المتابع لما يجري بالوسط الرياضي في المواسم الأخيرة يلحظ حالة الإحتقان المخيفة التي نعيشها والتي تؤدي لإنفجار الأوضاع لأتفه الأسباب وأحيانا بلا أسباب، وقد تسهم الأجندة الرخيصة للإصطياد في مثل هذه الأجواء بصب الزيت علي النار مايؤدي لإشعال الحرائق والتي يحتاج إطفاءها لمجهودات كبيرة وجبارة ، ومايؤسف له في هذا الخصوص أن أعدادا من الجماهير تلعب أدوارا رئيسية في المشاركة دون وعي بالتعقيدات التي تقود اللعبة تدريجيا للتدمير الكامل . كنت أود الرهان علي الصحافة الرياضية للإرتقاء بالوعي الجماهيري في هذا الجانب ، ولكن إشكالاتها والأزمات التي تعاني منها ، جعل رهاني الأول والأخير يتركز علي وعي الجماهير في التحرر من عيوب التعصب القاتلة ، لعلمي التام أن مستوي الوعي لدي أعداد كبيرة من هذه الجماهير بمعاني الرياضة وأهدافها ومبادئها يتجاوز بمراحل بعض حملة الأقلام من الذين يفترض أنهم قادة للرأي ، والكرة في الآن ملعب هذه الجماهير لإحداث نقلة نوعية في التشجيع والتعامل مع الرياضة بأفق أوسع من الضيق الذي ينظر به البعض إليها . لذا أتمني أن نستفيد من مشاركة ثلاثة أندية سودانية في بطولة الكنفدرالية الأفريقية (الهلال والمريخ وأهلي شندي) لنبدأ أول خطوة في هذا الإتجاه والذي لن ابالغ في حلم تحقيقه بين يوم وليلة، ولكن نبدأ علي الاقل بالممكن وليس المستحيل . أتمني أن ترتقي ثقافة المشجع عندنا ونطور أدواتنا ، وفهمنا مستفيدين من التقدم الرهيب للعالم من حولنا في هذا الجانب، بالدرجة التي يمكن أن أؤكد معها ببساطة أن تزايد شعبية كرة القدم بصورة لافتة وإكتساحها للمناشط الأخري وراءها مستوي الوعي المتقدم عند مشجع اللعبة الذي طور كثيرا من أدواته ومفاهيمه وصار يقدم كل يوم الجديد الذي جعلها اللعبة الأولي بدون منازع بعد أن زاحمتها وهددت عرشها في فترة من الفترات ألعاب أخري ، ولكنها إستعادت سيادتها بدون منافس . شاهدنا ونشاهد بصورة تكاد تكون يومية كيف يتعامل الجمهور مع الهزيمة قبل الإنتصار ولم يعد منظر الفرق الخاسرة وهي تتجه صوب مدرجات جماهيرها بعد نهاية المباراة لتحيتها أمرا غريبا ، ولم يعد منظر الجماهير وهي ترد للفريق التحية بأفضل منها أمرا يثير الدهشة . لذا فإن بطولة الكنفدرالية الأفريقية تعتبر فرصة ذهبية لتغيير المفاهيم البالية في التشجيع التي لم تخرج من إطار الفوضي والعشوائية والبحث عن شماعة ليعلق عليها الإخفاق .. فقد آن الأوان لأن نسير في الإتجاه الصحيح وأن تساند الجماهير فرقها تحت كل الظروف ( النصر والهزيمة) ، تقف جماهير الهلال بقوة مع فريقها داخل الأرض وخارجها تهتف للاعبيه تغني لهم تدعمهم تطالبهم بالأفضل حتي يخرجوا بالنتيجة المطلوبة ، وفي حال حدث العكس وتعثر الفريق يقفوا للاعبين إحتراما، وتتم تحيتهم أفضل تحية علي العطاء الذي لم يكلل بالنجاح ، وذات الشيء مطلوب من جماهير المريخ ، أن تركز مع التشجيع ودعم اللاعبين والجهاز الفني أكثر من إنتظارها الإخفاق لتشتم وتسيء لبعض اللاعبين والجهاز الفني ،وهو دور مطلوب كذلك لجماهير أهلي شندي أن تتفرغ لفريقها ولاتعمل علي الإحتكاك بالخصم ، وعلي جماهير الفريق الشنداوي الإنتباه جيدا إلي أن المنافسة الافريقية خاصة بالإتحاد الافريقي لكرة القدم ، وليس الإتحاد العام السوداني لكرة القدم ، وأن أي خروج عن النص وإحداث أي نوع من انواع الشغب سيكون الفريق هو الخاسر الوحيد. قتلنا التعصب الكروي بمايكفي لأن يكون وعي الجماهير هو الرهان والخيار لتغيير المفاهيم. hassan faroog [[email protected]]