TEGANY A.BAGI [[email protected]] البروفيسور محمد يونس "مواطن بنجلاديشي" ، ترك بصمته في سفر التاريخ ، وذاكرة النجاح ، ولد عام 1940م في منطقة شيتاجونج "في البنغال" ، عاش في سعة من امره لعمل والده كصائغ ، وقد ساعده ذلك على الإرتقاء في التعليم ومواصلة مسيرة النجاح ، وقد تأثر كثيرا في حياته بوالدته ، التي تشرب عنها ان "الإنسان لابد أن يكون له رسالة في الحياة " . نشأ والمجتمع من حوله فقير بكل المقاييس ، تتأخر مؤشرات القياس في مختلف اوجه الحياة ، تسلح بالعزيمة والإصرار ، واصل تعليمه حتى نال درجة مميزة في الإقتصاد ، ومن خلالها عبر إلى الجامعات الامريكية والتي اكمل فيها دراسته ومن ثم عاد إلى موطنه كأستاذ جامعي له من الشان مميز وسط مجتمعه ،الكثيرون منا كانوا ليقفوا عند هذه المحطة فقد ارتقى وضعه المادي والإجتماعي ، غير ان "يونس" لم يكتف بذلك وأراد ان تكون لقصته تفردا وطريقا مختلفاً يستفيد ويفيد به من دراسته ، خصوصا ان مجتمع القرية التي كان يعيش فيها انتشر فيها الفقر حتى أصبح الكثيرون يموتون من الجوع تحت ناظريه وكل اوجه الكسب مغلقة أمام الفقراء ، فكر (يونس) ووضع خبرة الدراسة بين يديه ليخرج بما يفيد مجتمعه وأول ما فكر في تقديم معونات للفقراء ، وعاد بمنطق أن الدعم للفقير يزيد من معاناته ويجرده من الدافع للعمل والإنتاج والنهوض بالمجتمع ككل ، ولجأ إلى تقديم مقترحات إلى البنوك في مدينته بتقديم قروض للفقراء بغير ضمانات للنهوض بالمجتمع وقد سخر منه الكثيرون من منظور ان الفقير ليس اهلا للقرض . لم ييأس (يونس) وواصل مساعيه لمساعدة الفقراء ، قام في العام 1979م بإنشأ "بنك جرامين" كان الهدف من البنك إقراض الفقراء قروضا متناهية الصغر تساعدهم على بناء اقتصاد الأسرة بما يحقق الإكتفاء الذاتي لكل أسرة من خلال مشاريع صغيرة تدر عليهم دخلا ثابتا ينمو مع الوقت ، وقد نجحت فكرته ما حول المجتمع من مجتمع فقير تدب في اوصاله المجاعة والجوع والفقر ، إلى مجتمع غني نسبيا واختفت اوجه ومظاهر الفقر من المجتمع ، لم يحاول (يونس) ان يمد اهله بالدعم والمساعدة بل جعلهم يحققون نجاحهم بإجتهادهم وعملهم الخاص بما يتناسب مع مقدراتهم ، ما نهض بالمجتمع وحقق نجاحا كبيرا ، نجحت افكار (محمد يونس) وقد تم تطبيق الكثير من افكاره في العديد من دول العالم ، وقد نال إثر افكاره ونجاحاته جائزة نوبل للسلام في العام 2006م ، وفي العام 2008م أُختير ضمن أفضل المفكرين على مستوى العالم . رحلة (يونس) هدف وتصميم وإرادة ، خارطة طريق للمجتمعات للخروج من الازمات المتلاحقة ، كثير من الدروس المستفادة من هذه القصة اولاها رسالة إلى مسئول بأن المواطن لا يسهب كثيرا في احلامه بل هي امال واحلام مشروعة يتطلع إلى تحقيقها غير أن قيود الظروف والفقر تقيده فلِم لا تكون أفكاره وتطلعاته من قيد الحلم والخيال تخرج إلى واقع الدعم والمساندة يعيشها حقيقة ونجاح ، ويمثل حديثي التخرج من الجامعات الذين لايجدون عملا وتذهب سني دراستهم ادراج الرياح يمثلون قاعدة للإنطلاق نحو مجتمع منتج وعامل وهادف بالدعم والإقراض والنهوض بقدراتهم بما يكفل إنجاح مشاريعهم ، وتبني الأفكار التي تهدف إلى تنمية المجتمع ، وهنا الأرضية الصلبه نحو مجتمع نامي ومزدهر . ومن ثم رسالة أخرى إلى روؤس الاموال فكثيرون من أصحاب الاموال تزدهر أرصدتهم وتنمو مع الوقت يستفيد منها شريحة محدودة وتظل الشريحة الاكبر في حاجة إلى الدعم لتحقيق التنمية الذاتية والمجتمعية ، وهنا نحتاج إلى مثل تلك الأفكار البناءة ، الامر الذي يحقق فائدة مزدوجة تعود على صاحب رأس المال بالنجاح من خلال مساعدة الاخرين ، على تحقيق اهدافهم ، وبنجاحه في ذلك يكون اكثر تاثيرا في المجتمعات وهو نجاح اخر يعود عليه بالكثير ، وهنا تتحقق اخلاق وفضائل الإسلام بالتعاون والتعاضد والتكافل ، وننهض بإقتصاد الفرد الذي بدوره يؤدي إلى نمو إقتصاد المجتمع ، هذه الأفكار والأهداف لا تحتاج سوى لحيوية الإسلام وديمومة خلقه السمح بمساعدة الأخرين ومعالجة مشاكل المجتمع بما يحقق النماء والإستقرار . "محمد يونس" نموذج يوجد مثله الكثير في مجتمعاتنا ، غير ان التخطيط إلى الأهداف يحتاج إلى المبادرة والإصرار ، المجتمع لايحتاج إلى الدعم الآني بقدر ما يحتاج إلى توظيف طاقاته وافكاره في مشاريع مستقبلية تعود بالفائدة على الجميع .