تلقيت إتصالات من بعض زملاء المهنة حول ماتطرقت إليه أمس في هذه المساحة تحت عنوان (صحافة في الدلالة) ودارت بيننا نقاشات طويلة حول الموضوع وتشعب النقاش في بعض الأحيان لوضع الصحافة بصفة عامة والسقف الذي تتحرك تحته وهو ماإستند عيله أحد الزملاء تبريرا لما ذكرته أمس عن إتهامات تلاحق الصحافة بالفساد وكيف أن بعضها وصل مراحل من الإنحطاط بالدرجة التي أصبح معها الخبر يباع علي عينك ياتاجر والعمود يدفع ثمنه مقدما وصفحات كاملة تعرض في سوق الله أكبر والحوار تتم المفاصلة فيه التصريح البارز والصورة (المتوهطة) مالهما في الحفظ والصون ووصل الأمر مراحل متأخرة للغاية ببيع الصحيفة بالكامل لمن يرغب .. هذا الجزء الذي كتبته أمس يراه البعض ومنهم أحد الزملاء واقع مفروض لامجال للفكاك منه. وعندما تسأل عن الأسباب التي تجعله واقعا مفروضا بحيث يصعب الفكاك منه؟ تأتيك إجابات يمكن تلخيصها في كلمتين (التشجيع علي الفساد) .. علي رأسها واقع الصحفيين وضعف المرتبات التي يتقاضونها ولايكتفي (المبرراتية) بذلك ويدعمون إباحة الرشوة بتأخيرها في بعض المؤسسات الصحفية لفترات تتجاوز الشهرين والثلاثة وكأنك مطالب في هذه الحالة أن يسقط في يدك وتعلن في لحظتها تضامنك مع المرتشين والفاسدين من الصحفيين . المضحك أن هناك من يعتبر هذه الحلقة هي الأضعف في الفساد ( ضعف المرتبات وتأخرها) ويرون أن جهابذة المرتشين والأساتذة المعتمدين هم بعض الكبار في هذه المهنة الذين تتفاوت أسعار بعضهم بين العملة المحلية والعملة الصعبة ومن الطرائف أن أحد هؤلاء الكبار رفض مع أزمة الدولار الحالية أن يستلم المبلغ المتفق عليه بسعر البنك وأصر علي سعر السوق الأسود . من المفارقات أيضا في سوق المرتشين من المهنة وجود مصطلح متداول وسطهم يتداولونه بكل الأريحية والبساطة الموجودة في هذا العالم يعبر عن حقيقة هذا الواقع أبلغ تعبير ولك أن تتخيل أن كلمة (رشوة) المتعارف عليها تراجعت إلي كلمة أكثر وضاعة هي كلمة (زبالة) .. فالمرتشي لايجد أي حرج في أن يعلنها علي الملأ (اليوم الزبالة كانت ضعيفة) سمعت أحدهم وهو يؤكد (الزبالة ما إحترمتني ولاإحترمت مكانتي رجعتها أبيت عديل أشيلها دي يزبلو بيها ناس فلان وعلان) سمعت أيضا من أحدهم (الزبالة كانت سمينة وجاتني أكتر من المتوقعها ) .. مصطلح (الزبالة) أخذ أبعاد مختلفة فصار المرتشين هم (المتزبلين) والراشين هم (المزبلاتية) .. وأصبح (للزبالة) أدب وثقافة ومنظراتية وأساتذة لايبخلون بعلم (التزبيل) مع الوافدين الجدد بتعليمهم الأساسيات ومتغيرات المنهج مع تغير طبيعة الراشي أقصد (المزبلاتي) فالزبالة قبل عشرة أعوام تختلف عن الآن وتركيبة شخصية (المزبل) تغيرت مائة وثمانون درجة وهذا يتطلب تغيير التكتيكات . هذا الواقع المقرف المهين لمهنة محترمة مثل الصحافة مطلوب منا التصالح مع أوجه الفساد التي تنخر في جسدها مثل السوس وعدم النظر إليه بأي شكل من أشكال الغرابة بمنطق (الكل يقبض إشمعني بقت علينا نحن) .. عالم زبالة وعالم الزبالة ماهو الفرق؟ hassan faroog [[email protected]]