اشتهر ميشيل دي مونتين بأنه سيد القرن السادس عشر. وإمتاز القرن السادس عشر بأنه قرن الإنسانيين.فأصبح الإنسان مركز الكتابات الأدبية والنشاطات الفنية. اقترن إسم مونتين بالمقالات فكرَس لها حياته وأصبح ينسب الي المفكرين ذوي الكتاب الواحد. قبله بقليل رصدت رسالة مكتوبة باللغة اللاتينية من أب لإبنه سافر لأجل الدراسة وكان يحثه علي الإنفتاح والمثابرة عبر كل السبل التي تؤدي للمعرفة حتي علوم الإسلام. وحينها كانت الروح الشائعة تري في الإسلام دين يجسد الوثنية و لكنه نصحه بالإطلاع علي تعاليمه. ولد ميشيل دي مونتين عام1533. ومن المفارقات أن يتزامن قرن الإنسانيين مع قيام دولة الفونج التي مازالت تنجب اللا إنسانيين ومشاريعهم الزائفة كبدعةالتوجه الحضاري تاج مشروع الإسلاميين الفاشل.وكذلك مازالت دولة الفونج تنجب الربانيين وعباراتهم الفجة كعبارة عبدالله علي إبراهيم "نحن أحسن العرب وأحسن الأفارقة ولو كره الكافرون" . مثل هذه العبارات جلبت الإحن والمحن ووطنت المراثي التي لا يستطيع حتي أرميا النبي عدها. ولكن عزاءنا الوحيد أنه يعد من النخب التي أدمنت الفشل . أبحر مونتين في الماضي البعيد ورست سفنه علي شواطي فلاسفة الإغريق وأختار من بينهم تيرونس بربري الاصل .كان تيرونس عبد حينما كانت أثينا لا تعرف الإستحاء وكانت طبقاتها من الفلاسفة والجنود و العبيد. نبهت كتاباته علي عبقريته الفذة فأعتقه سيده . اما مقولته الخالدة كانت علي لسان أحد أشخاص مسرحه . وهي أنا إنسان ولم يعد غريب لدي كل ما هو إنساني. إلتقطها ميشيل دي مونتين وأصبحت تجسد قلب وعقل كتاباته.فأصبح يري في كل إنسان تجسيد لتجربة الإنسانية مجتمعة . ركَز ميشيل دي مونتين علي المعرفة التي تمنح الفرد القيم الجديدة .كحرية الفكر وإنفتاح الروح والتواضع والتسامح وحب الحياة. وهذا ما يحتاجه الإنسان . ميشيل دي مونتين في المقلات لا يحدد جوهره ولا مآله الذي يصير إليه . وهنا يظهر الفرق بينه وسانت أغسطين في إعترافاته. آمن ميشيل دي مونتين بالتباين والإختلاف ليجسد روح التواضع والتسامح ويبتعد عن التعصب الذي تجسده عبارة نحن أحسن العرب وأحسن الأفارقة ولو كره الكافرون. غربة ميشيل دي مونتين امام نفسه جعلته أقرب للآخريين وأخ لكل إنسان. وهي تلخيص لمسيرة الإنسان عبر التاريخ ومحاولته لمعرفة نفسه بنفسه عبر إرشادات سقراط ومن هو الإنسان ؟ سؤال إيمانويل كانت . ومن هنا تتضح أبوة ميشيل دي مونتين لإيمانويل كانت في مجال الأفكار. وتبدو شجاعة كلود ليفي اشتروس في إختيار ميشيل دي مونتين كمعلم له في إيمانه بالإختلاف. ومن سؤال إيمانويل كانت إنبثقت فكرة الأممالمتحدة وهي اليوم إنعكاس باهت لفكرة عظيمة ستتحقق يوما ما وحينها يكون الأخاء الإنساني ممكن. أيام الحرب الدينية التي إجتاحت فرنسا كان ميشيل دي مونتين محطة تصالح بين الكاثوليك والبرتستانت . لم ينحاز لفئته ضد الآخريين.كان يجسد الإنسان حينما عم التعصب كل أجزاء فرنسا كما التعصب اليوم في السودان كإستهداف النوبة في الجبال وفي الخرطوم وإستهداف طلاب دار فور في الجامعات السودانية وقتل أهل النيل الأزرق . فغدا سوف تشرق الشمس ويطل الربيع ويصبح الإنسان أخ الإنسان . وحينها ستنطوي صفة التوجهات الحضارية الفاشلة وستنطوي حقب النخب الفاشلة . Omer Omer [[email protected]]