ارتبط فصل الخريف تاريخيا فى أذهان الناس فى السودان بالبشر والخير،لذلك يلاحظ المراقب للحياة الاجتماعية السودانية ان كثير من الطقوس تمارس أبان هذا الفصل الموسمى خاصة المرتبطة بالفرح.بالطبع السبب فى ذلك يرجع لما يمثله موسم الامطار من عامل مهم للزراعة الناجحة،تنوع انواع المحاصيل مما يعنى زيادة الدخل الأسرى و تأمين سير الحياة و تطورها.من ناحية أخرى فالخريف هو الفصل الوحيد المعتدل و هدنة من صيف طويل، حار و ممتد طول العام يعقبه شتاء قصير كالح بلا طعم،اذن هو المعادل لفصل الربيع الذى نفتقده و تنعم به بعض الدول الأخرى، ذلك فى تقديرى اسباب الترحاب و الاحتفاء به. فصل الخريف فى هذا الزمن تحول الى موسم للكوارث،الأمراض و أعباء جديدة لا يستطيع المواطن تحملها أو الايفاء بها،ذلك التغير الدرامى حدث فى ظل سلطة الاسلام السياسى فى السودان ما قبل المفاصلة أو ما بعد المفاصلة و تحت هيمنة سلطة المؤتمر الوطنى التى أحالت حياة الناس بشقيها المادى و الروحى الى جحيم لا يطاق،فقر مدقع و معاناة مستمرة من جانب و خواء و حزن دائم من الجانب الآخر. بالأمس هطلت أمطار غزيرة شملت أرجاء متفرقة من السودان نالت و لاية الخرطوم قدر معتبر منها تأثرت بها بعض المناطق خاصة شمال امدرمان( النوفلاب،الجرافة) التى انهار فيهما 53 منزلا و تضرر جزئيا 32 منزلا كما جاء فى الصحف.كذلك تضررت مناطق فى شرق النيل.بالاضافة الى كل ذلك فقد فاضت الشوارع بالمياه. اعلنت ولاية الخرطوم تكوين غرفة عمليات مركزية و أخرى فرعية لتصريف مياه الأمطار باشراف وزير التخطيط العمرانى !...معتمد الخرطوم اللواء عمر نمر أكد ( شروع محليته فى تنفيذ خطة استراتيجية لمعالجات غرق الخرطوم فى الخريف على المدى البعيد و العمل على فتح المنهولات و الصرف الصحى )! ....والى الخرطوم عبدالرحمن الخضر، ذكر معلقا على تراكم المياه و ما أحدثته الأمطار من اضرار ( عن تعرضهم لصعوبات فى تصريف المياه حال زادت كميتها عن 15 ملم و لا يمكن تصريفها بصورة آنية عبر شبكة المصارف الحالية )! أضاف السيد الوالى (أنو العمل الاستراتيجى يركز على انشاء مصاريف خرسانية ثابتة شرعت الولاية فى اقامتها و تستغرق سبع سنوات )!! كلام الوالى و المعتمد ( كلام ساى )،مكرر و محاولة لتبرير ما حدث من اهمال و اخفاقات متتالية ،لأن ما حدث كان متوقعا و ظل يحدث طيلة السنوات الماضية و هم يحاولون تغطية الاسباب الرئسية التى أدت لما تعيشه الخرطوم هذه الأيام.الاسباب الحقيقية لغرق الخرطوم فى مياه الامطار هى الآتى: - قفل منافذ المياه المعروفة و الاستيلاء عليها و تخصيصها كقطع سكنية للأهل و المريدين و ماسحى جوخ السلطان. - الاهمال المتعمد و عدم الاستعداد المبكر للخريف كما درج عليه سابقا قبل مجئ هذه السلطة و استقر كعمل موسمى بفتح المصارف و تنظيفها و ردم الحفر و مراقبة الشوارع التى صارت أعلى من المنازل فى كثير من احياء العاصمة و تتسبب فى ركود المياه و عدم انسيابها نحو مجارى المياه. - عدم انشاء مصارف جديدة للمياه طيلة هذه السنوات مع التوسع الهائل الذى حدث للمدينة دون تخطيط. حديث الوالى عن عن زيادة معدلات الامطار التى نزلت لمستوى يفوق 15 ملم حديث تكذبه ارقام تقرير الارصاد الذى جاء فيه ان الامطار التى نزلت فى الخرطوم لا تتعدى 12.5، ذلك يعنى ان الوالى يكذب و هو يدلى بتلك المعلومة . اما حديثه عن الجسور الخرسانية التى ينوى انشاءها فى سبعة سنوات فتذكرنى بالقصة المشهورة فى الادب الشعبى السودانى التى تحكى و تقول( ان أحد السلاطين و كان مشهورا بسطوته طلب من أحد الشيوخ المشهورين بعلمهم أن يقوم بتعليم بعيره القراءة و الكتابة.وافق الشيخ خوفا على طلب السلطان،لكن اخبره ان ذلك سوف يستغرق اربع سنوات. عند سؤال الناس للشيخ لاحقا كيف سوف يعلم البعير القراءة و الكتابة؟ رد عليهم قائلا " بعد اربع سنين يا مات البعيرأو الأمير او العبد الفقير " يقصد نفسه ) الحكاية يضرب بها المثل فى المخارجة الوقتية من المآزق ،ترك الاشياء دون تخطيط و التعويل على عامل الزمن و الصدفة . نقول ل " شيخنا " الوالى عبدالرحمن الخضر، أن لا يركن كثيرا على تلك الحكاية و ذلك المثل،فهذه السلطة مهما ثشبثت بالحكم فهى زائلة عما قريب .سوف يأتى فوق انقاضها شباب سوف يشيدون الطرق و يشقون الدروب نحو المستقبل الآتى لتطوير السودان الجديد فى سبعة أشهر و ليس سبعة سنوات كما يقترح هو لتشيد جسوره الخرسانية الوهمية ! Adnan Elsadati [[email protected]]