عيساوي: البيضة والحجر    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    ماذا قال دكتور جبريل إبراهيم عن مشاركته في مؤتمر مجموعة بنك التنمية الإسلامي بالرياض؟    الصليب الأحمر الدولي يعلن مقتل اثنين من سائقيه وإصابة ثلاثة من موظفيه في السودان    دعم القوات المسلحة عبر المقاومة الشعبية وزيادة معسكرات تدريب المستنفرين.. البرهان يلتقى والى سنار المكلف    انجاز حققته السباحة السودانية فى البطولة الافريقية للكبار فى انغولا – صور    والي الخرطوم يصدر أمر طواريء رقم (2) بتكوين الخلية الامنية    شاهد.. حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي تنشر صورة حديثة تعلن بها تفويضها للجيش في إدارة شؤون البلاد: (سوف أسخر كل طاقتي وإمكانياتي وكل ما أملك في خدمة القوات المسلحة)    شاهد بالفيديو.. في مشهد خطف القلوب.. سيارة المواصلات الشهيرة في أم درمان (مريم الشجاعة) تباشر عملها وسط زفة كبيرة واحتفالات من المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء أثيوبية تخطف قلوب جمهور مواقع التواصل بالسودان بعد ظهورها وهي تستعرض جمالها مع إبنها على أنغام أغنية وردي (عمر الزهور عمر الغرام)    في اليوم العالمي لكلمات المرور.. 5 نصائح لحماية بيانات شركتك    الأمن يُداهم أوكار تجار المخدرات في العصافرة بالإسكندرية    جبريل: ملاعبنا تحولت إلى مقابر ومعتقلات    موعد مباراة الهلال والنصر في نهائي كأس الملك !    مسؤول أميركي يدعو بكين وموسكو لسيطرة البشر على السلاح النووي    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الخميس    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الخميس    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الخميس    تحديد زمان ومكان مباراتي صقور الجديان في تصفيات كاس العالم    السوداني هاني مختار يصل لمائة مساهمة تهديفية    ستغادر للمغرب من جدة والقاهرة وبورتسودان الخميس والجمع    الغرب "يضغط" على الإمارات واحتمال فرض عقوبات عليها    وزارة الخارجية تنعي السفير عثمان درار    العقاد والمسيح والحب    شاهد بالفيديو.. حسناء السوشيال ميديا السودانية "لوشي" تغني أغنية الفنان محمد حماقي و "اللوايشة" يتغزلون فيها ويشبهونها بالممثلة المصرية ياسمين عبد العزيز    محمد وداعة يكتب: الروس .. فى السودان    مؤسس باينانس.. الملياردير «سي زي» يدخل التاريخ من بوابة السجن الأمريكي    «الذكاء الاصطناعي» بصياغة أمريكية إماراتية!    الموارد المعدنية وحكومة سنار تبحثان استخراج المعادن بالولاية    السودان..اعتقال"آدم إسحق"    فينيسيوس يقود ريال مدريد لتعادل ثمين أمام البايرن    أول حكم على ترامب في قضية "الممثلة الإباحية"    تعويضاً لرجل سبّته امرأة.. 2000 درهم    الحراك الطلابي الأمريكي    أنشيلوتي: لا للانتقام.. وهذا رأيي في توخيل    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المطامع الاجنبية لتقسيم السودان وجدت ضالتها فى الانقاذ والتجمع الوطنى .. بقلم: النعمان حسن
نشر في سودانيل يوم 04 - 11 - 2012

انفصال الجنوب نتيجة حتمية لصراع الزعماء السياسيين من اجل السلطة
السياسيين الاسلاميين استولوا على السلطة بالقوة لتحقيق استراتيجيتهم الانفصالية
الانفصال مصير كل ولايات السودان التى تقف عثرة فى طريق فرض الحكم الاسلامى
اختلف مع الدكتور سلمان فى ان الانفصال مؤامرة اجنبية
الحلقة الاولى
قضيت اياما عديدة وانا اعيد قراءة ما سطره الدكتور سلمان محمد احمد سلمان من مقالات لتوثيق الاحداث التى انتهت بانفصال الجنوب والتى وثقت بمهنية عالية لواحد من اهم الاحداث فى تاريخ السودان كما تابعت مداخلات الاساتذة محمد الحسن احمد محجوب والدكتور احمد ابراهيم ابو شوك والصحفى الرقم محمد على صالح وربما لم تتاح لى الفرصة لاقف على مداخلات اساتذه اخرين احسب ان الموضوع استحوذ على اهتماهم وتناولوه بالتعقيب مما شكل فى مجمله اضافات حقيقية لتوثيق هذا الانفصال الحدث الاخطر فى تاريخ السودان.
