بسم الله الرحمن الرحيم قال تعالى: ( هَذَا بَلاغٌ لِلْنَّاس وَلِيُنْذَرُوْا بِه وَلِيَعْلَمُوَا أَنَّمَا هُو إِلَهٌ وَاحِد وَلِيَذَّكَّر أُوْلُو الألْبَابْ) ..الآية هذا بلاغ للناس بقلم: أبوبكر يوسف إبراهيم* توطئة: . ربطتني بالدكتور كرار التهامي الأمين العام لجهاز المغتربين علاقة العمل العام بالرياض وحالما تطورت هذه العلاقة إلى صداقة إذ تجمعنا كثير من الاهتمامات الاعلامية والادبية والرياضية، وقد تبوأ منصبه كأمين للجهاز دون أن يعرف الكثيرين أن جهاز المغتربين هو عبارة عن جهاز تنسيقي ينسق بين كل الدوائر الحكومية فيما يختص بالمغترب والمغتربة، والكثيرون يحملونه ما لا طاقة له به أو قبيل، ورغم قسونا عليه في كثير من الأحيان من باب الفصل بين العام والخاص، إلا أن الواقع المعاش إن علاقاته مع الدواوين الأخرى هي علاقة شد وجذب لا يخرج منها د. كرار إلا في كثير من الاحيان إلا مغاضباً، فأصبح حاله حال زوج الضرتان، لا ينال أبداً رضا أيٌ منهما. وهذا أيضاً حال نائب الأمين الدكتور كرم الله محمد عبدالرحمن لأن كليهما يبحران في ذات القارب، ومن المنطق والعدل أيضاً أن نقول أن إرضاء الناس جميعهم غاية لا تدرك.!! المتن: . فكلا الرجلين كان مغترباً ويعلمان جيداً هموم المغربين فلا مجال أن نقول أن ظروف المغترب خافية عليهما، ولكن يبقى من الظلم أن لا نذكر لهما إنجازاتهما خاصة بعد ما واجهه المغتربون في ليبيا أثناء قيام ثورتها وكان في ذلك الحفاظ على حياة أبنائنا وبناتنا، ولعل أيضاً أن نذكر إن أهم انجازات الجهاز أيضاً هو ما تحقق في شأن زكاة المغتربين وأوجه صرفها، بحيث ينبغي أن تحل من مداخيلها مشاكل المغتربين في مهاجرهم، خاصة بعد أن تقلص سوق العمل وانخفضت المرتبات ضمن إجراءات توطين العمالة في دول الاغتراب وخاصة الخليجية، فأصبح المغترب مجبور على القبول بالأدنى لمجابهة مسئولياته من سكن ارتفع بنسب 100- 200% وأيضاً الانفاق على المأكل والمشرب والملبس حيث تضاعفت أسعار السلع التموينية بنسب تتراوح بين 50-150% وكذلك قفزت أسعار تكلفة الطبابة 60% ، وأما تعليم الأبناء فحدث ولا حرج ، اضافةً لتكافله مع الأسرة الممتدة بالوطن، ولعل ظروف وأسباب العودة الطوعية أصبحت كالعنقاء والخل الوفي، ومرجع ذلك حالة الاقتصاد الوطني خاصة بعد وقف ضخ النفط من الجنوب عبر مرافق الشمال وموانيه وكذلك عدم توفر الوظائف في سوق العمل كنتيجة حتمية لحالة الاقتصاد عموماً، فأصبح المغترب بين نارين نار عودة طوعية يكتنفها الغموض اضافة إلى عطالة حتمية أو القبول بواقع حال والعيش على الكفاف. . باعتقادي أن الذي يجب أن يسعى له الرجلان هو إيقاف أو تخفيض جبايات تلك الرسوم إلى حدها الأدنى والتي لا مبرر لارتفاعها تخفيفاً على المغترب، فالمغترب يده في جيبه لحظة أن تطأ قدماه أرض الوطن، بدءً من رسوم التأشيرة ، ورسوم الخدمة الالزامية ورسوم الخدمات والترب تيكت وهلمجرا تخفيفاً عليه لينعم على الأقل بإجازته دون منغصات وحتى لا يعود ناقماً وأسفاً على قضاء إجازته داخل الوطن، وعلى الجهات ذات العلاقة أن تكون لديها من المرونة في التعامل مع الأمين العام ونائبه وأن لا تصر على حلب وتشليح المغترب فهو في نهاية المطاف مواطن سوداني تكفل بكثير من واجبات الدولة التي يحظى بها المقيمون في الداخل، فهل الدولة ينطبق عليها المثل القائل( جينا نساعده في حفر قبر أبيه فدسّ المحافير)!! . أيضاً من الانجازات التي تحسب للأمين العام هو تأسيس مركز لدراسة وبحوث الهجرة