلة بعض مشاكله الخاصة.
في يونيو 1996 طرقت مسامع الشقيق محمد أزهري خبر اللقاء الذي تم بين المرحوم الشريف زين العابدين الهندي وعمر البشير في منزل السفير السوداني بالقاهرة بترتيبات مسبقة من السيدين التجاني محمد إبراهيم ود. مالك حسين، حينها رأي الشقيق محمد أزهري ضرورة الإتصال بالشريف زين العابدين الهندي وإبلاغه بموقفه الشخصي وبمن ينوب عنهم بشأن ما ينتويه الشريف زين العابدين من مصالحة مع نظام الإنقاذ الحاكم، تم ترتيب عملية الإتصال الهاتفي وقد كان عسيرا ً عامذاك بمكتب إحدي الشركات المملوكة لأحد كبار التجار الإتحاديين بوسط الخرطوم وفي منتصف الليل، كان معي في رفقة الشقيق محمد أزهري يومها الشقيق محمد خير حسن محمد خير ونجل صاحب الشركة الذي إختار الجلوس والإنتظار خارج المكتب من باب التحوط والأدب الذي إكتسي ُمحياه وما يزال إلي يومنا هذا، كان الحديث بين الشقيق محمد أزهري والشريف زين العابدين لا يهدأ إلا عندما ينقطع الحديث بسبب رداءة الإتصال، خلاصة ما سمعناه من الشقيق محمد أزهري يومها أن زمان هذه الخطوة لم يحن بعد يا سيدي الشريف وأن القيام بها سيطعن المعارضة في ظهرها وكان آخر مقال الشقيق محمد أزهري وفي لهجة أقرب إلي التوسل: ( يا سيدي الشريف هذه بضاعة مضروبة )..
ظل الشقيق محمد أزهري وعقب هذه المحادثة ُيقلب الرأي مع أشقائه حول مآلات هذه الخطوة وما يترتب عليها في حاضر الإتحاديين آنذاك ومستقبلهم، لقد كانت خطوة الشريف زين العابدين الهندي تلك عند كثير من الإتحاديين هي أول سجود إتحادي في إتجاه قبلة الدكتاتورية والشمولية، كان أهم مترتبات تلك الخطوة أن حزبنا الذي كرَم الله وجهه بعدم سجوده لأصنام الدكتاتورية وأزلام الشمولية قد أصبح مثل بقية الأحزاب السودانية وهي تصنع أو تشارك أو تماليء النظم العسكرية، كان وقع خطوة الشريف ومبادرته قاسيا ً علي كل الأزاهرة من الإتحاديين، فقد تناثرت أشلاء الأهزوجة إياها:
نحنا الجينا بشورة أهلنا ولما حكمنا الناس راضين
ما إضارينا ورا دبابة .... ولا تاجرنا بإسم الدين
وتطايرت قطعا ً قطعا ً في فضاء ٍ كم ظللنا نحن الإتحاديون نحلق فيه لوحدنا دون بقية الأحزاب التي لطخت تاريخها بمخالطتها ومنادمتها لأنظمة القمع والإستبداد، كنا نري أن فعلة الشريف زين العابدين الهندي تلك لا تماثلها إلا فعلة السيد/ محمد عثمان الميرغني عقب إنقلاب مايو بإصداره لبيان تأييده الشهير في ذات الوقت الذي يتعرض فيه الزعيم المؤسس سيدي الأزهري إسماعيل للإغتيال المعنوي والسريري من قبل ُطغمة مايو وُمستبديها، إستقر الرأي علي خطة واضحة لمقاومة مبادرة الشريف زين العابدين الهندي ُوصف منفذوها في الأوساط الإتحادية ب (المكابراب) في مواجهة (المبادراب) من أصحاب مبادرة الشريف زين العابدين الهندي، كانت أولي وأهم أهداف الخطة هي إلصاق المبادرة بشخص الشريف زين العابدين الهندي وإبعادها قدر المستطاع عن دائرة الُطهر الإتحادي الذي إتسم به بروزه وتصديه للعمل الوطني ولتحقيق هذا الهدف كانت هنالك مسارات وبدائل ُمتعددة، ولعل كل المتابعين للشأن الإتحادي يتفقون معي علي نجاح تلك الخطة إذ لا ُتذكر المبادرة إلا وهي منسوبة لشخص الشريف زين العابدين رغم سعيه الدؤوب في تسميتها بغير ذلك.
