بقلم: د. (طبيب) عبدالمنعم عبدالمحمود العربي. لندن عزيزي القارئ والقارئة تمر الأيام ببهجتها أو قساوتها الي غير رجعة وتترك بصماتها محفورة في الذاكرة ذكريات باقية. وهكذا حياة الأفراد والأمم والحضارات التي تسود ثم تبيد كلها تطويها عجلات الزمن السريعة كانها دقائق وثوان ولا يبقي منها شئ سوي التاريخ أو بعض من الأثر. في احدي الصحف السويدية ذكر أن أجمل سنين العمر هي سن السابعة والثلاثين حيث يتم فيها الاستقرار وقمة النشاط والنماء. توقفت عند ذالك العنوان وتساءلت لم نحن يشدنا دائما الحنين الي أيام طفولتنا ونعتبرها أجمل أيام حياتنا؟ لعل السبب أننا قد سعدنا بطفولة رغدة في كنف الآباء والأمهات والحبوبات الحنونات نمرح في حرية مطلقة حتي بلوغ السابعة من العمر وقبل دخول المدرسة الابتدائية. طفولة تشبعت بكل ما تجود به البيئة المحيطة والغنية وما فيها من تحولات طبيعية أو اجتماعية. فالطفولة في بلاد الغرب تبدأ في دور الحضانة يشرف عليها موظفون غرباء علي أولئك الأطفال في جدران مغلقة. كنت من المحظوظين وقد اقتنيت لوحة فنية رائعة من أعمال الفنان التشكيلى المعروف بروفيسور شبرين عنوانها "طفولتي" الونها ذات بهجة وقد تجسدت فيها النوستاجيا الي أيام مضت صارت كالحلم الذي يساور شخصه حتي وقد بلغ المشيب. وجدت فيها سياحة ممتعة علي شواطئ النيل المخضرة بالزروع وأسماكا يصطادها الصغار وأشجار نخيل يتسلقونها اما لجني تمورها أو زيارة أعشاش الطيور من العصافير والقماري الجميلة. أيضاً تجعل المشاهد يعيش جوا صوفيا تفوح فيه رائحة البخور يجسد احتفالات أهل السودان بالأعياد وليالي ميلاد الرسول محمد صلي الله عليه وسلم كما فيها الحنين الي قري وارياف و بوادي أشرقت فيها شموس بميلاد العباقرة من أبناء السودان وكذلك الحكايات الجميلة والمثيرة وأشجار الحب التي نبتت وظلت خالدة علي ارض هذا الوطن تحتوي كلا منا تحت ظلالها الوارفة. ومن علي البعد عشت الايام الفائتة مع كل سوداني احباطات الزمن الغاشم والبعض قد مر عليه العيد هذه السنة وقد عجز عن الوفاء بخروف العيد تقربا الي الله وليفرح أيضاً به الصغار في كل عشة وكل دار هذا إضافة الي استباحة كرامة الوطن الكبير والتي خيبت آمال كل سوداني ومشاكل اخري شائكة ومؤثرة كالحروب الداخلية الدائرة وظروف أبناء الوطن في بلاد المهجر مشتتين وفي كبد مستمر يغالبون المستحيل. ....الخ . حاولت بالكلمات ادناه وطفولة شبرين الفنان المرهف (شفاه الله وعافاه) في خاطري الخروج من هذا الإحباط الثقيل باعثا من السبات الأمل والتفاؤل عل ذلك لايموت في نفسي ونفس كل سوداني ومتمنيا أن أعيش واري زمنا جميلا اجملا ربما يتحقق بإذن الله وكل عام وانتم والوطن بخير: أيامنا الجميلة يا حليلة يا حليلة مرت لحظة ثم ليلة وراها ليلة وراها ليلة حتي صارت الف ليلة والف ليلة وكل ليلة تمر كانت احلي ليلة كنا فيها نتلم كلنا في براحات "السهيلة" نفرش نملس الرمال في الحيشان الرحيبة نبني القصور من الأماني الجميلة نرسم الخيال والمستحيل علي حبيبات الرملية نعيد الذكريات والأحاجى الجميلة أغاني الأمهات والحبوبات الرحيمة تحمل لنا البشريات العظيمة الرحمات والدعوات الكريمة أيامنا الجميلة يا حليلة يا حليلة كنا فيها في الصباحات المشرقات نسرح في المروج نطوي المسافات كنا نمرح في السهول والفضاءات تحتوينا الحرازات الحنينة والنخيلات الباسقات وفي الليالي المقمرات نعشعش مع القماري الجميلة وفي النهارات الطويلة نحلق مع القطا والعصافير الصغيرة كنا نفرح ونغني كالحمائم كنا نمرح عند ظهور سحابات السماء نتعشم نتنسم دعاشات الخريف الوريفة كنا "نعرض" طربا عند ظهور بشارات الدميرة وتدندن "بواجيرنا" بدقاتها " تف تف تف" في الجروف والبساتين النضيرة إيامنا الجميلة يا حليلة سمها ما شئت يا حليلة سمها الحب الكبير يجري في وجد اننا ياحليلة نبعه من سوداننا من سويداء أهلنا يا حليلة قبس سماوي ينير دروبنا ياحليلة أيامنا الجميلة ياحليلة يا اجمل لوحة ياحليلة تكاملت ألوانها في ديارنا لها من الله النماء والخلود في عهودنا في ديارنا في أجيالنا أيامنا الجميلة ياحليلة ياحليلة يا أجمل الذكريات والانبساط يا اجمل من حكايات الف ليلة والف ليلة يا حليلة ياحليلة ياحليلة [email protected]