لماذا لا يتنازل البشير وحزبه، المؤتمر الوطني، عن إدارة شئون البلاد بكل طواعية وترك أمرها للصالحين والوطنيين من العباد؟. الظلم ظلمات في يوم القيامة، فلماذا يظلم البشير نفسه و يظلم شعبه ويفرض الوصاية عليه ويدعي أنه شعب ضعيف وعاجز وعاقر، لم ولن تلد نسائه رجال غير رجال حزب المؤتمر الوطني. شعب ليس بمقدوره أن يسيّر حياته كبقية شعوب العالم المتحضر. قد ينكر البعض ما قدمته ثورة الإنقاذ من إنجازات خلال الثلاث وعشرون عام من عمرها، وهي إنجازات عظيمة وذلك حسب قدرتها ومنهجيتها التي هي من لدن أمتنا ومن ريع ثقافتها السياسية التي خربتها دهور رجعية طائفتي حزبي الأمة والختمية. ولكن لن يكون بمقدور أي أحد أنكار الإنجاز التاريخي الأكبر المُرتجى من أهل الإنقاذ وهو التنازل الطوعي عن السلطة وتلك ستكون النقلة التي ستقصم ظهر التخلف السياسي في وطننا السودان وتكسبه كأس دوري الربيع العربي وهو الوطن المدرسة الذي تربع على عروش النبوق الثوري في عالمينا العربي والإسلامي في أكتوبر 1964 و أبريل 1985 وتلك تكون عظة ودرس للرجعية الطائفية، الأمة والختمية ، فيتوجب عليهما الإنزواء عن المسرح السياسي وإفساح الطريق للوطنيين والأكفاء من أبناء هذا الوطن الذي تذخر بهم الطرقات والمجالس. ويسألونك عن الوطنيين؟ قل هم الذين تنصلوا عن أي أنتماء عرقي أوقبلي أوحزبي أو طائفي أوجهوي وتبرأؤا من مستنقعات المصالح الذاتية الضيقة. لهم المكونات الأخلاقية والأكاديمية والثقافية والسياسية والفكرية التي تؤهلهم لخدمة هذا الوطن وقيادته إلى مصاف الأمم والأوطان. ليس بمقدور أحد أن يكذب قول المؤتمر الوطني بأنهم يسيرون سيراً حثيثاً في مسار التنمية تحت وطٌأة الحصار الدولي والمؤامرات الخارجية والداخلية. ولكننا نقول لهم أن الوطنيون بمقدورهم مواصلة السير الحثيث في مسار التنمية وقد يكون لهم المقدرة الأفضل في التعامل مع وطٌأة الحصار الدولي والمؤامرات الخارجية والداخلية. ويسألونك عن المؤمرات الدولية قل هي منهجية سياسية راسخة ومتجدة ومتطورة تمارسها الصهيونية والإمبريالية الغربية، وهم أنفسهم لايخفون ذلك الصلف والفجور ولهم مؤسسات ومعاهد لهذا الغرض. لما لا يفعلون وعالمهم الغربي الأبيض يتضاءل يوماً بعد آخر في خضم نهضات آسيا وأمريكا الآتتنية. البيض الذين يتعنصرون في بلادهم على الملونين ويصفونهم بأنهم أقليات، هم أنفسهم أقلية في عالم اليوم ومقارنة بالتعداد البشري فوق الكرة الأرضية. محاولات الهيمنة الصهيونية الإمبريالية لا يمكن التخلص منها أو بترها ولكن يمكن الحد من مؤثراتها والتحايل عليها تماما كما في حوادث المرور بالسيارات، يستحيل تجنبها ولكن يمكن التخفيف من أضرارها بربط الأحزمة والوسادات الهوائية وغيرها. وعليه يجيب أن نعلم أن من أنجع الوسائل لمكافحة الهيمنة الصهيونية الإمبريالية والتأمر هو توحيد الجبهة الداخلية للوطن وهو مطلب أهم من أي تنمية أو إستقرار. وعلينا أن نعي جيداً أنه من المستحيل خلق مجتمع متلاحم في ظل شموليات الإنقاذ والمهدية والميرغنية، فقط الوطنيون المستقلون تماماً من كل شيء، إلا من همّ الوطن، فهم الذين بمقدورهم خلق المستحيل. وبذلك نكون قد أدركنا الموضوعية والعقلانية دون لحسات كوعية. ثم ماذا يفعل أهل حزب المؤتمر بعد التنحي؟ قد يعتقد البعض أنهم سيصابون بحالات من الملل والشلل والقرف والزهج ولكن أنا في إعتقادي بأنهم سيكونون أسعد الناس بذلك الإنجاز غير المسبوق، بل أنهم سيخلدون لإستراحة محارب وإستجمام ومراجعة حسابات ثم يعودون للعمل السياسي في أقرب إنتخابات وهناك التقيم متروك للشعب. أما الطامة الكبري التي تؤرق البعض من أهل الإنقاذ والمؤتمر هو سيف العدل المتربص بالمفسدين ولا أعتقد أن هناك من هو أحرص من الرئيس، التقيّ الورِع، عمر البشير على ضرورة هذا العدل حتى يبريء ذمته أمام الله أولاً وشعبه والتاريخ ثانياً. والسلام.