الدعم السريع يعلن السيطرة على النهود    وزير التربية والتعليم بالشمالية يقدم التهنئة للطالبة اسراء اول الشهادة السودانية بمنطقة تنقاسي    سقطت مدينة النهود .. استباحتها مليشيات وعصابات التمرد    عقار: بعض العاملين مع الوزراء في بورتسودان اشتروا شقق في القاهرة وتركيا    عقوبة في نواكشوط… وصفعات في الداخل!    الهلال يواجه اسنيم في لقاء مؤجل    تكوين روابط محبي ومشجعي هلال كوستي بالخارج    عثمان ميرغني يكتب: هل رئيس الوزراء "كوز"؟    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    سلسلة تقارير .. جامعة ابن سينا .. حينما يتحول التعليم إلى سلعة للسمسرة    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    من رئاسة المحلية.. الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع يعلن تحرير النهود (فيديو)    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    إعلان نتيجة الشهادة السودانية الدفعة المؤجلة 2023 بنسبة نجاح عامة 69%    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المطامع الاجنبية لتقسيم السودان وجدت ضالها في الانقاذ والتجمع الوطني
نشر في الراكوبة يوم 20 - 11 - 2012

انفصال الجنوب نتيجة حتمية لصراع الزعماء السياسيين من اجل السلطة
السياسيين الاسلاميين استولوا على السلطة بالقوة لتحقيق استراتيجيتهم الانفصالية
الانفصال مصير كل ولايات السودان التي تقف عثرة في طريق فرض الحكم الإسلامي
اختلف مع الدكتور سلمان في ان الانفصال مؤامرة اجنبية
قضيت اياما عديدة وانا اعيد قراءة ما سطره الدكتور سلمان محمد احمد سلمان من مقالات لتوثيق الاحداث التي انتهت بانفصال الجنوب والتي وثقت بمهنية عالية لواحد من اهم الاحداث فى تاريخ السودان كما تابعت مداخلات الاساتذة محمد الحسن احمد محجوب والدكتور احمد ابراهيم ابو شوك والصحفي الرقم محمد على صالح وربما لم تتاح لي الفرصة لاقف على مداخلات أساتذة اخرين احسب ان الموضوع استحوذ على اهتماهم وتناولوه بالتعقيب مما شكل في مجمله اضافات حقيقية لتوثيق هذا الانفصال الحدث الاخطر في تاريخ السودان.
لست هنا مساهما في التوثيق ذلك لان الدكتور سلمان اوفاه حقه بصورة علمية ومهنية وكفاءة عالية كما انني لست باحثا في هذا المجال ولكن وقفتي مع هذا الموضوع الهام هي جهد محدود متواضع لتحليل الظروف التي ادت للانفصال والتي وثق وقائعها الدكتور سلمان بدقة يأمل ان تكون هذه اضافة توسع من دائرة الحوار واذا كان هناك ما اختلف فيه مع الدكتور سلمان انه برأ الغرب وامريكا من التآمر على السودان واعتبر دورهم هامشيا بينما هم الاصل في الانفصال وما سيتبعه من انفصال قادم اما الشماليين والجنوبيين فكانوا ادوات حركها الغرب بقيادة امريكا لحساب اجندتهم بانسياقهم خلف مصالحهم وتقديمهم كرسي السلطة على الوطن ولقد اوفى الاستاذ محمد على صالح هذا الموضوع حقه (حول دور امريكا في السودان) والتي جاء موقفها امتدادا للصراع التاريخي بين المسلمين والمسيحيين فلقد كان المسلمون اسبق في الهيمنة على اوروبا واحتلالها ثم انقلب الحال لتصبح الدول الاسلامية مستعمرات اوربية ولما تحقق الاستقلال كان الغرب قد زرع اسرائيل لتامين مصالحه بعد ان تطور الامر لتصبح المصالح الاقتصادية والسياسية المحرك الاكبر لدوافع الغرب في العالم والسودان واحدا من اهدافه.
