بسم الله الرحمن الرحيم قال تعالى : « هَذَا بَلاغٌ لِلْنَّاس وَلِيُنْذَرُوْا بِه وَلِيَعْلَمُوَا أَنَّمَا هُو إِلَهٌ وَاحِد وَلِيَذَّكَّر أُوْلُو الألْبَابْ» ..الآية هذا بلاغ للناس توطئة: عجبت للبعض الذي انحدر إلى مهاوي وقاع الحضيض، فلا أدري كيف ضمن هؤلاء الحصانة من المرض مع دوام العافية وكأنها منحة من إنسان لآخر، عجبت لهؤلاء الذين ربما لا يؤمنون بأن الله ابتلى عبده ونبيه أيوب عليه السلام ليمحصه ويمتحنه. عجبت لهؤلاء الذين لا يفرقون بين المرض والآجال، فيربطون المرض ويمنون لمن يختلفون حتى الموت، وهل يميت البشر مرضهم أم أن الآجال هي التي تنتهى ولا يعلمها غير الله ، فكم من مريض تعافى وكم من سليم توفي!!. يفترض إننا عندما نختلف أو نتخاصم أن لا يبلغ بنا ذلك حد الفجور، وقد توعد الله الكفرة ولكنه توعد أكثر الكفرة الفجرة!! المتن: دعونا نستصحب الحديث الشريف، والذي نستدل به في هكذا حال، وهو من مسند الحارث وصححه الشيخ الألباني في صحيح السيرة النبوية : ( مشى أبي بن خلف بعظم بالٍ قد أرم فقال : يا محمد أنت تزعم أن الله يبعث هذا بعد ما أرم ؟ ثم فته بيده ثم نفخه في الريح نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : ( نعم أنا أقول ذلك، يبعثه الله وإياك بعد ما تكونان هكذا ثم يدخلك النار ) فأنزل الله الآيات. الدالة على ذلك في سورة يسن( قل يحي العظام وهي رميم)!! وعلينا أن نأتي بجزء من حديث النبي في شأن المناق( إذا حدث كذب وإذا خاصم فجر)!! فهل يقبل عاقل سوي يدين بالإسلام أن يقال عليه ذلك؟!.. يبدو- والله أعلم - إن من أعمتهم البغضاء وغرتهم الدنيا والأماني نسوا الله فأنساهم أنفسهم وظنوا أن لن يصيبهم مرض أم أن الحتوف لا تلاقيهم ولو اتعظوا من قصص القرآن لأيقنوا إبن أبينا نوح هلك وأخذه الله أخذ عزيز مقتدر، إذ لم يعصمه يومذاك جبلُه من الموت!! أن يصيب المرض زيد أو عمرو فهذا من سنن وأمر الله في خلقه وهو قدر لا ترضى به أمثال نفوس الشامتون المريضة بل يتقبل قضاء الله وقدره المؤمنون من عباده، ولكن من الوضاعة أن يشمت الشامتون لمجرد اختلافهم مع الأخ الرئيس البشير، فمن من هؤلاء لم يصبه المرض ومن منهم مخلدٌ في الدنيا؟!، ولم الشماتة في المرض أو النوازل أو الابتلاءات وقد قال رسولنا الكريم عليه صلوات الله وأتم التسليم ما روي في الحديث (إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله تعالى إذا أحب قوما ابتلاهم، فمن رضي، فله الرضا، ومن سخط، فله السخط)!! لقد كان السلف الصالح يجأرون بالدعاء إلى الله ومن هذه الأدعية ما ندعو به للأخ الرئيس(يا مَنْ تُحَلُّ بِهِ عُقَدُ الْمَكارِهِ، وَيا مَنْ يُفْثَأُ بِهِ حَدُّ الشَّدائِدِ، وَيا مَنْ يُلْتَمَسُ مِنْهُ الَمخْرَجُ اِلى رَوْحِ الْفَرَجِ، ذَلَّتْ لِقُدْرَتِكَ الصِّعابُ، وَتَسَبَّبَتْ بِلُطْفِكَ الاَْسْبابُ، وَجَرى بِقُدْرَتِكَ الْقَضاءُ، وَمَضَتْ عَلى اِرادَتِكَ الاَْشْياءُ، فَهِيَ بِمَشِيَّتِكَ دُونَ قَوْلِكَ مُؤْتَمِرَةٌ، وَبِإِرادَتِكَ دُونَ نَهْيِكَ مُنْزَجِرَةٌ ، اَنْتَ الْمَدْعُوُّ لِلْمُهِمّاتِ، واَنْتَ الْمَفْزَعُ من المُلِمّاتِ، لا يَنْدَفِعُ مِنْها اِلاّ ما دَفَعْتَ، وَلا