وكان عمنا هلال زاهر السادات - صاحب القلم الظريف – قد دأب أن يُتحفنا بقصص وحكايات طريفه وخفيفة الظل نشرها عبر سودانايل وحكي لنا فيها ذكريات وحكايات غايه في الطرافه و الطلاوه و الصدق عن أمدرمان في ذلك الزمن الجميل عبر سلسله من الكتابات أختار لها اسم (أمدرمانيات ) . وقد غمرتني الفرحه اليوم حين رأيت قلم عمنا هلال زاهر الساداتي يعود للكتابه وبنفس أسلوبه الجزل البسيط في سلسله جديده سماها هذه المره (حكايات الحله) ، أتمني بل ومتأكد أن كل محبي حكايات وقلم عمنا هلال زاهر الساداتي يتمنون أن تستمر هذه الكتابات التي تحكي لنا عن ذلك الزمن الجميل وعن أمدرمان حبيبة ووطن كل أهل السودان . وكان عمنا هلال زاهر الساداتي قد كتب لنا عن حكاية ذلك الشخص المتوسط القامه ، في الخمسينيات من عمره وكانت له لحية صغيره كلحية المداحين وتبدو عليه الطيبه و السذاجه ، ولم يكن من أهل أمدرمان بل من الوافدين حديثا اليها – كان ذلك في ستينيات القرن الماضي – وفجأة صار الكل ينادونه ب (طلّقا) وخصوصا الأطفال ، وكان يغضب ويثور حين ينادونه بهذا الأسم ويرد بعنف (الله لا ختّ فيكم بركه يا أولاد الحرام ، مالو لو طلقتها يا أولاد الكلب) . عموما طلّقا الذي ذكره عمنا الساداتي عندما أشتد عليه الهجوم من الكل وخصوصا من الصبيه وأصبح الكل يُنادونه بهذا الاسم في كل أحياء أمدرمان ، قرر الهجره وركب قطار الأبيض وعند محطة أم برمبيطه ترجّل الرجل من القطار حاملا شنطته الحديد وفي نيته أن يبدا حياة جديده في بلد لايعرفه فيها أحد و حيث لن يسمع هذا الأسم مرة أخري ، ولكن كانت المفاجأه الكبري له أنه ما أن وطأت قدماه أرض محطة أم برمبيطه حتي سمع ناظر المحطه يناديه بأعلي صوت ( اهلا عمنا طلّقا حمد الله علي السلامه) . عموما نحن أختلفنا مع عمنا الساداتي في كُنه (طلّقا) خصوصا أخونا خالد رحمه جباره من الرياض حيث كتب وجعل من طلّقا الذي عاش في بربر من أهل الله معطيا الأمر بعدا دينيا وصوفيا نُوافقه فيه الي حد كبير . أما طلّقا الذي عاش معنا في قريتنا ودراوه فأني أعتقد أنه نفس طلّقا الذي أختفي في أم برمبيطه خصوصا أن ردود أفعاله وألفاظه التي كان يستعملها ردا علي من يُنادونه ب طلّقا كانت مشابهة جدا لردود افعال والفاظ طلّقا أمدرمان ثم أم برمبيطه ، ورغم أن ناس ودراوه عاملوه نوعا ما معاملة حسنه وأكرموه بأن أطلقوا عليه أسم اضافي آخر حيث سموه (ودالليمون) - ولعل هذا اللقب جاء نتيجة لبعض ممارسات طلّقا / ودالليمون الغريبه في ودراوه حيث كان لاينفك يشرب (المريسه) وبعض الأحيان (العرقي) وكانت له (صويحبات) أيضا – ورغم ذلك فقد زهج وهجر ودراوه حيث أستقر به المقام بعد ذلك في حلة كوكو كما أخبرنا أخونا صفيحه بذلك . وقبل نحو من عامين وفي قرية مجاوره لنا بالجزيرة الخضراء وبينما نحن في مراسم فرح سمعت فجأة من ينادي علي أحدهم ... طلّقا تعال !! وعندما جاء لم أري في ملامحه الأ طلّقا ذلك الذي ذكره عمنا الساداتي ... أتمني أن تكون لدي عمنا الساداتي أي أخبار عن طلّقا ليُسعفنا بها حتي تطمئن قلوبنا خصوصا أن أمر طلّقا مهم لكل أهل السودان . الهندي الأمين المبارك السعوديه – الرياض