لست هنا مساهما فى التوثيق ذلك لان الدكتور سلمان اوفاه حقه بصورة علمية ومهنية وكفاءة عالية كما اننى لست باحثا فى هذا المجال ولكن وقفتى مع هذا الموضوع الهام هى جهد محدود متواضع لتحليل الظروف التى ادت للانفصال والتى وثق وقائعها الدكتور سلمان بدقة بامل ان تكون هذه اضافة توسع من دائرة الحوارواذا كان هناك ما اختلف فيه مع الدكتورسلمان انه برأ الغرب وامريكا من التامر على السودان واعتبر دورهم هامشيا بينما هم الاصل فى الانفصال وماسيتبعه من انفصال قادم اما الشماليين والجنوبيين فكانوا ادوات حركها الغرب بقيادة امريكا لحساب اجندتهم بانسياقهم خلف مصالحهم وتقديمهم كرسى السلطة على الوطن ولقد اوفى الاستاذ محمد على صالح هذا الموضوع حقه (حول دور امريكا فى السودان) والتى جاء موقفها امتدادا للصراع التاريخى بين المسلمين والمسيحيين فلقد كان المسلمون اسبق فى الهيمنة على اوربا واحتلالها ثم انقلب الحال لتصبح الدول الاسلامية مستعمرات اوربية ولما تحقق الاستقلال كان الغرب قد زرع اسرائيل لتامين مصالحه بعد ان تطور الامر لتصبح المصالح الاقتصادية والسياسية المحرك الاكبر لدوافع الغرب فى العالم والسودان واحدا من اهدافه.
ولعلنى استهل موضوعى هذا بسؤالين :
1-هل ما حققه الجنوب هو انفصال ام استقلال؟
2- هل ما تحقق هو مخطط لتامر اجنبى عرف كيف يوظف الظروف الداخلية لتحقيق مصالحه الخاصة التى تتمثل فى تقسيم السودان وتجزئته لما التقت مصلحته هذه مع استراتيجية الحركة الاسلامية التى استولت على السلطة بالقوة من اجل فرض الحكم الاسلامى لادراكه بان هذا سيضيف لمشكلات الولايات التى تعانى من التفرقة العرقية والعنصرية باضافة البعد الدينى الاكثر خطورة مما يساعده على تحقيق استراتيجيته لتمذيق السودان ولعلنا نذكر كيف ان اصدار النميرى رحمة الله عليه قوانين سبتمبر الاسلامية كيف انها وفرت للحركة الشعبية المناخ لتنتقل من حركة تمرد محدوده لقوى موازية للقوات المسلحة السودانية بسبب ما حظيت به من دعم خارجى كان المحرك الاساسى له البعدالدينى لهذاوجدت قوى التامر الاجنبى الفرصة لاستغلال هذه المستجدات فأولت رعايتها للسلطة التى رفعت راية الدولة الاسلامية وستبقى راعية وحامية لها حتى تكتمل مراحل تمذيق السودان الامر الذى يعنى ان الانفصال تأمر اجنبى ام ان الانفصال حدث محلى سودانى الصنعة كما ذهب الدكتور سلمان؟.