ولعلني استهل موضوعي هذا بسؤالين :
1-هل ما حققه الجنوب هو انفصال ام استقلال؟
2- هل ما تحقق هو مخطط لتآمر اجنبي عرف كيف يوظف الظروف الداخلية لتحقيق مصالحه الخاصة التي تتمثل في تقسيم السودان وتجزئته لما التقت مصلحته هذه مع استراتيجية الحركة الاسلامية التي استولت على السلطة بالقوة من اجل فرض الحكم الإسلامي لإدراكه بان هذا سيضيف لمشكلات الولايات التي تعانى من التفرقة العرقية والعنصرية بإضافة البعد الديني الاكثر خطورة مما يساعده على تحقيق استراتيجيته لتمزيق السودان ولعلنا نذكر كيف ان اصدار النميري رحمة الله عليه قوانين سبتمبر الاسلامية كيف انها وفرت للحركة الشعبية المناخ لتنتقل من حركة تمرد محدودة لقوى موازية للقوات المسلحة السودانية بسبب ما حظيت به من دعم خارجي كان المحرك الأساسي له البعد الديني لهذا وجدت قوى التآمر الأجنبي الفرصة لاستغلال هذه المستجدات فأولت رعايتها للسلطة التي رفعت راية الدولة الاسلامية وستبقى راعية وحامية لها حتى تكتمل مراحل تمزيق السودان الامر الذى يعنى ان الانفصال تآمر اجنبي ام ان الانفصال حدث محلى سوداني الصنعة كما ذهب الدكتور سلمان؟.
سؤالي الاول هل ما حدث انفصال ام استقلال فرضه على ما شهدته يوم احتفل الجنوب بنتيجة الاستفتاء الذى انتهى بما اسميناه نحن ولا زلنا انفصال وكان رئيس السودان يومها حضورا في الاحتفال بحضور كم هائل من الدول على راسها الدول المتآمرة ودول الجوار الطامعة ويومها شهد ذلك الحفل ظاهرة لم تستوقف احدا رغم ما احاطها ولايزال يحيطها من علامة استفهام كبيرة لا يمكن تجاهلها.
كان رئيس السودان الشمالي هو الوحيد الذى تحدث في خطابه عن هذا الحدث بانه انفصال جزء من وطن كان موحدا بينما اصر كل من خاطبوا الحفل من ابناء الجنوب وعلى راسهم رئيس دولة الجنوب الحالي نفسه تحدثوا عن احتفالهم بتحقيق الجنوب استقلاله ولم يشير أي منهم للانفصال اعترافا بان السودان كان وطنا واحدا حتى الاستفتاء والاستقلال لا يتحقق الا لدولة مستعمرة لدولة اخرى وبهذا كان مفهومهم انهم كانوا مستعمرة للسودان الشمالي وتحرروا منه بالاستقلال
ولقد كان غريبا الا يثير هذا الاعلان الرسمي لدولة الجنوب أي جدل او مساءلة او تصحيح رغم ما يعنيه هذا الاعلان من تداعيات فكيف صمت عنه حكام السودان ولم يطلبوا تصحيحا له لخطورته وهو يصور الشمال دولة استعمارية كما ان الصحافة الغربية التي شاركت بكثافة في الاحتفال روجت له باعتباره استقلال وذلك استنادا على ان اتفاق نيفاشا خول للجنوب حق تقرير المصير للخيار بين الوحدة او الانفصال ولم يكن الاستفتاء ليقرر الجنوب ان يبقى مستعمرة للشمال او الاستقلال.
