بسم الله الرحمن الرحيم علو في الحياة وإن شاء الله علو في الممات: سيدتنا الحاجة بهيجة حسن عثمان البحر في السنة الأخيرة وبعد كل مكالمة تلفونية ،، يزداد الهم ،، فالرحيل قد شارف وأزف ،، وكانت هي ،، هي مأساتي ،، كيفية غيابي – كالكيفية عن نبي الله عزير عليه السلام – عن الإمساك بطرف البرش أو السجادة لإشارك برفق في إنزال جسدها المنهك الذي أضناه المرض غير ملطشة طب خرطوم الإنقاذ ،، فالمرتبة مرتبتنا ،، الملاية ملايتنا ،، والمخدة مخدتنا ،، غير صوت الممرضة الأجش الخالي من أي رحمة: "ما تنسوا تقلبوها" "وتدلكوها" وتأكلوها وتشربوها" ثم الطلب السخيف (عاوزين حق الفاتورة) ،، كأنما نحن كلنا (المريض والمرض والتمريض) ،، والمئات من الألوف بالقديم أو الجديد نظير وقفتنا وحتى أبجديات أخذ الحرص من حقنة البنسلين و .. و .. تعطي الدواء لذي السقام وذي الضنا كيما يصح به وأنت أنت سقيم فمن منا يا ترى هو المريض في أخلاقه وضميره ومُثُله ،، ونفسه ونفسياته .. ولا أزيد ثم جائني الخبر اليقين بعد ثانيتين أثنتين فقط من إسلامها لروحها الطاهره إلى بارئها ،، بصوت متهدج ،، منكسر ،، إنهمرت قطرات دموعه الحرّى فوق رأسي نباءً صاعقاً ،، تجمدت على إثرها ،، توفيت إلى رحمة مولاه ،، الوالدة ،، الصديقة ،، الأخت ،، النسيبة ،، الرفيقة الملهمة ،، أم أولادي بل وأمي أنا الحاجة بهيجة ،، نعم إنها المشيئة الإلهية والحمد لله أولاً وآخراً ،، كانت حقاً وزينةً وواقعاً ،، العلو في الحياة ،، وإن شاء الله برحمته ولطفه ،، العلو في ملكوت السماوات. أدب السير في المجتمعات المتخلفة ليس له محل من الإعراب ،، فالمعدة أو قل (قفة الملاح) ،، عطلت الملكات العقلية والفكرية في سودان الإنحطاط السياسي والإقتصادي والأخلاقي ،، فالفقر كان ولا زال هو في الإفلاس مخلوطاً بالحقد والكراهية وما مهنة الطب إلا إنعكاس حقيقي لذلك البؤس الكالح والسقوط المهين ،، إسمعوا الطبيب وهو يزجر مريضه: "قول كلامك سريع ،، أنا ما عندي وقت تحكي لي فيع تاريخ حياتك ،، أنا عندي ناس عيانين واقفين لي صف" ،، هل يستطيع هذا الطبيب الجبان أن يتفوه بحرف واحد مما قال لأي مريض بريطاني حيث تأهل علماً ولكن للأسف دون سلوكاً أو أخلاقاً ،، فجاء بنفسه وترك القيم الطبية حيث كان ،، ليبرطع ويدوس كما شاء ببراطيشه القديمة ولقبه الجديد وينطق بفاه نتن ليبول فيها على أبو قراط وقسمه ،، فالقسم عند أطباء اليوم ،، هي شونة أو مخزن ،، كراكيب ،، أخلاقيات العالم الأرضي *-----* إنقسمت حياة طيبة الذكر الوالدة بهيجة ما بين مولدها في 1933م، إلى حين وفاتها في 2012م، إلى عدة مراحل ،، نوجزها في الآتي: 1- مرحلة أولى من فبراير 1933م إلى حين زواجها في ديسمبر 1953م، تحت رعاية والدها المرحوم إن شاء الله الأنصاري ،، المهندس حسن عثمان البحر. 2- مرحلة ثانية من 1953م، وحتى وفاة زوجها المغفور له بإذن الله ،، الدكتور حسن عبداللطيف الفكي أحمد في 18 أكتوبر 1972م ،، غير أنها كانت الفترة الذهبية ،، إلا أنها إزدانت بإختيار والد زوجها المرحوم إن شاء الله الشيخ عبداللطيف الفكي أحمد ،، ليعيش في كنفها وتحت رعايتها لحوالي العشرة أعوام رغم أنه كان له الولد وكن له البنات ،، فكانت هي الوحيدة دون غيرها من تشرفت برعايته. 