سؤالى الاول هل ما حدث انفصال ام استقلال فرضه على ما شهدته يوم احتفل الجنوب بنتيجة الاستفتاء الذى انتهى بما اسميناه نحن ولا زلنا انفصال وكان رئيس السودان يومها حضورا فى الاحتفال بحضور كم هائل من الدول على راسها الدول المتأمرة ودول الجوار الطامعة ويومها شهد ذلك الحفل ظاهرة لم تستوقف احدا رغم ما احاطها ولايزال يحيطها من علامة استفهام كبيرة لا يمكن تجاهلها.
كان رئيس السودان الشمالى هو الوحيد الذى تحدث فى خطابه عن هذا الحدث بانه انفصال جزء من وطن كان موحدا بينما اصر كل من خاطبوا الحفل من ابناء الجنوب وعلى راسهم رئيس دولة الجنوب الحالى نفسه تحدثوا عن احتفالهم بتحقيق الجنوب استقلاله ولم يشير اى منهم للانفصال اعترافا بان السودان كان وطنا واحدا حتى الاستفتاء والاستقلال لايتحقق الا لدولة مستعمرة لدولة اخرى وبهذا كان مفهومهم انهم كانوا مستعمرة للسودان الشمالى وتحرروا منه بالاستقلال
ولقد كان غريبا الا يثير هذا الاعلان الرسمى لدولة الجنوب اى جدل او مساءلة او تصحيح رعم ما يعنيه هذا الاعلان من تداعيات فكيف صمت عنه حكام السودان ولم يطلبوا تصحيحا له لخطورته وهو يصور الشمال دولة استعمارية كما ان الصحافة الغربية التى شاركت بكثافة فى الاحتفال روجت له باعتباره استقلال وذلك استنادا على ان اتفاق نيفاشا خول للجنوب حق تقرير المصير للخيار بين الوحدة او الانفصال ولم يكن الاستفتاء ليقرر الجنوب ان يبقى مستعمرة للشمال او الاستقلال.
لهذا فمن يتوهم ان اعلان الجنوب بان ما حققه استقلال جاء من فراغ او صدفة او مغالاة فى التعبير يخطئ فلهذا الاعلان خلفية هامة لو توقفنا فيها لاادركنا ماهو قادم والقادم اخطر وليس احلى كما يقول المثل.وهذا ما سياتى توضيحه فى هذه الحلقة
ففى عام 89 نشرت احدى الصحف المصرية ترجمة لمقالة لرجل استخبارات المانى تقاعد عن الخدمة تعرض فيها الى ان مصالح الغرب بقيادة امريكا تحديدا استقرت على انه اذا كان هناك ثمة خطر يتهدد التفوق المعيشى والاقتصادى الذى تحقق لهم باستغلال دول العالم الثالث التى خضعت لهم كمستعمرات و كمصادر للخام وسوق للصناعة الغربية خاصة بعد قيام السوق الاوربية فانه يتمثل فى الحيلولة دون ان تقوم اسواق موازية للوحدة الاقتصادية الاوربية خاصة فى هذه الدول المستعمرات السابقة لانها ستكون خصما على رفاهية الغرب لهيمنته على اقتصاديات الدول المتخلفة والنامية واشار كاتب المقال تحديدا الى ان قيام وحدة اقتصادية عربية لهى الخطر الاكبر لما تتمع به الدول العربية لو اجتمعت فى وحدة اقتصادية واحدة من امكانات لاتتمتع بها اى منطقة فى دول العالم الثالث خاصة وانها قد تمتد لوحدة اقتصادية للدول الاسلامية واكد فى مقالته ان الغرب وللحيلولة دون نمو هذه الوحدة تم رصد مجموعة من الدول العربية والاسلامية لابد من تصفيتها وتمذيقها لما تملكه من امكانات كبيرة ومتنوعة تدعم اى وحدة اقتصادية اذا استقر بها الحال واخضاع ثرواتها لدول الجوار المسيحية كينيا ويوغندا واثيوبيا واسرائيل لهذا فرض الغرب ان يكون لهذه الدول الدور الاكبر فى