لهذا فمن يتوهم ان اعلان الجنوب بان ما حققه استقلال جاء من فراغ او صدفة او مغالاة في التعبير يخطئ فلهذا الاعلان خلفية هامة لو توقفنا فيها لإدراكنا ما هو قادم والقادم اخطر وليس احلى كما يقول المثل. وهذا ما سيأتي توضيحه في هذه الحلقة
ففي عام 89 نشرت احدى الصحف المصرية ترجمة لمقالة لرجل استخبارات الماني تقاعد عن الخدمة تعرض فيها الى ان مصالح الغرب بقيادة امريكا تحديدا استقرت على انه اذا كان هناك ثمة خطر يتهدد التفوق المعيشي والاقتصادي الذى تحقق لهم باستغلال دول العالم الثالث التي خضعت لهم كمستعمرات و كمصادر للخام وسوق للصناعة الغربية خاصة بعد قيام السوق الاوربية فانه يتمثل في الحيلولة دون ان تقوم اسواق موازية للوحدة الاقتصادية الاوربية خاصة في هذه الدول المستعمرات السابقة لأنها ستكون خصما على رفاهية الغرب لهيمنته على اقتصاديات الدول المتخلفة والنامية واشار كاتب المقال تحديدا الى ان قيام وحدة اقتصادية عربية لهى الخطر الاكبر لما تتمع به الدول العربية لو اجتمعت في وحدة اقتصادية واحدة من امكانات لا تتمتع بها أي منطقة فى دول العالم الثالث خاصة وانها قد تمتد لوحدة اقتصادية للدول الاسلامية واكد في مقالته ان الغرب وللحيلولة دون نمو هذه الوحدة تم رصد مجموعة من الدول العربية والاسلامية لابد من تصفيتها وتمزيقها لما تملكه من امكانات كبيرة ومتنوعة تدعم أي وحدة اقتصادية اذا استقر بها الحال واخضاع ثرواتها لدول الجوار المسيحية كينيا ويوغندا واثيوبيا واسرائيل لهذا فرض الغرب ان يكون لهذه الدول الدور الاكبر في مسار القضية السودانية التي انتهت بالانفصال لما لها من مصالح وبصفة خاصة الهيمنة على مصادر الطاقة والمياه والأراضي الواسعة التي تتمتع بها الدول العربية( لهذا خصت امريكا هذه الدول بالدور الاكبر فى قضية الجنوب واقصت الدول العربية الحريصة على وحدة السودان عن أي دور مع انها الاقرب واقوى صلة بالسودان وهو م ما تؤكده الوقائع التي وثق لها الدكتور سلمان في كل مراحل التفاوض التي اقصيت عنها الدول العربية وقصر الدور فيها للدول المسيحية حليفة امريكا والطامعة بان تخرج بمكاسب من تمزيق السودان ) وبين هذه الدول التي حددها كاتب المقالة والتي تقرر تصفيتها السودان والعراق وسوريا واليمن من الدول العربية وايران من الاسلامية كما امن على ضرورة ان يحرص الغرب على ابقاء هذه الدول في حالة صراع دائم حتى يحول دون أي توافق بينهما يؤدى لإنشاء سوق عربية مشتركة او وحدة اقتصادية عربية او اسلامية ( وقد نجحت امريكا في ذلك بان سخرت إسرائيل من جهة وبرعايتها للحكام العرب الموالين لها لقهر شعوبهم لتسلم امرها وارادتها لأمريكا مقابل تامين حكمها
المؤسف انني كنت محتفظا بهذه الصحيفة التي نشرت ترجمة للمقالة والتي كشف فيها رجل الاستخبارات الألماني عن دوافع الغرب وامريكا في منطقة الشرق الاوسط والدول العربية الا ان الصحيفة احترقت في حادث تعرضت له الشقة التي كنت اسكنها في القاهرة قبل عام تقريبا.
ثم كانت الطامة الكبرى والتي ضاعفت من مخاوف الغرب كانت في تداعيات انهيار المعسكر الشرقي الذى كان يشكل توازنا عالميا في القوى الامر الذى مكن الغرب من ان يحكم قبضته على العالم رغم (فرفرة الصين من حين لأخر دون فاعلية تذكر ) ولكن انهيار المعسكر الشرقي أفرز مخاوف لم تكن في حسبان الغرب الذى ساهم بكل قواه في ان يؤسس لحركة اسلامية وفر لها كل الامكانات واحتضنها من مولدها كحليف استراتيجي له لمناهضة الشيوعية فنهضت هذه الحركة كقوى صديقة فى ظاهرها مخترقة بالكثيرين من العملاء في باطنها وقد ضاعف من مخاوف الغرب بروز اتجاه ودعوة وسط بعض القطاعات الاسلامية المنطلقة من رؤية اسلامية متحررة من الهيمنة الامريكية والتي كانت حليفة له وطوع اومره فى تحقيق الهدف المشترك بمناهضة الشيوعية فلقد عجلت هذه القوى المحدودة بان كشفت عن نوايا متعجلة وغير قابلة للتنفيذ بانها المؤهلة لترث المعسكر الشرقي وتبقى قوة عالمية مناهضة للغرب(حليفها الذى صنعها ويملك مفاتيحها) والذى يعلم خباياها بازرعه فيها على كل مستوياتها حيث ان اغلبيتهم تم تأهيلهم اكاديميا وسياسيا في امريكا وبالرغم من ان هذه الدعوة ولدت ميتة لأنها لا تملك الكفاءة والقدرة لتحل بديلا للمعسكر الشرقي لعدم امتلاك القوى الموازية ولكنها اثارت انتباه الغرب لهذا الخطر على الاقل في المستقبل البعيد مما ضاعف من اهتمامه بتفتيت كبرى الدول الاسلامية بجانب الدول العربية ولم تكن مهمته هذه صعبة لسيطرته على الحركات الاسلامية التي ولدت من رحمه والقابض على الكثير من قياداتها وزعمائها ومن زرعهم فيها من قواه الاستخباراتية ويملك ان يسخرها لأهدافه.