دعوني أكمل القصة لهؤلاء الحيران من السياسيين بالإتحادي المسجل وللقراء من الإتحاديين، أصبحت مبادرة الشريف واقعا ً وعاد بموجبها للوطن بعد أن سبقه وفدا ً بقيادة د.أحمد بلال، لم يجد وفد المقدمة ما كان يتوقعه من ترحاب وحدثت أولي المواجهات بين الإتحاديين (المكابراب) بقيادة الشقيق محمد أزهري وأصحاب مبادرة الهندي بدار المرحوم الشقيق المؤسس إبراهيم المفتي بالخرطوم (2)، كان المساء يومها في شهر سبتمبر 1996 وهو يغلي بالمظاهرات الطلابية في جامعة أمدرمان الأهلية وسوق الشهداء بأمدرمان وجامعة الخرطوم، كانت تلك المواجهة هي بداية لمواجهة بين تيارين متابينين في الفكرة المرتبطة بالتاريخ والحاضر والمستقبل، وكيما نفهم هذا السطر من الكلمات عودوا بذاكرتكم إلي السيرة الحزبية للشريف زين العابدين الهندي وصراعه المرير مع الزعيم المؤسس سيدي الأزهري إسماعيل بل ومع شقيقه الشهيد الشريف حسين الهندي، عودوا معي بذاكرتكم معي إلي ندوة مدني الشهيرة وبعد إنطلاق المؤتمرات الحزبية للإتحادي الديموقراطي في مارس 1988 حينما وقف الشقيق محمد أزهري وهو في الثلاثين من عمره وفي حضور السيد/ محمد عثمان الميرغني خطيبا ً في جماهيرها ومناديا ً بترشيح الشريف زين العابدين الهندي رئيسا ً للحزب الإتحادي الديموقراطي، إرتجف البعض وسكن البعض الآخر، أما عن ردة فعل الشريف زين العابدين فقد إستدعي وعل
ي عجل الشقيق محمد أزهري طالبا ً منه عدم الخوض في موضوع الترشيح ورئاسة الحزب مرة ً أخري وفي رواية أخري وبلغة أهلنا الشايقية ( عليك الله تاني ما تعقب الكلام دا حتي معا نفسك )، كانت تلك لحظة من اللحظات التي لم تفارق مخيلة الشقيق محمد أزهري.
منذ إنقلاب الإنقاذ في يونيو 1989 وبسط قبضتها الأمنية علي مجمل النشاط السياسي في البلاد إتفقنا علي ضرورة التحرك في إتجاهين، أولهما الحفاظ علي الإرث الإتحادي في مواجهة نظام حزبي عقائدي إستخدم وسيظل حسب قراءتنا له آنذاك الروتين العسكري لضمان بقائه في السلطة لأطول فترة زمنية ممكنة، وثانيهما إبقاء جذوة النضال متقدة في دواخل الإتحاديين ضد هذا نظام الإنقاذ، أحد الأدوات التي إستخدمناها هي الإستمرار في الإحنفال بعيد الإستقلال من داخل دار الزعيم وإحياء ذكري رحيل الشهيد سيدي الأزهري إسماعيل وزيارة قبره لزيادة مخزون المقاومة وإذكاء روح المكافحة ضد النظام، ولعل الجميع يشهد بالدور الذي لعبتهما هاتين الفعاليتين في هذا الخصوص حتي صارتا قبلة ً لكل القوي السياسية ومنبرا ً لتعبئة الشارع السياسي العام بأكمله، وكان الغائب الوحيد عي هاتين الفعاليتين هو المرحوم الشريف زين العابدين الهندي منذ عودة وحتي رحيله في أكتوبر 2006، كان كثير من الإتحاديين يتسآلون عي سبب غيابه ذاك فيجيب الحيران من السياسيين بالإتحادي المسجل إن الشريف زين العابدين لا يحضر حتي إحتفال ذكري رحيل الشهيد الشريف حسين الهندي والذي تقيمه رابطة نساء بري في ساحتها غرب ضريح سراي الشريف، أصدقكم القول أن عدد زيارات الشريف زين العابدين لدار الزعيم لم يتعد الثلاث زيارات، الأولي بعد عودته مباشرة إلي السودان وكانت بغرض البحث عن الدعم السياسي لمبادرته من رابطة الطلاب الإتحاديين الذين كانوا يتخذون من دار الزعيم مقرا ً لنشاطهم وحراكهم فأغضبوه يومها بموقفهم الرافض لمبادرته، الثانية كان