3- مرحلة ثالثة من أكتوبر 1972م، وحتى مشارف 1982م، كانت تحت وصاية من نصّب نفسه بغير حق وصياً عليها رغم أن المرحوم الدكتور حسن لم يترك قط أي وصية ،، بل ترك الأمر جله لها ،، فتميزت تلك الفترة بالظلم والظلام ،، كانت كابوساً مخيفاً ،، وصل بها المدى إلى " فاليم تن " ،، إستكثروا عليها حتى نقلها إلى البنطون عندما تؤدي واجبات العزاء ،، فتمتطي البنطون مع الخراف والأغنام ،، والعربة فارغة بجاورها في نفس البنطون ،، وتلك فترة نرصدها في كتابنا القادم سرداً لسيرة الحاجة بهيجة بإذن الله. 4- مرحلة رابعة وأخيرة، حين تشرفت بإنتقال إدارة دفة سفينتها ،، عند ظهوري على مسرح حياتها ،، صهراً وزوجاً لإحدى كريماتها ،، ثم راعياً لبقية العقد الفريد *-----* كنتي كبيرة ،، لأنك يا بهيجة أنتي أنتي أصلاً كبيرة "بحرك يا بت ود البحر عميق" وسفينته كانت ولا زالت بحول الله محكمة الزاد. كنتي عزيزة ،، لأن الأصل عندك هو العز ،، أليس "العز أهل؟؟" ،، وكنتي أنتي ،، أنتي عزيزة عندنا ،، دوحة سامقة ظلها وريف ،، وكلما إشتدت عليها العواصف وأعاصير البغض والكراهية ،، التعالي ،، التنطع الفرعوني الأجوف ،، كنتي تسمو بكبريائك العريض " عينك والله مليانة " ،، وعيونهم " والله طايرة وغايرة " ،، نفسك " بالجد كبيرة " ،، ونفوسهم " بالحق رخيصة ،، بائسة وتعيسة " ،، كنتي رفيعة ،، لأنو الأصل عندك هو الرفعة ،، فحين تكبر الصغائر عندهم ،، كانت وحتى وفاتك ،، تصغر عندك الكبائر. أعرفتم لماذا أنا الأسعد برفقتها ،، كيف لا ولا ،، كنت مجتهداً ،، وسأظل كذلك لأرقى رقيها ،، لا مساومة عندك يا بهيجة في الوعد والعهد ،، فمقاسه معروف ،، ميزانه مفهوم ،، طوله وعرضه معلوم ،، مذكور ،، ومؤكد ،، خطك المستقيم هو ما بين النقطتين ،، البداية كالنهاية ،، علو في الحياة ،، وبلطفه ورحمته علو في ملكوت السماوات. عذري وإعتذاري يا بهيجة ،، فلقد عودتينا أن عربتك ليس فيها سرعة الخلف ،، فهي دائماً إلى الأمام ولكننا مع التاريخ ،، لا بد أن نرصد ،، نسجل ،، ونكتب ،، لأن الميزان الأزلي هو (وكفى بنا حاسدين) ،، نشروا صحيفة مقاطعتك أنت وحتى صغارك اليتامى ،، نعم ،، أنت أنت واليتامى ،، كانت جاهلية بغيضة ،، حتى عند بني عبدالمطلب الأصل كانت عامين إثنين فقط ،، ولكن عند بني عبدالمطلب الفرع ،، الزيف والكذب والضلال ،، إستمرت لأربعين عاما ،، حتى لقيتي ربك راضية مرضية ،، كنتى فيها وخلالها ،، الجبل الأشم ،، الثابت القوي ،، الذي لم يتزحزح قيد أنملة ،، ولم يكن فيهم أو منهم من شذ ،، ليمزق الصحيفة التي أكلتها دابة نفوسهم المريضة ،، ليتفرقوا بعدها ،، ليقبل بعضهم على بعض يتلاومون ،، ولكن بين الحين والآخر ،، يظهر منهم مؤخراً ذلك النبت الشيطاني ،، يحدث عن القربى وصلاتها ،، وكأنما صلة الرحم تذكرة قطار موسمية ،، ولا أستثني منهم غير المرحوم بإذن الله السيد يوسف إسحق ،، حاملين أبداً راية القبلية البغيضة ،، والتمشدق المأفون بلفظ " الحلبية " ،، فمن منهم يا ترى كان صهيب الرومي ،، أو سلمان الفارسي ،، وهل كان بلال الحبشي ،، شكرياً أو بديرياً ،، وأين سفهاء شرق النيل من دار الهجرتين. إسمحي لي ،، يا سيدة بهيجة ،، على أعتاب دواخلك الكبيرة ،، المتشحة والمتوشحة بألوان جماليات قوس قزح ،، تعرفي الواجب ،، تؤدي الحقوق ،، تصوني البيوت ،، كتومة وصامته في مقامات ،، " إيدك في مفحضتك " ،، أنا أبكيك بما تبقى لي من كبد ،، بيض الصحائف لا سودها ،، في متونك جلاء الشك والريب ،، هناك ،، هناك عندك ،، وجدنا " لتسكنوا إليها