يَنْكَشِفُ مِنْها اِلاّ ما كَشَفْتَ، وَقَدْ نَزَلَ بي يا رَبِّ ما قَدْ تَكأَّدَني ثِقْلُهُ، وَاَلَمَّ بي ما قَدْ بَهَظَني حَمْلُهُ، وَبِقُدْرَتِكَ اَوْرَدْتَهُ عَلَيَّ، وَبِسُلْطانِكَ وَجَّهْتَهُ اِلَيَّ)!! يا سبحانك هل هناك أكبر وأعظم تسليم إيماني مثل ما جاء بهذا الدعاء؟!! الحاشية: عمر البشير بشر يمشي نافذ فيه أمر الله مثل سائر مخلوقات الله وهو بشرٌ في الأسواق ويأكل ويشرب ويتزوج ويمرض ويموت حين يحين أجله ل- أمد الله في عمره – ولا يستنكف أمر الله الذي هو فيه نافذ، فلماذا كل هذا التشفي والشماتة في المرض؟! فحينما نفقد القدرة على الفعل نلجأ إلى التمني الشيطاني دليل عجزٍ وافتقار إلى الإيمان بالله تعالى!!، فالشامتون ينسون أن الله رحيم بخلقه إن من قيم الإسلام الراقية ما نُقل إلينا عن السلف الصالح قولهم عن دنيا المؤمنين: [ لكل إنسان دنياه الواسعة التي تجول فيها أحلامه ومطامعه تصول، والمؤمنون لهم دنيا واحدة محدودة بالحق الذي آمنوا به. وقف الهوى بي حيث أنت فليس لي متقدم عنه ولا متأخر ] إنتهى وعن السلف الصالح نذكر قولهم:[ خمسة يعتبر موتهم كارثة: الحاكم الصالح في قوم فاسدين، والعالم الناصح في قوم جاهلين، والمصلح المخلص في قوم غافلين، والقائد الشجاع في قوم متخاذلين، والحكيم الشيخ في أحداث طائشين.] ترى أين موقع هؤلاء الشامتين الذين ملأوا المواقع بخائب التمني من بين من أتى ذكرهم في قول السلف الصالح؟! .. حقاً إن أكثر ضلال الناس من أهوائهم لا من عقولهم ، لذا من نافلة القول أن نذكر هؤلاء الموتورين بقولٍ للسلف الصالح :[ حاسب نفسك على عيوبك، قبل أن تحاسب الناس على عيوبهم، وكن صادقاً مع نفسك في معرفة عيوبها، فالرائد لا يكذب أهله] .. أوردت هذا القول لعل من تبقى لديه حتى بقايا لبٌ فليتفكر!! الهامش: من كتاب مناجاة العبد لربه اخترت هذه الفقرة:[ يا حبيبي! وحقك لولا يقيني بحبك لعتبت عليك، ولولا علمي برحمتك لشكوتك إليك، ولولا ثقتي بعدلك لاستعديتك عليك، ولولا رؤيتي نعمك لاستبطأت كريم إحسانك، ولكني ألجمت الشك باليقين، والسخط بالرضى، والتبرم بالصبر، فلك مني يا حبيبي رضا قلبي وإن شكا لساني، وهدوء نفسي وإن بكت عيوني، وإشراق روحي وإن تجهم وجهي، وأمل يقيني وإن يئس جسمي، فلا تؤاخذني بصنيع ما يفنى مني، ولك مما أعود به إليك ما تحب.] .. ليت المرجفون لجأوا إلى رحاب الله الفسيح مناجون بدلاً من أن يشغلوا أنفسهم بأمر من أمور الله قدره على عبدٍ من عباده!! قصاصة: من أدعية السلف الصالح:[ اللهم إنا نسألك السداد في القول، كما نسألك الاستقامة في العمل، ونسألك الرضى منك كما طلبت منا الرضا منك، ونسألك سلامة القلب وإن مرض الجسم، وصحة الروح وإن اعتلت الجوارح، ونشاط النفس وإن عجزت الأعضاء، ونسألك استقامة نسلك بها سبيل الجنة، وهداية نقرع بها أبوابها، وتوفيقاً يسلكنا مع أصحابها، وكرامة تجعلنا مع الذين يحتلون أرفع جنباتها مع نبيِّك محمد صلى الله عليه وسلم وسائر النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقاً.] .. أدعوا معي الله أن يعافي الأخ الرئيس ويمن عليه بكامل الصحة والعافية الوافية. عوافي... Abubakr Yousif Ibrahim [[email protected]]