الاعيسر .. ما جرى في سجن مدينة الأبيض جريمة حرب مكتملة الأركان تضاف إلى سجل الميليشيا وداعميها    مسيرة الحرب    محمد وداعة يكتب: التشويش الالكترونى .. فرضية العدوان البحرى    محمد صلاح يواصل صناعة التاريخ بجائزة جديدة مع ليفربول    أخطاء مخجلة رغم الفوز برباعية    على خلفية التصريحات المثيرة لإبنته الفنانة نانسي.. أسرة الراحل بدر الدين عجاج تصدر بيان عاجل وقوي: (مابيهمنا ميولك السياسي والوالد ضفره بيك وبالعقالات المعاك ونطالب بحق والدنا من كل من تطاول عليه)    المريخ يكثّف تحضيراته بقيادة غريب    ((نواذيبو الموقعة الأكثر شراسة))    بالصورة.. الفنانة "نهى" عجاج ترد بقوة على تصريحات شقيقتها "نانسي": (صحي زي ما بابا الله يرحمه كان بيقول: مرمي الله… ماااابترفع)    على خلفية التصريحات المثيرة لإبنته الفنانة نانسي.. أسرة الراحل بدر الدين عجاج تصدر بيان عاجل وقوي: (مابيهمنا ميولك السياسي والوالد ضفره بيك وبالعقالات المعاك ونطالب بحق والدنا من كل من تطاول عليه)    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنانة نانسي عجاج تثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة بعد حديثها عن وفاة والدها: (قيل أنه كان على علاقة مع الشخص الذي قتله وأنه مثلي)    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنانة نانسي عجاج تثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة بعد حديثها عن وفاة والدها: (قيل أنه كان على علاقة مع الشخص الذي قتله وأنه مثلي)    في عملية نوعية للجيش السوداني.. مقتل 76 ضابطاً من مليشيا الدعم السريع داخل فندق بمدينة نيالا وحملة اعتقالات واسعة طالت أفراداً بالمليشيا بتهمة الخيانة والتخابر    شاهد بالفيديو.. من عجائب "الدعامة".. قاموا باستجلاب سلم طائرة ووضعوه بأحد الشوارع بحي الأزهري بالخرطوم    قرار قطع العلاقات مع الامارات كان متسرعًا وغير مدروس    إتحاد كرة القدم المصري يدرس دعوة فريق سوداني للدوري المصري في الموسم الجديد    مقاطع سعادتك .. مخالف_سعادتك    إنجاز تاريخي.. صلاح يتوج بجائزة أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي للمرة الثالثة    بمشاركة زعماء العالم… عرض عسكري مهيب بمناسبة الذكرى ال80 للنصر على النازية    أصلا نانسي ما فنانة بقدر ماهي مجرد موديل ضل طريقه لمسارح الغناء    عادل الباز يكتب: النفط والكهرباء.. مقابل الاستسلام (1)    خدعة واتساب الجديدة لسرقة أموال المستخدمين    عبر تطبيق البلاغ الالكتروني مباحث شرطة ولاية الخرطوم تسترد سيارتين مدون بشانهما بلاغات وتوقيف 5 متهمين    اختتام أعمال الدورة ال 26 لمؤتمر مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي في الدوحة    مبابي على وشك تحقيق إنجاز تاريخي مع ريال مدريد    شاهد بالفيديو.. بعد غياب دام أكثر من عامين.. الميناء البري بالخرطوم يستقبل عدد من الرحلات السفرية و"البصات" تتوالى    بيان توضيحي من مجلس إدارة بنك الخرطوم    "آمل أن يتوقف القتال سريعا جدا" أول تعليق من ترامب على ضربات الهند على باكستان    الهند تقصف باكستان بالصواريخ وإسلام آباد تتعهد بالرد    والي الخرطوم يقف على على أعمال تأهيل محطتي مياه بحري و المقرن    وزير الطاقة: استهداف مستودعات بورتسودان عمل إرهابي    ما هي محظورات الحج للنساء؟    توجيه عاجل من وزير الطاقة السوداني بشأن الكهرباء    وقف الرحلات بمطار بن غوريون في اسرائيل بعد فشل اعتراض صاروخ أطلق من اليمن    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (ألف ليلة و....)    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الحل في البطاطس!" .. بقلم: عوض محمد الحسن
نشر في سودانيل يوم 21 - 11 - 2012

حين بلغ بالشعب السوداني الصابر المكلوم العنت مبلغا عظيما، وأصابه القنوط واليأس الحزين، طفق يتساءل: "والحل؟" بدأ التساؤل أولا في حلقات بيوت المآتم والمناسبات الأخرى بعد استعراض آخر أخبار سياسات النظام الفطيرة، والتصريحات العجيبة المتضاربة، وحالات الفساد المُنظم، وشطط الأجهزة الأمنية، وتطورات الوضع في حروب الهامش، ومؤتمرات الحركة الإسلامية التي انعقدت تحت شعار "كل حركة وفيها بركة"، ثم تمخضت عن فأر صغير. ثُم يُخيّم صمت مفاجئ على الحلقة، حتى يقول أحدهم بصوت مُنهك:"أها، والحل؟"
سنوات طوال ونحن نهيم على وجوهنا ونقلِّب اكفّنا في حيرة، وننظر إلى بعضنا البعض، ثم نتساءل، أفرادا أو فى (كورَس): "والحل؟" ولا من مُجيب. وقد يُشير البعض إلى اللجوء إلى من حلّ (بلّة)، أو إلى تفويض أمرنا لله. ثم لا نلبث أن نعود إلى التساؤل: "والحل؟"
ثم استيقظنا ذات صباح فإذا بأركان شوارع العاصمة الحضارية تمتلئ باللافتات الكبيرة والصغيرة، تهتف بألوان براقة: "الحل في البطاطس!" "تَقالَدْنا" نُهنئ أنفسنا، ونحمد الله الذي سخّر لنا البطاطس، يملأ بطوننا، ويستر عرينا، ويفثأ غضبنا، ويحمي سماواتنا ، ويحل ضائقتنا الاقتصادية، ويُصلح حال مدارسنا ومشافينا، ويدفع بالسودان إلى مصاف الدول المتقدمة، أو يُحيله إلى دولة عُظمى ترد كيد الأعادي كما بشّرتنا الاستراتيجية ربع القرنية. وانتظمنا في مسيرات هادرة، نهتف: "البطاطس هو الحل!"