واقتصاداتها وهذا عمل مقدر، ومع تقديرنا لذلك فبالتأكيد أن ضمن نتائج هذه البحوث تظهر كثير من المشكلات التي تواجه المغترب ومجرد تأسيس هذا المركز يعتبر خطوة في الطريق الصحيح ولكن يتوقع المغترب أن يلمس حلولاً لهذه المشكلات التي تواجهه، وهذا ما تنتظره جموع المغتربين وحتى لا تضيع تكلفة قيام مثل هذا المركز كالهباء المنثور، فتصبح مصيبة المغترب مصيبتان أو كما يقول المثل " سُخرة وخم تراب" !! . لعل أيضاً من انجازات الجهاز رفع الحظر على استيراد السيارات لمن يرغب في العودة النهائية رغم أنها دون طموح وآمال المغترب مقارنة برصفائه في بعض الدول العربية إلا أن (الطشاش ولا العمى كله)، فهناك دول تعفى مثل هذه السيارة من الرسوم الجمركية ودول أخرى تخفض الرسوم بنسبة تتراوح ما بين 60% للسيارات دون 1600 سي سي، و30% إلى 200سي سي و 25% على السعات الأعلى فكلما سعة المحرك أعلى كانت النسبة أقل وكذلك اعفاء الاثاث وأي معدات ومعينات مهنية للحرفيين والمهن الطبية والهندسية حتى عندما يعود المغترب يشرع في تأسيس مشروعه حسب تخصصه، وبالطبع هذا يوجد فرص عمل لتدور عجلة هذا العمل وبذلك يغني الدولة من أي تمويل سواء أصغر أو أوسط، وهذا يصب في مصلحة الاقتصاد الكلي ويرفد البلاد بخبرات متطورة ومتراكمة ترفع من مستوى الخدمات المباعة!! أليس هذا نتاجاً اقتصادات الهجرة العكسية أيضاً؟!! . كما أن تأسيس جهاز إعلامي أمر يحسب للجهاز وأمينه ونائبه ولكن أن يكون هذا الاعلام فاعلاً يجب أن يخرج عن النمطية؛ فأصبح الاعلام التفاعلي الرقمي أثر دينامي، لأن المغتربون عندها يستطيعون طرح آرائهم ومشكلاتهم وآمالهم ومقترحاتهم ولا يكفي أن يكون المغترب متلقياً فقط!!. فقد اتفق العلماء على أننا نعيش اليوم عصر التكنولوجيا والمعلومات والتواصل الاجتماعي، ونحن نعيش فعلا مجتمع المعلومات الذي يعتمد على استثمار التكنولوجيات الحديثة في إنتاج المعلومات الوفيرة لاستخدامها في تقديم الخدمات على نحو سريع وفعال، وتشكل المعلومات أساسا في التنوير والتطوير، ومن يملك المعلومات الصحيحة في الوقت المناسب فانه يملك عناصر القوة والسيطرة في عالم متغير يعتمد على العلم في كل شئ بعيدا عن العشوائية والارتجالية والنمطية . ويرى الباحثون أن التفاعل يعني مرسل ومتلقي ومن أهم خصائص التفاعل الاستجابة Responsiveness أي أن الاتصال التفاعلي يتعدى حدود الاتصال الإنساني إلى الاتصال والتفاعل مع الوسيلة ذاتها وليس بين الفرد وأطراف العملية الاتصالية، لذا فأنه ينبغي على الجهاز الالتفات لهذه الناحية المهمة، خاصة أن المغتربين في مهاجرهم هم أكثر الفئات تعاملاً مع تقنيات الاتصال الحديثة!! الحاشية: . الزخم الاعلامي الذي مؤتمر اقتصادات الهجرة السودانية برأيي المتواضع وهو وجهة نظر شخصية تحتمل الخطأ والصواب لم يستصحب تجارب دول رائدة ولها جاليات كبيرة في دول المهجر، ولكنه كبداية نستطيع أن نقول أنها كمجرد خطوة لا مندوحة من أن نثني عليها ، ولكن العبرة ليس فقط بمخرجات المؤتمر ولكن التنفيذ وفق جداول زمنية لمعرفة النجاحات أو الاخفاقات ولتعلم الدروس المستفادة من هكذا مؤتمرات والتي كان ينبغي أن تقدم احصائيات ورسوم بيانة للوضع الحالي وقياس التقدم بعد فترة زمنية محددة. إن أول خطوات نجاح أي خطة يعتمد على مدى الثقة المتبادلة بين المغتربين وجهازهم ‘ فعلينا أن نتوقع أي تقدم أو نجاح في ظل انعدام الثقة ولا بد من استعادة هذه الثقة وتجسير الهوة، ومع ذلك فعلينا أن لا نحمل