أستاذ بجامعه الخرطوم(تخصص فلسفه القيم الاسلاميه) [email protected] تعريف: العنصريه هي التقاء على إحدى المميزات القبلية، أو الموروثة عن الطور القبلي، مثل: وحدة الجنس، أو الأصل(العنصرية العرقية كما عند الجماعات القبلية)، أو اللغة، أو التقاليد( العنصرية الثقافيه اللغويه كما عند الجماعات الشعوبية). وهنا يجب ييز بين العنصرية التي مصدرها شعوب وقبائل تجاوزت فعلاً الأطوار القبلية والشعوبية إلي طور أمة؛ فأصبحت جزءاً من كل، ومرجعها محاولة العودة إلى علاقة أضيق؛ نسبة لظروف تاريخية معينة، وبين عنصرية مصدرها شعوب أو قبائل لم تتجاور بعد الأطوار القبلية، أو الشعوبية. فهي كلٌّ قائم بذاته لا تشترك مع غيرها في أي شيء لا اللغة، ولا الثقافة ولا الدين. و قيام دولة تضم هذه الجماعات). وفيمايتعلق بالمجتمعات المسلمه فانه عندماظهر الإسلام كانت أغلب الجماعات في المنطقة قد أصبحت إما شعوباً أو قبائل تتميز بأصلها الواحد وتسوء فيها بالتالي العنصرية؛ بمعنى اعتقاد كل جماعة بامتيازها على غيرها احتجاجاً بأصلها الواحد. وعندما جاء الإسلام بدين دعا إلى المساواة "وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا، إنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدِ اللهِ أنقاكم". وعمل على نقض العنصرية كما يدل على ذلك جملة الأحاديث الواردة في ذم العصبية، ثم ترك هذه الجماعات تتفاعل تفاعلاً حراً مع الأرض المشتركة وبالتالي صنع من تلك الجماعة أمة.غير أنه نسبة لتخلف النمو الاجتماعي للمجتمعات المسلمه عادت العنصرية كمظهر مسلكي سلبي فى هذه المجتمعات . العنصريه و اللون: تستند العنصريه فى اغلب الاحوال الى اللون رغم اناللون ليس أكثر من الاستجابة الفسيولوجية(من ضمن استجابات عديدة) لمتطلبات المناخ ثم ينتقل بالوراثة خلال مراحل زمنيه طويلة نسبيا،فهو عمليه ماديه يخضع لها كل البشر ولا تقوم مميزا اجتماعيا أو حضاريا بين البشر. فهو نتيجة ملائمة بين التكوين الفسيولوجي للإنسان وبيئته الجغرافية خلال مراحل زمنيه طويلة وليس لها مدلول يتجاوز هذا.(د.عصمت سيف الدولة،النظرية، بيروت ،دار الوحدة، 1971، ص258)، يترتب على هذا ان مكافحه التفرقة العنصرية تستند الى مقوله علميه هي أن الناس لا يتميزون فيما بينهم بألوانهم. العنصريه والرق: وقد اقترنت العنصريه تاريخيا بالرق الذى هو احد الممارسات السالبة التي عوقت التقدم الاجتماعي للمجتمعات الانسانيه ، وترجع جذور الرق إلى الأطوار القبلية في كل أنحاء العالم كحل سلبي لمشكله أسرى الحروب القبلية،وعلى هذا مارسته كل المجتمعات في أطوارها القبلية،وحسب ماركس فان الرق هو احد مراحل تطور النظام الاقتصادي الاوربى الذي عممه على العالم، فهذه الممارسة لم تكن مرتبطة بلون أو جنس معين(وهو أمر لم يكن مبنيا على اللون بدليل أن العرب في الجزيرة العربية كانوا يسترقون الفرس والروم وكن هؤلاء ذوى بشره أكثر بياضا من العرب أنفسهم كما كان يوجد عرب خالص مسترقون بالاضافه إلى اؤلئك لقادمين من أفريقيا)(د.عبد اللطيف البونى،الهوية السودانية: منظور تاريخانى،أوراق استراتيجيه، ص27). وقد كان المجتمع القبلي العربي الجاهلي يمارس هذه العادة كغيره من المجتمعات التي لا تزال في الأطوار القبلية،وعندما جاء الإسلام تعامل مع هذه الممارسة على المستويين النظري والعملي ،فعلى المستوى الأول الغي الإسلام الأساس النظري الذي تستند إليه هذه الممارسة بتقريره المساواة بين الناس، أما على المستوى التطبيقي فكان يهدف إلى الانتقال مما هو كائن إلى ما ينبغي أن يكون (بالتدرج مما هو كائن،إلى ما هو ممكن، إلى ما ينبغي أن يكون) وذلك استنادا إلى قاعدة تضييق المدخل(بحضر سبب الرق في احد الخيارات المتاحة للمسلمين تجاه مصير أسرى الحرب المشروعة للدولة والتي تتم طبقا للضوابط الاخلاقيه التي حددتها بجانب خيارات أخرى كالمن والفداء، ومنع الأسباب الأخرى كالعدوان القبلي أو الفردي...) وتوسيع المخرج(بتقرير تحرير الرق ككفاره لكثير من الذنوب وكعباده وقربى لله تعالى...) ،ورغم ذلك فقد استمرت هذه الممارسة في المجتمعات المسلمة كمحصله للتخلف الاجتماعي الذي أصاب المجتمعات في مرحله تاليه نتيجة لعوامل تاريخية سياسية اجتماعيه... متفاعلة.كما ظهرت تجاره الرقيق كمرحله من مراحل تطور النظام الاستعماري الغربي في مرحله تاليه. آليات تجاوز العنصرية: يترتب على كون العنصريه هي التقاء على إحدى المميزات القبلية، أو الموروثة عن الطور القبلي ، أن الجماعات القبليه او الشعوبيه المتعدده ، رغم انها قد تتفاوت فى مدى انتشارالعنصريه بين افرادها او فى شكلها، الا انها غير مقصورة على جماعة قبليه او شعوبيه معينة، بل تمتد لتشمل كل الجماعات القبليةوالشعوبيه، إذ كل جماعة منها ترى أنها تمتاز عن غيرها. وبالتالي فإن إبقاء أو إلغاء العنصرية مسئولية مشتركة، وليست مسئولية جماعة قبلية أو شعوبية معينة. ان هناك امكانيه لتجاوز العنصرية ،لكن هذه الامكانيه مشروطة بالعمل المشترك والتدريجي (التراكمي) على تغيير أنماط التفكير(الذاتية) والنظم(الموضوعية) التي تكرس لتخلف النمو الاجتماعى والحضارى الذى بفرز عددا من انماط التفكير والسيلوك السلبى ومنها العنصريه. كما ان تجاوز العنصريه لا يمكن ان يتحقق الا من خلال بعدين: البعد الاول هو التحرر من وهم امتياز جماعه قبليه معينه على غيرها ، وما يترتب عليه من انماط تفكير وسلوك سلبيه تجاه الجماعات القبليه الاخرى ، والبعد الثانى هو التحرر من الشعور بالنقص( ومحاوله تعويضه بشكل سلبى) الذى يمكن ان تفرزه هذه الانماط الفكريه والسلوكيه السالبه الممارسه من قبل جماعه قبليه ضد اخرى . -للاطلاع على مقالات أخرى للدكتور صبري محمد خليل يمكن زيارة العنوان http://drsabrikhalil.wordpress.com) ).