وكنت أظن إلى حين قريب أن أصل البطاطس هو (الشهيناب والفكي هاشم)، من أعمال مديرية الخرطوم. وحين استقصيت الأمر من مظانه، كما يقول فلاسفة النظام، فوجئت بأن العالم القديم برمته (آفريقيا وآسيا وأوروبا)، بما في ذلك السودان، لم يعرف البطاطس إلا في بداية القرن السادس عشر بعد اكتشاف (الأراضي الجديدة) في الأمريكتين، واستقدام البطاطس عبر المحيط الأطلسي.
وكان الغزاة الأسبان أمثال فرانسسكو بيتزارو وهرنان كورتبز، قد أفلحوا، ببضعة مئات من الجنود (مُعظمهم من المرتزقة وشُذاذ الآفاق الفارين من فقر أوروبا وأوبئتها الفتُاكة) ، ومثل ذلك من البنادق، وعدد أقل من الخيول (التي لم يرها سكان الأراضي الجديدة من قبل)، في تدمير ممالك أمريكا الوسطى والأنديز مثل الآزتك والإنكا والمايا في بيرو والمكسيك وقواتيمالا ، وهي حضارات متقدمة راسخة ذات انجازات حضارية باهرة ، بنت الاهرامات الضخمة، والمدن بديعة التخطيط ،ونُظم الري المُعقدة، ونسجت من القطن أعاجيب نذكر منها الدروع الي لا تخترقها النصال. وصلها هؤلاء الغُزاة باسم فردناند ملك أسبانيا، يحملون أطماعهم في ثروات الأراضي الجديدة في يد، والإنجيل في اليد الأخرى. هزموها بأسلحتهم النارية، وأوبئتهم الأوروبية، وتفكك جبهتها الداخلية، وعادوا، بعد أن تركوها خرائب ينعق فيها البوم، محملين بالذهب والفضة - والبطاطس! (وأصله بيرو).
انتشرت زراعة البطاطس في أوروبا أولا، ثم في باقي قارات العالم بعد ذلك حتي أصبح البطاطس الآن غالب قوت أهل الأرض (مع الأرز والقمح والذرة الشامية، بذلك الترتيب). تجده الآن في مختلف المناخات وأنواع التربة. وتعجب ماذا كان سكان شرق أوروبا يأكلون قبل استقدام البطاطس. وما زال يُواصل الانتشار بعد أن غزا الصين ودول آسيا الأخرى. يأكله الناس شرائح ورقائق ومهروسا؛ مطبوخا ومقليّا ومسلوقا؛ ويشربونه مرقا وخمرة؛ ويأكله أهل السودان غموسا مطهيا باللحم، أو بمرقة (ماجي) لمن لا يستطيع إلى اللحم سبيلا؛ ويأكله أطفال السودان مُسرطَناً ومُسرطِناً في عبوات براقة لها أسماء ما أنزل الله لها من سلطان، تُطالعك إعلاناتها كلما نظرت حولك أو جلست أمام التلفاز. تجد هذه العُبوات في بقالات المدن وأطراف المدن، والقرى والدساكر؛ دلالة على العولمة التي جعلت سكان العالم، الغني والفقير، يأكلون نفس الطعام، ويلبسون نفس الملبس، ويستمعون لنفس الموسيقى، ويُريدون نفس الأشياء- مع اختلاف طول الألحفة والأرجل!
والبطاطس مثل التمر، يُشكل وجبة غذائية كاملة مع اللبن أو السمن، يُمكن للإنسان أن يعيش عليه. ورغم أن هنالك نحو 4,000 نوع من البطاطس (بعضه أزرق اللون)، إلا أن عدم تنوع تركيبته الوراثية تجعله عرضة للأمراض، مما قد يفتك بالمحصول كله ويقود إلى المجاعات، كما حدث في أيرلندا (1845- 1852)، وفي اسكتلندا (1846- 1857)، دافعا هؤلاء إلى الهجرة صوب أمريكا الشمالية. غير أن سهولة نموه في مناخات متعددة، وزراعته بالري وبالأمطار، وامكانية زيادة انتاجيته، وسهولة تخزينه، وارتفاع قيمته الغذائية، تجعله أداة ممتازة لتحقيق الأمن الغذائي ومحاربة الفقر واقامة مجتمع العدل والرفاهية.
إذن، البطاطس هو الحل!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.