مسار القضية السودانية التى انتهت بالانفصال لما لها من مصالح ويصفة خاصة الهيمنة على مصادر الطاقة والمياه والاراضى الواسعة التى تتمتع بها الدول العربية( لهذا خصت امريكا هذه الدول بالدور الاكبر فى قضية الجنوب واقصت الدول العربية الحريصة على وحدة السودان عن اى دورمع انها الاقرب واقوى صلة بالسودان وهو م ما تؤكده الوقائع التى وثق لها الدكتور سلمان فى كل مراحل التفاوض التى اقصيت عنها الدول العربية وقصر الدور فيها للدول المسيحية حليفة امريكا والطامعة بان تخرج بمكاسب من تمذيق السودان ) وبين هذه الدول التى حددها كاتب المقالة والتى تقرر تصفيتها السودان والعراق وسوريا واليمن من الدول العربية وايران من الاسلامية كما امن على ضرورة ان يحرص الغرب على ابقاء هذه الدول فى حالة صراع دائم حتى يحول دون اى توافق بينهما يؤدى لانشاء سوق عربية مشتركة او وحدة اقتصادية عربية او اسلامية ( وقد نجحت امريكا فى ذلك بان سخرت اسرئيل من جهة وبرعايتها للحكام العرب الموالين لها لقهر شعوبهم لتسلم امرها وارادتها لامريكا مقابل تامين حكمها
المؤسف اننى كنت محتفظا بهذه الصحيفة التى نشرت ترجمة للمقالة والتى كشف فيها رجل الاستخبارات الالمانى عن دوافع الغرب وامريكا فى منطقة الشرق الاوسط والدول العربية الا ان الصحيفة احترقت فى حادث تعرضت له الشقة التى كنت اسكنها فى القاهرة قبل عام تقريبا.
.
ثم كانت الطامة الكبرى والتى ضاعفت من مخاوف الغرب كانت فى تداعيات انهيار المعسكر الشرقى الذى كان يشكل تواذنا عالميا فى القوى الامر الذى مكن الغرب من ان يحكم قبضته على العالم رغم (فرفرة الصين من حين لاخر دون فاعلية تذكر ) ولكن انهيار المعسكر الشرقى أفرز مخاوف لم تكن فى حسبان الغرب الذى ساهم بكل قواه فى ان يؤسس لحركة اسلامية وفر لها كل الامكانات واحتضنها من مولدها كحليف استراتيجى له لمناهضة الشيوعية فنهضت هذه الحركة كقوى صديقة فى ظاهرها مخترقة بالكثيرن من العملاء فى باطنها وقد ضاعف من مخاوف الغرب بروز اتجاه ودعوة وسط بعض القطاعات الاسلامية المنطلقة من رؤية اسلامية متحررة من الهيمنة الامريكية و التى كانت حليفة له وطوع اومره فى تحقيق الهدف المشترك بمناهضة الشيوعية فلقد عجلت هذه القوى المحدودة بان كشفت عن نوايا متعجلة وغير قابلة للتنفيذ بانها المؤهلة لترث المعسكر الشرقى وتبقى قوة عالمية مناهضة للغرب(حليفها الذى صنعها ويملك مفاتيحها) والذى يعلم خباياها بازرعه فيها على كل مستوياتها حيث ان اغلبيتهم تم تأهيلهم اكاديميا وسياسيا فى امريكا وبالرغم من ان هذه الدعوة ولدت ميتة لانها لا تملك الكفاءة والقدرة لتحل بديلا للمعسكر الشرقى لعدم املاك القوى الموازية ولكنها اثارت انتباه الغرب لهذا الخطر على الاقل فى المستقبل البعيد مما ضاعف من اهتمامه بتفتيت كبرى الدول الاسلامية بجانب الدول العربية ولم تكن مهمته هذه صعبة لسيطرته على الحركات الاسلامية التى ولدت من رحمه والقابض على الكثير من قياداتها وزعمائها ومن زرعهم فيها من قواه الاستخباراتية ويملك ان يسخرها لاهدافه.