الأمين الحالي أو نائبه تراكمات تسبب فيها أسلافهم ولكن أي خطوة لإعادة تأهيل الثقة المفقودة تحتاج لعمل دؤوب منهما!! . أول خطوة على الطريق الصحيح ينبغي على الجهاز القيام بها هو تقييم مدى فعالية السياسات المعنية بالهجرة إلى دول الخليج ومن ثمّ لبقية دول العالم حيثما يوجد مغتربون وذلك فى ضوء المتغيرات التي طرأت على دول الخليج تجاه الهجرة من الدول المجاورة ومنها بالطبع السودان. وفى هذا الشأن يجب أن تجرى دراسة واقعية وميدانية لدراسة فاعلية سياسات الهجرة ة كذلك الهجرة المعمول بها فى بعض الدول المماثلة لنا. فقد أوضحت تحليلات بعض الدراسات التي اطلعت عليها أن بعض الدول التي تستضيف المغتربين أصبحت يتبنى سياسات تمييزية فيما يتعلق بالهجرة تشجع على هجرة الحاصلين على التعليم العالي بالدرجة الأولى. وحسب تحليل تلك الدراسات فإنها تحول دون زيادة تدفقات الهجرة العمالة الماهرة وشبه الماهرة والعادية إلى تلك الدول، وهذه الفئات تشكل النسبة الكبرى من مجمل العمالة المغتربة. وقد خلصت من التعمق في لدراسة تحليلات تلك الدراسات إلى ضرورة تطوير سياسات الهجرة لدينا حتى تواكب التغييرات الجديدة فى سياسات الدول المضيفة. تقترح الدراسة ثلاثة أسس لتطوير سياسات الهجرة ، المحور الأول يهدف بالدرجة الأولى إلى تنظيم تدفقات الهجرة، وينطوي المحور الثانى على دمج المغتربين أنشطة المجتمعات المضيفة ،أما الأساس الثالث والأخير والأهم فهو متعلق بإنشاء وتطوير العلاقات بين المهاجرين والوطن الأم. الهامش: . من المفيد أن نذكر أن من أهم الخطوات التي يجب أن تتبع هو إيجاد سجل للراغبين في الهجرة أو الاغتراب حتى يمكن لأجهزة الدولة وضع تصور واستراتيجية تخدم بها الراغب في الهجرة وتسهل مهمته ومدى استفادة الدولة من هجرته دونما يتعرض لما يهين كرامته المهنية كالطبيب الذي يهاجر بتأشيرة عامل حداد مثلاً أو راعي!! . في عام 2003 دخلت الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم حيز التنفيذ وهي الاتفاقية التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في شهر ديسمبر 1990 وتعد الاتفاقية الأهم في حفظ ورعاية العمالة المهاجرة وقد عرفت تلك الاتفاقية العامل المهاجر بأنه الشخص الذي سيزاول أو زاول نشاطاً مقابل أجر في دولة هو ليس من رعاياها ، فهل قام الجهاز بدراسة هذه الاتفاقية الدولية ونشرها بين المغتربين ليعرفوا ما لهم وما عليهم من حقوق وواجبات تكفلها هذه الاتفاقية الدولية؟! هذا ما يجب البحث فيه. قصاصة: . مهمة الاعلام أن يشيد بما يستحق ويسلط الضوء على السلبيات، وأيضاً يعكس صوت ومعاناة الناس دون تحريف فيما يرسلون إليه من رسائل وذلك من باب الأمانة الصحفية والنقل وأيضاً لتأكيد كفالة حرية التعبير حتى وإن كانت العبارات فيها شيء من القسوة طالما لم تصل حد البذاءة والسباب. أن مثل هذه الرسائل لا تعني بالضرورة أنها وجهة نظر الكاتب، بل هي تحمل وجهة نظر كاتبها، وفي ذات الوقت علينا أن نؤكد إن أي مسئول قبل منصب عام عليه أن يتحلى بسعة الصدر ويتحمل النقد طالما كان في حدود الأدب ، وبالتالي ومن الضرورة بمكان أن يكون للمسئول جهاز إعلامي فاعل لا يحور المعنى لهوى أو غرض حتى لا يضع المسئول في حرج عدم إلمامه بما يجري لأنه أوكل أمانة التلخيص لمن يثق في كفاءتهم المهنية، لأن الناقل إن حوّر وغيّر وبدّل في ملخصاته الاعلامية لا يكون قد أدى الأمانة التي أبت الجبال أن تتحملنها!! هذه مجرد نصيحة.. والله من وراء القصد!! عوافي..