تحدثنا وغيرنا فعل ذلك كثيرا حول خطورة العمالة الوافدة ، وتفلتاتها ، حتى باتت الخرطوم تتحدث لغات ولهجات كثيرة ، تكاد تلوي اللسان العربي من كثرة مجارة محادثة "العجم" .. نعم تحدثنا كثيرا عن خطورة العمالة الوافدة وبخاصة "البنغلادشية" التي سممت جرائمها هواء الخليج العربي .. وبهذا القول لا نود ان نلقي بالتهم جزافا ، او حتى نعمم الامر على انه ينسحب على كل " بنغالي"، غير ان الغالبية العظمى تبدع في ابتكار الجريمة ، ومضابط الشرطة في المملكة العربية السعودية ، وبقية دول مجلس التعاون الخليجي تشهد بذلك . وحتى لا نذهب بعيدا دعونا نتوقف امام إفادات وزير العمل فرح مصطفى وهو يقول امام ورشة عمل عقدت بمبنى البرلمان : ان العمالة الوافدة باتت تشكل هما للجهازين التنفيذي والتشريعي بالدولة، مشيرا الى تصاعد اعداد الوافدين الى السودان بعد اتفاقية السلام الشامل الى 33.812 عاملا، تشكل قارة اسيا 45.4% منهم بعدد 16.274 عاملا، والعمالة الافريقية 11.869 عاملا، نظير 6،670عاملا اوربيا. . وحينما يقول وزير العمل بذلك فانه يعتبر اعتراف رسمي بخطورة الامر الذي يجب تداركه قبل فوات الاوان. .. وبنظرة متأنية نجد ان كثير من العمالة الاجنبية في بلادنا لاستعمل في مهن تحتاج لخبرات "خارقة او نادرة" ، وهل تنظيف واجهات زجاج مطار الخرطوم ، وحمل العفش يحتاج لأجانب ، في حين تكتظ اسواق الخرطوم بالذين يبيعون الماء البارد ، و"المساويك " ، وهم في حاجة حقيقة لتوفير فرص عمل ، الامر لا يتوقف عند هذا الحد بل حتى قيادة "الامجاد والركشات" اصبحت مملوكة لغير السودانيين الباحثين عن فرص عمل تدر عليهم كسبا مشروعا ، بل الكلام دخل الحوش حينما اصبحنا نتعاطى مع الخادمات ،حتى في قرانا البعيدة !. مشكلة الحكومة تتعامل مع مثل هذه القضايا بشيء من الاهمال ، طالما اضحت مشغولة بقضايا تحسب انها مصيرية ، وتكمن الخطورة في حقيقة ان الحكومة حينما تفرغ مما تسميه بالقضايا المصيرية ، أي كان نوعها ، ستجد ان جهودها اضعف من اعادة الامور لنصابها ، فالأجانب غير الاكفاء تجاوزوا الخرطوم بأطرافها وحاراتها ، ووصلوا الى اقصى الارياف ، وهو تغلغل خطر ، من شأنه ضرب النسيج الاجتماعي في مقتل . بطبيعة الحال نحن لا ندعو الى هجمة على الاجانب ، ومثل هذه الهجمة لو حدثت علينا هنا في " الخليج" فلن تسعد احد ، بل ستخلف مرارة خطيرة، ولكن الامر يتم بالقانون ، وبحث اولويات الاحتياجات الحقيقة من العمال الاجانب ، ووقف منح تأشيرات للشركات والمؤسسات الا بحسب الحاجة الفعلية ، واخضاع الوظائف جميعها لفحص دقيق ، وحينما لا يتوفر" سوداني" قادر على شغل أي منها فجميعا سنقول للأجنبي مرحبا ، حتى لو كان " بنغلاديشيا" . ولانريد لقضية العمالة الوافدة ببلادنا ان تصبح حكاية بلا نهاية.