من هنا اكتسبت استراتيجيته التى تعرض لها رجل الاستخبارات الالمانى بعدا جديدا فى المنطقة وليضاعف الغرب من اهتمامه بتمذيق الدول التى تمثل مراكز قوى لقيام قوى جديدة مناهضة له اقتصاديا وسياسيا بما تملكه من امكانات اقتصادية لهذا نجح فى ان يسخر هذه الدعوة لتفتيت الدول المستهدفة باثارة البعد الدينى سواء تمثل فى المسلمين وغير المسلمين او بين الجماعات المتباينة من المسلمين بين السنة والشيعة لمعرفته بطبيعة هذه الدول وماتحمله من تناقضات دينية وعنصرية مستغلا اصرا رهذه الحركات على الهيمنة على شعوبها رغم هذه الفوارق الامر الذى يجعل سياسة الراغبين فى الحكم باسم الاسلام انما تصب سياستهم فى تحقيق نواياهم التامرية ولعل السودان هو اكثر الدول التى عرف الغرب كيف يوظف الحركة الاسلامية لتفتيت الدولة بعد ان تعددت اهدافه .
اذن الحديث عن انه ليس هناك استهداف او تأمر اجنبى على السودان يستهدف تمذيقه يجانب الحقيقة فالتامر الاجنبى هو المخطط وهو صاجب المصلحة ولكنه عرف كيف يوظف الصراعات السياسية بين القيادات من اجل السلطة و كيف يحقق هدفه فى تمذيق السودان الذى جقق اول خطواته بفصل الجنوب ولا يزال يواصل مبتعاه مستغلا فى ذلك هيمنة قوى اسلامية على السلطة حرص على بقائها حتى يحقق كل طموجاته لهذا لم يكن غريبا علي المتامرين على وحدة السودان ان يتخذوا من النظام حليفا لهم رغم مظاهر العداء المسخر لاخضاعهم لطاعتهم لادراكهم بانه لا سبيل لتحقيق استراتيجيتهم الا تحت ظل حكم تساعد استراتيجيته لتحقيق هدفهم حيث ان استراتيجية القوى
الاسلامية المهيمنة على السلطة بالقوة ان تفصل اى منطقة فى السودان تقف عثرة فى فرض الدولة الاسلامية لهذا فان الغرب المستهدف وحدة السودان هو الاحرص على بقاء النظام الحاكم حيث انه يحقق لهم مخطط التمذيق وذهب بهم الامر لان يعلنوا صراحة انهم ضد اسقاط النظام بالرغم من انهم يحاصرونه ويضيقون عليه لمزيد من
الاستسلام ويريده ان يبقى تحت تهديده حتى يحقق استرانيجيته وعندها سينقلب عليه .
ولكن المؤسف ان تهافت المعارضة للسلطة حتى فوق اشلاء الوطن مكنت القوى المتامرة ان تسخر هذه المعارضة لتحقيق اهدافها كما تسخر النظام الحاكم والضحية السودان.
قصدت بهذا ان اؤكد على التامر الاجنبى الذى عرف كيف يسخر الظروف الداخلية التى تتمثل فى صراعات الزعماء السياسيين شماليين وجنوبيين المهيمنين على الساحة السياسية منذ فجر الاسنقلال ظلت عونا لهذا التامر عن جهل ولضيق النظرة ولغياب المؤسسات الحزبية الديمقراطية وهيمنةالافراد بمصالحهم عليها وهذه مراحل ساعود لها بالنتفصيل فى الجلقة القادمة.
هذا التامر الاجنبى عبر عن نفسه فى تاريحنا الحديث وفى عهد النظام الحالى باكثر من موقف.
1- ففى بدايات عهد الانقاذ بادر الغرب وعجل برعاية ما سمى باتفاق بون الذى وقعه الدكتور على الحاج والذى تضمن حق تقرير المصير للجنوب لولا انه اجهض بما واجهه من معارضة لم تخلو من مشاركة الاسلاميين الطامعين فى استغلال الجنوب معبرا لنشر الدعوة افريقيا بجانب المعارضة التقليدية للقوى السياسية المعارضة للنظام والرافضة لاجندته وقتها ممثلة فى التجمع.