وجعلنا بينكم مودة ورحمة " ،، وماذا في الحياة غير ذلك. لك العهد ما حيينا ،، إن شاء الله سنحافظ على إرثك في القربى واليتامى ،، سنوطنها ونوطن إن شاء الله ثقافتك حسب الأصول وكما أوصى به المغفور له بإذن الله حسن عبداللطيف الفكي أحمد ،، شجرتنا إن شاء الله ،، أصلها ثابت في الأرض ،، فرعها عالٍ في السماء ،، تؤتي أكلها إن شاء الله ،، علماً ومعرفةً ،، بحثاً وتطويراً ،، أمناً ووفاء ،، وليست رسماً كاريكتورياً مضحكاً يثير الرثاء ،، لا لون ولا طعم له ولا رائحة . حذاري ثم حذاري ،، أن يفهم أن الأسرة تتحدث عن ميراث ،، كان ذلك جنينة ،، ريعٍ أوإيجارات ،، مصنع ثلج ،، أو غير ذلك من بضاعة مكتسبة بغير وجه حق ،، حتى لو كان ذلك الحق ،، حقاً شرعياً فصلته الشريعة السماوية في سورة النساء ،، فاسمعوا واعوا ،، أربعون عاماًقد مرت فمن منّا كانوا " سماعون للكذب سماعون لقوم آخرين " ،، ومن منّا يا ترى " سماعون للكذب أكالون للسحت " ،، فالحاجة بهيجة بحمدٍ من الله ذهبت ولم تسع مطلقاً إلى سدسها الشرعي ،، فهي لم تتعود أبداً أن تغسل وجهها بالماء الآسن ،، فالسيد االحاج ممرض عيادة الدكتور حسن عبداللطيف ،، ذهب إلى رحاب الله قبل أسبوع واحد من رحيلها هي ،، ألا تعرفون الحاج ،، أنسيتم الحاج ،، فإن كانت اليد الممدودة تنسى ،، فهل كانت تلك التي تسلمت تنسى ،، ما لكم كيف تحكمون ،، أم تريدون أن تغسلوها بدموع التماسيح ،، أم ببرقيات عزاء وضيعة ،، خالية من وجدانيات الفراق الأبدي. ذهبت بمفردها ،، والقلة بحمد الله أصبحت كثرة ،، وأربعون عاماً قد مضت ،، ذهب فيها من ذهب ،، وبقي من بقى ،، فأجيالنا الجديدة تريد أن تعرف الحقيقة ،، فإن أردتم القربى حقاً وصدقا ،، ردوا إليهم صورهم الفوتوغرافية التي تنشر في مواقع التواصل الإجتماعي ،، إن أردتم القربى ،، ردوا إليهم صورة الدكتورة هند حسن عبداللطيف وهي تقدم الهدية إلى البريطانية الأميرة آن ،، ردوا إليهم مخطوط الدكتور حسن عبداللطيف (بخط يده) والتي نشرتموها كتاباً بغير وجه حق ،، تحدثوا إلى صاحب الأستديو سابقاً ،، المقيم حالياً بأمريكا ،، أن يعيد ما لديه من ممتلكات ،، تحديداً صورة الدكتورة هند وشريط الريل ،، فالأسرة تبحث عن إرثها الثقافي وليس ذلك المادي ،، فإن كان الدكتور حسن عبداللطيف طبيب أسنان ،، فبحمد الله الدكتورة هند تدرس علم طب الأسنان. الحاجة بهيجة ،، ذهبت راضيةً مرضية ،، محاطة بهم ،، بناتها وحفدتها ،، حامدةً وشاكرة ،، قانعة وصابرة ،، وعندما أزفت ساعة الرحيل ،، وسيدنا عزرائيل عليه السلام يقوم بواجبه الأزلي ،، أرسلت لنا جميعاً أخر نظراتها ،، عبر من كانت دائماً وأبداً عصاتها التي تتوكأ عليها ،، إن شاء الله عفو ورضوان ،، إلى لقاء آخر قريب إن شاء الله في الحياة الأبدية ،،، رحمة الله وبركاته عليك ،،، رحمة الله وبركاته عليك الحاجة بهيجة حسن عثمان البحر. سادتي ،، آل حسن البحر وشافعي ،، آل محمود السيد ،، آل كابتن شيخ الدين ،، آل الدكتور صلاح الدين أمبابي ،، آل محمد الماحي ،، آل عابدين عوض ،، آل الدكتور عامر محمد صالح ،، فلنرفع الأكف بالدعاء لها ولأمة محمد صلى الله عليه وسلم ،،، بالرحمة والمغفرة والرضوان وأن آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. إبنك المكلوم عبدالرحمن عبدالقادر مكةالمكرمة 6 رجب 1433ه الموافق 27 مايو 2012م Muhammad Elamin [[email protected]]