ت للعزاء في وفاة السفير عيسي مصطفي سلامة رحمه الله وشقيق الحاجة مريم مصطفي سلامة حرم السيد/ الرئيس متعها الله بالصحة والعافية وأمد في أيامها، أما الثالثة فقد كانت وحسب رواية البعض في يوم الرحيل المر للشقيق محمد أزهري، ولعل ما يؤلم أكثر هو غيابه عن أربعينية تأبين الشقيق محمد أزهري، أسوق هذه القصص والأحداث لهؤلاء الحيران من السياسيين بالإتحادي المسجل علهم يبحثون عن مبررات أخري ونحن نتناول أسباب تنصل المرحوم الشريف زين العابدين الهندي عما تن الإتفاق حوله خلال الفترة من 13/7 – 15/9/2005.
كيما تمضي المسيرة ومثلما توقعها العزيز الراحل محمد أزهري والذي كان لسان حاله يردد كلما جاءه أحد يحدثه في شأن الوحدة ( يا ليت قومي يعلمون ) إستقر الرأي علي مواصلة العمل وإنجاز إعلان المبادئ في 13/7/2005 بمن حضر من الإتحادي المسجل وكان في مقدمتهم الشقيق الراحل حسن دندش ومجموعته التي إنسلخت من الشريف زين العابدين الهندي وحزبه وفاءا ً للعهد الذي تنكر البعض،، فتواصلت أعمال اللجان والسكرتارية من الكيانات الثلاث حتي مساء الأحد 23/4/2006 بهمة ودأبٍ شديدين يومها تحت الشجرة إياها في الركن الشمالي الشرقي من دار الزعيم الأزهري لوضع اللمسات النهائية لإعلان الوحدة في مايو 2006 .
الزمان: فجر الاثنين 24أبريل 2006م وكما ذكر الشقيق الفلتة محمد أمين مبروك فقد شهقت الربوع وهتفت أمدر أمدر ( يا ولي الله إسماعيل)، (العربة السوناتا السوداء) الدوىٍ اهتزت له المآذن والكنائس.. في تمام الثانية والنصف فجراً توقفت خفقات القلب فإستيقظت (بحري) ولهي من الكابوس .. توهج البرق في سماء الخرطوم المرصعة بالنجوم .. خرجت أمدرمان حافية وحالقة .. ودخلت الأبيض بيت الحبس.
أي فجرٍ مشهود بك وأي حضور؟! أي طريق في هزيع الليل سلكت ؟؟
ثم غبت تماماً كنجم السعد ؟؟
أي خاطرٍ جال بخاطرك الوضئ تلك اللحظة والوطن يهفو بدمعتين لفراقك العظيم؟؟
ارتحلت هكذا باكراً يا عشم باكر.
وحيداً ...وحيداً ... وحيداً يا ويحيد .
وحيداً من الخِلان في كل مهمة
إذا عظم المطلوب قل المساعد
عٌظمت المهمة ونأت بها الجبال
في وطنٍ تفردَ
يُورد الأفذاذ حتم الموت
وكان يصب أحرفُة العشية في غنائك
تكمل المشوار وحدك
شمعةٌ صُغري علي دَرج الرياح
أصدقاؤك المتنبئ وسند ينصبان ظلك في الأرض،،، والنهر في طريقه الحتمي نحو الشمال ، ونحن نطفو ونغرق .. نغرق ونطفو !!
ثم بكينا عند (الشيخ قريب الله) في طريقنا إلي مقابر البكري .. إلي المزار الأزهري العظيم .
.............................................
أيها الراحل في الليل وحيداً .... من أين جاءك النداء فاستجبت ؟!