2- فى فبراير 92صدر عن لجنة الشئون الافريقية قرارا طالب الحكومة الامريكية ان تعمل على تحرير السودان من الاستعمار العربى وهنا يجب ان نلاحظ ان القرار اشار لتحرير السودان من الاستعمار ولهذا كان حديث الجنوبيين يوم الاحتفال بالانفصال انه استقلال وليس انفصال تقديرا لدور الغرب فى تحقيقه كما اسماه. والملاحظة الهامة هنا ان القرار تحدث عن تحرير السودان من الاستعمار العربى ولم يقل الاسلامى فى خطوة ذكية من جانبه لانه يعلم ان المناطق المستهدفة بعض شعوبها مسلمين لهذا تبنى العنصرية ضد العرب كاداة لتخقيق اهدافه فكانت دعوته ضد الاستعمار العربى ليوسع من دعوته لتمذيق السودان حتى لا تقف على الجنوب وحده .
3- تاكيدا لمواقفه هذه وفى خطوة خطيرة هى التى اطاحت بالجنوب وسوف تطيح بغيره من المناطق فى جنوب كردفان ودارفور والنيل الازرق بل والشرق فلقد استضافت امريكا ندوة فى مطلع عام 93أى بعد بضعة اشهر من قرار لجنة الشئون الافريقية بتحرير السودان من الاستعمار العربى وجهت فيها الدعوة لقيادات التجمع ولفصيلى الحركة المنشقة وللنظام الحاكم تحت مسمى (السودان الماساة المنسية) وبالرغم من تهافت قيادات التجمع التى لم تشجب قرار تحرير السودان من الاستعمار العربى تسارعوا نحو واشنطون تحت ضيافة من كشف نواياه التامرية ضد الوطن ولكنها الرغبة فى تلقى الدعم الامريكى لاسقاط النظام لجهلهم باهميته لامريكا ومع ذلك فان الندوة لم تنعقد وتكشف انها كانت غطاء لجمع جناحى الحركة الشعبية جون قرنق من جهة ولام اكول ومشار من جهة ثانية واستهدفت الدعوة توحيد الحركة حول المطالبة بحق تقرير المصيرو بالرغم من ان قرنق كان رافضا التوحد مع الفصيل المنشق لتباين الرؤى و رافضا القبول بحق تقرير المصير مما عرضه للتهديد والمقاطعة الامريكية والغربية ورفع الدعم عنه حتى قبل ان يصدرعنهم بيان مشترك لايحمل توقيعهما اعلنته لجنة الشون الافريقية الامريكية بانهما وافقا على المطالية بحق تقرير المصير للجنوب وهنا كانت المفاجأة فاعلان الاتفاق لم يقف على حق تقرير المصير للجنوب وحده وانما تضمن نفس الحق لما اسماها البيان الامريكى الصادر بالنيابة عن الفصيلين ان يتضمن حق تقرير المصير لما اسماها المناطق المهمشة وهى المناطق التى تواجه مشاكل عنصرية مع العرب حتى تحسب نفسها مستعمرة وحتى ذلك الوقت لم يكن هناك تمرد فى اى من دارفور او النيل الازرق او جنوب كردفان واللبيب يفهم المعنى باضافة هذا الحق لمناطق لم تكن تواجه اى تمرد وكان هذا القرارصناعة امريكية وهو الذى دفع هذه المناطق للتمرد لما اطمانت للدعم والرعاية الامريكية كما هو الحال للجنوب وسوف لن يهدأ لامريكا بال حتى تحقق ما تسميه تحرير السودان من الاستعمار العربى باعلان تحرير هذه المستعمرات.