من هنا اكتسبت استراتيجيته التي تعرض لها رجل الاستخبارات الألماني بعدا جديدا في المنطقة وليضاعف الغرب من اهتمامه بتمزيق الدول التي تمثل مراكز قوى لقيام قوى جديدة مناهضة له اقتصاديا وسياسيا بما تملكه من امكانات اقتصادية لهذا نجح في ان يسخر هذه الدعوة لتفتيت الدول المستهدفة بإثارة البعد الديني سواء تمثل في المسلمين وغير المسلمين او بين الجماعات المتباينة من المسلمين بين السنة والشيعة لمعرفته بطبيعة هذه الدول وما تحمله من تناقضات دينية وعنصرية مستغلا اصرار هذه الحركات على الهيمنة على شعوبها رغم هذه الفوارق الامر الذى يجعل سياسة الراغبين في الحكم باسم الاسلام انما تصب سياستهم في تحقيق نواياهم التآمرية ولعل السودان هو اكثر الدول التي عرف الغرب كيف يوظف الحركة الاسلامية لتفتيت الدولة بعد ان تعددت اهدافه .
اذن الحديث عن انه ليس هناك استهداف او تأمر اجنبي على السودان يستهدف تمزيقه يجانب الحقيقة فالتآمر الأجنبي هو المخطط وهو صاحب المصلحة ولكنه عرف كيف يوظف الصراعات السياسية بين القيادات من اجل السلطة و كيف يحقق هدفه في تمزيق السودان الذى حقق اول خطواته بفصل الجنوب ولا يزال يواصل مبتغاه مستغلا في ذلك هيمنة قوى اسلامية على السلطة حرص على بقائها حتى يحقق كل طموحاته لهذا لم يكن غريبا علي المتآمرين على وحدة السودان ان يتخذوا من النظام حليفا لهم رغم مظاهر العداء المسخر لإخضاعهم لطاعتهم لإدراكهم بانه لا سبيل لتحقيق استراتيجيتهم الا تحت ظل حكم تساعد استراتيجيته لتحقيق هدفهم حيث ان استراتيجية القوى
الاسلامية المهيمنة على السلطة بالقوة ان تفصل أي منطقة في السودان تقف عثرة في فرض الدولة الاسلامية لهذا فان الغرب المستهدف وحدة السودان هو الأحرص على بقاء النظام الحاكم حيث انه يحقق لهم مخطط التمزيق وذهب بهم الامر لان يعلنوا صراحة انهم ضد اسقاط النظام بالرغم من انهم يحاصرونه ويضيقون عليه لمزيد من
الاستسلام ويريده ان يبقى تحت تهديده حتى يحقق استراتيجيته وعندها سينقلب عليه .
ولكن المؤسف ان تهافت المعارضة للسلطة حتى فوق اشلاء الوطن مكنت القوى المتآمرة ان تسخر هذه المعارضة لتحقيق اهدافها كما تسخر النظام الحاكم والضحية السودان.
قصدت بهذا ان اؤكد على التآمر الأجنبي الذى عرف كيف يسخر الظروف الداخلية التي تتمثل ففي صراعات الزعماء السياسيين شماليين وجنوبيين المهيمنين على الساحة السياسية منذ فجر الاستقلال ظلت عونا لهذا التآمر عن جهل ولضيق النظرة ولغياب المؤسسات الحزبية الديمقراطية وهيمنة الافراد بمصالحهم عليها وهذه مراحل سأعود لها بالتفصيل في الحلقة القادمة.
هذا التآمر الأجنبي عبر عن نفسه في تاريخنا الحديث وفى عهد النظام الحالي بأكثر من موقف.