من أي نبع ومن أي منهل ومن أي صوب ومن أي حي ...؟!
أهو نداء النجوم الزواهر... الأزهري وزروق وعوض الله والفضلي وشيخ المرضي وأبوحسبو !
تقديراً : سمعته حين مررت مسرعاً (وقرآن الفجر) بشارع سيدي علي في طريقك إلي أمدر في ذاك الصباح .
يقيناً: سمعت الهاتف حين لاح عن يمينك الشارع المؤدي إلي بحري نصر الدين ، شارع عبد العزيز محمد داؤود ...
أم تراه الن
داء انبعث من جهاز السيارة عبر صوت المغني يهزج شاكياً حزيناً.
" قلبك عارفو أبيض ، أبيض عارفو أبيض، وكلك حسن نية!"
ونسيم الفجر يداعب الفكرة لحظة التكوين الأولي
هنا وفجراً في انتظار الفجر وصبح الخلاص؟!
وحدك؟
أنت يا أزهري في أنشودتك اليانعة الشجية
تر المدى المشدود هواك
أنغامي فيهو إليك هواي
ليل الشقي الممدود أساك
تلقيني بنزف فيهو دماي
أنا ياني وليك ولي هواي
أنا ما براي
وأنا ما براي !"
نحن قلنا " إن كنت قلت ذلك فقد صدقت ... ما براك وقد نزفت دماك في ليل شقانا الممدود بيدٌ دونها بيد.
من أي قبيل أتاك النداء يا رهيفاً لا ترفض لرهيف النداء ..؟!
أناداك أهل الحضرة بجناب جدك ولي الله إسماعيل
أم أهل السياسة والكياسة بجناب المعلم الأول الأزهري النكس ذٌري العلمين .
أم أهل الثقافة والقيافة علي المك وصحبه الراحلين كالنوار خلسة ؟!
أم قبيل الفن الأنيق الرفيع المصطفي أحمد وأبوداؤود وبيتهوفن وباخ وبوب مارلي..
أم الشعراء من امرؤ القيس وقد بكي صاحبي لما رأي الدرب دونه..
إلي الأستاذ وقد صحب الناس قبلنا ذا الزمانا...
حتى نرد منهلك العذب يحمي وارده الأيهمين صلاح سطيح والطيب برير
فإذا الأمر .. كما قال برير:
هو أنت صدقني لتدرك انك المنساب في شريان
أغنيةٍ من الأمجاد كم ُطمرت برخو مواقف الأخوان
من باعوك بخساً قوَسوا الأمجاد جسراً للعبور
............... سوف تبقي دائماً فينا وحادينا
والأرغن يتأوه لا يصدق بعد أن هاتيك الأصابع الذهبية لن تداعبه مرة أخرى .. والي الأبد !!!
والباب المتاكا علي الشارع أبداً وفي كل الأحوال !
إذ ينحني لعظمة هذه الجدران المعبقة بالمبادئ الصادقة ينحني الكبير والصغير .
الأباطرة والشيوخ الرهاف
الخيرون والأشرار ... يدخلون ويخرجون
وأنت (بعيون أجيال) تستقبلهم هاشاً دائماً ضاحكاً وصافياً وهم
يدخلون ويخرجون .... يخرجون ويدخلون
من لتلك الجدران بعدك ؟
ومن أين لي فصل الخطاب!!
لله درك يا قدر
وحدي أنا.. طمس الظلام هويتي
وعبرت أنت إلي القمر
والضوء يكمن في يدي
والشمس ترقد في صفاء
ها .. سوف نبقي مثل نجم السعد نحيا بالدواخل ريثما تصفو السماء!
عذرا ً شقيقي مبروك هلا سألت نفسك ما سألتها:
هل سعدوا بهذا الرحيل ؟؟ لا أدري ولكن ما أجزم به أنهم ناموا وليس في عيونهم قذي، لكن الحيوية الفوارة للجسد الإتحادي أيقظتهم من سباتهم الهنيء متي ؟؟ كيف ؟؟ هذا ما سأحاول الإجابة عليه في الحلقة الخامسة والله والوطن والحزب من قبل ومن بعد
Mohamed Esmat Yahia AbdAlla HQ [[email protected]].


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.