من المعلوم أن هناك أكثر من مائة دولة في العالم ترى أن أغلبية الشعب السوري قد ثارت ثورة مشروعة ضد النظام السوري المسنود بأقلية طائفية وتعتقد أن الحل الوحيد للأزمة السورية يتمثل في تحقيق الديمقراطية الحقيقية في سوريا وتمكين الأغلبية من حكم البلاد عبر صناديق الاقتراع، وترفض قيام جيش النظام السوري بقصف المدن الثائرة بالطائرات والدبابات وتدعم الجيش السوري الحر باعتباره المدافع عن الثوار المدنيين ، أما النظام السوري المدعوم من قبل روسيا والصين فيعتبر الثوار السوريين مجرد عصابات إرهابية مدعومة من قبل دول أجنبية ويرى أن الحل الوحيد للأزمة السورية هو إبقاء نظام الأقلية في الحكم وقمع الأغلبية الثائرة عبر استخدام صناديق الذخيرة وعبر استخدام روسيا والصين لحق الفيتو بشكل متكرر ، ومع استقواء النظام السوري بروسيا والصين واستقواء الثوار السوريين بمجموعة أصدقاء سوريا واستمرار احتدام المعارك الشرسة في كل المدن السورية، أصبحت أغلبية المدنيين السوريين معرضة لمذابح مروعة وارتفعت الحصيلة اليومية لخسائر المدنيين السوريين ، بصرف النظر عن تهدم المنازل واحتراق الممتلكات ، إلى مئات الشهداء والجرحى واللاجئين الذين تقطعت بهم السبل في مخيمات تركيا والاردن ولبنان والعراق واستمرت معاناتهم اليومية بسبب نقص الغذاء والدواء والأمن! من المؤكد أن الاستخدام المتكرر للفيتو التعسفي من قبل روسيا والصين في مجلس الأمن لحماية النظام السوري ومنع المجتمع الدولي من التدخل لإيقاف حمام الدم وسط المدنيين السوريين قد حكم بالاعدام على مبادرة كوفي أنان المسنودة من قبل الأممالمتحدة وجامعة الدول العربية وسيشجع النظام السوري على توسيع نطاق الحرب على المدن السورية الثائرة مما سيؤدي حتماً إلى ارتفاع غير مسبوق في الخسائر وسط المدنيين السوريين، ولذلك فإن تحرك أغلبية دول العالم خارج نطاق مجلس الأمن أصبح واجباً دولياً وإنسانياً ملحاً ، فحماية المدنيين السوريين تستلزم فرض حظر جوي وإقامة مناطق عازلة وتقتضي قطع العلاقات الدبلوماسية مع نظام الأسد وفرض حظر صارم على تزويد النظام السوري بالأسلحة الثقيلة والطائرات التي يستخدمها في القصف المدمر للمدن الثائرة والقتل العشوائي للمدنيين. وغني عن القول إن تحرك أغلبية دول العالم خارج نطاق مجلس الأمن سيؤدي إلى تحقيق الهدف الدولي الأساسي الذي تنشده الأممالمتحدة وجامعة الدول العربية وهو حماية المدنيين السوريين وسيوجه لكل الحكومات الاستبدادية الأخرى ، التي تحاول الاستقواء على شعوبها بالفيتو الروسي أو الصيني ، رسالة دولية صارمة مفادها أن زمن اختطاف مجلس الأمن من قبل أي دولة من الدول الخمس المالكة لحق الفيتو في مجلس الأمن قد ولى وأن تحقيق حماية المدنيين من بطش الحكومات الاستبدادية في كل الدول هو واجب دولي وإنساني عاجل وملح ويحتل الأولوية في كل الأحوال ولا يجوز عرقلته تحت أي ظرف من الظروف عبر اصدار فيتو تعسفي من قبل أي دولة عظمى تعتبر أن حماية مصالحها الاقتصادية مع الحكومات الإستبدادية أغلى من دم الشعوب الثائرة في دول العالم الأخرى فعظمة الدول الكبرى يجب ألا تُقاس بتمتعها واستخدامها للفيتو بشكل تعسفي وإنما يجب أن تُُقاس بانحيازها لمباديء العدالة والحرية التي تشكل لب القوانين الدولية الواجبة التطبيق والتي تستهدف تحقيق الأمن والسلام والحرية والديمقراطية لكل الشعوب في سائر دول العالم بلا استثناء. sara abdulla [[email protected]]