1- ففي بدايات عهد الانقاذ بادر الغرب وعجل برعاية ما سمى باتفاق بون الذى وقعه الدكتور على الحاج والذى تضمن حق تقرير المصير للجنوب لولا انه اجهض بما واجهه من معارضة لم تخلو من مشاركة الاسلاميين الطامعين في استغلال الجنوب معبرا لنشر الدعوة افريقيا بجانب المعارضة التقليدية للقوى السياسية المعارضة للنظام والرافضة لأجندته وقتها ممثلة في التجمع.
2- في فبراير 92صدر عن لجنة الشئون الافريقية قرارا طالب الحكومة الامريكية ان تعمل على تحرير السودان من الاستعمار العربي وهنا يجب ان نلاحظ ان القرار اشار لتحرير السودان من الاستعمار ولهذا كان حديث الجنوبيين يوم الاحتفال بالانفصال انه استقلال وليس انفصال تقديرا لدور الغرب في تحقيقه كما اسماه. والملاحظة الهامة هنا ان القرار تحدث عن تحرير السودان من الاستعمار العربي ولم يقل الإسلامي فى خطوة ذكية من جانبه لأنه يعلم ان المناطق المستهدفة بعض شعوبها مسلمين لهذا تبنى العنصرية ضد العرب كأداة لتحقيق اهدافه فكانت دعوته ضد الاستعمار العربي ليوسع من دعوته لتمزيق السودان حتى لا تقف على الجنوب وحده .
3- تأكيدا لمواقفه هذه وفى خطوة خطيرة هي التي اطاحت بالجنوب وسوف تطيح بغيره من المناطق في جنوب كردفان ودارفور والنيل الازرق بل والشرق فلقد استضافت امريكا ندوة في مطلع عام 93أى بعد بضعة اشهر من قرار لجنة الشئون الافريقية بتحرير السودان من الاستعمار العربي وجهت فيها الدعوة لقيادات التجمع ولفصيلي الحركة المنشقة وللنظام الحاكم تحت مسمى (السودان المأساة المنسية) وبالرغم من تهافت قيادات التجمع التي لم تشجب قرار تحرير السودان من الاستعمار العربي تسارعوا نحو واشنطن تحت ضيافة من كشف نواياه التآمرية ضد الوطن ولكنها الرغبة في تلقى الدعم الأمريكي لإسقاط النظام لجهلهم بأهميته لأمريكا ومع ذلك فان الندوة لم تنعقد وتكشف انها كانت غطاء لجمع جناحي الحركة الشعبية جون قرنق من جهة ولام اكول ومشار من جهة ثانية واستهدفت الدعوة توحيد الحركة حول المطالبة بحق تقرير المصير وبالرغم من ان قرنق كان رافضا التوحد مع الفصيل المنشق لتباين الرؤى و رافضا القبول بحق تقرير المصير مما عرضه للتهديد والمقاطعة الامريكية والغربية ورفع الدعم عنه حتى قبل ان يصدر نهم بيان مشترك لا يحمل توقيعهما اعلنته لجنة الشون الافريقية الامريكية بانهما وافقا على المطالبة بحق تقرير المصير للجنوب وهنا كانت المفاجأة فاعلان الاتفاق لم يقف على حق تقرير المصير للجنوب وحده وانما تضمن نفس الحق لما اسماها البيان الأمريكي الصادر بالنيابة عن الفصيلين ان يتضمن حق تقرير المصير لما اسماها المناطق المهمشة وهى المناطق التي تواجه مشاكل عنصرية مع العرب حتى تحسب نفسها مستعمرة وحتى ذلك الوقت لم يكن هناك تمرد في أي من دارفور او النيل الازرق او جنوب كردفان واللبيب يفهم المعنى بإضافة هذا الحق لمناطق لم تكن تواجه أي تمرد وكان هذا القرار صناعة امريكية وهو الذى دفع هذه المناطق للتمرد لما اطمأنت للدعم والرعاية الامريكية كما هو الحال للجنوب وسوف لن يهدأ لأمريكا بال حتى تحقق ما تسميه تحرير السودان من الاستعمار العربي بإعلان تحرير هذه المستعمرات.
