كلما استمعت أو شاهدت الفنان المرهف الأستاذ شرحبيل أحمد، قفزت الى ذهني صورة زاهية لذكريات الطفولة ونحن نتصفح مجلة الصبيان التي كان يصدرها مكتب النشر التربوي التابع لوزارة التربية والتعليم في زمان مضى، الفنان شرحبيل فنان بمعنى الكلمة جمع الفن التشكيلي والغنائي بكل فروعه فهو عازف، ملحن، مغني، وناظم للشعر، وبكل رشاقة يتنقل بين كل تلك الميادين، ويشهد له كل من (أدرك) تلك المجلة (الصبيان) التي كانت مدرسة متكاملة يجد فيها التلاميذ ضالتهم من المعرفة بكل فروعها، والتسلية في كل ميادينها وضروبها والشخصيات الضاحكة الفكهة مثل عمك (تنقو)، الشخصية المرحة التي ابتدعها المغفور له باذن الله، الأستاذ عوض ساتي مؤسس المجلة الفريدة. فالتحية لهما على تلك المجهودات في مجال أدب الأطفال. أطفالنا اليوم تأئهين في مهب الريح لا يجدون حظهم من الرعاية والاهتمام والتوجيه، ولا يجدون بغيتهم،هدفهم المنشود المتمثل في مجلة تشغل لهم فراغهم وتعمل على تثقيفهم وتسليتهم بالمفيد من المعارف والعلوم، فيضطرون الى اللجوء الى الألعاب الالكترونية التي ثبت أنها مضرة أيما ضرر بالصحة وتهدر أوقات الصغار دون جني الثمار، أو يفرون الى القنوات الفضائية ( التي تدس لهم السم في الدسم، أو تروج لأفكار هدامة وتكريس عادات وتقاليد مفاهيم منافية لعقيدتنا ومعتقداتنا وموروثاتنا)، بحثا عن ما يملي لهم فراغهم ويشبع رغباتهم في التسلية، والآباء في غفلة أخذتهم مشاغل الدنيا ومشاكلها، وتنكر لهم مجتمعهم حيث غاب (أدب) الأطفال عن الساحة، وغمرت (السياسة) كل المساحات الثقافية المتاحة التي كان من الممكن استغلالها في عملية تربية ورعاية الناشئة بشكل يسبر غور ويلبي متطلبات أولئك الأطفال التربوية، اسلوب يعمل على استيعاب طاقات وقدرات وملكات ومواهب تلك الشريحة الهامة من المجتمع. وعلى سبيل المثال لا الحصر، لقد برزت محاولات هنا وهناك لاصدار مجلات للأطفال مثل تجربة دار الصحافة للطباعة والنشر إبان العهد المايوي، التي اصدرت مجلة (مريود) في عهد المغفور له الاستاذ موسى المبارك الحسن، يرحمه الله، حيث عهد الى الأستاذة الزميلة بخيتة أمين برئاسة تحرير تلك المجلة، ولكن الطريق كان غير مفروش بالورود والرياحين. ولم يكن حظ شبابنا بأفضل من حظ أطفالنا، اذ تعثرت كل الجهود لاصدار مجلة تعنى بشئونهم ورعاية وتناول اهتماماتهم وتحقيق مطالبهم، وعلى سبيل المثال لا الحصر، فقد تعثرت خطوات مجلة (الشباب) التي كانت تصدرها وزارة الشباب والرياضة ايضا في العهد المايوي ، رغم المجهودات الكبيرة التي بذلها رئيس تحريرها الأستاذ حسن أحمد التوم، وفريقها العامل، كما تعثرت أيضا مجلة (الجيل) التي كان يرأس تحريرها الأستاذ بشير سر الختم. ويظل شبابنا وأطفالنا في حالة تيه وتشتت فكري، تعوزهم الخبرة والدراية والمعرفة، هم في حاجة ماسة الى توجيه طاقاتهم وتنقية أفكارهم وترشيدها ورعاية مواهبهم وصقلها وتوجيه خطاهم الى مصادر العلوم والمعارف وتقديم تجارب من سبقوهم في مجلات أو قصص بأسلوب أدبي رفيع شيق، رفيق رقيق بمشاعرهم يراعي توجهاتهم ويرعى أهدافهم المنشودة وتوجيهها الوجهة السليمة المعافاة التي تكفل لهم الالتزام بتقاليدنا السمحة ومعتقداتنا السليمة. alrasheed ali [[email protected]]