4- كل التقارير اكدت ان حادثة الطائرة التى راح ضحيتها الدكتور قرنق كانت بتدبير امريكا وحلفائها من دول الجوار والسبب فى ذلك ان قرنق كان داعية لوحدة السودان ولكنه سودان جديد حدد مواصفاته الخاصة وانه لا يقوم على دولة دينية وهى دعوة لم يكن ليقبلها حتى نظام الحكم فى السودان ليلتقى كل من امريكا والنظام فى رفض دعوته بعد ان فشلت كل مساعى امريكا فى ان تفرض على قرنق رؤيتها الانفصالية حتى انه كان معروفا ان بيان حق تقرير المصير الذى صدر فى امريكا عقب الندوة المزعومة ان قرنق لم يمهره بتوقيعه وان وافق على اصداره مجبرا واملا فى ان يؤمن الاستفتاء على الوحدة فلقد وافق مرغما تحت التهديد بسحب الدعم عنه ان تصدره لجنة الشئون الافريقية وان تعلنه هى فكان لابد من التخلص منه قبل الاستفتاء حتى لايكون داعيا للوحدة لهذا كان لابد ان تتم تصفيته وقد حدث خاصة ان خلفية قرنق المعروفة عنه انه يسارى الفكر وكان حليفا لليسار فى بدايات الحركة ولعلنى بهذه المناسبة اوثق لواقعة هامة.
5- فلقد نبعت فكرة فى القاهرة استهدفت تكوين منظمة سميت بالمنظمة السودانية للوحدة العادلة وقف خلف تكوينها نخبة من الشماليين والجنوبيين على راسهم الدكتور بشير البكرى والدكتورعلى التوم يرحمها الله وكانت اول منظمة تجمع فى عضويتها جنوبيين بل تم اختيار الاب باسفيكو لادو لوليك عضو مجلس السيادة فى الديمقراطية الثالثة رحمه الله رئيسا للمنظمة ينوب عنه الدكتور البكرى وعلى التوم ولقد كنت مقررا لهذه المنظمة وفى اول اجتماع للمنظمة كانت المنظمة بصدد اصدار بيانها الاول يحدد رؤيتها للوحدة وكان الاتجاه العام لدينا نحن الشماليين دمغ الدكتور قرنق بانفصاليته ولكن الاب باسفيكوا قدم لنا تحليلا لقرنق اكد فيه انه وحدوى وعلل ذلك بان قرنق رجل طموح يعلم انه لا يمكن ان يكون حاكما الا للسودان الموحد لانه يعلم انه لن يصبح حاكما للجنوب اذا انفصل لطبيعة النظام القبلى خاصة وانه دينكا بور وليس دينكا بحر الغزال وان الدينكا بور لايمثلون اكثر من خمسة فى المائة من الدينكا بحر الغزال لهذا فان فرصته فى الحكم صفركبيراذا قامت دولة الجنوب ولكن فرصته اكبر لو ان سودان جديد قامت عليه دولة الوحدة خاصة وهو يعلم مدى الاحباط الرفض للزعماء السياسيين التقليديين الذين يحملهم الشعب كلما لحق بالسودان وهو واثق بانه سيحظى بالقبول من اغلبية الشمال فى السودان الجديد باعتباره المبادر بالدعوة له
6- هكذا كان اغتيال قرنق تاكيد على نوايا الغرب وامريكا بمباركة دول الجوار لمطامعها فى الانفصال لاسباب اقتصادية ودينية.
ومع المزيد من التفاصيل فى الحلقة القادمة لنرى كيف نجح التامر الاجنبى والدور السالب الذى لعبه التجمع فى انجاح هذا المخطط على السودان بسبب صراعات الزعماء السياسيين على السلطة وتوافق استراتيجية الغرب مع استراتيجية النظام الحاكم فكلهم اسلموا امرهم لمن يتامر على وحددة السودان بعدان هيأوا المسرح للنظام ان يحقق الهدف المشترك مع المتامرين على السودان كل من زاوية مصالحه الضيقة بعد ان خبا صوت التجمع واصبح(برة الشيكة)لتاييده حق تقرير المصير بل هو الذى امن عليه كحق عالمى تكفله المواثيق الدولية مع ان هذا الحق مكفول فقط للمستعمرات وكان التجمع بهذا يؤيد امريكا فى دعوتها لتحرير السودان من الاستعمار العربى وهو يؤكد ان حق تقريرالمصير للجنوب تكفله المواثيق الدولية فهل كان الجنوب مستعمرة وليس جزءا من الوطن وهل من دعم للتامر الامريكى اكثر من هذا.
والى الحلقة القادمة.
alnoman hassan [[email protected]]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.