4- كل التقارير اكدت ان حادثة الطائرة التي راح ضحيتها الدكتور قرنق كانت بتدبير امريكا وحلفائها من دول الجوار والسبب في ذلك ان قرنق كان داعية لوحدة السودان ولكنه سودان جديد حدد مواصفاته الخاصة وانه لا يقوم على دولة دينية وهى دعوة لم يكن ليقبلها حتى نظام الحكم في السودان ليلتقي كل من امريكا والنظام في رفض دعوته بعد ان فشلت كل مساعي امريكا في ان تفرض على قرنق رؤيتها الانفصالية حتى انه كان معروفا ان بيان حق تقرير المصير الذى صدر في امريكا عقب الندوة المزعومة ان قرنق لم يمهره بتوقيعه وان وافق على اصداره مجبرا واملا في ان يؤمن الاستفتاء على الوحدة فلقد وافق مرغما تحت التهديد بسحب الدعم عنه ان تصدره لجنة الشئون الافريقية وان تعلنه هي فكان لابد من التخلص منه قبل الاستفتاء حتى لا يكون داعيا للوحدة لهذا كان لابد ان تتم تصفيته وقد حدث خاصة ان خلفية قرنق المعروفة عنه انه يسار الفكر وكان حليفا لليسار في بدايات الحركة وللعلني بهذه المناسبة اوثق لواقعة هامة.
5- فلقد نبعت فكرة في القاهرة استهدفت تكوين منظمة سميت بالمنظمة السودانية للوحدة العادلة وقف خلف تكوينها نخبة من الشماليين والجنوبيين على راسهم الدكتور بشير البكري والدكتور على التوم يرحمها الله وكانت اول منظمة تجمع في عضويتها جنوبيين بل تم اختيار الاب باسفيكو لادو لوليك عضو مجلس السيادة في الديمقراطية الثالثة رحمه الله رئيسا للمنظمة ينوب عنه الدكتور البكري وعلى التوم ولقد كنت مقررا لهذه المنظمة وفى اول اجتماع للمنظمة كانت المنظمة بصدد اصدار بيانها الاول يحدد رؤيتها للوحدة وكان الاتجاه العام لدينا نحن الشماليين دمغ الدكتور قرنق بانفصاليته ولكن الاب باسفيكوا قدم لنا تحليلا لقرنق اكد فيه انه وحدوي وعلل ذلك بان قرنق رجل طموح يعلم انه لا يمكن ان يكون حاكما الا للسودان الموحد لأنه يعلم انه لن يصبح حاكما للجنوب اذا انفصل لطبيعة النظام القبلي خاصة وانه دينكا بور وليس دينكا بحر الغزال وان الدينكا بور لا ي يمثلون اكثر من خمسة في المائة من الدينكا بحر الغزال لهذا فان فرصته في الحكم صفر كبير اذا قامت دولة الجنوب ولكن فرصته اكبر لو ان سودان جديد قامت عليه دولة الوحدة خاصة وهو يعلم مدى الاحباط الرفض للزعماء السياسيين التقليديين الذين يحملهم الشعب كلما لحق بالسودان وهو واثق بانه سيحظى بالقبول من اغلبية الشمال فى السودان الجديد باعتباره المبادر بالدعوة له
6- هكذا كان اغتيال قرنق تأكيد على نوايا الغرب وامريكا بمباركة دول الجوار لمطامعها فى الانفصال لأسباب اقتصادية ودينية.
ومع المزيد من التفاصيل في الحلقة القادمة لنرى كيف نجح التآمر الأجنبي والدور السالب الذى لعبه التجمع في انجاح هذا المخطط على السودان بسبب صراعات الزعماء السياسيين على السلطة وتوافق استراتيجية الغرب مع استراتيجية النظام الحاكم فكلهم اسلموا امرهم لمن يتامر على وحدة السودان بعدان هيأوا المسرح للنظام ان يحقق الهدف المشترك مع المتآمرين على السودان كل من زاوية مصالحه الضيقة بعد ان خبا صوت التجمع واصبح (برة الشبكة) لتأييده حق تقرير المصير بل هو الذى امن عليه كحق عالمي تكفله المواثيق الدولية مع ان هذا الحق مكفول فقط للمستعمرات وكان التجمع بهذا يؤيد امريكا في دعوتها لتحرير السودان من الاستعمار العربي وهو يؤكد ان حق تقرير المصير للجنوب تكفله المواثيق الدولية فهل كان الجنوب مستعمرة وليس جزءا من الوطن وهل من دعم للتآمر الأمريكي اكثر من هذا.
والى الحلقة القادمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.